ماذا بعد كورونا؟
 

صلاح محمد الشامي

صلاح الشامي / #لا_ميديا -

وصل العالم إلى ما وصل إليه من العلم، والتقدم التكنولوجي، حتى شمل كافة مناحي الحياة البشرية، فاستعمل في تطوير علوم وأدوات الطب والهندسة والزراعة والصناعة والمواصلات والاتصالات... وفي العلوم العسكرية والحربية. ولكن البشر -بشكل عام- أساؤوا الاستخدام في هذا المجال، فكلما أوصلهم العلم إلى ابتكار أو اختراع سلاح ما، سارعوا في استخدامه لفرض القوة والهيمنة والتسلط، وبالطبع يكون هناك ضحايا، وتسيل دماء الأبرياء، وتزهق الأنفس، وتستباح الحقوق، ويظلم الإنسان أخاه الإنسان.
كانت الحروب -قديماً- أشرف وأنزه من الحروب الحالية، وأقل ضرراً بالمجتمع البشري. وتطورت الأسلحة، وصولاً إلى أسلحة الدمار الشامل، والتي -للأسف- وقعت في أيدي الأشرار، وما إن امتلكوها حتى راحوا يستعرضون بها قوتهم على الضعفاء ومن هم دونهم قوة وتقدماً. ولنا أكبر مثال في أمريكا، التي تسعى لتدمير العالم ونشر الأوبئة، فقط لفرض القوة، والسيطرة والاستحواذ على ما لدى العالم من ثروات؛ وكأن كوكب الأرض بما عليه من بشر، وما في باطنه وعلى ظاهره من ثروات، ملك لها وحدها، أو هو إرثٌ ورثته من أبيها وجدّها.
سيأتي من ينتزع منها كل ما تمتلكه من قوة وسيطرة، قوة أخرى ستمتلك قوة أكبر مما امتلكته أمريكا، ولكنها ستخدم بها البشرية، وستنشر قيم العدل والحرية والرفاه والتقدم، ولن تتعالى على الإنسان، أيّاً كان نوعه أو عرقه أو دينه أو لغته أو طائفته.
البساط الآن يُسحب من تحت أمريكا، في حين يعتقد كل قادتها وجنرالاتها وساستها ومفكريها أنها في ذروة مجدها وقوتها وعنفوانها. فماذا بعد أن ألهت العالم أجمع بفيروس بسيط لا تراه العين، ضغطاً منها على أنظمته لمسايرتها ومطاوعتها فيما تمليه، وما ستمليه، من سياسات تريد بها تغيير وجه العالم؟!
لقد حول إعلامها شعوب العالم إلى جيوش ضد أنفسهم وأوطانهم وشعوبهم ومستقبلهم، وحولت أساليبُها القذرة حكام أغلب دول العالم إلى محتلين لأوطانهم، وخدام لها ولمصالحها، على حساب أمن ومصلحة شعوبهم، حتى غدت شعوب كثيرة، من ضمنها شعوب منطقتنا العربية، تفتقر إلى الأمن الغذائي، رغم أن لديها بحيرات من النفط، ومدخرات هائلة من الثروات، فقط لتكون ضمن الاحتياطيات الاستراتيجية لأمريكا وحدها، حتى أن من يدورون في فلكها لا يحصلون سوى على الفُتات، إذا ما قورن بما تحصل عليه أمريكا، التي من المعلوم أنها تستهلك لوحدها 50% تقريباً مما تستهلكه كل دول العالم من النفط والطاقة.

والسؤال الآن: ماذا بعد "كورونا"؟
أكثر من نصف مليون إنسان حول العالم أصيب بالفيروس، خلال فترة قصيرة. إرهاب أمريكي واضح وسافر إلى أقصى حد. سيتعافى العالم، ولكن بعد أن تكون أمريكا قد حاولت فرض إملاآتها على دول وأنظمة لم تكن تدور في فلكها. وبالطبع سيدور كل ذلك من تحت الطاولة، ولكن السياسات، ستتغير بعد كورونا. إما أن تستسلم هذه الدول وترضخ لإملاءات أمريكا، وإما أن تتحد كلمتها، فتهزم أمريكا في حربها البيولوجية أولاً، ثم توجه لها الضربة التالية، عبر مقاطعتها اقتصاديا ودبلوماسياً، وسيثبت لها قادة العالم أنهم رجال، إذا ما اتحدوا، وبالتالي فإن ما بعد كورونا لن يكون كما قبله إطلاقاً.

أترك تعليقاً

التعليقات