بشرى الغيلي/ لا ميديا

رتبتُ له حقيبته وأغراضه، فتأجل الموعد، وأخبره المشرف أنه تأجل إلى بعد مسيرةِ السبعين الكبرى. انتظر تلك المدة... وقد كان معنا جسداً  بلا روح،  فقد سبقته روحه إلى الجبهة..." تحكي عن زوجها الذي ارتقى شهيدا، بعد أن كانت الشهادة حلمه. وتستطرد زوجة الشهيد طلال المؤيد: "في يوم 30 /8/ 2016 مساءً كان القصف شديداً على الكليةِ الحربية  التي منزلنا جوارها،  وبعد أول ضربة  قام طلال مسرعا وقد سمعنا أصواتا في الخارج واعتقدنا أنه قد أصيب أحد المنازل لشدة صوت الغارة، وشدة اهتزاز بيتنا، خرج فكانت الغارة الثانية أقوى من الأولى، وأصيب بشظيةٍ في الرأس وارتقى إلى الله شهيدا من ساعتها".
هكذا هم شرفاء الوطن، من باعوا أنفسهم لله، فداءً  لترابه الطاهر، تكون الدنيا لديهم لا تساوي جناح بعوضة، ليكون مع الصدِّيقين والشهداء.
وهكذا هن الأمهات العظيمات حين يقفن بصبرٍ وثبات، فقلما تجدُ عظيمة تُعد حقيبة مودعٍ لها إلى الأبد، وتعده بمواصلةِ مسيرته، لتربي أطفاله القُصّر، وتؤدي الدورين (الأم والأب)، بمفردها.
وبمجردِ أن يأتيها نبأ استشهاده بشظيةٍ في رأسه، وهو يحاولُ إسعاف جيرانه، استعجلت روحه غارة أخرى، ليكون هو بين الشهداء، لا الجرحى.
رغم أنها تدري أن زوجها نال ما تمنى، وأنه فارقها للأبد، إلا أن أم أسامة طلال المؤيد تؤكد أن عينيها ذرفتا دموع الفرح فور وصول خبر استشهاده، وتقول: "أسأل من الله الصبر والعون على تربية أبنائي، وأن يتقبله مع الشهداء الأبرار"، {لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ولكن لا تشعرون».