بعد انكساراته المدوية في شرق الساحل وجنوبه المتواصلة بدون توقف، أراد العدو نقل معاركه إلى ميدان أوسع مكشوف يحقق له مزايا المناورة التكتيكية والمبادرة الاستراتيجية التي افتقدها منذ بداية العدوان، وهو يحاول الخروج من هذا المأزق لينتقل إلى الوضع الهجومي محققاً بعض التقدم ليرفع من معنويات مرتزقته وقوى أسياده في مناخ مظلم بات يخيم على المنطقة والإقليم بعد انهيارات العدوان في المنطقة العربية برمتها وخسارته الحرب الكونية الإمبريالية على سوريا والعراق وإيران ولبنان كما هي على اليمن وفلسطين.
مخطط العدو الراهن على الساحل الغربي عشية الاختراق التسللي الجديد للعدو؛ كان العدو شرق ساحل المخا وشمال جبال العمري وغربها وجنوبها يتكبد الهزائم المتتالية وتنزل به الخسائر المهولة رغم التفوق الجوي البحري الذي يميزه، وكانت السيطرة على الحديدة هدفاً موضوعاً على طاولة الأهداف العدوانية منذ فترة طويلة، وهو لم يتمكن من الاقتراب المباشر منها بسبب ضخامة المهمة المطروحة واتساع مساحتها وتعقيدات حرب المدن ومخاطرها على جيش نظامي وغازٍ أجنبي؛ ولذلك عمل العدو على تجزئة الهدف الكبير المجسد بالسيطرة على الحديدة عبر إنجازه على مراحل متفرقة زمنياً وموضوعياً وجغرافياً عبر أسلوب التقدم غير المباشر في إطار التكتيك الغربي المعروف؛ فاتجه إلى السيطرة على أجزاء من الساحل على مراحل عديدة شملت الأعوام الثلاثة الماضية، مستنداً إلى الخيانة العفاشية وقيادتها وقواتها التي كانت تسيطر على الساحل الغربي بدعوى مشاركتها في صد العدوان والغزو، وهو ما مكنه من التقدم على ساحل ذوباب والمخا يختل، وحيس الخوخة، وقد قضى السنوات الثلاث في عمليات التقرب التدريجي من المناطق المختلفة على الساحل جنوب الحديدة.
خلال السنوات الثلاث استند على القوات الانفصالية الجنوبية المرتزقة القادمة من معسكراتها في الإمارات وإريتريا والجنوب.
وقد بلغت القوات الجنوبية المرتزقة وحلفاؤها أكثر من 30 ألفاً، وزعت في مجموعة من الألوية تتبع القيادة الإماراتية، إضافة إلى المرتزقة السودانيين والهاديين.
وتتبع هذه القوات مبدأ الانفصال للجنوب وتجريده من هويته الوطنية وضمه إلى الخليج السعودي الأمريكي تحت صيغ مختلفة عديدة تغطي الاحتلال وتموه عليه، وهو ما يكشف الجوهر الحقيقي والمحتوى السياسي للمشروع الاحتلالي للإمارات الذي تؤديه نيابة عنها في الساحل الغربي، متذرعة بالشرعية، وما الشرعية إلا أكذوبة لا وجود لها على الأرض بعد أن طوح بها شعبنا خلال ثورته ونهضته الوطنية للدفاع عن الوطن، ومجابهة الغزو الأجنبي الذي تزعمته الإمبريالية الأمريكية السعودية عبر عباءة الشرعية اللصوصية.
ها هي الإمارات تستنصر الآن بقوات الانفصاليين وبمشروع سلخ الجنوب وضمه إلى الكيانات الأجنبية، وهي التي لا علاقة لها بالشرعية المزعومة ومطالبها، وقبل انكسارها الأخير إلى التحيتا الجاح، لم تكن بحاجة إلى مدد الشرعية وبركاتها، وكانت مغرورة إلى حد أنها سبق أن سفهت (الشرعية) وأعلنتها غير مرغوب بها في الجنوب، وأنه لا شرعيه لهادي وحكومته، وهو ما يعكس جشعاً إماراتياً لا يشبع ولا يرتوي: المزيد من الأرض، المزيد من الدماء؛ معتقدة أنها تستطيع حسم الصراع على الحديدة لوحدها فيتم السيطرة المباشرة عليها دون مشاركة أو اقتسام مع الشرعية وفصائلها ومواصلة لمسلسلها في السيطرة على جميع موانئ الساحل اليمني في الشمال بعد سيطرتها على الساحل الجنوبي كاملاً من سقطرى إلى المهرة وعدن وحضرموت وغيرها، وظلت الشرعية وحلفاؤها محل استهجان وازدراء تزج في سجونها بآلاف منهم في الجنوب.
ولهذا دخلت المعركة الكبرى وهي في وضع انشقاقي مع حلفائها الشرعيين الذين لم تتوقع منهم الكثير في الميدان، لأنها قد أضعفتهم ميدانياً واستعادت من أيديهم مواقع القيادة في أكثر من منطقه في الشمال -منها مأرب والساحل الغربي وتعز والبيضاء- كما سحبت من أيديهم عدداً من المناطق العسكرية السابقة التي كان يقودها ممثلون للإصلاح.

 أحصنة طروادة: الانفصاليون
 والوهابيون والعفاشيون
لم يجد الإماراتيون والاستعماريون السعوديون الأمريكيون عبيداً أفضل إخلاصاً لخدمة المحتل الأجنبي أكثر من هؤلاء العملاء الانفصاليين -العفاشيين -السلفيين الوهابيين الإرهابيين التكفيريين الذين لا يخجلون أبداً مما يفعلونه.
إنهم قد فقدوا كل تلك القيم خلال بقائهم الطويل في أبوظبي والرياض طوال سنوات من التيه السياسي الطويلة، تتلمذوا فيها على القيم الاستعمارية السلاطينية الوكيلية المموهة بأضاليل وأباطيل الدعوات الكاذبة الفاسدة.
كقنطرة للفوز بالسلطة والحكم والثروة تحت السيادة الاحتلالية الأجنبية، وهي حالة تلبست جميعهم من أكاديمييهم ومثقفيهم إلى أكابر قومهم ومضليهم.

 اجتثاث قوى الجنوب
ويجب التنبه إلى أن الانفصاليين الجنوبيين قد تكبدوا آلاف الضحايا والخسائر خلال العامين الماضيين وهم يموتون على الساحل الغربي، تحت تأثير الوهم الانسلاخي الذي صار في نظرهم أيديولوجيا تبرر المذابح والمحارق الجارية، وتزين لهم طريق الهلاك وكأنه معبر إلى سماء الانعتاق وجسر إلى ملكوت الحرية والاستقلال والانسلاخ.
بينما في حقيقة الأمر أن الإمارات السعودية الأمريكية تخفي حقيقة الغاية البعيدة التي تطمح إلى تحقيقها في الجنوب، وهي إفراغ البلاد من القوة التي يمكنها أن تدافع عنها عندما تكتشف مدى خديعتها، بعد أن يعود إليها الرشد مستقبلاً، فهي تستعد في الوقت نفسه لمعاركها معها وتعد قوى جديدة لترث الانفصاليين الحاليين يكونون طوع أمرها عندما تأتي الساعة الحاسمة.

 العمق الانفصالي الساحلي
والمكافأة التي تعد بها الانفصاليين هي أن تمنحهم ساحلاً يحكمونه نيابة عنها وتحت سيطرتها، والإمارات لا تستطيع أن تمارس دور دولة عسكرية حربية استعمارية بالنيابة بدون استرزاق هؤلاء المجانين العسكريين والسياسيين الذين دوخ آباؤهم وأجدادهم الشجعان الوطنيون الإمبراطورية البريطانية التي كانت في أوج قوتها.

 آخر الاحتياطات العدوانية ومصير الاحتلال 
خلال سنوات ثلاث استنزفت قوات الرجعية أمام صمود شعبنا واستبساله، وقبل أن تنهار- في الميدان استجلبت هذه الاحتياطات التي ربتها طويلاً لإنجاز مشروعها الاحتلالي المموه تحرير الوطن من أهله.
من هنا فإن زخم الاحتلال يتعلق الآن بزخم ومدى قوى هذا الاتجاه الانفصالي الاستعماري التبعي، فهادي هو في نهاية المطاف ليس إلا رجل الانفصال ولا يقصد ولا يخدم إلا فكرة الانسلاخ والتقسيم والتبعية وليس الخلافات بينهما إلا مظهر من مظاهر المناورات المخططة بين الأطراف.. ومشروعه هو الانفصال والاحتراب الأهلي والتبعية الغربية السعودية البريطانية الأمريكية، وإن تظاهر بتمثيله للشرعية التقسيمية الفيدرالية، أما جوهرها ومحتواها فهو التهيئة للانفصال والتقسيم والاحتراب الأهلي والمذهبي في اليمن، وتجزئته إلى دويلات وكيانات عديدة ضعيفة لا تقوى على الدفاع عن ثرواتها الوطنية ولا عن سيادتها الإقليمية والترابية.

 جوهر العدوان الاحتلال
 والهيمنة والتقسيم
وحتى لا ننسى جوهر الحرب العدوانية الجارية بأثواب عديدة ملونة بألوان مختلفة فجوهرها واحد هو الانفصال الاحتلالي والاحتلال التقسيمي (الهيمني).
الهيمنة والاحتلال والانفصال والتقسيم والاحتراب والانتهاب والإفقار وبؤس اليمنيين واستعبادهم، وهذا ما يفعله الانفصاليون في الساحل ومرتزقتهم الإماراتيون والسودانيون، ذلك هو جوهر الحرب والعدوان والاحتلال الراهن.
وهو ما يسمى تحديد الطبيعة الحقيقية للحرب، وهو ما يحدد بدوره جوهر حرب الدفاع الوطني وحرب التحرر الوطني والاستقلال والكرامة والحرية والعدالة والاستقلال وصون الشرف والسيادة، وهذه معركتنا في مواجهة الاحتلال الجديد.
ولن يبقى في الجنوب من يمكنه حراسة انفصالهم الموعود، إنه مشروع ميئوس منه.


موقع لاء الأخباري