مارش الحسام / لا ميديا -

تشهد أسواق العاصمة صنعاء، وبالذات المراكز التجارية الكبرى وشوارع التحرير وجمال وهائل وحدة، حركة تجارية نشطة للتسوق وشراء مستلزمات العيد من ملابس وأحذية وغيرها.
ولكن تبقى قضية ارتفاع الأسعار، التي تصاعدت بوتيرة عالية بالتزامن مع اقتراب العيد، كابوسا يؤرق المواطن البسيط والموظف معدوم الراتب وتفسد عليهم فرحتهم بقدوم العيد الذي يحل بعد أيام.

طقوس غالية الثمن!
يرى أحد المواطنين ممن التقيناهم في أحد الشوارع وهو بصدد التسوق أن شراء ملابس العيد، بالنسبة له ولأطفاله، من الطقوس التي لا يمكن التراجع عنها، حيث إنه -حسب قوله- ادخر مبلغ 35 ألف ريال منذ عدة أشهر لهذه المناسبة، وبالذات من أجل أطفاله حتى يشعرهم ببهجة العيد.
وأضاف: «الأسعار غالية نار، والمبلغ المدخر لا يكفي لشراء ملابس أولادي، لذا تنازلت عن حصتي من الملابس الجديدة لصالح أولادي، ومع ذلك فالمناورة لم تنفع أمام موجة الغلاء الفاحش، لذلك قررت اختيار أرخص الملابس المعروض للبيع».

بذلة بـ30 ألف ريال
مواطن آخر التقيناه في شارع هائل، قرر اصطحاب ابنه إلى أحد المولات لأخذ قياسه. يقول: «بالأمس ذهبت إلى أحد المراكز التجارية في شارع الستين لشراء ملابس لطفلي، وشعرت بالصدمة من ارتفاع الأسعار مقابل ملابس رديئة الجودة، حيث وجدنا سعر البذلة 30 ألف ريال، فعدنا بخفي حنين، واليوم جئت إلى شارع هائل لعل وعسى أجد ملابس بسعر مناسب».
ويضيف: «زرت أكثر من معرض ولاحظت ارتفاع الأسعار في كل المحلات، بسبب جشع التجار واستغلالهم لمناسبة عيد الأضحى التي يزداد فيها إقبال المواطنين على شراء الملابس، وذلك برفع الأسعار دون مراعاة لمعدوم الدخل أو موظف بدون راتب».

البحث عن الأرخص
صاحب بسطة في شارع هائل، يقول: «الأسعار مرتفعة بشكل كبير بسبب ارتفاع الدولار واستغلال التجار لهذه المناسبة، والأسعار تختلف من محل إلى آخر، وعلى المواطن البحث عن المحل الأرخص».

العيد فرصة التجار
تاجر ملابس رفض ذكر اسمه يقول: «نحن نعاني من ركود طوال أيام السنة، ونعجز عن دفع الإيجارات، بسبب أن المواطن يشتري الملابس في العيد فقط، وتكون الحركة عندنا نشطة فقط في العشر الأواخر من رمضان والعشر الأيام التي تسبق عيد الأضحى، وبعدها نعاني من كساد بقية أشهر السنة».
وأضاف: «لدينا 20 يوماً في السنة، ومع ذلك رفعنا حاجة بسيطة وليس مبلغاً خيالياً، لتعويض الخسائر التي نتكبدها في باقي شهور السنة». وأكد أنه يبيع في الأسبوع الذي يسبق العيد ضعف الكمية التي يبيعها طوال السنة.

الحيتان الكبيرة
تاجر آخر برر ارتفاع الأسعار بزيادة تكاليف الاستيراد وارتفاع سعر الدولار، وجشع كبار التجار المستوردين، مؤكداً أن أسعار الملابس ترتفع في موسمي عيدي الفطر والأضحى بنسبة 50 % عن باقي أشهر السنة بفعل فاعل.
وأضاف: «الحيتان الكبيرة المتحكمة بالسوق هي المسؤولة بدرجة أساسية عن ارتفاع الأسعار في الأعياد، فكبار تجار الجملة والمستوردون ووكلاء الأقمشة يستقبلون مواسم الأعياد برفع الأسعار، مستغلين زيادة الإقبال في هذه المناسبات». وتابع: «الحيتان الكبار يرفعون علينا الأسعار في مواسم الأعياد ونحن بدورنا نرفعها على المواطن».

 تذمر المواطنين
«الأسعار غالية، والبنطلون وصل سعره إلى 6000 ريال»، هكذا عبر أحد المتسوقين عن تذمره من ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن الأسعار ارتفعت بنسبة 60 %.
وقال: «القميص الذي كان يباع قبل شهر بـ2000 ريال يباع اليوم بـ5000 ريال، والبنطلون الذي كان يباع بـ3000 ريال وصل سعره إلى 7000 ريال»، مضيفا: «لا يمكن للمواطن البسيط أو الموظف المنقطع راتبه استيعاب هذه الزيادة في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية»، مشيراً إلى أن لديه أربعة أطفال، لكنه لن يشتري لهم ملابس العيد الآن، وسيقنعهم بأن يشتري لهم بعد العيد.

قطعتان لكل طفل
مواطن آخر يقول: «لدي ثلاثة أطفال، ولو قررت كسوتهم مثل الناس، أشتي على الأقل 60 ألف ريال، بينما ما لدي ليس سوى مبلغ بسيط، لذا قررت تقليل عدد القطع وشطب بعضها من قائمة المشتريات مثل الأحذية والجاكتات، واكتفيت بشراء قطعتين لكل طفل، لأن الجاكت الواحد يصل سعره إلى 12 ألف ريال، وأرخص صندل لا يقل سعره عن 5 آلاف ريال».
وتابع: «الله يعين اللي معه 7 أو 8 أطفال في البيت، أنا معي 3 ومع ذلك ما قدرت أكسوهم مثل الناس».

الحراج أسواق الفقراء في العيد
اشتعال أسعار الملابس بصورة خيالية مع اقتراب مناسبة عيد الأضحى المبارك، والتي طالت حتى المحلات العادية التي كان يقصدها متوسطو الدخل لشراء كسوة العيد لهم ولأطفالهم، دفع شريحة كبيرة من المواطنين الذي يعيشون أوضاعا مادية صعبة بسبب خمس سنوات من العدوان والحصار، إلى التسلل ربما خلسة إلى أسواق الملابس المستعملة ليشاطروا الفقراء والمهمشين شراء هذه الملابس المستعملة.
يتوزع زبائن هذه الملابس ما بين الموظفين الذين انقطعت رواتبهم والمواطنين المسحوقين بسبب الحرب والمعدمين والمهمشين الذين يحلمون بملابس تسترهم بمبالغ معقولة.

 حل وحيد إجباري
أحد المواطنين التقيناه في أحد الأسواق المتخصصة في بيع الملابس المستعملة في شارع هائل، وهو سوق يشهد حركة نشطه هذه الأيام مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يقول: «لدي ثلاثة أطفال وإذا قررت أن أشتري لهم كسوة عيد جديدة فإني سأحتاج إلى مبلغ 60 أو 70 ألف ريال، ولأني موظف بدون راتب ولدي التزامات كثيرة فإن الحل الوحيد لي ولأمثالي هو أسواق الملابس المستعملة، فأسعارها تناسب الفقراء والموظفين المنقطعة رواتبهم في الوقت الحالي حتى يتمكنوا من أن يشتروا ملابس العيد لأطفالهم بدلا من أن يظلوا دون ملابس».
وتابع بالقول: «ليس أمامنا خيار، والظروف حكمت علينا أن نتجه وبشكل إجباري نحو سوق الملابس المستعملة، وبـ10 آلاف ريال تستطيع شراء الكثير من القطع المتنوعة من الملابس المستخدمة، فهي رخيصة وتفي بالغرض».

خذوا حذركم
أحد المتسوقين كان هو الآخر بصدد شراء ملابس مستعملة أخذ يسدي النصائح لمرتادي السوق بضرورة أخذ الحيطة والحذر مع هذه الملابس المستعملة والتي قد تسبب كثيرا من الأمراض في حالة تم لبسها مباشرة دون تعقيم، حيث قال: «هذا الملابس لا نعلم من أين مصدرها ولا من هم أصحابها، وربما أصحابها ماتوا بسبب مرض خطير ومُعدٍ، والبعض الآخر قد يكون مصابا بأمراض جلدية معدية وتنتقل إلى من يستخدمها، لذا يجب تعقيمها بالماء الساخن لقتل ما قد يكون فيها من جراثيم وبكتيريا وكذا غسلها بالصابون ومن ثم تركها تحت أشعة الشمس لأكثر من يوم».
بعد استطلاعنا لآراء كثير من المواطنين المتسوقين في شارعي هائل وجمال، لمسنا شبه إجماع على أن ارتفاع أسعار الملابس ومستلزمات العيد ناتج عن جشع التجار، واستغلالهم لمناسبة عيد الأضحى المبارك، وخصوصا ملابس الأطفال والأحذية التي شهدت أسعاراً مضاعفة. كما لاحظنا أيضاً أنه ورغم الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس هذه الأيام، إلا أن هناك إقبالاً كبيراً من المواطنين على شرائها، وبالمقابل فأسواق الملابس المستعملة هي الأخرى تشهد انتعاشا ولها زبائنها من المعدمين والمسحوقين.