بين اليسار الوطني والأورومركزي
 

وائل إدريس

وائل إدريس / لا ميديا -

اليسار الوطني لا يرفض الثورات. اليسار الوطني يرفض الثورات التي لا تلمس إشكالية الهيمنة، والتجزئة هي أساسها الأول.
اليسار الوطني لا يرفض إزاحة الحكام المرتبطين بالغرب، ولكن يرفض استبدال ناطور بناطور، وثورة بلا هوية ولا أهداف وبدون قيادة وسقفها توزيع الريع الآتي من كيان نفطي خليجي وظيفي للغرب إلی آخر، لتفتيت المنطقة أكثر لديمومة نهبه.
اليسار الوطني لا يرفض وجود حقوق للفقراء، ولكن ما يرفضه هو ثورة قرابة علی أخری، لتفتح ثغرة للأميركي، ومن ثم يتنصل منها اليسار الأورومركزي بعد أن كان جزءا من مشروعها، لكونه لم يرَ القرابة في الثورة، بل شعباً لم يتكون بعد.
اليسار الوطني لا يرفض إزاحة المجموعة السياسية الحاكمة المرتهنة للغرب، ولكنه يؤيد إزاحتها بمن لديه مصلحة حقيقية في إزاحتها، بالقرابة التي أصبح يمثل لها الغربي مشكلة معاشية.
اليسار الوطني يقرأ السياق الدولي والإقليمي والدول الصاعدة التي تصارع المركز الرأسمالي المتأزم ويتعرف علی حلفائها في الداخل، الذين تربطهم جميعا مصلحة إزاحة الهيمنة المتمثلة في المركز الرأسمالي ذاته.
اليسار الوطني يعرف أن ثورة قرابة علی "الفساد" تعني حاجة القرابة إلى حصة أكبر من "الفساد"، لأن ليس لها مصلحة في إزاحة "الفساد"، ولأن بنيتها الاجتماعية داخل الاقتصاد الريعي لا يسمح لها بالحصول علی المعاش إلا من خلال "الفساد" ذاته، وأن حديثها عن الديمقراطية والحرية هي طريقة ولهجة القرابات في مناداة الغرب للتدخل في بلادها لصالحها.
اليسار الوطني أعاد قراءة تشكيلة اجتماعه العربي وتناقضاتها، وفهم إشكالية الهيمنة وأين تبدأ الدولة وتنتهي.
اليسار الوطني قدم علی صحة نهجه أمثلة لكل الدول العربية التي حدثت فيها ثورات وإلی أين اتجهت، في مقابل فشل اليسار الأورومركزي في كل مواقفه السابقة، ومع ذلك يصر هذا اليسار علی خوض معاركه الدونكيشوتية ضد طواحين الهواء، بل هي بالنتيجة معركة الناهب الدولي لنهب ما تبقی من فتات، أو تدمير ما تبقی من قوی وطنية كانت لها مخالب كبيرة ضد الهيمنة أو تفتيت اجتماع علی شفا الهاوية أو محاربة قوی إقليمية صاعدة بعظامنا ولحمنا.
* كاتب يساري ليبي.

أترك تعليقاً

التعليقات