علي نعمان المقطري / لا ميديا-

هل ابتدأت الآن معارك التحرير اليمني جنوباً انطلاقا من الضالع لتحرير الجنوب اليمني المحتل مجدداً؟
الحقيقة هي أن معارك التحرير لم تتوقف أبداً في أي يوم من الأيام من قبل، فقد تواصلت باستمرار، وإن كانت بأشكال ومظاهر مختلفة وفي ساحات أخرى مختلفة.. في الطور الجديد من العدوان كل المعارك التي تتفجر الآن تدور حول محور رئيسي واحد هو الجنوب، والرهان على الجنوب هدفه الفوز بنفط الجنوب وثروات الجنوب من أجل السيطرة على سواحل الجنوب وعلى ثروات الجنوب والمواقع الجنوبية الاستراتيجية الهامة.
 محورية الجنوب في الاستراتيجية العدوانية
كل المعارك الحالية، رغم تعدد واختلاف ساحاتها وتباعدها، كلها تصب في نهاية المطاف في محور الجنوب، والجنوب بنفطه وثرواته ومواقعه الاستراتيجية هو الجائزة التي يراهن عليها جميع أطراف العدوان. 
الغاية الكبرى للاحتلال كانت ومازالت هي اقتطاع الجنوب من الجسم اليمني، سلخه وقضمه وتمزيقه وتقاسمه من قبل الضواري الاستعمارية الدولية والإقليمية.
سعي العدوان لاحتلال حقول النفط وصحاراه وبحاره وسواحله وسهوله هو الغاية المقدسة الكبرى للحرب الاستعمارية الجارية.
وتحت رمال الجنوب وحده دون الشمال، حسب دراسات وأبحاث المراكز الأمريكية العلمية، يتواجد ما نسبته أكثر من ثلث النفط العالمي المخزون في باطن الأرض. وتؤكد الاكتشافات النفطية الدولية أن الجنوب يحتوي على أكثر من 6 مليارات طن من النفط، تتركز في محافظتي شبوة وحضرموت، إضافة إلى مخزون هائل من الذهب. وإلى جوار المناطق النفطية الجنوبية في شبوة وحضرموت توجد حقول النفط العملاقة في مأرب والجوف والربع الخالي وكلها مناطق صحراوية تقع على امتداد المناطق المحتلة الواقعة تحت الاحتلال السعودي في نجران والربع الخالي، والوديعة وشرورة التي سطت السعودية عليها خلال الثلاثينيات والستينيات من القرن الماضي.
وبهذا تطمح قوى العدوان السعودي ـ الأمريكي أن تسيطر سيطرة تامة على الثروة النفطية اليمنية بكاملها وبكل مصادرها وحقولها عبر السيطرة أولاً على الجنوب واحتلاله وإلحاق مارب والجوف به.
حرب الثلاثينيات
حرب الثلاثينيات السعودية البريطانية كان خلفها إرادة بريطانية لكسر الحكم الوطني في صنعاء وثنيه عن مواصلة دعم الحراك الوطني في الجنوب. وبالمقابل خلقت بريطانيا وأجهزتها المعارضة السياسية في الشمال استناداً إلى الإخوان والوهابية وبقايا مشايخ الإقطاع العثماني.
لقد أدركت بريطانيا حجم الثروات المتوفرة في الجنوب والشمال الشرقي نفطياً وغازياً وجيولوجياً، وأنها تتركز في المناطق الجنوبية الشرقية لليمن كمنطقة واحدة، ولذلك حرضت كيانها الوهابي شمالاً على مهاجمة الشمال واحتلال المحافظات الشمالية بدعم وتمويل مباشرين من بريطانيا وأمريكا، وشاركت بأساطيلها في احتلال الحديدة وقصفها بالمدافع والطائرات.
وقد كانت حروب السعودية على اليمن في الثلاثينيات والستينيات والسبعينيات هي حروب نيابة عن البريطاني والأمريكي، ومازالت إلى اليوم تشن علينا الحروب نيابة عنهما لأجل الحصول على النفط ونهبه والسيطرة على كافة المقدرات الوطنية اليمنية.

مذبحة تنومة 1924
كانت مذبحة تنومة حلقة في سلسلة الاستفزازات البريطانية الوهابية للحرب انتقاماً من الحكم الوطني في صنعاء كرد فعل على سياسته التحررية المعادية لبريطانيا، وهي أول مناورة إرهابية تكفيرية تقدم عليها الوهابية الاستعمارية بغطاء طائفي لتضفي عليها غطاء مذهبياً مصطنعا، وادعى عبد العزيز بن سعود حينها أن مرتكبيها خارجون على سلطته، وكانت القطعان المسلحة للوهابية في عام 1924 تُدار بقيادة الضباط البريطانيين أمثال جون فيلبي أو الحاج عبدالله فيلبي البريطاني الصهيوني المعروف.

انقلاب 5 نوفمبر 1967 والجنوب
لم يكن انقلاب السعودية في 5 نوفمبر 1967 في صنعاء، إلا بعد أن بدأت بريطانيا الرحيل عن عدن والجنوب وشرعت في التفاوض مع الأطراف الجنوبية لتسليم البلاد لها بعد أن أقرت بخسارتها في الحرب ضد الاستقلال الوطني ونجاح الثورة الشعبية المسلحة في السيطرة على أغلب المحافظات، وكان انقلاباً جريئاً بدعم وتمويل وتخطيط سعودي ـ أمريكي ـ بريطاني ـ مصري مشترك هدفه المحوري الرئيسي هو اسقاط الجنوب عسكرياً وسياسياً في أحضان السعودية عبر تجنيد مرتزقة الشمال الشرقي والجنوب لتفرض على دولة الاستقلال الناشئة حروب استنزاف متواصلة دون انقطاع.. وكانت هذه هي المهمة الرئيسية التي أوكلتها إلى نظامها التابع في صنعاء مقابل الدعم المالي السخي المفتوح، وهو نظام الإرياني وابن الأحمر والنعمان وسنان أبو لحوم والحجري وعبدلله الاصنج وحسن العمري، الذي كان يسيطر عملياً وفعلياً على المناطق النفطية للشمال في مأرب والجوف بواسطة عملائها من شيوخ القبائل المحلية الذين أقرت لهم مرتبات شهرية وألحقتهم في كشوفات اللجنة الخاصة العسكرية والأمنية السعودية ليبقوا بعيدين عن سلطة العاصمة اليمنية صنعاء ليتسنى لها مواصلة نهب الأراضي الحدودية اليمنية برعاية أولئك المرتزقة الذين يتسلمون المرتبات منها ويسلمون لها السيادة الوطنية... 
يتبع