.jpg)
الأكـثر قـراءة
الظاهرة الشعرية إسماعيل مخاوي:أجد السير في طريق الإبداع لعلي أبلغ الأسباب
- تم النشر بواسطة حوار: أحمد عطا/ لا ميديا
حوار: أحمد عطا/ لا ميديا
إسماعيل مخاوي، الظاهرة الكونية الضاربة في الشعر، شاعر يمثل مدرسة شعرية متفردة لما يحمله من روح صوفية نبيلة وأحرف أكاد أجزم أنها تقارع حدود البردوني.
ضيفنا الذي تجاوز كل حدود المعقول والدهشة والعمق من حيث الجزالة والأصالة والتفرد، سلس التراكيب والمفردات وصعب المكامن والوصول.
شاعر بسيط الحياة، كبير الأنفة والاعتزاز والشموخ، لم لا وهو القائل:
لم يطأطئ جبينه لم يداهن
كان أقوى من الخطوب ولكن
أبصرته العيون ذات صباح
يشتهيها وتزدريه الأماكن
البيانات.. لا تهم الأسامي
هيكل، شاحب الملامح، داكن
المهم الذي يلوح عليه
هو في ذمة البلاد مواطن
شامخ كالساحل الغربي، وبسيط كتهامة النقاء، شاعر له صيته عند فطاحلة الشعر، وكل من يعرفه يهابه، لما ينسجه من قصائد مدوية، تهز أرواح الكون المتشظية في عمق الدهشة. نعم، شاعرنا مبتكر ومحدث ومجدد في نفس الوقت، يسافر ويحلق بعيداً عن هذا الفراغ المحيط بنا، فيخلق نصوصا عصماء ولغة جديدة من قاموسه الذي اكتسبه من اطلاعاته واشتغالاته، وأيضاً من جلوسه إلى جانب عظماء اللغة والقصيدة في زبيد وبيت الفقية انتقالاً إلى صنعاء.. وكان لنا شرف التواجد في منزل شاعرنا والتحدث معه..
آتاني الله الحكمة وعلمني الشعر
ـ أهلا بك شاعرنا في صحيفتك صحفية (لا)..
يا مرحبا بك وبصحفيتكم المباركة، حللتم أهلا ونزلتم سهلاً.
ـ يسمع عنك الكثير، ويقرؤك الكثير، ويكتب عنك أيضاً الكثير والكثير.. من هو اسماعيل مخاوي بالضبط؟
إسماعيل مخاوي هو عبد من عباد الله آتاه الله الحكمة وعلمه الشعر.
جبهات الكلمة
ـ كيف ترى المشهد الثقافي اليوم؟
المشهد الثقافي اليوم في حالة حرب وقوة أيضاً.
ـ ما هو تقييمك للشعراء في هذه المرحلة؟
الشعراء في هذه المرحلة مسؤوليتهم أكبر وأعظم وموقفهم مهم؛ ولكن القناعات. الشعر والكلمة أمانة، وللكلمات جبهاتها، وجبهات الكلمات خير وأبقى من كلمات الجبهات.
مشاركة خارجية بقيمة
ـ حدثنا عن مشاركاتك الخارجية.
كنت محسوباً على إبداعي ولم أكن محسوباً على فئة معينة أو حزب معين، فلم أشارك خارجياً إلا مشاركة واحدة فقط، وهي في دولة الجزائر عاصمة للثقافة 2006م.
في قائمة أفضل الشعراء العرب
ـ اختارتك مجلة البابطين الكويتية ضمن أفضل الشعراء العرب.. حدثنا عن ذلك.
أولا تم إصدار مختارات البابطين لأبرز شعراء الوطن العربي خلال مائة عام، وكان المشرف على العمل في اليمن الدكتور عبدالعزيز المقالح والأستاذ محمد حسين هيكل، وتم اختيار اسمي من ضمنهم، وكان النص المختار (طموح الحب)، وتم إدراج اسمي ضمن معجم الشعراء العرب المعاصرين في العام 2002م، وكان ذلك بفضل مؤسسة الإبداع للآداب والثقافة والفنون، فقد أرسلوا أسماء عديدة وتم اختيار مجموعة من الشعراء وكان اسمي من ضمنهم.
النص الحي
ـ في الوقت الذي كاد العمود أن ينقرض، وكان الجميع ينادي بقصيدة النثـر والشعر الحر، خرجت متمسكاً بالشعر العمودي في ملتقى الشعراء العرب في صنعاء، كيف استطعت أن تسيطر على الواجهة الأدبية ويكون لك الصدى الأبرز في الملتقى؟
ملتقى الشعراء الشباب 2004م محطة مهمة جداً على طريق حياتي الإبداعية، والواجهة دائما هي الأقوى، للإبداع، للنص الحي.
ـ من هو الشاعر الذي يستفزك، والقصيدة التي تستفزك؟
كل شاعر خلاق، كل قصيدة رائعة.
ـ لماذا لم تدخل عالم الإنترنت إلى الآن؟
ليس هناك سبب يستحق أن أذكره. النت عالم لا بد منه.
حاضر كالغياب
ـ لم أنت مختفٍ عن المشهد اليوم؟! أين أنت بالضبط؟
أنا حاضر كالغياب، يشغلني التفكير في غد أفضل؛ أبرعم أفكاري، وأسميتها بفكرة الصبر حتى إذا نتمنى صبح الأمل أزهرت حياة تليق بي.
دوواوين شعرية
ـ لديك الكثير من الدواوين الشعرية، حدثنا قليلا عنها.
طبع لي ثلاثة دواوين: (فجر الضياع)، (ملامح زورق يهذي)، و(من وحي المقام). والجاهزة للطباعة كثيرة جداً تكاد تتجاوز الخمسة دواوين؛ ولكني لن أسميها؛ لأنني فعلت ذلك سابقا ولم تطبع فأصبحت أتشاءم.
ـ من هو الشاعر الذي تؤمن به أكثـر، أقصد هل الشعبي أم الفصيح؟
أؤمن بكل شاب يؤمن بما يقول، وأنت في مقدمتهم يا أحمد عطاء.
ضالة المبدع
ـ ما سبب ميولك الشديد باتجاه القصيدة العمودية؟
الشعر هو الشعر، وهو ضالة المبدع، كيفما وجده وأينما وجده فرح به، وأنا أحترم كل الألوان وكل التجارب، والفرق بينهما أن القصيدة العمودية عندي هوية، أصالة، والتزام.
نهتدي بهدى البردوني
ـ هل تعتقد أن القصيدة العمودية غيبت في السنوات القريبة الماضية بشكل كبير؟
القصيدة العمودية لم تغب يوما ولن تغيب، ربما مرت بها فترات ضعفت فيها أو حوربت؛ لكن الله يقيض لها من المجددين من يسمو بها وينتصر لمقامها، والبردوني أكبر شاهد على ذلك، ونحن على صراطه الأصيل نهتدي بهداه في سبيل إعلاء شأن القصيدة العمودية.
رواية غير مكتملة
ـ تقرأ الروايات كثيرا وتلم بها، هل تكتبها أيضا؟
أحب قراءة الروايات، وقد قرأت الكثير من الروايات المترجمة؛ لأنها نافذة على ثقافات الشعوب الأخرى وآدابها، وكتبت بالفعل رواية عنوانها (الندم)، وحين انتهيت من الفصل الأول شغلت عن إتمامها، ولعلي أتمها ذات يوم.
ـ من هو الشاعر الحقيقي من منظور إسماعيل مخاوي؟
من احترم نفسه وإبداعه ولغته وفنه؛ ذلك هو الشاعر الحقيقي.
لعلي أبلغ الأسباب
ـ هل أنت راض عما قدمته وترى أنك وصلت لمستواك الذي سعيت إليه؟
الإبداع هو سلوك إلى غاية، من قال سأصل فقد اهتدى، ومن قال وصلت فقد ضل. وأنا حتى الآن أجدّ السير لعلي أبلغ الأسباب.
يوميات فرج التهامي
ـ أين أنت من المشهد اليوم؟ وحدثنا عن (يوميات فرج) التي قلت لي ذات يوم إنك معتكف على كتابتها.
أواصل قراءة الوضع وقراءة كل ما أستطيع الحصول عليه من الكتب، وأشتغل أيضاً على ثقافتنا الصوفية وتأريخنا الصوفي، حيث أعمل على تأليف كتاب في إطار ذلك. في نفس الوقت أكتب الشعر ويكتبني لعله ينشرني ذات يوم في حال عجزت عن نشره. (يوميات فرج التهامي) مشروع نجحت في إتمامه، وهو باختصار سيرة شعب وحكاية وطن، شعر بروح الدراما ودراما بلغة الشعر، واخترت اللهجة العامية لأنها أقدر على التوصيل.
جماهيرية الزامل
ـ في الآوانة الأخيرة بزغ نجم الزامل بشكل كبير، ونال متابعة عامة الشعب، كيف تقيم ذلك؟
الزامل فن شعري وغنائي رائع وحماسي أيضاً له جمهوره، وأثره أكبر، نظراً لجماهيريته.
ـ الكثير من شعراء العاصمة يهابونك ويكنون لك الكثير من الاحترام البالغ، يكادون أن يزنوك بميزان المقالح، كيف استطعت أن تصل إلى هذه المرحلة؟
من إيماني بأهمية دوري كشاعر، ومن حبي وتقديسي للشعر.
مئتا بيت في مدح الرسول
ـ لديك من النصوص الطويلة جدا ذات النفس الطويل، كم عدد أبيات أطول نص كتبته في حياتك؟
كتبت الكثير من النصوص الطويلة والتي يبلغ بعضها أكثر من مائة بيت، وأطولها نص قديم من نصوصي النبوية والذي قارب المائتي بيت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم, والذي أقول في مطلعه:
إليك وإلا كل قصد مضيع
وفيك وإلا كل معنى بلا معنى
وفيك وإلا فالأحاديث مرة
وعنك وإلا خاب من قال أسمعنا
نصيحة للشعراء
ـ بصفتك كنت في لجنة التحكيم المعنية بجوائز رئيس الجمهوية سابقا، كيف يستطيع الشاعر أن ينمي نفسه ويطور لغته؟
بالتأمل والقراءة بمفهومها الأعم والأشمل. التأمل في الحياة والكون هو الكتاب الأكبر، والاطلاع على كل ما هو جديد من تجارب الآخرين.
من أحب الحق وأحس بالخلق، إن كان صوفيا فهو شاعر وإن لم يقل، وإن كان شاعرا فهو صوفي وإن لم يعلم، وأن يتخلق الشاعر والشعر بكلام الله وأخلاق رسول الله هو الشعر الصوفي.
ـ هل من كلمة أخيرة تود قولها؟
العظيم حقا هو الذي يحترم الحقيقة ويحتقر الأكاذيب... كونوا عظماء.
وأصغي شجون الصبح في خاطرِ المسا
كبرنا جراح القدس لا حدَّ للأسى
ولا حدَّ للمعنى سنبقى أعزةً
ويبقون أنذالاً ويبقى مقدسا
أسبح أحجار الزمان أبية
أشُمُّ هواها.. أم ثراها تنفسا
ونادى وقد سوى وقوى يقيننا
ودوى.. فكناهُ الوجود المكرسا
سرى الله ما بيني وبين حبيبتي
وحيدين حتى كل شيءٍ توجسا
على أهلها صلى وسلم هاجسي
تفتحَ في محرابهم وتحمسا
لك الله يا أقصى المعاناة في دمي
معانٍ هواها طال أشقى وأتعسا
حبيبة قلبي يا فلسطين حزننا
عميق ولكن لا كسانا ولا اكتسا
بنو عمنا أعداؤنا كيف نتقي
أسى غادراً في خاطرِ الوقت عسعسا
وكانوا أشقاء العدو ولم نكن
لهذا ترانا العين أنأى وأبأسا
يُقلمنا حكامنا كل لوعةٍ
عليك ويهمي الشعر جمراً ونرجسا
متى يرحم الحطاب نخلة عزنا
إذا نحن كنا بين كفيهِ أفؤسا
فلسطين تبقى الأمنيات عزيزة
وإن كان ظهر الأمنيات تقوسا
أصلي صلاة الدهر في كل بقعةٍ
أُصلي يصيرُ القلب أرهف ملمسا
خطى الأنبياء الطهر عطرُ محبةٍ
تناجي المرامي أن تطيب وتأنسا
يهامس من قلبي نور معراج حبها
تقدسَ في المعنى العظيم وقَدسَا
وتهمي حكايات الأسى في هواجسي
فتأسى.. ومن عام الأسى فيه هوجسا
وأبكي بكاء المؤمنين بها وبي
أسى عارم ينسى الأسى فيه ما الأسى
وتجري شجوني من عيوني عظيمة
تعالى الهوى فيما نوى وتلمسا
أنا مثلها تغريبةٌ تأكل الحصى
خطى من لظى، همٌّ يجيد التمترسا
فدا من تشظى ألف نفس فدا لها
تشظيتُ في مرمى المعاناة أنفسا
فدا الدين والدنيا بنكهة قدسها
فدا ألف قرنٍ مرَّ حتى تمرسا
فدا طهرها المعصوب قهراً من العدى
جرى في سبيل الله كي لا يدنسا
فدا ناسها الأغلى من الناس كلهم
طغى الموت لا استثنى رجالا ولا نسا
وقصَّف أعمار الشباب تطايرت
وقطَّر أرواح العصافير واحتسى
حبيبة قلبي يا فلسطين في المدى
يلوح المدار الحر أشرس أشرسا
هدى الله في إسراء ياسين ينتهي
به ليل إسرائيل مهما تغطرسا
لك العالم المقهور هما وهمة
يرون الغد المأمول أخضر مشمسا
روى أن الحق مذ أبحرت به
نواياهُ لا أحنى رؤوسا ولا رسا
ومن قال إن البحر أوفى بوعده
ومن قال إن البحر ما خان أو قسا
لعل زماناً أخضر القلب ينتهي
بحرية الأقصى كروما وأكؤسا
المصدر حوار: أحمد عطا/ لا ميديا