غازي المفلحي/ لا ميديا

بعد أن أفشل الجيش العربي السوري وحلفاؤه المؤامرة الكبرى التي حيكت ضد سوريا في إطار المخطط نفسه الذي يراد به إخضاع اليمن والسيطرة عليها، صارت خيوط المؤامرة تتضح أكثر، وجحافل العملاء والخونة التي ادعت زوراً لأعوام وطنيتها تظهر بشكل واضح وتظهر عمالتها للغرب الإمبريالي الاستعماري الذي يبادلها بدوره الحماية والدعم بشكل علني. وآخر فضيحة لحثالات العمالة في سورية كانت قيام الجيش الإسرائيلي بإجلاء قرابة 800 فرد من (الخوذات البيضاء) مع أسرهم في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، من سورية إلى الأردن، في إطار عملية نقلهم إلى بريطانيا وألمانيا وكندا، الدول التي ستستقبلهم في أراضيها وتجنسهم تلبية لطلب من امريكا ودول أوروبية.. و(الخوذات البيضاء) هي الجماعة التي تم تلميعها إنسانياً ووطنياً ورسم صورة ناصعة لها بالرغم من كل الأدلة التي تشير إلى أنها واحدة من أخوات داعش والنصرة.

في التقرير التالي تعريف (بالخوذات البيضاء)، إحدى أخطر الجماعات الإرهابية التي تنقذ المدنيين بتفجير منازلهم، وتنقذ الجرحى صباحاً وهي التي قصفتهم ليلاً، يظهر أعضاؤها بأدوات الإسعاف في صورة وبسواطير الذبح في صور أخرى، إنها أحد أنياب الحملات الإعلامية المضللة والممنهجة التي تقلب الحقائق وتزور الأحداث وتستثمر في الدم السوري، التي أوجدت لإسناد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعمل على تدمير الدولة السورية وإسقاطها.

تأسيسها
تأسست (الخوذات البيضاء) في آذار/ مارس 2013 في إسطنبول، على يد البريطاني جيمس لو ميزوريير، وهو (خبير أمني)، وضابط سابق في الاستخبارات العسكرية، تخرج في أكاديمية النخبة العسكرية الملكية البريطانية في ساندهيرست. تولى عدداً من المناصب رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ووزارة الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولث. وحسب معلومات، فهو يرتبط بعلاقات مع منظمة (بلاك ووتر) سيئة السمعة. وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي بتمويل (الخوذات البيضاء) وتزويدها بأحدث المعدات عبر تركيا، ولها ميزانية تبلغ ثلاثين مليون دولار سنوياً.
وقد حظيت (الخوذات البيضاء) بدعم كبير منذ بدايات تأسيسها، حيث تزايد دعمها من 300 ألف دولار إلى 100 مليون دولار بفضل المال الخليجي والأوروبي، وحصلت المنظمة على 4.5 مليون دولار من هولندا، و4.5 مليون دولار من ألمانيا، و3.2 مليون دولار من الدنمارك، وحصلت على المعدات وتجهيزات أخرى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وقام ميزوريير بجمع المال والدعم. وصرح هو بنفسه بمسؤوليته عن الإشراف على تدريب أول مجموعة من أصحاب الخوذات البيضاء في تركيا، من خلال مدربين أمريكيين وبريطانيين.
وحصلت الجماعة على ما يزيد عن 150 مليون دولار أمريكي قبل فبراير/ شباط 2018.. وتضم المنظمة حوالي 120 مركزاً في ثماني محافظات سورية واقعة تحت سيطرة الإرهابيين، وآلاف الأعضاء أغلبهم من الجهاديين الإرهابيين، عملوا منذ تأسيسها في عام 2013، وتدربوا في تركيا، وتقدم لهم الهبات السخية من كثير من المؤسسات الغربية، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية التي تبرعت لهم بـ60 مليون دولار وتم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.

مسرحية أمريكية
ومع كل الشبهات حولها، بل والقرائن التي لا تخفى على أحد، فإن هناك صورة وردية تحاول الجهات المعادية للدولة السورية وحلفاؤها رسمها لها كجماعة إنسانية تستحق التقدير، بينما هذه في الحقيقة ليست إلا واحدة من المسرحيات الأمريكية المضللة للعالم، فهي عبارة عن مجموعات إرهابية مدعومة من الولايات المتحدة التي تقود هذه الحرب الإجرامية ضد سورية، هدفها ومصالحها الرئيسية التي لأجلها تم تمويلهم بعشرات الملايين من الدولارات تتلخص في التلاعب بالقلوب والعقول من أجل دعم المجموعات المسلحة المدعومة من الغرب، وليس من أجل إنقاذ الأرواح أو إحلال السلام في سوريا.
 وقد تطرق الدكتور بشار الجعفري، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، في جلسة مجلس الأمن التي عقدت مؤخراً بشأن سوريا، للحديث عن عمل هذه المنظمة الإرهابي في سوريا، مستشهداً بصورٍ لمن يطلق عليهم لقب (الأبطال ودعاة السلام)، عرضها أمام الحضور تكشف أن من يدعي أنه ينقذ الضحايا في النهار هو نفسه من أطلق عليهم صاروخاً في الليل.. وحسب تقارير فإن خبراء أكدوا أن (الخوذات البيضاء) هي اليد الطولى للمخابرات البريطانية (إم آي 6) في سوريا، وأن هذه الجماعة تضم عناصر مخابرات من دول أخرى، ما يعني أنها في الحقيقة عبارة عن شركة للعمليات المشتركة بين أمريكا والغرب وعمالهم الخليجيين.
وما أعضاء هذه المجموعة الذين يظهرون في صور الفيديو على أنهم ينقذون الناس من بين الحطام إلا طلائع متقدمة لعمليات الإرهابيين، ولاسيما لـ(جبهة النصرة).
وسبق أن أكدت العديد من التقارير أن مجموعة ما يسمى (الخوذات البيضاء) الممولة بريطانياً وأمريكياً ليست سوى أداة للترويج لاتهامات ومزاعم باطلة بحق الجيش العربي السوري. واتهمت بأنها تقف وراء الهجوم الكيميائي على بلدة خان شيخون.
وتكشف صور وتعليقات للعديد من عناصر (الخوذات البيضاء) نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حقيقة انتمائهم إلى المجموعات الإرهابية، وأنهم ليسوا كما يدعون (منظمة إنسانية)، بل عبارة عن غطاء لتقديم العون للإرهابيين كذراع إرهابي آخر أوجده الغرب في سوريا.
وقد لعبت (الخوذات البيضاء) دوراً رئيسياً في مؤامرة توجيه ضربة للجيش السوري، لتبين حقيقة وجودها التدميري للدولة السورية وأنها أداة ضمن خطط الاستعمار الجديد، فقد قدمت ما يسمى (أول دليل) على هجمات الأسلحة الكيميائية وغيرها كذريعة للتدخل ضد الجيش السوري.

حقيقة أعمالها 
وكانت منظمة غربية (southfr ont.org) تعنى بكشف الحقائق قد نشرت على موقعها الالكتروني صوراً من موقع (تويتر) لأصحاب (الخوذات البيضاء) وهم يمارسون الإرهاب ليلاً. وتظهر الصور رجلاً يعمل في المنظمة خلال النهار وهو يحمل سيفاً متجهزاً لقطع الرؤوس باسم الدين، ثم نفس الشخص يقف أمام سيارة إسعاف في ضوء النهار، وأخرى وهو يحمل كاتيوشا على كتفه في صورة مقابلة. 
 وآخر يعمل متطوعاً في المنظمة ويرمي جثث المدنيين في حاوية القمامة.
والجماعة لا تتواجد إلا في المناطق السورية التي تحتلها تنظيمات الإرهاب، كما تقدم المساعدات الطبية للجماعات الإرهابية وتتعاون معها في مسائل إرهابية خطيرة حسب معلومات.. وقد فضحت تسجيلات الفيديو حقيقة عمل هذه المنظمة، فعلى سبيل المثال يُظهر مقطع فيديو التقط أثناء قيام جبهة النصرة بشن هجمة شعواء في شهر مارس/ آذار 2015، عناصر من أصحاب (الخوذات البيضاء) يعتدون على المدنيين بالضرب بالتنسيق مع عناصر جبهة النصرة. ويُظهر مقطع فيديو آخر عناصر من (الخوذات البيضاء) يحتفلون مع عناصر جبهة النصرة بـ(الانتصار) في الساحة الرئيسية لمدينة إدلب.
وهناك مقاطع فيديو تسلط الضوء على مشاركة عناصر (الخوذات البيضاء) في تنفيذ حكم الإعدام على ضحايا، والتي ينشرها أعضاء منظمة (الخوذات البيضاء) بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وثمة صور ومقاطع فيديو كثيرة تُظهر عناصر منظمة (الخوذات البيضاء) يحملون السلاح أو يقفون وسط المجموعات المسلحة.
ويُظهر أحد مقاطع الفيديو التُقِط في محافظة درعا في يونيو/ حزيران 2017، سير أحد عناصر منظمة (الخوذات البيضاء) على الجثث الممزقة لجنود الجيش السوري الموضوعة في صندوق سيارة شحن.
ويُظهر الفيديو نفسه المسلحين الموجودين قرب السيارة يلوّحون بالرأس المقطوع. ولا يربك هذا المشهد أحد عناصر منظمة (الخوذات البيضاء) ينتشل العلم السوري من تحت الجثث ويرميه على الأرض.
وكشفت منظمة (أطباء سويديون لحقوق الإنسان) أن من يسمون أنفسهم منقذين ومتطوعين من (الخوذات البيضاء) لم ينقذوا الأطفال السوريين، بل على العكس قاموا بقتلهم. فالمقاطع المسجلة التي تظهر معاناة أطفال سوريين نتيجة (هجوم كيميائي) مفترض، تظهر (المنقذين) يقومون بحقن الطفل بالأدرينالين في منطقة القلب بواسطة حقنة ذات إبرة طويلة، مع العلم أن الإسعاف الأولي لمصابي الهجوم الكيميائي لا يتم بهذه الطريقة. ويظهر الفيديو بعد التدقيق عليه عدم قيام المسعفين بالضغط على مؤخرة الحقنة في مقطع الفيديو المسجل، وهذا يعني أنهم لم يقوموا بحقن الطفل بالدواء أصلاً.
ولم تعبر المصادر الرسمية والإعلامية الغربية عن استنكارها لتلك الوقائع، بل على العكس فقد منحت (الخوذات البيضاء) جائزة أوسكار، وتم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
وكانت هذه المنظمة قد حظيت بتلميع إعلامي تمثل بإطلاق شبكة (نيتفليكس) الأمريكية مؤخراً فيلماً وثائقياً يهدف إلى رفع فريق الخوذات البيضاء إلى مستوى نجوم هوليوود. وقد علق على ذلك الرئيس السوري بشار الأسد بنفسه، وقال: (علينا أن نهنئ النصرة على حصولها على أول أوسكار، هذا حدث غير مسبوق في الغرب، أن يتم منح القاعدة جائزة أوسكار، أمر لا يصدق).
وليست من قبيل المصادفة ولكن (المراكز الإنسانية) التابعة لمنظمة (الخوذات البيضاء) تقع دائما قرب قواعد (النصرة)، والذين يتلقون العلاج في مستشفياتهم معظمهم عسكريون وليسوا مدنيين حسب شهود مدنيين سوريين، كما استخدمت الجماعة أحياناً المباني نفسها التي تتواجد فيها (النصرة) وتنظيمات الإرهاب الأخرى.
كذلك فإن (الخوذات البيضاء) عادة ما تكون أول الحاضرين بعد وقوع الانفجارات الإرهابية التي تنسب لطائرات الجيش السوري ثم توثق بشكل سينمائي دعائي مشاهد الموت والدمار، مزورة أعمالاً بطولية لأعضائها في مساعدة الضحايا وإخراجهم من تحت الأنقاض.
كذلك فإن فضيحة تزوير قصة الطفل السوري (عمران) الذي اشتهرت صورته بشكل كبير وهو مضرج بالدماء على كرسي سيارة الإسعاف أيام معركة تحرير حلب عام 2016 قد عرت (الخوذات البيضاء)، فبعد تحرير حلب قام والد (عمران) بشرح القصة الحقيقية، وقال في مقابلة تلفزيونية إن المبنى الذي كان يسكن فيه مع عائلته تعرض لانفجار لم يعلموا سببه، ثم ظهر بعدها ذوو القبعات البيضاء وهم دائماً يكونون أول الحاضرين بعد وقوع الانفجارات، وصوروا ابنه دون علمه، وأنه رفض الإدلاء بأي تصريح قبل معرفة سبب الانفجار، الأمر الذي رفضه ذوو الخوذات البيضاء، وقال والد عمران إنه لاحظ أن عملهم لا يمت للإنسانية بصلة فهو يهدف للاستثمار واستغلال دماء السوريين ومعاناتهم التي تسببت بها (الخوذات البيضاء) وحليفاتها من الجماعات الإرهابية.