في ضوء التطورات العسكرية والسياسية الأخيرة 
تطور الاستراتيجية الوطنية في مواجهة العدوان ومؤامراته

بات جلياً أن الاستراتيجية الوطنية التحررية تعيش تطوراً متصاعداً مقابل انحسار قوى تحالف العدوان وإمكانياته وقدراته.. إن النكسات المتواصلة للعدو تعني تراكماً في رصيد التحرر الوطني والنهوض اليمني الشامل. ويمكن القول إن بعد أكثر من 1000 يوم من العدوان على الوطن غرق العدو، ولاسيما السعودية، في مستنقع تدمير ذاتي جنوني، لم تقتصر تداعياته على الداخل السعودي وحسب، بل على خارطة النفوذ الإمبريالي برمتها في المنطقة.
التدمير الذاتي الانتحاري 
يعاني العدوان من تدمير ذاتي متواصل وانشقاقات وتصدعات لا تغيب عن المراقبين والمتابعين. إن الضربات اليمنية الجبارة أفقدته توازنه وضاعفت انهياراته، فراح ينطح كالثور الهائج كل من يصادفه حتى أصحابه وأصدقاؤه، مضاعفاً بذلك نتائج هزائمه وخسائره أضعاف ماهي عليه.
تعاني قيادة العدوان على جبهاتها الداخلية الآن المصائب تلو المصائب منذ مجيء سلمان وولده إلى العرش السعودي، إذ تعد كأسوأ قيادة في العالم أجمع بحسب شهادات لمسؤولين غربيين كبار، وصارت بمثابة اللعنة على تحالف العدوان كله.
ولا يملك الطاغية أية فرصة لتحقيق أي تقدم على أرض المعارك التي تتحول الى جحيم يحرق قواته ورجاله وعملاءه رغم ضخ هائل جداً للأموال والسلاح التي يسكبها لمرتزقته وعملئءه، ورغم التآمر الدولي الضخم معه.
وهناك مجموعة من العوامل الهامة -التي يوفرها العدو من جانبه- في تحقيق الانتصار، وأهمها:
- تفكك جبهته الداخلية بصراع الأمراء ونهبهم وسجنهم وقتل عدد منهم، وأنتج ذلك تراجع نسبة مؤيديه في حربه على اليمن، إضافة إلى تعاظم التفجرات الشعبية الداخلية ضد الأسرة المسيطرة.
- تفكك حلفه الإسلاموي المزيف، لاسيما بعد أن كشف البشير السوداني مؤامرة من مدير مكتبه بتمويل إماراتي سعودي، كصفعة مؤلمة تلقاها زعيم المأجورين الجنجويد.
- تفكك حلفه الخليجي خاصة بعد الحصار المضروب على قطر واستمرار الحملات المتبادلة التي عرت أوضاعهم الداخلية ونشرت الفضاح والخفايا والغسيل القذر.
- تفكك أدواته الإرهابية وهزائمهم في الشام والعراق ولبنان واليمن، وهي أهم الأدوات التي تعتمد عليها السعودية التي لا تمتلك جيشاً حقيقياً من الأساس.
- استنزافاته المالية الهائلة جراء الخسائر الفادحة في الحرب على اليمن وصفقات الأسلحة التي تأتي كتعويض للخسائر ورشاوى لشراء تأييد العالم. وهي بحسب تقارير دولية، تقف على شفا انهيارات مالية خطيرة جداً تعصف بهم وذهبت بهم إلى النهب من الأمراء.
وبعد هذا كله،  هل تريد السعودية مواصلة الحرب والعدوان؟ وبالطبع هي لا تملك القرار في ذلك، لكن الأصح، هل ستحتمل أوضاعها الداخلية وخزانتها استمرار الحرب؟! والإجابة على هذا السؤال باتت واضحة في مشهد يبدو أن لا إمكانية متاحة للعودة عنه.

الوضع الانتحاري للعدوان على الساحل الغربي
يواصل العدو رمي أهم ألويته الاحتياطية من قطعان المرتزقة والعملاء في محارق مفتوحة مرعبة نتائجها للعدو، واستمرار ضخ الآلاف للموت المحتم يبين أن العدو يعيش جنوناً وانتحاراً بعد 3 أعوام من الخسائر وعدم تحقيق أية نتائج.
ومما دفع لهذه الانتحارات الجنونية هي الخسارة المدوية الأخيرة التي لحقت بمؤامرة حاكوها طويلاً مع طابورهم الخامس في الداخل الذي تزعمه عفاش وأتباعه، كآخر أوراق راهنوا عليها لضرب الجبهة التحررية من الداخل.

الخيانة أمل العدوان الأخير إذا خنقت خنق العدوان 
استندت الهجمات الأخيرة في الجبهات الرئيسية على تعاون من الداخل، وتزامنت مع محاولتهم إسقاط العاصمة صنعاء، في تحرك كبير جداً أعد لأشهر طويلة، وذهب أدراج الريح.
لقد وفر لهم صالح وأتباعه خرائط توزع الألغام على الساحل من المندب الى يختل المخا والخوخة، ما مكن العدو من التقدم على الساحل لأكثر من 100 كيلومتر، وقد تحول جنرالات صالح الخونة من أقاربه وقادته إلى جواسيس علنيين ومرشدين للعدوان ومقاولين للعدوان.

الضربات الوطنية المضادة 
أعادت قوات الجيش واللجان تموضعها بالانتقال إلى المناطق الجبلية الداخلية التي توفر عمقاً أفضل ودفاعات أضمن وارتفاعات تشرف على الساحل وعلى الهجمات القادمة، مما حول تقدم العدو على الساحل الرملي المكشوف إلى جحيم يفتك بقواته، ووضعه بين كماشات عديدة من جميع النواحي.
إن أغلب القادة العدوانيين يعلمون يقيناً أنهم يرسلون قواتهم إلى معارك خاسرة سلفاً، إلا أنهم لا يريدون أن يتوقف المال السعودي عن التدفق، وألا تنتهي رفاهية الفردوس السعودي الذي يغرقون فيه على حساب الملايين من أبناء الشعب.

إخفاقات استراتيجيات العدو الانتحارية
لقد بنى العدو هجومه الكبير في العاصمة وأطرافها والساحل الغربي، والذي غامر فيه بأهم قواته معتقداً أنه يمكنه تحقيق الكثير من المكاسب. لكنه في نهاية المطاف اكتشف أنه راهن على مجرد أوهام وأباطيل أهمها التالي:
- اعتقاده أن عملاءه على الأرض يسيطرون على مناطقهم التي وعدوا بها مقابل الأموال المسلمة لهم، وأن العملاء الخونة الطابور الخامس المندسين في قوام الجيش اليمني والأنصار، سيتمكنون من السيطرة على حركة الجيش واللجان الشعبية.
- اعتقادهم أن خيانة أتباع صالح في الساحل الغربي من المخا إلى الخوخة وغيرها سوف تفاجئ قوات الجيش واللجان وتضربهم في مقتل، لكن العكس ما جرى.
- مرونة الاستراتيجية الوطنية المضادة وجمعها الحرب ضد التخريب والخيانة والتجسس والحرب العسكرية والأمنية، وامتازت استراتيجية الوطن والجيش اليمني بمرونة فائقة مكنته من التكيف السريع الخاطف مع التطورات، وحولت العديد من المخاطر إلى فرص لتحقيق المزيد من التطوير الذاتي.
كان العدو يتوقع هبات داخلية من خلف ظهر الجيش واللجان في الخيانة الأخيرة، وما فعله هو أن أخرج جرذانه من أجحارها وكشف بنيته السرية التي أعدها لفترات طويلة في الداخل الوطني ومناطق السيطرة الوطنية، علاوة على تعظيم التماسك الداخلي والجبهة الوطنية وارتفاع مستوى الوعي الشعبي بالمؤامرة والاستهداف ومدى الخيانات والتآمر، وبضرورة الاعتماد على الذات، كما فتح الطريق أمام الخيارات الثورية التي كانت مؤجلة.
لم يضع العدو في حسابه استمرار تطوير آليات الحشد والتعبئة والتنظيم الحربي، وتكور التسليح والمقاومة والتكتيكات الحربية، وترجمة ذلك في الدفع الجديدة التي يتم تخريجها باستمرار دون توقف من جميع الجبهات والمناطق والمعسكرات، وضمت تخصصات جديدة واسعة ضمن مدارس حربية جديدة.

التطورات العسكرية و الصاروخية الجديدة
منذ العام الماضي كانت القوة اليمنية فاجأت العدو في الكشف عن امتلاكها طيائرات بدون طيار تم تصنيعها من قبل الخبرات اليمنية الحربية، وكذا تطورات صاروخية جديدة آخرها صاروخ (كروز المجنح) الذي ضرب مفاعل براكة في أبوظبي، وكذا ضرب قصر اليمامة الملكي في الرياض بواسطة (بركان تو إتش)، وما كشفه ذلك من هزال السلاح الأمريكي وعدم جدوى منظوماته الصاروخية.
إن ذلك أضاف إلى ميزان القوى الاستراتيجية قوى إضافية جديدة إلى رصيد الجانب اليمني.. ومنذ مطلع العام الماضي ارتفع مستوى الهجوم الصاروخي اليمني المضاد إلى مستوى استراتيجي جديد أعلى من السابق.

الصواريخ اليمنية تفجر البيت السعودي من الداخل
كان للصواريخ الاستراتيجية الأخيرة آثارها الاستراتيجية الميدانية والسياسية على الحكم السعودي وعلى الصراعات الدائرة بين أجنحته. فقد أدى الصاروخ ونجاحه في تجاوز كافة الأسلحة المضادة للصواريخ التي تملكها السعودية، وقدرته على تضليل جميع المنظومات الصاروخية الأمريكية من الباتريوت بأجياله العديدة الحديثة.
وبوصول الصواريخ إلى (اليمامة) كشف ذلك، عن مدى الاختراق اليمني للداخل السعودي، وأدى إلى إثارة المزيد من الاتهامات المتبادلة بين أطرافه.

الصواريخ اليمانية تفجر البيت البيض الأمريكي
لم يسلم البيت الأبيض الأمريكي والكونجرس من آثار الدمار الاستراتيجي للصواريخ اليمنية الأخيرة، فقد تكونت قوة معارضة راحت تكبر وتتسع من أعضاء الكونجرس من المجلسين الذين أقلقهما انفلات عيار الرئيس الأمريكي في القضايا الإقليمية الدولية من كوريا إلى اليمن وإلى الصومال وسوريا والعراق والخليج وأوكرانيا. وخوف المؤسسات الأمريكية القومية من تصرفات الرئيس التي لا يمكن ضبطها، وخوفهم من توريط أمريكا في مصائب لا يمكن بعدها التراجع عنها، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والانهيارات التي تكابدها الولايات المتحدة.