ترجمـة خاصة : محمد إبراهيم زبيبة -

بقلم:آرون مـيرات 
تشن السعودية، لأكثر من أربع سنوات، حملة جوية وحشية على اليمن أدت إلى مقتل آلاف اليمنيين، وجرح مئات الآلاف وتشريد الملايين، وخلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم. والكثير من عمليات القتل هذه سببها الأسلحة البريطانية، فاليمن تتعرض للقصف بقنابل بريطانية بشكل يومي، تلقي بها الطائرات البريطانية التي يقودها طيارون مدربون في بريطانيا، كذلك ويقوم بصيانتها وإعدادها داخل السعودية الآلاف من المقاولين البريطانيين.

ووفقاً للأمم المتحدة، استهدف التحالف العسكري السعودي، الذي يضم الإمارات والبحرين والكويت، المدنيين بطريقة منتظمة وواسعة النطاق، واستهدف المستشفيات والمدارس وحفلات الزفاف والجنائز، وحتى مخيمات النازحين الهاربين من القصف.
لقد تعاقدت السعودية، في حقيقة الأمر، وفيما يخص أجزاء حيوية من حربها ضد حركة الحوثيين اليمنية, مع الولايات المتحدة وبريطانيا. إلا أن بريطانيا لا توفر لهذه الحرب الأسلحة فحسب، بل تقوم أيضاً بتزويد المملكة بالأفراد والخبرات اللازمة لاستمرارها، فقد قامت الحكومة البريطانية بنشر أفراد من سلاح الجو الملكي البريطاني للعمل كمهندسين، ولتدريب الطيارين السعوديين ومحددي الأهداف، في حين تلعب شركة "بي إيه إي سيستمز" (BAE Systems))، أكبر شركة أسلحة بريطانية، دورًا أكبر، حيث إن الحكومة البريطانية تعاقدت معها لتوفير الأسلحة، والصيانة، والمهندسين داخل السعودية.
قال لي جون ديفريل، أحد كبار الموظفين السابقين والملحق العسكري للسعودية واليمن: "إن القادة السعوديين يعتمدون كلياً على شركة (بي أي إي سيستمز)". 
وكذلك بحسب ما صرح به أحد موظفي الشركة بشكل أكثر وضوحاً على القناة الرابعة: "لن يستطيعوا القيام بها دوننا. فإن لم نتواجد هناك، لخلت السماء من المقاتلات خلال 7 - 14 يوماً". 
إن القنابل البريطانية التي تنهمر على اليمن يتم إنتاجها في ثلاث مدن: جلينروثس في أسكتلندا، وهارلو وستيفن إيج في جنوب شرق إنجلترا. ويتم تصنيعها من قبل شركتي "بي إيه إي سيستمز" و"ريثيون" فرع بريطانيا، وهما شركتان تعاقدت معها الحكومة لتصنيع قنابل بيفواي Paveway  (22,000 جنيه إسترليني للواحدة)، وقنابل بريمستون (105,000 جنيه إسترليني للواحدة)، وصواريخ كروز من نوع ستورم شادو (790,000 جنيه استرليني للواحدة) لبيعها للقوات الجوية السعودية. وتقوم شركة "بي إيه إي" أيضاً، بموجب عقد حكومي، بتجميع الطائرات التي تتزود بهذه القنابل في هناجر خاصة تقع خارج قرية وارتون في مقاطعة لانكشاير.
ولا ينتهي دور بريطانيا بمجرد وصول هذه الأسلحة إلى السعودية. فالجيش السعودي يفتقر إلى الخبرة في استخدام هذه الأسلحة لخوض حرب جوية متواصلة، ولهذا فإن "بي إيه إي"، بموجب عقد آخر مع حكومة المملكة المتحدة، توفر ما يعرف باسم "خدمات داخل البلد". وهذا، عملياً, يعني أن حوالي 6,300 متاعقد بريطاني يتمركزون في قواعد العمليات الأمامية في السعودية؛ وهناك يقومون بتدريب الطيارين السعوديين، وبإجراءات الصيانة الأساسية ليلاً ونهاراً للطائرات المهترئة نتيجة قطعها لآلاف الأميال عبر الصحراء السعودية إلى أهدافها في اليمن. كما أنهم يقومون بالإشراف على الجنود السعوديين في تحميل الطائرات بالقنابل وتجهيز صواعقها.
ويعمل حوالي 80 فرداً من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني داخل السعودية، حيث يعملون في بعض الأحيان لصالح "بي إيه إي" للمساعدة في صيانة وتجهيز الطائرات. وفي أوقات أخرى، يعملون كمدققين للتأكد من أن "بي إيه إي" تفي بالتزاماتها المتعاقد عليها مع وزارة الدفاع. ويعمل "ضباط اتصال" إضافيون (غير الثمانين) داخل مركز القيادة والتحكم، والذي يتم فيه اختيار الأهداف في اليمن.
لم يحدث يوماً أن حسمت الطائرات وحدها حرب عصابات. كما أن التأييد الشعبي للحوثيين لم يتأثّر، بل تم تأجيجه خلال سنوات بالقصف السعودي. ولمواجهة هذا الواقع، قررت السعودية في العام الماضي نشر قوات برية كبيرة على الحدود. وهنا أيضًا، انضم البريطانيون إلى المهمة، فقد تم في مايو 2018، إرسال عدد غير معروف من القوات البريطانية إلى اليمن لمساعدة القوات البرية السعودية. ومنذ ذلك الحين والصحف تنشر تقارير تتحدث عن إصابات لأفراد من القوات الخاصة البريطانية خلال مواجهات مباشرة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وبموجب القانون البريطاني، يُحظر إصدار تراخيص لتصدير الأسلحة التي قد تستخدم بتهور أو بشكل متعمد ضد المدنيين، وبمعنى آخر تنتهك القانون الإنساني الدولي.
توجد أدلة دامغة على انتهاك السعوديين للقانون الإنساني الدولي بشكل صارخ. ورغم هذا، تقتصر إجابات الوزراء المحافظين للأسئلة التي تثار في البرلمان عن دور بريطانيا في الفظائع التي تحدث في اليمن، تقتصر على ثلاثة ردود معتادة:
1- إن بريطانيا تدير "واحدة من أقوى أنظمة تصدير الأسلحة في العالم". 
2- إنه وفي حين أن بريطانيا تقوم بتسليح السعودية، لا تختار الأهداف في اليمن.
3- إن التحالف السعودي يقوم بالتحقيق فعلاً في انتهاكاته المزعومة للقانون الإنساني الدولي.
لكن الواقع الدامي تجاوز هذه الإجابات، فالحقيقة أن النزاع باستمراره قد زاد من عدد القتلى المدنيين بشكل مطرد. ووفقًا للاري لويس، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية الذي تم إرساله إلى السعودية في عام 2015 كمحاولة للحد من الإصابات بين المدنيين، تضاعفت نسبة الضربات التي يشنها طيران التحالف السعودي ضد المدنيين بين عامي 2017 و2018.
إن حجة الحكومة البريطانية في أنها لا تختار الأهداف في اليمن لا تختلف عن منطق لوبي السلاح الأمريكي بجملته الشهيرة: ليس السلاح من يقتل الناس، بل من يستخدمه.
ومنذ العام 2016، قامت عدة الدول بإلغاء أو إيقاف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، من ضمنها النمسا وبلجيكا وألمانيا وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا. لكن بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين تشكل طائراتهما العمود الفقري للأسطول السعودي، لا تزالان تتشبثان بذلك.
لكن هذا قد يتغير قريباً، حيث إن ثلاثة من كبار القضاة في بريطانيا ينظرون حالياً في مدى قانونية ترخيص الحكومة لبيع الأسلحة -البالغة قيمتها مليارات الجنيهات- للقوات الجوية الملكية السعودية. وقد يجبر حكم محكمة الاستئناف، المتوقع صدوره هذا الأسبوع، الحكومة على تعليق التراخيص التي تبقي على تدفق القنابل وقطع الغيار إلى السعودية، والذي بدوره سيؤدي إلى توقف نصف أسطول السعودية في غضون أسابيع.
وقد يقرر القضاء في الوقت الحالي الحد من قدرة بريطانيا على مساندة حرب السعودية الجوية المشؤومة والمدمرة. وقد تقرر الحكومتان البريطانية والسعودية أيضًا إرسال المزيد من المساعدات لمساعدة الـ24 مليون يمني المعتمدين حالياً على صندوق الإغاثة التابع للأمم المتحدة الذي ينقصه التمويل. إلا أن هذا لن يعيد لجيل من اليمنيين عائلاتهم ومنازلهم وتعليمهم ومصادر عيشهم التي فقدوها جميعاً.
في رحلة إلى اليمن عام 2016، زار النائب المحافظ أندرو ميتشيل مدرسة في العاصمة، وقال عنها إن بناءها قد تم بمساعدة بريطانية، وتدميرها، على الأرجح، تم بقنبلة بريطانية. وأخبرني في مكتبه في وستمنستر مستذكراً: "لقد سألت مضيفي عمّا كان يردده الأطفال، فترجم لي بأنهم يرددون "الموت للسعودية الموت لأمريكا، مضيفاً أنهم من باب الاحترام لزيارتي قد حذفوا الشطر الثالث".
وفي 27 مارس 2015، بعد يوم واحد من سقوط القنابل الأولى على اليمن، أخبر وزير الخارجية فيليب هاموند المراسلين الصحفيين أن بريطانيا "ستدعم السعوديين بكل طريقة عملية دون الانخراط في القتال". وكان هذا تصريحاً غير دقيق.
لقد قامت شركتا "بي إيه إي" و"راثيون" بتسريع عمليات الإنتاج لمواكبة عمليات القصف السعودي. ويصعب تحديد عدد القنابل التي أرسلتها بريطانيا إلى اليمن، كون الحكومة قد منحت في عامي 2013 و2014  شركة "بي إيه إي" ثلاثة تراخيص تصدير خاصة تسمح لها ببيع عدد غير محدود من القنابل إلى السعودية دون الحاجة للكشف عن عدد القنابل المباعة. ونتيجة لذلك، بقي حجم برنامج إعادة التسليح البريطاني غامضاً. ولكن حتى دون هذه التجارة السرية فإن الصادرات العسكرية البريطانية إلى الرياض تضاعفت 35 مرة خلال عام واحد، من 83 مليون جنيه إسترليني في عام 2014 إلى 2.9 مليار جنيه إسترليني في عام 2015.
إن الدولة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم تستطيع شراء السلاح، لكنها تفتقر منذ نشأتها إلى المهارات والقوة البشرية اللازمة لنشرها. أحد المسؤولين المتقاعدين في وزارة الدفاع تحدث مازحاً بأنه في الماضي تم اختيار جميع الطيارين في المملكة من عائلة الملك المباشرة، كونهم "وحدهم من يمكن الثقة بهم في عدم إسقاط قنبلة على القصر الملكي".
لقد لعب الأفراد البريطانيون، ولا يزالون، دورًا رئيسيًا في منع فتور الضربات الجوية، حيث إن المتعاقدين الحكوميين، بحسب ما قاله موظف سابق في "بي إيه إي" للقناة الرابعة، يقومون بحوالي 95? من المهام الضرورية لخوض الحرب الجوية، وهو تقدير أكده لي مسؤول بريطاني كبير سابق عمل في السعودية خلال الحرب الجوية.
ويوجد داخل قواعد العمليـــــات الأمـــــاميـــــة السعـــــــوديـــة الآلاف مـــــــــــن المقـــــــــاولــــين البريطانيين الذين يعملون من أجل استمرار آلة الحرب، فيقومــــون بتنســــيق توزيع القنابل وقطع غيار الطائرات، وضمان توفير الظروف المناسبة لمستودعات الأسلحة (درجة الحرارة، الرطوبة... الخ)، ويتناوبون لضمان إرسال القنابل في الوقت المناسب لشن غارات جديدة. وإلى جانب أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني، يقوم المقاولون البريطانيون بتدريب الطيارين السعوديين على شن غارات خطرة في الجبال الشمالية الوعرة في اليمن وعلى مدنها. كما أنهم يديرون أنظمة الطيران والرادار لضمان وصول الطائرات السعودية من وإلى أهدافها، ويقومون بإجراءات الصيانة المعقدة للطائرات اللازمة لإبقائها محلقة فوق اليمن.
وتحرص الحكومة البريطانية على تأكيد أن ليس لها دور في عمليات الاستهداف، وتصر على أن السعودية هي وحدها التي تختار الأهداف في اليمن. لكن لا يوجد خلاف حول حقيقة أن المقاولين البريطانيين يمكّنون السعودية من الوصول إلى أهدافها، وأن بريطانيا تدرك جيدًا طبيعة هذه الأهداف.
أخبرني الخبير في شؤون الخليج العسكرية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مايكك نايتز، الذي زار قاعدة خميس مشيط الجوية مرتين منذ بداية الحرب، أن السعودية قامت "من هذا المطار بشن حملة جوية من القصف المرعب" فوق مدينة صعدة عامي 2015 و2016، "حيث 
لا يمكـن لك أن تصيب أهدافا مدنية أكثر من ذلك". وقال إن القادة العسكـــــــــريين السعـــــوديــــــين "عملوا على قائمة أهـــــداف للبنيــــــة التحتيــــة الوطنيــة كلها، كما فعلنا عام 1991 (في الحرب ضد العراق)، وذلك يعني كل شيء: الرافعات والجسور والوزارات... ومحطات معالجة المياه".
قام مايكل نايتس، وهو خبير عسكري بشؤون الخليج في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بزيارتين منذ بدء الحرب إلى القاعدة الجوية السعودية في خميس مشيط بالقرب من الحدود مع اليمن. وأخبرني أن الطائرات شنت من هذه القاعدة حملة جوية هوجاء شاملة وقصفاً مرعباً على مدينة صعدة في عامي 2015 و2016.
وأضاف: "لقد قاموا بقصف جميع الأهداف المدنية التي يمكنك تخيلها. وضع قادة الجيش السعودي البنية التحتية الوطنية بأكملها ضمن قائمة بنك الأهداف، تماماً كما فعلنا في حرب الخليج عندما قصفت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق عام 1991، أي أنهم قصفوا كل شيء: الرافعات والجسور والوزارات، وكل شيء، حتى محطات معالجة المياه".
وقد انتقدت جماعات حقوق الإنسان التحالف السعودي لاستخدامه ما يسمى بهجمات "الضغطة المزدوجة"، التي يتم فيها إسقاط قنبلة تتبعها أخرى بدقائق معدودة، ليتم بذلك استهداف المسعفين والمدنيين الذين يهرعون إلى موقع الانفجار الأول. وقد استخدمت إحدى هذه الهجمات على قاعة عزاء في صنعاء في 8 أكتوبر 2016، وأسفر عنها مقتل 155 معزياً وجرح ما لا يقل عن 525. وهجوم آخر استهدف حفل زفاف في قرية الوهيجة - قرب باب المندب، في 28 سبتمبر 2015، أسفر عنه مقتل 131 مدنياً. وقال والد العريس، محمد بسيبس، لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان: "كانت الجثث متناثرة بين الأشجار"، مضيفًا أنه لم يعلم أن أمه قد ماتت إلا عندما رأى ساقها المقطوعة، التي تحمل علامة يعرفها، وتساءل مستنكراً: "لماذا يهاجموننا؟! لا يوجد شيء هنا، لا معسكرات ولا حتى مركز شرطة!".
وأخبرني المسؤول البريطاني السابق أنه كان منذهلاً من مدى الاستهتار السعودي. حيث قال: "وهذا ما كان يحصل دائما. نكون جالسين لتناول طعام الغداء ويقوم يمني (من الحكومة في المنفى) بإرسال رسالة (واتساب) فيها مؤشر على خرائط (غوغل) يقول فيها إنه سيكون هنا حوثيون، وعلى ذلك الأساس تم شن غارات كثيرة دون أي تحقق مهما كان".
ووصف مستشار وزارة الخارجية لحماية المدنيين، لاري لويس، معايير الاستهداف السعودية بـ"الفضفاضة إلى درجة كبيرة". وأضاف قائلاً: "لدينا، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إجراءات رسمية للغاية في اختيار أهداف الغارات الجوية، لكن هذا التحالف لا يستخدمها... عندما تكون عشوائياً، فإن الأمور السيئة ستحدث".
ويقول لويس إنه في سبتمبر 2016 -قبل أسابيع قليلة من قصف صالة العزاء- نقل مخاوفه إلى قائد القوات المسلحة السعودية، قائلاً لي: "لقد وضعت له كل الأشياء الممكنة للحد من إيذاء المدنيين، لكنه بدا لي غير مهتم على الإطلاق.. فلم يرد". وفي يوليو الماضي، أصدر ولي العهد محمد بن سلمان مرسومًا ملكيًا "بالعفو عن جميع الأفراد العسكريين المشاركين في عملية إعادة الأمل من العقوبات العسكرية والتأديبية".
بعد أن أدركت السعودية أنه ليس بإمكانها هزيمة الحوثيين بالضربات الجوية وحدها، قامت بشن حرب برية في شمال اليمن، أدخلت فيها آلاف الجنود السعوديين ومجموعة كبيرة من المقاتلين اليمنيين والأجانب، والقوات الخاصة البريطانية.
وقال لي مسؤول دبلوماسي بريطاني كبير إن قرار الموافقة على دعم عسكري للسعودية تم بعد لقاء في لندن بين وزراء بريطانيين وابن سلمان خلال زيارته إلى المملكة المتحدة في آذار/ مارس 2018، وعندما قابل الملكة، ووقع مذكرة تفاهم لشراء 48 طائرة أخرى قيمتها 10 مليارات جنيه إسترليني.
وبالرغم من عدم الاعتراف الرسمي بتواجد القوات الخاصة البريطانية في اليمن، إلا أن ذلك سر مكشوف في الدوائر العسكرية. وأخبرني مصدر دبلوماسي بريطاني رفيع أن قرار الموافقة على المساعدة العسكرية للسعودية تم بعد لقاء في لندن بين وزراء بريطانيين وابن سلمان خلال زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة في مارس 2018، التي قابل خلالها الملكة ووقع مذكرة لشراء 48 طائرة أخرى قيمتها 10 مليارات جنيه استرليني لتحديث أسطوله الذي مزقته الحرب.
وبعد ذلك بشهرين، في 23 مايو 2018، أصدر بوريس جونسون، وزير الخارجية آنذاك، بيانًا صاغه بعناية والتزم فيه بإرسال عدد غير معلوم من قوات المملكة المتحدة لتقديم "المعلومات والمشورة والمساعدة" من أجل "تخفيف" خطر الصواريخ الحوثية على المملكة السعودية.

وترفض حكومة المملكة المتحدة تأكيد أو نفي نشرها قوات داخل اليمن. ففي أبريل، عندما سئُلت في البرلمان عن المزاعم التي قامت بنشرها صحيفة "ذا ديلي ميل صنداي" بخصوص اشتراك القوات الخاصة البريطانية في القتال جنباً إلى جنب مع جنود أطفال مدعومين من السعودية، رد وزير الخارجية مارك فيلد داعياً إلى إجراء تحقيق حول ذلك، بينما رفض تأكيد أي وجود للقوات البريطانية في البلاد.
وفي شهر مارس من هذا العام، احتفل وزير الخارجية، جيريمي هانت، بالذكرى الرابعة لتدخل السعودية في اليمن، في دفاع جريء عن دور بريطانيا في الصراع. وفي مقال لصحيفة "بوليتيكو"، أصر هانت على أن من غير الحكمة مقاطعة السعوديين، مشدداً بأن سعي بريطانيا للسلام في اليمن يتطلب من الحكومة مواصلة بيع الأسلحة لأحد الأطراف المتقاتلة، محذراً من أننا إن لم نقم بذلك سنخسر نفوذنا وسنخرج أنفسنا من مسار الأحداث في اليمن".
وباختصار، فإن مبيعات الأسلحة البريطانية، بالنسبة لهانت، هي عبارة عن شراء نفوذ لبريطانيا داخل السعودية؛ وهو نفوذ يمكن أن تستخدمه لتحقيق السلام. ويشير هانت -بشكل غير مباشر- إلى وجود "محادثات صريحة" مع نظرائه السعوديين حول حقوق الإنسان، في حين أن الحكومة دافعت عن مبيعاتها من الأسلحة في المحكمة من خلال الإشارة إلى تدريبها "المكثف" للطيارين السعوديين ومحددي الأهداف بغرض التقليل من استهداف المدنيين، وذلك إلى جانب تواجد ضباط الاتصال التابعين لسلاح الجو الملكي البريطاني الذين يعملون داخل مركز العمليات الجوية السعودية "لدعم امتثال السعودية للقانون الدولي الإنساني"