فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / #لا_ميديا -

أحسبه من الوفاء، بل أحسبه واجبا يبقى في الذمة، أن أتحدث عن اليمني باعتباره جانباً من العقلية اليمنية الموهوبة، أن يبدأ الموهوب اليمني، ولعل الذي يسبق إبداعه سنة. وأنا غير قادر على أن أرصد بالصوت والصورة جيلاً إبداعياً كان لهم قدم صدق والجامع بين المقالة الصحفية والمقالة الأدبية. ولعلي أقصد أن هناك علاقة بين هذين الفنين، فن الصحافة وفن الأدب، يتميز بها "شلة" من الكتاب المبدعين الذين تربوا في مؤسسة "الجمهورية" الصحفية في بداية السبعينيات حتى أتى المخرب الأجنبي ليدمر "الجمهورية" ويقوم بعض اليمنيين -للأسف- بسرقة مطابعها التي تكلف مئات الألوف من الدولارات، والتي نقلت الصحيفة من حروف الرصاص إلى ميدان "الطباعة الإلكترونية".
والحق يقال إن "الجمهورية" كانت الصحيفة الرائدة بالتوجه نحو الديمقراطية، فقد كان قراء الصحيفة يجدون فيها متنفساً للرأي الحر، وكاد "التعزي" يقتصر على قراءة "الجمهورية" لأنها تتبنَّى طموحه وتُعبّر عن دخائل نفسيته، وغالباً يدفع هذا القارئ ثمنا عندما لا يرى أقلاماً رائدة تعبر بصدق عن قضاياه المعاصرة بشجاعة إلى درجة أن يستدعى رئيس التحرير إلى ديوان "الأمن الوطني"- فرع تعز، وكان الأستاذ محمد عبدالرحمن المجاهد هو الذي يجيب على مسؤول الأمن، لأن رئيس التحرير هو المسؤول عن نشر ما يكتب وليس الكاتب. وأستطيع أن أقول إن إقبال القارئ على الجريدة قد اقتصر على أسماء بعينها، منها: عبدالحبيب سالم مقبل وصلاح الدين الدكاك، وهما الكاتبان اللذان تقرأ مقالاتهما قبل طبع الجريدة، لخطورة ما يكتبانه، بواسطة بعض مخبري الأمن الوطني في الجريدة. أحيانا تأتي توجيهات بحذف مقالاتهماً توقعاً لما سيحدث من فوضى. ولعلي أذكر بعض الأسماء الذين كانت لهم شهرة تجد مقالاتهم عند القراء، كرشيده القيلي وأحمد العليمي وعبدالله أمير وعبدالجبار سعد وعبدالله سعد محمد الذي ظن بعض الناس أن أحد حراسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد رمى به من مبنى فلقي حتفه على الفور، والعلم عند الله.
كل من ذكرت كانوا الطليعة في رحاب المقالة التي تجمع بين الصحفي المهني والصحفي الأديب. ولقد ذكرت في تناولة سابقة أن هذه الكوكبة مثلت سياقاً نادرا للكتابة الصحفية، خاصة صلاح الدين الدكاك، الذي يشبه زميله المرحوم عبدالحبيب سالم مقبل في الكتابة التي ميزتهما بكتابة المواجهة، فقد كان صلاح كاتباً وموقفاً مواجهاً، إذ كان يتوقف أكثر من مرة ليغيظ وزير الإعلام والثقافة الذي كان يثير صلاح الدكاك بالكثير من الأفكار المزعجة، بل كان صلاح يغيظ الرسميين بأفكاره الجريئة حتى لتحسبه شيخا تتبعه عشرات القبائل من المقاتلين، بل كان يرفض تعليمات صنعاء التي تريد أن يسير في ركابها.

هامش
كنت أحيانا أتدخل لفك الاشتباك بين رئيس التحرير وصلاح الذي يصر على موقفه، "يطنش" توجيهات صنعاء وتوجيهات تعز ولا يبالي أن يرفض المبلغ الذي كان صلاح بأمس الحاجة إليه. والمحتمل أن أقوم بالدراسات النقدية لأرصد بموجبها سيرة ذاتية إبداعية عن هذه الطليعة من كتابنا المرموقين.

أترك تعليقاً

التعليقات