نفحة إبراهيمي -
ترجمة خاصة :زينب صلاح الدين / #لا_ميديا -

لم يعرف سوى القليل جداً عن اليمن فيما يتجاوز الأشياء التي وثقتها قناة (سي إن إن) وغيرها من القنوات الدولية؛ لكن لا يزال هناك الكثير والكثير عن هذا البلد.
تقع اليمن، أو كما كانت تسمى في بعض الأحيان "اليمن السعيد"، في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية. في أغسطس من العام 1997 دعتنا أسرة كريمة إلى حضور حفل زفاف في صنعاء عاصمة اليمن.
عندما تلقينا الدعوة طرأت أشياء عديدة على بالي, كل القصص التي قرأناها عندما كنا ندرس التاريخ في المدرسة: طريق الحرير والملكة سبأ وأرض اليمن الخضراء والسعيدة... ومع ذلك عرفت بالواقع الجديد لليمن حتى العام 1997 فقد كانت اليمن عبارة عن دولة تعيش فقراً مدقعاً بمعدل مرتفع في الأمية وتاريخ مدمر لإجبار الفتيات الصغيرات على الزواج من رجال مسنين بعمر آبائهن.
بعبارات أخرى: لم أكن أتطلع إلى هذه الرحلة حقاً. كل ما عرفته هو أنني وقعت في حب هذا المكان بعمق رغم الجرح الذي يوغل فيه.
صنعاء كانت قديمة كما توقعت، وكان الناس يبدون قاسين كما قيل لي، لكن كان هناك شيء ما آخر بشأن ذلك المكان لم أستطع اكتشافه، إلا أني كنت أزداد حباً لتلك المدينة مع كل يوم يمر. كانت التحضيرات للزفاف جارية، وكانت مهمة التزيين بالورود عليّ (مهمة أحب القيام بها) حتى عرفت أن الزهور لم تكن من الأولويات، لذلك كان من الصعب العثور على حقيقة. أذكر أننا كنا في محل نبحث عن بعض اللوازم بينما كان هنالك رجل يحمل سلاح الكلاشينكوف (بندقية آلية) دخل المحل واتجه نحو زوجي وهو يوجه البندقية صوبه، وفي تلك اللحظة غرق قلبي في تصورات نتيجة هذه المواجهة المباشرة!
وفي الواقع كان الرجل الشاب الغريب يحاول بيع بندقيته لزوجي، وهو سلوك عرفنا لاحقاً أنه شائعٌ في اليمن. في الواقع كل ما كنا نحتاجه هو العودة إلى أوغندا وبحوزتنا كلاشينكوف! 
احتوت رحلتنا القصيرة على الكثير من القصص المشوقة. يمكنني بوضوح تذكر مكان المحل والخرز الفضي والعقيق والأحجار شبه الكريمة الأخرى والأزياء التقليدية، وبالطبع البهارات. وكذلك محل آخر كبير للعسل، فإن لم تكن قد جربت مذاق العسل من اليمن فأنت بالتأكيد لم تتذوق العسل الحقيقي.
إنه لمن المأساوي للغاية ما يجري في اليمن حالياً, فكلما شاهدت الأخبار يكون هناك الكثير من الأحداث المدمرة التي تحدث: الحرب والمجاعة والنزوح والمجازر المرتكبة التي تزيد من معاناة اليمنيين.
لقد ندمت لأنني لم أبق طويلاً في هذه الأرض الملأى بالعجائب. أتمنى لو أستطيع استعادة تلك اللحظات الجميلة يوماً ما. أصلي لأجل اليمن وشعبها. يجب أن تعود هذه القطعة من الجنة -التي تحولت إلى جحيم- إلى مجدها السابق.

 «(ديلي مونيتور)12 فبراير 2020