د. أحمد عبدالله الصعدي

د. أحمد عبدالله الصعدي / #لا_ميديا -

السيد محمد خاتمي هو أحد أبرز قيادات الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران. كان رئيسا لفترتين (1997-2005) ومن أكثر الرؤساء شعبية، وهو فيلسوف ومفكر كبير، لم ينقطع عن التدريس في الجامعة حتى وهو رئيس.
أحد الخطابات التي ألقاها في فترة رئاسته كان بعنوان "العقلانية وحوار الأديان"، ومما جاء فيه: "أستأذنكم في أن أبدأ حديثي بجانب مما قاله الإمام الخميني حول مواطنينا الذين ينتمون إلى الأقليات الدينية، حيث يقول: "أن اللّه هو مصدر الأديان كافة، وقد أمر سبحانه الأنبياء بإبلاغ رسالاته في سبيل تحقيق سعادة الإنسان وفلاحه.
ويقول (يقصد الإمام الخميني) في مناسبة أخرى إن هذه البلاد هي ملك للجميع، فهي بلاد الأقليات الدينية، وإخوتنا من أهل السنة، إننا جميعا مواطنون"... "لا بد من تأمين حقوق سائر من يعيشون في هذا البلد الإسلامي، والإسلام يحترم الأقليات الدينية كالزرادشت واليهود والنصارى الذين يعيش الكثير منهم في إيران، ويسعى إلى تأمين حقوقهم".
تلك مقتطفات من أقوال المرشد الأعلى الراحل الخميني. أما الرئيس خاتمي فيقول: "لقد تعايشنا دوما مع إخوتنا، وهو الدرس الذي تعلمناه من الإسلام، فالتعايش السلمي يمثل أحد معطيات الروح الشرقية والإيرانية. الدولة الإسلامية اليوم هي ملك لسائر المواطنين الأعزاء الذين يتقبلون القانون والنظام. كما أن مرشد الثورة هو مرشد الجميع، مسلمين ويهوداً وزرادشت ونصارى. كما أن رئيس الجمهورية خادم متواضع للمسلمين، فهو كذلك بالمواطنين النصارى والزرادشت واليهود. وهو مسؤول حيال الدفاع عن حقوق سائر المواطنين الذين يعيشون في هذه البلاد كمسؤوليته عن حقوق المسلمين. وحين يتمتع الجميع في البلاد بحقوقهم ويتاح لهم الشعور بالكرامة سيكون في وسعنا وحسب أن نبدي الاعتزاز والفخر بالحكومة الإسلامية. إن من دواعي الاعتزاز أن الدستور قد اعترف بحقوق أحبتنا من أبناء الأقليات. فقد ضحت جموع غفيرة من المواطنين اليهود والنصارى والزرادشت في سبيل الدفاع عن استقلال البلاد ورفعتها إلى جانب المسلمين، ونجد أن تلك التضحيات التي قدمت في سبيل رفعة الشعب والثورة الإيرانية تتألق اليوم في أفق المصير المشترك" (انظر خطاب الرئيس خاتمي في "قضايا إسلامية معاصرة"، مجلة فكرية متخصصة تعنى بالهموم الثقافية للمسلم المعاصر، تطبع في بيروت، العددان 20 و21، سنة 2002، ص 221 ـ 230). والزرادشت كما نعلم وثنيون، ولكنهم مواطنون كاملو الحقوق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وصوت الزرادشتي في الانتخابات أو في البرلمان مساو لصوت المسلم. ولا يقول أحد من قادة الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران عن معتقدات الزرادشت بأنها مؤسفة أو سيئة أو مأساوية أو أنها لا تصلح في الحياة، أو أن زرادشت -وهو مؤسس هذه الديانة- جاهل أو طاغوت أو جبار أو متفلسف. هذا هو المعنى الحقيقي للقول بأن إيران تتسع لكل مواطنيها المنتمين إلى أديان مختلفة وإلى عشرات الاثنيات. وبفضل هذا التعايش لم تصمد الجمهورية الإسلامية بوجه المؤامرات الخارجية والحصار فقط، بل تواصل تطورها المبهر في جميع المجالات. ألا تجسد القيادة الإيرانية في موقفها من مواطنيها غير المسلمين المبدأ العظيم الذي جاء في عهد الإمام علي -كرم الله وجهه-  الذي كتبه للاشتر: "الناس صنفان: إمّا اأخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق"؟!

أترك تعليقاً

التعليقات