فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / #لا_ميديا -

لا أحب (طبعاً وجهة نظر) أن يسمى الفنان الكبير الأستاذ أحمد فتحي مطرباً أو مغنياً، فالطرب هو أن يشعر السامع بهزة في كيانه منفعلاً بهذه الهزة "كما انتفض العصفور بلله القطر". وأحمد فتحي (وأؤكد من جديد أنها وجهة نظر) لا يطربني وإنما يعظني بما يوعظ به "النشاد" الملتفين حول مائدة الذكر، فهو -وربما باعتبار "مرباه" في بيئة صوفية هي بيئة "تهامة"- منشد لا مغن ولا مطرب، يهيج مشاعر المتدين العجوز أو الذي بدأ يتدين وهو في سن مبكرة، سن الشباب!
ومن حق السامع اليمني أن يتعصب لأحمد فتحي كما يتعصب الشامي لفيروز وكما يتعصب المصري لأم كلثوم، مع الفارق؛ ولكن وأنا يمني أعلم يقيناً أن هذه العصبية هي مجاراة لطغيان الرواج الإعلامي، فلا يمكن لأحد أن يقول "وجهة نظره" عن واحد من هذه الهامات الكبيرة، لأنه قد يُرمى بقلة الذوق أو الموسيقى الهابطة! لأن الإعلام قد روج هذا الفنان شديد الرواج فلم يتح لوجهة نظر مخالفة أن تقول خلاف ذلك، خاصة إذا كان هذا المروج ذا صلة عصبية بهذا الفنان أو ذاك.
أما أنا فلا أطرب لأحمد فتحي، فهو منشد لا أكثر ولا أقل، مهما قالوا إن تقديره ممتاز أو فوق الممتاز أو أدنى من ذلك في معهد الموسيقى العربية في القاهرة أو أي معهد موسيقي عربي أو أجنبي. والمواطن العربي بفعل عقد نقص معروفة لا يتورع عندما يطلق الأحكام، فأم كلثوم كوكب الشرق، وصباح الشحرورة، وفيروز كروان البحر المتوسط وأحمد شوقي أمير الشعراء، وعبدالزنداني داعية الجزيرة... وإذا تعرضت لهذا الأخير (عبده بن عبده) بالنقد فسوف تلحقك اللعنة، لعنة الموت، لأنك أكلت لحمه ولحم العلماء مسموم.
لا يعجبني فتحي، لأنه صوت منشد، ولا فيروز لأنها صوت كئيب مزعج الكآبة شديد البكاء شديد الحزن والسوداوية... وحكاية صديق أخبرنيهه تكاد تنقلب ضحكاً، فلقد روى لي أن جماعة اقترحوا على شاب مخمور أن يزور شاعرنا الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان بغية أن يعطيه قصيدة ليصبح مشهوراً، فأخذ هذا الشاب عوده فلما فهم الشاعر ما يريده قال له: "كرضح شاسمعك"، فولى الفنان ولم يعقب، لما لحق به من إهانة.
اللف والدوران في هذه الحكاية أن العربي إنسان يلجّ في المدح أو القدح بقدر ما يفعله الإعلام أو الحزبية، ليصبح الهدف موجوداً وحاضراً.

أترك تعليقاً

التعليقات