ازدواج ديني..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

الأناقة لها ناسها وأصحابها أيها القوم، إنها فن معقد من الصعب جداً إتقانه واحترافه، فمجرد ارتدائك بدلة (تفصول) من عند السوري للخياطة لا يعني أنك أصبحت أنيقاً وعارض أزياء بالضرورة.
لكن الرئيس التركي تمكن من إثبات أناقته ووسامته للجميع قبل عدة أيام، فقد سمعت أنه ظهر مرتدياً شالاً فلسطينياً أنيقاً على بدلة رسمية من الطراز الملكي الفخم، الله الله عليك يا عم «رجب طيب أردوغان»، ما هذا التبذير بالحسن والبهاء والجمال، ما الذي تبقى للمسكينَين مهند ومراد علمدار..!
دعنا من الحديث عن موقفك الحازم الصارم تجاه صفقة القرن الشيطانية، ومساندتك القوية الفتية للمقدسات الإسلامية، وأخبرنا من أين تشتري أزياءك وملابسك الأنيقة هذه، هل هي حقاً بضاعة إسرائيلية؟
لا داعي للإنكار يا عم أردوغان، لقد قالت لي العصفورة إن التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا وصل إلى 3.9 مليار دولار سنوياً، فقلت لنفسي ربما كان الشال الفلسطيني الذي ارتديته قبل أيام مصنوعاً في «تل أبيب»، خصوصاً أن صديقك «نتنياهو» كما تعلم يحاول سرقة تراث الفلسطينيين وهويتهم وتاريخهم.
أعرف جيداً أن تركيا مشهورة بأفخر الأقمشة والأزياء وأغلاها في العالم، لكن العلاقة التجارية الواسعة بين دولتكم والكيان الصهيوني جعلتني أظن أنكم تستوردون ملبوساتكم أيضاً منها، ولا تنسى أن دولتكم (المسلمة) تعد السوق الأكبر للصناعات الإسرائيلية، وأنكم تحاولون رفع مستوى هذا التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار سنوياً.
بعد أن تخبرنا من أين اشتريت ذلك الشال الفلسطيني الأنيق، أرجو أن تخبرنا عن سبب احتفالكم بمرور 65 سنة على تأسيس ما تسمونها «دولة إسرائيل» في السفارة الإسرائيلية بتركيا، ولماذا يتدرب الطيارون الإسرائيليون في القواعد الجوية التركية...
أوه صحيح كدت أنسى.. أردت فقط أن أسأل عن السبب الذي جعل تركيا أول دولة تعترف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، لقد حدث ذلك في اتفاقية التطبيع 2016م.
في الحقيقة أحزنني هذا الموقف المخزي كثيراً، لكنني قلت لنفسي ربما هناك مشاكل وخلافات بين مراد علمدار وكتائب القسام، لو أخبرتموني بذلك لحاولت أن أصلح بينكم يا جماعة الخير، ولا داعي لكل هذه الخيانات والطعنات الغادرة في ظهر الأمة.
هذه العلاقات التطبيعية الحميمية بين العثمانيين واليهود ليست سرية أبداً، بل إن الصحف التركية تتحدث عنها دائماً بصراحة تامة، والغبي هو من لازال مؤمناً بإسلام تركيا ونظافتها من اليهودة، أما الأغبى فهو يعتقد بكل بلاهة أنها تمثل الإسلام.
يعني نحن نعتبرها النموذج الإسلامي، والصهاينة يعتبرونها حضنهم الدافئ، هذا ازدواج وظيفي ديني وانفصام سلوكي لم يحدث مثله في التاريخ، بل هو الاستحمار بعينه.
والله لو صنعتم أيها الأتراك لوحة عملاقة تمتد من أوروبا إلى آسيا، وكتبتم عليها «لا لصفقة القرن»، ثم علقتموها على جسر البوسفور في إسطنبول، لما شككت للحظة بعشقكم للصهاينة وانحيازكم لهم عاطفياً وسياسياً ودينياً.
مواقفي لا تُبنى وفقاً لمسلسلاتكم وأفلامكم التاريخية المزورة والمكذوبة، لكنها تُبنى وفقاً للتقارير الواقعية والتحقيقات النزيهة، والواقع يقول إن هناك 26 قاعدة عسكرية أمريكية في تركيا هدفها الوحيد ضرب العرب وحفظ أمن إسرائيل.
بالمناسبة.. حصلت مؤخراً على رقم «أرطغرل»، وفكرت كثيراً بالاتصال به وإخباره بفضائحكم الأردوغانية الإخوانية، لكنني لم أفعل لأنه لن يمانع سياسة أحفاده وسيخيب ظني بردة فعله.
نحن أمام دولة إخوانية متأسلمة لا مكان فيها للمسلمين وقضاياهم، ورغم هذا شكراً تركيا.. (بصوت حميد الأحمر).

أترك تعليقاً

التعليقات