العدوان على اليمن في الحسابات الشخصية لناشطين وحقوقيين عرب
مساحات حرة ضئيلة وأخرى يسكنها الخوف والغضب
حلمي الكمالي/ لا ميديا

أيام معدودة ويدخل العدوان الأمريكي السعودي الغاشم على اليمن عامه الرابع، وسط صمت دولي وعربي مخزٍ لم يحدث أبداً في أي عدوان على أي بلد آخر من قبل. 
عدوان همجي غاشم عرى العالم أجمع، وكشف حقيقة الكثيرين، الأشقاء قبل الغرباء، والأصدقاء قبل الأعداء، مواقف الأنظمة العربية تباينت بين متفرج وصامت ومشارك في إراقة دماء اليمنيين، إلا أن مواقف الأنظمة ـ بحسب المراقبين ـ لا تبدي بالضرورة مواقف شعوبها، فماذا إذن عن موقف العرب الحقيقي من العدوان على اليمن؟!
من هذه النقطة أجرت صحيفة (لا) جولة استطلاعية في مواقع التواصل الاجتماعي لدى ناشطين وحقوقيين عرب، حول تعاطيهم مع القضية اليمنية بشكل عام، لنرى موقفهم من العدوان على اليمن، ومدى حضوره في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية كحساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال التالي:
وقفات الشعب العربي مع اليمن خجولة 
(للأسف الشعب العربي لم يقف مع اليمن، وإن وقف فكانت وقفاته خجولة لم ترتق لمستوى العدوان الحاصل)، بهذه الكلمات أكدت الناشطة السياسية السورية مروى الدعبول، في حديثها لصحيفة (لا)، أن الشعوب العربية لم تقف بجدية مع ما يحدث من حرب عدوانية وظالمة وهجمية، وصفتها بأنها من أكبر جرائم العصر.
وعن تناول قضية العدوان على اليمن في حسابها الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت مروى الدعبول: نعم هناك جانب من منشوراتي عن اليمن، ولكن كذلك الحال بالنسبة لي كسورية، أركز أكثر على الأحداث في سوريا، لكني أتناولها من جانب إنساني أكثر.

سوريا مع اليمن
لم تقف سوريا (البلد الأبي) التي تعرضت لأبشع مؤامرة كونية من قبل قوى الرجعية والاستعمار ـ حكومة وشعباً ـ مع الشعب اليمني، من خلال المواقف والتصريحات المباشرة من القيادة السورية وحسب، ولكنها خصصت مساحات واسعة لنقل جرائم العدوان عليه في منابرها الإعلامية الرسمية. وفي هذا الصدد تقول دعبول: الإعلام في سوريا يتناول موضوع العدوان على اليمن، ولكن يأتي بمرتبة الخبر الثاني أو الثالث، نظراً لكون الأولوية للحرب في سوريا، وطبعاً سوريا مع اليمن وضد التحالف قولاً واحداً.

الموقف واحد
بشكل عام فإن الموقف من الحرب على اليمن هو نفسه الموقف من سوريا بشكل أوضح، هذا ما يؤكده السوري رياض سلوم (محامٍ قانوني) في حديثه لـ(لا)، مضيفاً: لا يمكن التفريق بين ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان، وما يتعرض له الشعب السوري أيضاً، فالعدو واحد، والموقف منهما بالنسبة لأي وطني موقف واحد، وهو مع البلدين.
وعن مدى تناوله للحرب على اليمن في موقعه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول سلوم إنه لا يتناول ذلك كثيراً، إلا أنه ينشر بعض الصور للمجازر البشعة التي يتركبها طيران العدوان على اليمن. 

تأييد فلسطيني
فاطمة مطر، ناشطة من فلسطين المحتلة، تشارك صور جرائم العدوان الأمريكي السعودي بحق اليمنيين، من داخل أراضي فلسطين المحتلة، وتنشرها على حسابها الشخصي في (فيسبوك)، ولا تخشى سلطات العدو الإسرائيلي. تقول فاطمة في حديثها لـ(لا): أنشر بعض الصور ممن أثق بهم من اليمنيين، وأشارك في نشر ما يصلني منهم. وتشير إلى أن القنوات العربية أصبحت غير صادقة، ومنحازة في آرائها.

صفحة يمنية
حديث فاطمة يوافقه حديث مواطنتها الناشطة حياة ربيع التي أكدت في حديثها لصحيفة (لا) تخاذل العرب مع اليمن، قائلة: إن الشعوب العربية إما مقهورة ومغيبة كدول الخليج، وإما منهكة منهارة مفتتة مشغولة بكيفية البقاء على قيد الحياة.
وفي حديثها عن تناول الإعلام المحلي للعدوان على اليمن، تقول ربيع: لم يعد هناك إعلام محلي بقدر ما هو مسيطر عليه عالميًا في كل مكان، خصوصًا تحت ظل احتلال صهيوني وسلطة قمعية تأتمر بأمر المحتل.
ربيع أشارت إلى أنها تتناول ما يجري في اليمن على صفحتها الشخصية في (فيسبوك)، قائلة: لدي أصدقاء ومتابعون من اليمن في صفحة (فيسبوك) يزيدون على 4000، حتى إن صفحتي نظراً لغزارة مواضيعها المتعلقة باليمن تعتبر صفحة يمنية، وفي البداية كان الاهتمام بالشأن اليمني غاية في الصعوبة، لأن اليمن كانت مهمشة عربيًا، ولم يكن لي معرفة واسعة بتفاصيل عنها، لكني صممت على متابعة الاهتمام بالشأن اليمني، فقد تيقنت أن لي دوراً ما في هذا الأمر.

الشعوب تدفع الثمن
الصحفية أميرة نصار تعمل في صحيفة (المصرية)، أكدت في حديثها لـ(لا) أنها ضد الحرب السعودية على اليمن، قائلة: أنا مع رفض اعتداء أية دولة عربية على دولة عربية أخرى مهما كانت الأسباب، لأن من يدفع الثمن هي الشعوب.
وعن تناولها العدوان على اليمن في حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن نصار لا تتناول الحرب بأي شكل من الأشكال سواء كان موقفاً إنسانياً أو قومياً.

الشارع المصري ضد العدوان
حديث أميرة يبدو أميل الى الحياد، والذي كما يصفه المحللون أقرب إلى الموقف المناوئ في هكذا وضع. محمود عبده (صحفي مصري) كان له رأي آخر، حيث أكد أن موقفه من الحرب على اليمن واضح منذ البداية، واصفاً إياه بالعدوان، وقال: أغرد بين الحين والآخر على حسابي في (تويتر) بأمر ما يتعلق باليمن، خصوصاً بما يتعلق بالمجازر التي يرتكبها طيران التحالف.
الصحفي محمود عبده لم يخفِ موقفه الصارم تجاه العدوان على اليمن، مؤكداً أن الكثير من أبناء الشعب المصري ليسوا مع الحرب على اليمن، إلا أنهم لا يجرؤون على التعبير عن رأيهم بسبب موقف السلطة الواضح، وهو التواطؤ مع السعودية.
يذكر أن نظام السيسي أعلن تأييده لما يسمى (عاصفة الحزم)، ويشارك إلى جانب الأردن والمغرب والسودان، بشكل مباشر، في العدوان على اليمن.

ناشطون أبواق للغرب
من خلال ما سبق يبدو واضحاً أن مواقف الأنظمة العربية ليست بالضرورة معبرة عن مواقف شعوبها، بالرغم من الصمت المريب الذي طال شعوب المنطقة من الخليج إلى المحيط، إزاء ما يحدث من عدوان همجي غاشم بحق أبناء الشعب اليمني، حيث لم تنظم الشعوب العربية مظاهرات مناهضة للعدوان، باستثناء البعض منها. ويعلق محمد بدر (ناشط حقوقي جزائري مقيم في لندن) في هذا الصدد، قائلاً: إن معظم الناشطين العرب يعملون كأبواق لقوى الغرب، حيث اشترت الأخيرة الكثير من الأصوات الإعلامية والناشطين، والذين يطلون على قنوات (العربية) و(الجزيرة) بشكل يومي، للتبرير لجرائم الأمريكيين في سوريا والعراق واليمن.

حظر وإغلاق صفحات المقاومة 
وعلاوة على شراء قوى الرجعية والاستعمار للكثير من الأبواق العربية، فإن إدارتي (فيسبوك) و(تويتر) الأمريكيتين لا تترددان في غلق وحظر صفحات الناشطين المناهضين للهيمنة الأمريكية، والذين ينشرون صوراً للقيادات الوطنية الحرة، كصور قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أو السيد حسن نصر الله. 

الصمت العربي تجاه اليمن وصمة عار للأمة
آمال السهلي (طبيبة تونسية وناشطة في مجال حقوق الإنسان) أكدت في حديثها الخاص لـ(لا) أن ما يتعرض له الشعب اليمني من جرائم إبادة من قبل عدوان سعودي غاشم، في ظل هذا الصمت العربي المخزي، يمثل وصمة عار في تاريخ الأمة العربية، وسيلحق بالشعوب الويل جيلاً بعد جيل.
وأشارت السهلي إلى أنها ومنذ اليوم للأول للعدوان تنظم وقفات وندوات حقوقية بشأن الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي بحق اليمنيين، وقالت إنها ومجموعة من زميلاتها بصدد إعداد ملف كبير عن جرائم الحرب الواقعة في اليمن، وستقدمه للمنظمات الدولية.
وتعد تونس أول دولة عربية خرجت فيها عدة تظاهرات مناهضة للعدوان على اليمن، وكان ذلك بعد يوم فقط من بداية العدوان الأمريكي السعودي على اليمن في 26 مارس 2015. 

شعوب لا تستطيع التعبير 
فادي أبو علي (ناشط لبناني) يعلق على الموقف من الحرب على اليمن، قائلاً: نحن هنا في لبنان، الأطراف السياسية منقسمة بشأن موقفها من الحرب على اليمن، فهناك من يشجع على الحرب ضد اليمن، وهناك من يقف ضدها وبشدة.
وبخصوص مدى تناول الناشطين العرب القضية اليمنية في مواقعهم الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، يقول أبو علي: ليس هناك نسبة محددة لمعرفة ذلك، إلا أن الكثير من الشباب يعرفون جيداً أن الحرب السعودية على اليمن همجية بكل معنى الكلمة، إلا أنهم غير قادرين على التعبير عن ذلك لأسباب كثيرة.

مواقف معارضة
هذا ما أكدته أيضاً الناشطة اللبنانية رانيا وهبي في حديثها لـ(لا)، إلا أنها أشارت إلى أن معظم الشعوب العربية غير راضية عما يحدث من دمار في المنطقة بشكل عام، سواء في اليمن أو سوريا أو العراق وغيرها، وأن مواقف أنظمة وحكومات بلدانهم لا تمت لمواقفهم الشخصية بصلة.

اللامبالاة بمصير الأمة 
علاوة على الصمت العربي المخزي، شعوباً وحكومات، الذي تكشَّف خلال الأعوام الثلاثة من العدوان، تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني، فمجمل الآراء التي طرحها عديد ناشطين وحقوقيين عرب تؤكد أن الكثير من أبناء الشعب العربي غير راضٍ عما يحدث من عدوان هجمي على اليمن، إلا أنهم لا يحركون ساكناً، ويعود ذلك لخوف بعضهم من حكوماتهم، ولامبالاة البعض الآخر بمصير الأمة. هذا ما أكدته نجاة حسن، إحدى المواطنات المغربيات المتابعات للأحداث في اليمن، في حديثها لـ(لا)، مضيفة أن جزءاً كبيراً من الشعب العربي مشغول بمتابعة مباريات الدوري الإسباني، أو بمتابعة أحدث موديلات قصات الشعر!

بندقية الحرية والكرامة 
واقع مظلم على كافة الأصعدة يلتهم الجزء الأكبر والأوسع في المساحة العربية العمياء، تعيش فيه الشعوب العربية في حالة سبات عميق بعيداً عن قضايا الأمة، في وقت تشق بندقية الأحرار في سوريا واليمن والعراق ولبنان طريق الحرية والكرامة، وتقارع الأعداء بقوة الإرادة والإيمان والحق في العيش بحرية واستقلال خارج عباءة العبودية والوصاية والهيمنة.
محمد بدر: 
معظم الناشطين العرب يعملون كأبواق لتبرير جرائم الأمريكيين في المنطقة