بشرى الغيلي/ لا ميديا

ظنه الكثير من الإعلاميين بيتاً يؤوي كل العاملين في مهنة المتاعب، خاصة في وضع استثنائي، وعدوان كوني استهدف كل شيء... وكان من المفترض أن يجمع تحت مظلته كل أطياف الرسالة الإعلامية، خدمة للقضية الوطنية، ومن باب (الأقربون أولى بالمعروف)، لكن ذهبت تنديدات وتضامنات اتحاد الإعلاميين اليمنيين إلى ما هو أبعد من الحدود الجغرافية، ولم تكتفِ بذلك، بل أعلنت ميثاق شرف إعلامي لا يعلم عنه سوى وزير الإعلام حينها، وأفراد يعدون على الأصابع، مما أثار الكثير من المنخرطين في الوسط الإعلامي، عن كيفية إقرار ميثاق شرف يلزم الإعلاميين به، وما جاء في بنوده وهم لا يدرون عنه شيئاً، بينما رئيس وأعضاء الاتحاد يدافعون عن أنفسهم بأن الميثاق عُرض على الكثير من الإعلاميين، وعقدوا له عدة ورش عمل... تفاصيل أكثر في السياق التالي..

500 عضو..!
قد لا تكون الإحصائية منصفة التي قوامها 500 عضو مقارنةً بالكم الكبير من الإعلاميين العاملين ليل نهار في مجابهة زيف عدوان كوني دفع المليارات ليطمس الحقيقة التي اجتهد الشرفاء من أبناء الوطن في كشفها للعالم، ويواجهها أطفال اليمن ونساؤه بصدور عارية، عدوان دمر كل شيء، وفضحهم بكل الوسائل المتاحة. وضمن تساؤلات صحيفة (لا) التي طرحتها على رئيس الاتحاد عبدالله صبري، عن عدد منتسبي الاتحاد الذي قال: إن الاتحاد يضم في عضويته أكثر من 500 عضو، ينتمون إلى أكثر من 40 مؤسسة إعلامية، وأضاف أنه ما يزال الباب مفتوحاً للعضوية أمام جميع الإعلاميين.
وعكس ما أوضحه صبري، فهناك الكثير من الصحفيين والإعلاميين الوطنيين والذين يعملون في الميدان، لكنهم لم يحصلوا على عضوية الاتحاد، والسبب بعض الإجراءات الروتينية التي يضعها الاتحاد كشرط لتنسيب الإعلاميين، ومن هؤلاء صحفيون معروفون ومرموقون، ويعملون في المجال الصحفي منذ أكثر من عقد من الزمن، ولديهم عضوية في الاتحاد الدولي للصحفيين، ومع ذلك لم يتم تنسيبهم في اتحاد الإعلاميين، وهو ما جعل هؤلاء يرون بأن الاتحاد ليس سوى كيان شللي لمن يرضى عنه القائمون على الاتحاد.
بينما البعض الآخر من الإعلاميين عبروا عن استيائهم من أن الاتحاد يشترط للانضمام لعضويته ملفات مدعّمة بتوجيهات من جهات يعملون بها، مع أن بعضهم يعملون بشكل دائم دون تحديد أية وسيلة، كما أوضح ذلك معتصم (ص)، وأضاف لـ(لا): من أين آتي لهم بتوجيه وأنا أعمل لأكثر من موقع، ولستُ مستقراً بمكان محدد، كونه من الصعوبة أن أستقر بجهة معينة، لذلك أحجمت عن تقديم ملفي. 

خيبة أمل.. ونسخة مكررة
في ظلِّ تزايد الانتهاكات التي يتعرض لها الإعلاميون بين فينة وأخرى، وعدم وجود جهة تمثلهم وتأخذ بحقوقهم المسلوبة، وجد الاتحاد كمؤسسة إعلامية تمثل الإعلاميين، ولكن أغلب العاملين في الساحة الإعلامية أصيبوا بخيبة أمل كونه صار نسخة مكررة لما سبقه من تكتلات إعلامية فاشلة.. ذلك ما أوضحه حسن الوريث ــ صحفي، وأحد الأعضاء الذي يقول: استبشرنا خيراً بتأسيس اتحاد الإعلاميين ليقوم بدور فاعل في حماية الإعلاميين، والدفاع عن قضاياهم، وتقديم الدعم والرعاية لهم، لكننا بدأنا نصاب بخيبة أمل نتيجة تقاعس الاتحاد وعدم قيامه بالدور المطلوب والمأمول منه، وربما أصبح نسخة مكررة من نقابة الصحفيين اليمنيين.
ليست بمستوى الطموح!
وعن الخدمات التي يقدمها الاتحاد يقول عبدالله صبري، رئيس الاتحاد، إنه يوجد خدمات وإن كانت ليست بمستوى الطموح، حيث لا يزال الاتحاد وليد النشأة حسب قوله، ويضيف: قبل ذلك تأسس كإطار للإعلاميين والمؤسسات الإعلامية الوطنية المناهضة للعدوان، وقد كان ولا يزال صوتاً للإعلاميين الأحرار، ونفذ الكثير من المناشط المتعلقة بمواجهة العدوان والحرب الإعلامية على بلادنا، وبالتعاون مع مختلف المؤسسات الإعلامية الوطنية، وعمل الاتحاد ولا يزال على توثيق الانتهاكات التي طالت الإعلام بسبب العدوان على نحو مباشر، أو نتيجة تداعيات الحرب والحصار، كما نفذ عدة دورات تدريبية لعشرات الإعلاميين، ويستعد خلال الأيام المقبلة للإعلان الرسمي عن جائزة الخيواني للصحافة والإعلام.
بينما غالبية من التقتهم (لا) عبروا عن استيائهم وعدم لمس أية خدمة بالواقع للاتحاد، حتى وإن حظوا بتوجيهات رسمية من الاتحاد نفسه، كما حالة الإعلامي جمال الغراب، رئيس موقع (الفجر الجديد)، الذي قال: بعد سماعي تصريح وزير الصحة عن إصدار توجيهات للمشافي الحكومية بمعالجة أعضاء الاتحاد وأسرهم بشكل مجاني، شعرت بالارتياح والأمان، لكن للأسف حينما مررتُ بحالة مرض أسرية طلبتُ مذكرة من الاتحاد لمستشفى الثورة العام بمعالجة الحالة، لكن المشكلة أن مستشفى الثورة رفض التجاوب، وقال: لا نقبل المذكرات حتى لو كانت من الوزير نفسه. وختم الغراب: وهنا أطالب الاتحاد بالتواصل مع وزارة الصحة بمعالجة جميع الأعضاء في المشافي الحكومية مجاناً.

مساعدات غذائية..!
أما عمار الكحلاني، مسؤول الأنشطة والفعاليات، فأوضح أن الاتحاد متعدد المهام، ويقدم خدماته الكثيرة لمنتسبيه، منها في مجال التدريب والتأهيل، وأقام العديد من الدورات التدريبية لعدد من الكوادر الإعلامية، والعاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية منها المقروءة والمسموعة والمرئية، في مختلف الفنون الصحفية. وأضاف الكحلاني أن هناك جانباً آخر يقدمه الاتحاد، وهو الجانب الاجتماعي الذي هو عبارة عن مساعدات كالتغذية، والجانب الإنساني، للأعضاء.
يخالف هذه الجزئية التي تحدث عنها الكحلاني، أحد المنتسبين للاتحاد - فضل عدم ذكر اسمه - حيث ذكر أنه لم يحصل على أي تعاون من الاتحاد بشأن الخدمات التي تم ذكرها آنفاً، رغم أنه أحد الأعضاء، ويحمل بطاقة عضوية، وحالته المادية تستوجب المساعدة، بما أن الاتحاد يساعد الإعلاميين الذين يعانون من ظروف صعبة... وختم: نتمنى أن نلمس فعلاً المساعدات التي ذكرها الاتحاد.

تضامنات خارج الجغرافيا...!
يرى الكثير من الإعلاميين أن المواقف التضامنية للاتحاد تجاوزت ما هو أبعد من أسوار الاتحاد، ليتضامن مع إعلاميين خارج الوطن، ولم يحرك ساكناً تجاه قضايا مسّت إعلاميين هم أحق بصوت الاتحاد الذي غاب عن قضية عبدالله الحيفي، وقبلها قضية عبدالرقيب المجيدي، وهنا رد صبري: الاتحاد تضامن مع أكثر من موقف، مع الزملاء، سواء عبر بيانات معلنة، أو من خلال جهود رئيس الاتحاد، وأثمرت هذه المواقف عن نتائج إيجابية سواء مع الزملاء في قناة وصحيفة (اليمن اليوم) أو مع غيرهم، وقبل أيام تم الإفراج عن رئيس تحرير صحيفة (اللواء) الزميل وليد السادة، بعد أن تدخل الاتحاد لدى الجهات المختصة. وبالنسبة للزميل عبدالله الحيفي فقد عمل الاتحاد بمشاركة آخرين في لملمة القضية ومعالجتها بشكل يخدم الجبهة الإعلامية التي تواجه العدوان، وبما يحفظ حقوق الجميع، بمن فيهم الزميل الحيفي. أما بخصوص الصحفي عبد الرقيب المجيدي فلم يصلنا أي بلاغ بأي شكل عن واقعة الانتهاك التي تعرض لها، وليس وحده من يشتكي من تقصيرنا، لكن نود أن نوضح هنا أن الاتحاد يجب أن يبلغ بواقعة الانتهاك، بحيث تتخذ الموقف المناسب إزاءها.

فضح جرائم العدوان
أمة الملك الخاشب ـ ناشطة تقول: إن أبرز دور قام به الاتحاد هو أنه جمع كلمة الإعلاميين لمواجهة العدوان، وتوحيد الصفوف، وتقارب وجهات النظر، وركز منذُ تأسيسه على فضح جرائم العدوان، بإصداره للبيانات التضامنية والإدانات.
ومثلما للاتحاد هفوات، له إيجابيات يؤكدها أعضاؤه المنتسبون، يضيف الغراب في جانب آخر أنه لمس من الاتحاد تعاوناً جيداً مع عدد من الإعلاميين ووسائل الإعلام الذين تعرضوا لإشكالات قمعية أو لاعتداءات من قبل تحالف الحرب، بالتضامن وإصدار البيانات وتوزيعها على وسائل الإعلام، ويختم مناقضاً كلامه السابق: شخصياً وحتى اللحظة لم ألمس أية خدمة على الواقع، لكني أثق أن الاتحاد سيكون مناصراً لي كإعلامي في المستقبل.

ميثاقٌ أحادي الجانب...!
في الوقت الذي يطمح فيه الكثير من الإعلاميين إلى ميثاق شرف إعلامي يوحّد كلمة الجميع في ظل عدوان سافر، ويتفق الجميع على صياغته، انتقد الكثير من الإعلاميين الطريقة التي تم بها إعلان ميثاق الشرف من قبل اتحاد الإعلاميين، وأنه لم يأخذ حتى رأي منتسبيه، بحسب من التقتهم (لا)، وأعلن بأفراد يُعدون على الأصابع ووزير الإعلام السابق، وهنا يوضح صبري رئيس الاتحاد بقوله: إن وجود ميثاق الشرف مهم جداً، باعتباره مرجعية أخلاقية ومعنوية، ونحن دعونا في الاتحاد إلى تكاتف الإعلاميين كصوت واحد في مواجهة العدوان، من أجل أن نتجاوز المناكفات الإعلامية التي كانت تهدد الجبهة الداخلية، ويضيف صبري: لن أزعم أن الميثاق قد نجح في هذا، لكنه على الأقل علق جرس الإنذار بحيث ينتبه الإعلامي إلى قواعد المهنة وأخلاقياتها قبل أن ينحاز سياسياً لهذا الطرف أو ذاك، وحتى لا يكون ضحية للاختلاف السياسي. أما الفرز فقد كان واضحاً بين مختلف فئات المجتمع، فهناك من وقف على الضد من الوطن، وهناك من كان وما يزال ضمن الجبهة الوطنية الوثيقة التي سطرت ملحمة الصمود والتحدي والانتصار.

تسرّعوا في إعلان ميثاق الشرف
ومثلما للاتحاد رأيه حول ميثاق الشرف، للإعلاميين المنتسبين للاتحاد رأي مغاير، حيث يقول حسن الوريث: إن الاتحاد تسرع في إعلانه لميثاق الشرف، رغم الأهمية التي يمثلها وجود ميثاق شرف إعلامي بالنسبة لنا كإعلاميين، لكنه كان يفترض أن يأخذ حقه من النقاش، ويستوعب كل الأمور والملاحظات، حتى يخرج بصورة أفضل وأشمل، وألا يكون ميثاقاً ناقصاً، كما هو الحال بهذا الميثاق الذي تم إعلانه بعد 3 أو 4 جلسات نقاش فقط، وهذا لا يكفي.. وختم الوريث: أتمنى من الاتحاد أن يقوم بدوره في حماية الصحفيين ومتابعة قضاياهم، وتوفير الحد الأدنى من الحريات التي نحتاجها في عملنا.

10 أشخاص فقط شاركوا بصياغته...!
ميثاق الشرف الإعلامي ضرورة ملحة في المرحلة الراهنة لضبط إيقاع العمل الإعلامي الذي أصبح لا يسر عدواً، بتلك المداخلة بدأ صادق السماوي ـ إعلامي، حديثه لصحيفة (لا)، وأضاف: بالنسبة هل شارك جميع الأعضاء في صياغة الميثاق، أو التعديل، أو الاستفتاء عليه؟ حسب علمي واطلاعي من شارك في صياغة الميثاق لا يتعدون 10 أشخاص..!

أُعلن في المؤتمر الإعلامي الأول
يبرر صبري أنهم لم يتسرعوا في إعلانه، وإنما كان بمشاركة الجميع. ويضيف: حين وضع الاتحاد فكرة ومشروع الميثاق كان يدرك جيداً أهمية النقاش الموسع حول الميثاق، ولذا فقد طرح الاتحاد المشروع على المؤتمر الإعلامي الأول المنعقد بصنعاء في أغسطس 2016م، ثم نظم الاتحاد 3 حلقات نقاشية بمشاركة العديد من الزملاء ورؤساء المؤسسات الإعلامية، قبل إقرار الميثاق بصيغته النهائية التي تم التوقيع عليها في 19 مارس 2017م، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام. ومع ذلك ما زلنا بحاجة إلى ورش عمل وندوات تعريفية بالميثاق، وقد وضعنا هذه المهمة في خطة الاتحاد للعام الجاري.

لم يُقر اعتباطاً...!
في ذات السياق، تحدث عمار الكحلاني: البنود التي احتواها ميثاق الشرف كانت مهنية وعالية تبناها اتحاد الإعلاميين، على أساس أن يضبط ويراقب تنفيذها، البعض من الذين وقعوا على ميثاق الشرف الإعلامي لم يلتزموا، لأنه بالنهاية هو ميثاق شرف أخلاقي، ليس لدينا جهة ضبط أو عقاب، أو جزاء، الميثاق هو إجراءات عادية، تنبيه للمخالفين بفصلهم من الاتحاد، وهذا أكبر عقاب، وأنه تم تعديله أكثر من 5 مرات، ولم يعتمد إلا بعد نقاشات مستفيضة، وشارك فيه الكثير من الإعلاميين من أعضاء الاتحاد، ومن لم يشارك فهو من تخلف عن المشاركة، أما النقاش فكان في قاعات وبمشاركة إعلامية مباشرة، ولم يناقش في الخفاء، ولا خلف الكواليس، حسب رده على صحيفة (لا).
ويختم: أما الإجراءات القانونية فكانت باللقاءات القانونية التي عقدت وبرعاية وزير الإعلام السابق، وبقيادات الوزارة،  ومن أنصار الله، والمؤتمر، المكونين السياسيين الأبرز، والكثير من الإعلاميين، وعقدت ورش أخرى، وأقر بشكل رسمي في يوم الإعلام الوطني، ووقعت عليه كل وسائل الإعلام بدون اعتراض.

إعلام حليف للعدو
منذ بدء العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي على الشعب اليمني، والإعلام المحلي والدولي كان مواكباً ومصاحباً لهذا العدوان.. ولكن للأسف ظهر إعلام حليف للعدو، وعمل على تجميل جرائم وانتهاكات العدوان في حق الشعب اليمني.. وهذا ما جعل بعض الإعلاميين يتجهون نحو إشهار لجنة تحضيرية لإنشاء اتحاد للإعلاميين اليمنيين هدفه الأول رصد جرائم العدوان على قطاع الإعلام بشقيه المؤسسي والبشري.. وفعلاً تم عقد المؤتمر الإعلامي الأول، وتم انتخاب أعضاء للمكتب التنفيذي للاتحاد.. بتلك المداخلة بدأ حسن حمود شرف الدين ـ عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الإعلاميين اليمنيين، حديثه.. مضيفاً: قام المكتب التنفيذي للاتحاد خلال العامين الماضيين بالكثير من الأنشطة والفعاليات، والندوات والورش، وكان من أبرز مشاريعه إعداد مشروع (ميثاق الشرف الإعلامي)، وهو عبارة عن وثيقة تنظم العمل الإعلامي وفق ضوابط أخلاقية ومهنية وقانونية.

خاتمة الأوراق..
بعد الحوارات المستفيضة مع الإعلاميين والممثلين للاتحاد، تبدو الحاجة ماسة لإعادة النظر في صياغة ميثاق الشرف، لأنه من الضروري مشاركة جميع الإعلاميين دون استثناء في صياغته وتعديله والاستفتاء عليه، وإلا فهو ميثاق (خديج) أي غير مكتمل النمو.. وكذلك على الاتحاد أن يعيد النظر في تنسيب بقية الإعلاميين كونه حقاً مشروعاً للجميع، وأن يتعاون معهم بخصوص بعض الشروط التي قد تجعل غالبيتهم ينفرون من الالتحاق بعضويته، حسبما صرحوا بذلك أثناء إعداد هذه المادة، فالوطن يحتاج تكتلاً إعلامياً قوياً لشرفائه الذين يقاومون أقذر عدوان على وجه الأرض.