استطلاع:  أحمد الشريفي / لا ميديا

تطفو على سطح المجتمع مجموعة من السلوكيات، قد تكون عفوية وتلبي رغبات من يقومون بها، إلا أنها في نهاية المطاف أصبحت سلوكاً يتطور ويصبح سمة من سمات المجتمع..
واحدة من السلوكيات التي أصبحت ركيزة أساسية في الأسواق الشعبية اليمنية، هي الميكرفونات الدعائية أو الإعلان عن البضاعة عبر الميكرفون، والذي غالباً ما يكون قد تم فيه تسجيل كلمات الترويج مسبقاً، ويظل يرددها الميكرفون بشكل تلقائي حتى نهاية الدوام..
أحببنا إجراء استطلاع حول نظرة المجتمع لهذه الظاهرة، وبشكل عشوائي، وخرجنا بالحصيلة التالية: 
في البداية تحدث عمار علاية (صيدلي) أن المشكلة ليست في الميكرفون، وإنما في نوعية البضاعة، فغالباً يتم الترويج للبضاعة المنتهية أو التي قربت على الانتهاء، وهذه هي المشكلة.
صالح نصاري، أحد البساطين ممن يستخدمون الميكرفون للترويج لبضاعته، يقول: أنا أروج لسم الفئران وأستخدم الميكرفون لتنبيه الذين يمشون بجواري إلى المنتج، فغالباً يحتاج الناس لسم الفئران، لكنه ليس في بالهم، وعندما يسمعون الميكرفون يأتون إلي لشراء سم الفئران. كان بجواره عبد الرحمن الأكحلي، الذي يبيع مبيض الأسنان، وقد شاطره الرأي بأن المسألة لا تعدو أكثر من تنبيه وتذكير الزبائن.
أما الطالب هيثم المناري فيقول: استخدام الميكرفون أسلوب وسلوك غير حضاري، ودائماً نحن اليمانيين نخلق الفوضى والإزعاج لأنفسنا، ونبتعد يومياً عن تنظيم حياتنا بشكل راقٍ، كأننا لا نتكئ على إرث حضاري، وأول من علم المجتمعات الأخرى المدنية الراقية، وما شبام وناطحاتها إلا خير دليل، لكني أتساءل: لماذا نتحرك الى الوراء وبشكل سلبي؟!
محمد الدودحي (مواطن)، تختلف وجهة نظره عن هيثم، إذ يرى استخدام الميكرفون نوعاً من أنواع الترويج للبضاعة، ويجب أن نشجع الناس على الالتحاق بالأعمال، مؤكداً أن من حق هذا البسَّاط أن ينادي باسم منتجه، وأن ما يبيعه أقل ثمناً عن غيره من البائعين، وبذلك يجلب الزبائن ويطلب الله، حد تعبيره.
الطالبة الجامعية سهى صالح، لا يختلف رأيها عن رأي محمد، ولكنها تطالب بتنظيم الأسواق التي تعتمد على الميكرفونات، وتكون معروفة، فالذي يذهب إليها يكون مبرمجاً ومستوعباً أن هناك إزعاجاً، فيشتري حاجاته ويذهب. لكن أن تكون في كل الأسواق سواء شعبية أو غيرها، فهذا معيب وسلوك يعبر عن التخلف، بحسب رأيها.
فيما وسام فاضل يعتقد أن الميكرفونات ناتجة عن محاولة للترويج، لكن كونها بسطات صغيرة لا تستطيع دفع تكاليف إعلان بالإذاعة أو التلفزيون، قام أحدهم باستخدام الميكرفون للفت الأنظار لما يقوم ببيعه، من ثم أصبحت ظاهرة تناسلت بشكل مخيف ومزعج للحد الذي لم يعد أي شخص يفكر في إنشاء بسطة إلا ويكون الميكرفون ضمن الموازنة التي يقرها لتنفيذ مشروعه الصغير..
من جهته، توفيق الجوفي (طالب علم الاجتماع) يرجع السبب لأمرين؛ الأول أن الشعب اليمني يحب الابتكار، وهذا ابتكار للترويج، والثاني شعب يحب السرعة وليس لديه سعة صدر، ويتخيل أن الميكرفون يعجل أو يسرع من عملية البيع. ويرى توفيق أن هذا نوع من أنواع الإزعاج، وأصبح إزعاجاً مستداماً.
بليغ الشبيبي (مواطن) لم يدلِ برأيه، وإنما وضع تساؤلاً: لماذا لا تقوم الدولة بابتكار حل وسطي لهذه الظاهرة، أي لا تقوم بمنع الباعة أو المحرجين لبضائعهم، ولا تترك الأمر فوضى؟
رياض الدبيلي تتمحور وجهة نظره في الموافقة على تلك الميكرفونات بالأسواق الشعبية، كونها (طلبة الله)، حسب قوله، لكنه يرفض أن يكون هناك محرجون عبر الميكرفون متجولون بالحارات السكنية، فهذا يسبب إزعاجاً ومنظراً غير حضاري، فهناك مرضى، وهناك أحياء هادئة، فيأتي أصحاب العربيات المتجولون ويسببون نوعاً من أنواع الإزعاج..
خلاصة القول: لكل مجتمع تقاليد وعادات، إلا أن بعض التقاليد، خصوصاً الحديثة منها، ليست سلوكاً حضارياً، وميكرفونات الباعة صحيح أنها نوع من أنواع الترويج، لكنها في الوقت نفسه مصدر من مصادر الإزعاج..