دعاء القادري/ لا ميديا -

عقدت وزارة الصحة العامة والسكان، أمس الأول السبت، مؤتمرا صحفيا أعلنت فيه نتائج أعمال النزول الميداني لتقييم الصيدليات الخاصة في أمانة العاصمة ومدى التزامها بتطبيق المعايير الوطنية.
وكانت الوزارة وأمانة العاصمة قد دشنتا، مطلع سبتمبر الماضي، نزولاً ميدانياً استهدف الصيدليات والمنشآت الصيدلانية الخاصة في العاصمة تحت شعار "تطبيق المعايير والأدلة لضمان تقديم خدمات طبية آمنة ذات جودة عالية"، وذلك للرقابة عليها ومدى التزامها بالأدلة والمعايير التي تم إعدادها من قبل الوزارة.

وجاء في المؤتمر الصحفي أن نتائج تقييم النزول الميداني شمل 1562 صيدلية، تم مسحها وتقييمها ميدانياً من إجمالي 1732 صيدلية خاصة موجودة في العاصمة.
وكشفت النتائج أن هناك 460 صيدلية تقع تحت طائلة المحاسبة القانونية، وذلك من إجمالي 3500 صيدلية تمارس عملها بموجب ترخيص رسمي في مديريات أمانة العاصمة العشر.
وأكد المشاركون في المؤتمر أنه واستنادا إلى نتائج التقييم سيتم تنفيذ العقوبات والإجراءات القانونية بحق الصيدليات المخالفة. وستشمل هذه العقوبات إغلاق الصيدليات المخالفة، وفرض غرامات مالية، والإحالة للجهات النيابية والقضائية.

صيدليات غير قانونية
وعلى هامش المؤتمر الصحفي التقت صحيفة "لا" عدداً من المشاركين في المؤتمر، والبداية كانت مع د. محمد إبراهيم، مستشار بوزارة الصحة، الذي أكد أن أعداداً مهولة من الصيدليات تم فتحها خلال السنوات الأخيرة وتزاول عملها بغير استناد قانوني، وليس لديها تراخيص لمزاولة المهنة الدوائية.
ويوافقه في الرأي د. صيدلي/ سمير قائد، الذي أشار إلى أن عدداً كبيراً من الصيدليات العاملة حالياً غير مطابقة للمواصفات، ودون تراخيص، إضافة إلى أن أغلب من يعملون في هذه الصيدليات ليسوا صيادلة، بل لا يمتون لمهنة الصيدلة بأي صلة.
ويعترف د. سمير السنافي، مدير دائرة الصيدلة بوزارة الصحة، بأن هناك ضعفاً كبيراً في إدارات الصيدلة في مكاتب الصحة، محملاً القيادات السابقة المسؤولية الكاملة عن الوضع المتدهور الذي وصل إليه قطاع الأدوية والصيدلة عموما.
وقال زكي الذبحاني من المكتب الإعلامي لوزارة الصحة، إن الوزارة وفي ظل الأوضاع الراهنة وحفاظاً على صحة المواطن اليمني ستعمل وبحزم لضمان التزام الصيدليات الخاصة بالمعايير الصحية والقانونية المطلوبة ومنع غير المتخصصين من مزاولة المهنة.

نتائج مبهرة
وعن أهمية إعلان عن نتائج النزول الميداني لتقييم وضع وعمل الصيدليات في أمانة العاصمة أبدى زكي الذبحاني انبهاره بالنتائج التي أعلنت في المؤتمر الصحفي، مضيفاً: "للمرة الأولى في تاريخ وزارة الصحة وفي كل الحكومات المتعاقبة يتم الإعلان صراحة عن الكم الكبير للصيدليات المخالفة للقانون الذي ينظم هذه المهنة المقدسة التي تتعلق بأهم شيء يمتلكه الإنسان وهو الصحة، وبالتالي فإن هذه الصيدليات ارتكبت المخالفات الجسيمة في حق المواطن اليمني".
من جهته أشار د. سمير السنافي إلى أن زيادة الشكاوى التي يتم تلقيها من المواطنين ومن الجهات المختصة ومنها الهيئة العليا للأدوية بخصوص الصيدليات المخالفة، هو ما دفع الوزارة للقيام بتصحيح هذا الوضع الكارثي. وقال: "والآن لدينا ثورة تصحيحية، ولن نتهاون في كل ما له علاقة بصحة المواطن".

فرص لتصحيح الأوضاع
تنتشر الصيدليات المخالفة للقانون بشكل كبير في أمانة العاصمة، بعضها لا تلتزم بالمعايير الوطنية والصحية، والبعض الآخر تمارس العمل الصيدلاني دون تراخيص قانونية، أو يديرها أشخاص لا علاقة له بمهنة الصيدلة. 
ويوضح د. صيدلي/ صدام المريسي، رئيس قطاع الصيادلة القائم بأعمال نقيب ملاك صيدليات المجتمع، أن هذه الصيدليات المخالفة منتشرة في كل شارع، وأحيانا نجد أكثر من صيدلية متجاورة في شارع أو حي واحد.
ويرجع د. صيدلي/ بسام عبد الرحمن سبب انتشار الصيدليات المخالفة للقانون إلى غياب القانون والرقابة والمحاسبة من قبل الجهات المعنية، حسب قوله.
غير أن د. المريسي يشير إلى أن وزارة الصحة أعطت العديد من الفرص لهذه الصيدليات المخالفة لتصحيح أوضاعها غير القانونية مع ضرورة دفع غرامات مالية.. وأكد أن هذا التقييم كان ضرورياً للكشف عن مدى التزام الصيدليات الخاصة بالمعايير الوطنية والصحية، ما لم فستخضع للإجراءات القانونية والعقوبات.

منشطات ومخدرات
وتزايدت في الفترة الأخيرة أعمال الاتجار بالأدوية المهربة والمزورة ومنتهية الصلاحية، وهو ما يؤكده د. صيدلي/ صدام المريسي، الذي يقول: "هناك أدوية مهربة وأصناف مغشوشة منتشرة بشكل كبير في مخازن الصيدليات، دخلت البلاد عن طريق التهريب"، بل وتصبح ضارة وتهدد صحة الناس.
وأضاف أن سوء التخزين أو سوء النقل أو سوء التصنيع في بلد المنشأ يلعب دوراً كبيراً في تلف العديد من الأصناف الدوائية، وهو ما يجعل هذه الأدوية بلا أي فعالية علاجية.
وأكد المريسي أنه تم مصادرة كميات من هذه الأدوية المزورة والمغشوشة ومجهولة المصدر، وإغلاق مخازن الصيدليات التي وُجدت فيها بالشمع الأحمر.
ويتفق معه زكي الذبحاني بشأن قيام العديد من الصيدليات ببيع الأدوية المهربة والمزورة والأدوية غير المرخص لها، مضيفاً أنه تم اكتشاف عن صيدليات تقوم ببيع أدوية مخدرة وعقاقير يتم تعاطيها بغرض الكيف وتسبب الهلوسة، إضافة إلى أن الوزارة وجدت وفرة في المنشطات الجنسية وبكميات مهولة في الصيدليات المخالفة، وهذه المنشطات غير مصرح لها بيعها.
وكشف الذبحاني أن هناك أكثر من 66 صيدلية متخصصة ببيع هذه المنشطات التي تهدد السلامة الصحية، مضيفاً أن الوزارة أحالت هذه الصيدليات إلى الجهات الأمنية والقضائية المختصة لتقوم بواجبها أمام هذه المخالفات.
ويرى الدكتور/ محمد إبراهيم أن اشتداد الأوضاع الاقتصادية وفتح الأسواق لكل المنتجات السبب الرئيس لما يحدث من غش وتزوير للأدوية وبيع أدوية منتهية الصلاحية.
هذه الفوضى التي يعيشها قطاع الأدوية سببها تجار السوق السوداء الذين يتاجرون بأرواح المواطنين، مستغلين الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن جراء استمرار العدوان والحصار ومنع دخول الدواء والتجهيزات الطبية. إلا أن نتائج التقييم التي أعلنت في المؤتمر الصحفي تحمل الكثير من الآمال لتصحيح العمل في المجال الصيدلاني، والمطلوب فقط تطبيقها بإخلاص واحترافية على أرض الواقع، واتخاذ الإجراءات الحازمة ضد كل من يمس صحة المواطن ويهدد حياته.