بإبداعاتهم الخالدة التي رسموها وحفروها في كل الأذهان وفي كل ساحة وميدان قدم نجوم الزمن الجميل الكثير للرياضة اليمنية. نجم هذه الإطلالة هو واحد من أولئك الأفذاذ الذين أسهموا في التأسيس لرياضة كرة القدم في يمن الإيمان والحكمة، بل إنه من أوائل المجددين والمبتكرين في ملاعبنا المستطيلة، حيث تميز بألعابه الشائعة والممتعة، وفي مقدمتها "الدبل كيك" التي تميز عن غيره في تنفيذها.
إنه النجم عبدالكريم يوسف أحمد الهتاري، المولود في أكتوبر 1941 في مدينة التواهي بعدن.
في العام 1975 بدأت انطلاقته الأولى إلى عالم الشهرة والنجومية بطريقة قياسية ومذهلة، وكانت مع فريق الشعب. 
وحينما كانت الكرة تتنفس زهواً، كان الهتاري أحد النجوم في فريق شباب اليمن، ثم فريق الشعب، وأخيراً في شباب التواهي, ليهل على الجماهير الرياضية كمهاجم قناص تميز بالسرعة الفائقة والمهارة. ولذلك فقد تحول اللعب كظهير مدافع صلب حير الكثير من المهاجمين الذين كانوا يجدون صعوبة بالغة في تجاوزه.
ولهذا التحول قصة, ففي إحدى المباريات أعطى الهتاري مركزه كمدافع لعبدالله الهرر تشجيعاً له، ولعب هو في مركز الظهير. وبعد انتهاء المباراة كانت الجماهير تنادي الهرر الذي كان يهتف: "يا هتاري، لقد منعت نفسك ومنحتني لقب الملك"، فاحتضنه الهتاري وقال له: "هذا هو زمانك فابدأ وأنت تستحقه".
وللتدليل على صلابته الدفاعية وصفه النجم والمهاجم الاسطوري سعيد دعالة بأنه أفضل ظهير على مستوى الوطن، وقد شهد له بذلك عديد إعلاميين وحكام وجماهير، أجل الجماهير التي أنقذته ذات يوم حينما أنقذ مرماه من هدف محقق عبر لعبته المشهورة "الدبل كيك" يوم أن علقت قدماه في شباك المرمى. وفي واحدة من أهم مباريات القمة، نال نجمنا الاسطوري عبدالكريم الهتاري جائزة أحسن لاعب مثالي من أول رئيس وزراء في عدن عبدالقوي مكاوي، وهي عبارة عن ساعة رومر ذهبية. بعدها وفي استفتاء إعلامي وجماهيري حصل على ما نسبته 72% من الأصوات كأحسن لاعب، تلاه مباشرة نجم الدفاع عبدالله الهرر، الذي أسهم الهتاري في بروزه وإظهاره.
بعد أن اختارته لجنة المنتخبات ضمن الفريق المتباري مع الموردة السوداني حالت بعض الأحقاد والمواقف السياسية دون تواجده في الفريق، لكن فجأة ظهر الهتاري كأبرز النجوم ضد الاسماعيلي المصري، وفي تلك المباراة لفت هذا اللاعب العملاق كل الأنظار، وخصوصاً أنظار الجهازين الفني والإداري للنادي الإسماعيلي، إضافة إلى لاعبي الفريق.
وعقب تلك المباراة طلبت إدارة الاسماعيلي من الهتاري الانضمام للعب معهم، ليتكرر الطلب في مصر من جديد من خلال الأهلي والزمالك، بعد المشاركة المتميزة له في مباريات دولية أقيمت هناك أمام فرق من العراق والصين وغيرهما.
وفي عدن طلبته القنصلية الصومالية ليلعب مع المنتخب بجنسية مؤقتة وتوالت الاهتمامات المشرقة الرامية لاستقطاب الهتاري والظفر بانضمامه لهذا النادي أو ذاك حين جاءه لاعب القادسية الكويتي شريان طالباً السفر معه إلى الكويت والالتحاق بصفوف القادسية.
أما المفاجأة الأكبر فقد أتته من عاصمة الضباب لندن حينما جاءه مستر شيب ship وقدم له برقية من فريق تشيلسي الانجليزي تقول: "مرحباً بك هتاري في صفوف شبابنا" وكان ذلك الطلب وهو لايزال في الـ19 من عمره، لذلك فقد اعتذر عن القبول، مفضلاً اللعب في وطنه اليمن.
وخلال مشاركته مع فريق الشباب الرياضي كقائد له في البطولة الكروية التي أقيمت في العاصمة صنعاء بمشاركة المنتخب اليمني والمنتخب الليبي لكرة القدم على كأس 26 سبتمبر استطاع الهتاري العملاق أن يقود فريقه لإحراز كأس البطولة بهدف النجم الأسبق صادق حيد. وبسبب خجل الهتاري وتواضعه غاب يومها عن التلفزيون، حيث كان يجب حضوره وكان الإعلامي الراحل محمد عبدالله فارع قد أرسل برقية من العاصمة المصرية القاهرة إلى حكومة الاستقلال ورئيسها عبدالفتاح اسماعيل تقول: "الهتاري يرفع اسم اليمن عالياً في مصر".
في العام 1976 تعرض النجم الكبير عبدالكريم الهتاري لمحاولة اغتيال بسيارة مفخخة في شبوة راح ضحيتها الأستاذ القدير عثمان عبده محمد وهو أستاذ الهتاري.
من أبرز نجوم الكرة اليمنية الذين تتلمذوا دراسياً على يدي الهتاري: أحمد محسن المشدلي، قاسم منصر، عبدالحفيظ الشيباني، وعبدالمجيد ثابت المجيدي.
لعب الهتاري لصقر تعز ودربه عام 1977, وكان أبرز لاعبي الفريق: عبدالله الدهبلي، عبدالواحد عتيق، بسطام الشيباني، علي قاسم، الحارس عبدالرحمن عبدالجليل، علي ناجي الرويشان، عبدالرقيب عبدالله مصلح العديني، وأحمد ناصر الحوصلي.
في لقاء جمع الصقر والطليعة تقدم الطليعة بهدفين خلال الشوط الأول. يومها قال الراحل عبداللطيف محمد علي عثمان: "هذا هو الهتاري"، ليأتي الرد في الشوط الثاني بإحراز الصقر خمسة أهداف نظيفة.
كان النجم الهتاري أحد الفدائيين في الجبهة القومية ضد الاستعمار البريطاني.
للنجم الهتاري عدد من الكتيبات الرياضية عن عدن، صنعاء، تعز، الحديدة، وبعض المحافظات الأخرى، يتحدث فيها عن الفترة الذهبية لفرقها خلال الفترة 1930 ـ 1980م.
توفي النجم العملاق عام 2015م في مدينة عدن.