عبدالملك هادي / لا ميديا

نهاية الأسبوع الفائت، كشفت تسريبات صوتية لقيادات جنوبية شاركت في معارك "الانتقالي" الموالي للاحتلال الإماراتي ضد ما يسمى بألوية الحماية الرئاسية التابعة لحكومة العميل هادي، كشفت عن تهديدات متبادلة بين قيادات سياسية وعسكرية في "الانتقالي" أخذت بعداً مناطقياً، خاصة بين أبناء قبائل يافع والضالع وقبائل أبين.
تلك التسريبات، وما سبقها من تحشيد وتجنيد بأبعاد مناطقية، أثبتت أن دويلة الإمارات لم تكن تهدف في مخططاتها المستهدفة للجنوب اليمني الانفصال عن الشمال مثلما اعتقد الجميع، وإنما تقسيم الجنوب إلى دويلات شبيهة بالسلطنات والمشيخات المتصارعة قبل قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م.
ويفرض مخطط التقاسم للاحتلال الإماراتي السعودي في المحافظات الجنوبية اليمنية المحتلة أن تكون محافظة عدن مع المحافظات المجاورة لها (أبين ولحج والضالع) دولة مستقلة، ومحافظة المهرة الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي دولة ثانية، ومحافظة حضرموت دولة ثالثة، وذلك تبعا لطبيعة أجندة الدولتين في المنطقة.
ويبدو أن قيادات ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي لن يهنؤوا طويلاً بانتصارهم المدعوم إماراتياً وسعودياً على "الإصلاح" وهادي، لأن الإمارات ترفض فكرة دولة جنوبية واحدة وتفضل تقسيم الجنوب إلى دويلات تستطيع السيطرة عليها من خلال تأجيج الصراعات المناطقية فيما بينها.
واعتمد مشروع الاحتلال الإماراتي في الجنوب اليمني بالأساس على استراتيجية النفس الطويل من خلال إضعاف الدولة وتقويض سلطاتها، وقد قامت بذلك فعلاً منذ تدخلها في اليمن وبسط سيطرتها على الجنوب.

ماهي الخطة "ب"؟
في أبريل نيسان 2016، كشف موقع "جلوباليست" الأمريكي في تقرير له عن عزم السعودية تنفيذ ما سمته الخطة "ب" في اليمن، وتتضمن تفكيك وتقسيم اليمن في حال عجزت دول تحالف العدوان في فرض سيطرتها على كامل البلاد.
وفي تصريحات سابقة، قال البروفيسور العماني والعميد السابق بجامعة السلطان قابوس، الدكتور حيدر اللواتي، أن هدف الحرب على اليمن تقسيم البلد ليبقى فقيراً منكوباً ومدمراً.
ونشر "مركز أبعاد"، نهاية مارس الفائت، دراسة حديثة كشفت أن اليمن يواجه سيناريو التقسيم، وهو الأكثر خطورة، بحسب الدراسة.
وذكرت الدراسة أن اليمن تواجه سيناريو التقسيم بسبب تصادم أهداف الفاعلين إقليمياً ودولياً ببعضهم البعض، وتناقض أهداف عاصفة الحزم مع المصالح الاستراتيجية لأبوظبي والرياض.
وكشف مؤتمر "حوار المنامة"، في نوفمبر العام الفائت، أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، وخلال مشاركته في ذلك المؤتمر، كان صاحب فكرة تقسيم اليمن كحل للصراع في اليمن بحسب زعمه.
ولم تفوت الإمارات منذ دخولها إلى عدن فرصة استثمار الصراع التاريخي القبلي والمناطقي بين أبناء القبائل في المدن الجنوبية، وقد عملت على استدعاء مفاهيم ذاك الصراع في أحاديثها عن فصيل "الزمرة" الموالي للعميل هادي وخيانته لفصيل "الطغمة" وارتمائه في حضن الشمال.

تشكيلات بأبعاد مناطقية
لإنجاح مخططها الخبيث في الجنوب، اعتمدت الإمارات بشكل أساسي في تشكيل المليشيات الموالية لها على أبناء يافع والضالع المعروفين بفصيل "الطغمة" سابقاً، وكلفتهم بالتحضير والقيام بطرد العميل هادي وحكومته من عدن أولاً ثم بقية المحافظات الجنوبية لاحقاً.
وقد كان واضحاً البعد المناطقي في المواجهات العنيفة التي شهدتها محافظة عدن مطلع الشهر الجاري، وانتهت بهزيمة ما يسمى بألوية الحماية الرئاسية المعروف بولائها المطلق لحزب الإصلاح العميل، وانتماء غالبية منتسبيها لمحافظتي لحج وأبين موطن "هادي" استثمار خبيث لصراع مناطقي ظل دفيناً عدة سنوات لعدة أسباب، نجحت الإمارات في إخراجه إلى شوارع عدن حيث تكدست عشرات الجثث في مشهد مرعب أعاد سكان المدينة المحتلة إلى ذكريات يناير 86 الأكثر دموية تاريخ اليمن الحديث.