استطلاع وتصوير/ عادل عبده بشر / #لا_ميديا -

قبل البدء «إلى رجال الرجال، خير أجناد الأرض، أبطال الجيش واللجان الشعبية، صانعي المعجزات في زمن اللاأنبياء.. نستميحكم عذراً فلن نستطيع أن نوفيكم حقكم ولو حولنا ماء البحر مداداً وسطح السماوات السبع أوراقا لكتابة بطولاتكم التاريخية».

شرارة النصر
كانت الساعة الخامسة من مساء السبت 18 يناير 2020م، عندما تلقيت اتصالاً هاتفياً من الصديق المجاهد عبدالجبار القاسمي، يزف إليّ من خلاله استشهاد شقيقه الأكبر علي -  قائد أحد التشكيلات القتالية- في جبهة نهم بمحافظة صنعاء، أثناء تصديه مع رفاقه الأبطال للعدوان ومرتزقته الذين حاولوا الزحف صوب العاصمة صنعاء.
حاولت مواساته بكلمات عابرة، فرد بصوت حازم: «إحنا مجاهدين وبعنا من الله.. والشهادة فوز ما هي خسارة، ودماء الشهداء لن تزيدنا إلا قوة وإصراراً على الانتصار، وإن شاء الله دم الشهيد علي وجميع الشهداء سيكون ثمنها طرد العدوان ومرتزقته من مديرية نهم ومحافظة الجوف ومحافظة مأرب في أيام قليلة».
حينها لم أشعر في نفسي بأي من الحماس والتفاعل مع كلام الصديق عبدالجبار، واعتبرته مجرد حديث عادي يُعزي به نفسه، فجميع الوقائع تؤكد استحالة أن يتمكن الجيش واللجان من القضاء على الترسانة الحربية الضخمة التي استغرق العدوان 4 سنوات لتجهيزها في نهم، ودفع بآلاف المرتزقة بهدف بلوغ العاصمة صنعاء.

معجزة رجال الرجال
لم تمض سوى أيام معدودة، حتى لاح في الإعلام ناطق الجيش العميد يحيى سريع، معلناً تطهير كافة منطقة نهم وأجزاء من محافظتي الجوف ومأرب، من المرتزقة، وبمساحة تتجاوز 2500 كيلومتر مربع، في عملية أطلق عليها «البنيان المرصوص»، وبعد بضعة أسابيع أطل العميد سريع مجدداً ليعلن نجاح عملية «فأمكن منهم» التي تكللت بتحرير كافة مديريات محافظة الجوف، عدا بعض المناطق في مديرية خب والشعف وصحراء الحزم.
حينها عقدتُ العزم بأن أقوم بزيارة المناطق المحررة ابتداء من مديرية نهم بمحافظة صنعاء، وصولاً إلى مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف، فما حدث خلال قرابة 6 أسابيع فقط لا يمكن أن يتخيله عقل أكبر الخبراء العسكريين، فما بالك بالمواطن العادي، كيف استطاع أفراد حفاة من الجيش واللجان الشعبية التغلب على ألوية عسكرية بكامل قوامها وعتادها وإسنادها الجوي بمئات الغارات؟
لا بد أن معجزة حدثت.. وما من معجزات في القرن الـ21 سوى المعجزات التي تشهدها اليمن ويصنعها رجال الرجال، أبطال الجيش واللجان الشعبية.

اخلع نعليك.. أنت في نهم المقدسة
في أول نقطة بمديرية نهم، يستقبلك رجال الأمن الوقائي بوجوه مبتسمة، مرحبين بك كصحفي يسعى لاستطلاع الوضع ميدانياً، والتعرف عن قرب على آثار الملحمة العظيمة التي سطرها أبطالنا في أيامٍ قليلة.
يوجه لك الأمن الوقائي بعض النصائح الهامة حرصاً على سلامتك، خصوصاً وأن العدوان ترك أدواته القاتلة في مساحات مختلفة حوّلها إلى حقول ألغام، ويطلب منك الأمن الوقائي اتباع إرشادات الدليل المرافق لنا، وهو سائق السيارة «الشاص» التي تحمل دعماً مقدما من مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية، للمرابطين في منطقة الحزم بمحافظة الجوف.

في صندوق السيارة
لم يكن هناك مكان للركوب سوى التعلق فوق حمولة «الشاص» في الصندوق، وهي تسير بسرعة فائقة خشية أن تتعرض لقصف من طيران العدوان الذي يحاول أسياده الانتقام لخسائرهم الفادحة، بغارات مكثفة على امتداد المناطق المحررة.
عند بلوغنا نقيل بن غيلان، كانت مكابح السيارة قد أوشكت على الانتهاء، وأصبح من الصعوبة التحكم بها، ولكم أن تتخيلوا الموقف..!
تمضي السيارة بذات السرعة، فلا سبيل للإبطاء أو التوقف جانباً، فهناك شيطان يحوم في السماء مراقباً الأرض بحثاً عن دماء يسفكها، غير أن مهارة وبراعة السائق تنجح في السيطرة عليها وتجاوز المخاطر بعون من الله.

ملحمة النصر
بصعوبة بالغة تمكنت من التشبث في صندوق السيارة وهي تسابق الرياح غير مبالية بالمنعطفات والحفر والجسور التي دمرها طيران العدوان، بينما يقف «أبو تراب» أحد المجاهدين من أبطال الجيش واللجان، بكل هدوء وشموخ كشموخ جبال نهم، متعلقاً خلف السيارة، وهو يحكي لنا ما تيسر من ملحمة النصر التي حققها مع رفاقه المجاهدين في بضعة أيام.
سألته عن الشهيد علي حسين القاسمي، فقال: «علي القاسمي صاحب سنحان، كان من أرجل الرجال، وفي مقدمة من تصدوا لزحف المرتزقة، ونال القاسمي الشهادة مع عدد من رفاقه في التشكيل القتالي الذي يقوده، ولكنهم استشهدوا بعد أن نكلوا بالمرتزقة شر تنكيل».
يواصل أبو تراب الحديث بكل فخر واعتزاز، شارحاً أهمية الموقع الاستراتيجي لنقيل بن غيلان، الذي حشد العدوان ألويته العسكرية للسيطرة على النقيل، كونه يبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 25 كيلومتراً، والسيطرة عليه تعني السيطرة النارية على مطار صنعا.
يتحدث أبو تراب بوجه متبسم، ويده اليمنى تتشبث بالسيارة، بينما اليد اليسرى يلوّح بها يميناً ويساراً، في إشارات إلى الجبال المحيطة بالطريق: «استمر زحف المرتزقة يوماً واحداً، انتقلنا بعدها من الدفاع إلى الهجوم».
ويواصل: «هذا جبل القرن، كان الدواعش يستخدمونه للرصد، وأيضا لاستهداف أي حركة في الخط، وذاك جبل السفينة، والذي بعده جبل المنارة المطل على مركز مديرية نهم، وجبل العيان والقناصين وودعة والقتب والمساورة والمجاوحة، كلها كانت تحت سيطرة العدو».
ويضيف: «قام المجاهدون من الجيش واللجان الشعبية بشن عملية هجومية على المرتزقة من 4 مسارات، تمكنت من ضرب الدفاعات والخطوط الأمامية للمرتزقة بالتزامن مع تقدم وحدة الاقتحامات للسيطرة على المواقع الاستراتيجية للعدو في قمم الجبال».
وبين كل عبارة وأخرى لا ينسى أبو تراب من التذكير بأن الانتصارات التي تمت كانت بقوة الله وبشجاعة وصمود المقاتلين: «اقتحمنا هذا الموقع بقوة الله، وعددنا 10 أشخاص فقط، وتمكن المجاهدون بصمودهم وشجاعتهم من إرعاب العدو البالغ عددهم بالعشرات».
واستطرد مؤشراً بيده إلى إحدى الدبابات المحترقة للعدو في أحد مواقعه: «هل ستصدق أن هذا الموقع اقتحمته مجموعة صغيرة لا تملك من الأسلحة سوى الكلاشينكوف والرشاش والآر بي جي، ورغم ذلك فر المرتزقة رغم كثرتهم وامتلاكهم دبابة وعدداً من المدرعات!».
وأردف مبتسماً: «أثناء الهجوم على موقع المرتزقة كان من بين المجاهدين شخص قصير القامة، يعني قزم، مثلك – يخاطبني- ولكنه (أي القزم) وحش من وحوش الله، قام بالتقدم بكل شجاعة إلى موقع المرتزقة، وبمجرد أن رأوه فروا من مواقعهم، تاركين الدبابة والمدرعات خلفهم».
من ناحيتي لم آخذ في نفسي من كلمة «قزم»، فأنا في حضرة المجاهدين ولا صوت يعلو فوق صوت رجال الرجال.
يواصل أبو تراب حديثه قائلاً: «أحيانا كنا نشعر كأن الأرض والجبال والحجارة تقاتل معنا، فكان الطيران يقصف في بعض المواقع على بعد أمتار من المجاهدين، ولكن الصاروخ لا يحدث أي ضرر، كأن الجبل قام بالتهامه».

فرضة نهم
تحتوي فرضة نهم على نقيل الفرضة بطول يصل إلى قرابة 15 كيلومتراً، وفي حافة الفرضة يوجد معسكر يطل على الطريق الرابط بين صنعاء ومأرب والجوف، ويعتبر من أكبر المعسكرات في مديرية نهم.
يقول أبو تراب: «بعد أن تمكن المجاهدون من تطهير السلسلة الجبلية جنوب الفرضة، وهي جبال المنارة والمساورة والقتب، تقدموا نحو التبة الحمراء المطلة على مركز نهم ومواقع المرتزقة في وادي ملح، ليتم بعد ذلك التقدم نحو معسكر الفرضة، وتمت محاصرته، ومن ثم السيطرة عليه بعد معركة ضارية مع المرتزقة قام فيها طيران العدوان بشن عشرات الغارات، محاولاً إنقاذ مرتزقته من قبضة الجيش واللجان الشعبية، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، وتمكن المجاهدون بقوة الله من السيطرة على المعسكر واغتنام العديد من الآليات العسكرية وكميات من الأسلحة والذخائر، ومواصلة الزحف بعد ذلك نحو نقيل الفرضة والسيطرة على معسكر مستحدث، إضافة إلى عدد من المواقع والثكنات العسكرية».

قوة الله
على امتداد نقيل الفرضة والمناطق المحيطة به وما بعد النقيل، يوجد العديد من المواقع والثكنات العسكرية التي أنشأها العدو بعناية فائقة على مدى 4 سنوات، ويظهر ذلك من طريقة الإعداد ونوعية الهناجر والخيام والمتاريس الضخمة والمطابخ وغيرها، كأنهم كانوا على ثقة تامة ببقائهم إلى الأبد.
سألنا أبو تراب: كيف ترك العدو كل هذه المواقع المعززة بالدبابات والمدرعات والمسنودين جوياً بطيران حربي يكاد لا يغيب عن سماء المنطقة، أمام مجاميع من مقاتلي الجيش واللجان لا يمتلكون من الأسلحة سوى ما يمكن حمله على الأجساد؟
فكان رد أبو تراب «هي قوة الله».

«البنيان المرصوص»
مساء الـ29 من يناير 2020م، أطل ناطق الجيش العميد يحيى سريع، بتصريح صحفي كشف فيه أن قوات الجيش اليمني تمكنت من التصدي لمسار عدواني كبير كان يستهدف العاصمة صنعاء.
وأكد العميد سريع، أن قوات الجيش واللجان الشعبية نفذت عملية عسكرية باسم «البنيان المرصوص» شنت خلالها هجوما معاكسا أدى إلى تحرير كافة مناطق نهم وتكبيدِ قوات العدوّ خسائر فادحة في العتاد والأرواح.

وقال: «استمرت قواتنا في تقدمها إثر انهيارات قوات العدو وصولاً إلى غرب مدينة مأرب، وتحرير مديريات بمحافظتي مأرب والجوف».
وأعلن أن عملية «البنيان المرصوص» حررت مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 2500 كم مربع طولا وعرضا، ووقوع الآلاف من قوات العدو ما بين قتيل ومصاب وأسير.
وأكد أن العملية تمكنت أيضا من دحر قوات العدو في نهم المكونة من 17 لواء عسكريا و20 كتيبة، واغتنام عتادها بالكامل، وكذا دحر لواءين مما تسمى المنطقة الثالثة المتمركزة في مديرية صرواح بمأرب و3 ألوية مما يسمى المنطقة السادسة المتمركزة في الجوف.
ووفقاً للعميد سريع، فقد قُدّر عدد قتلى ومصابي قوات العدو بأكثر من 3500، بينهم 1000 قتيل، يضافون إلى عدد كبير من الأسرى.

مفرق الجوف
في مفرق الجوف الواقع ضمن نطاق مديرية مجزر التابعة لمحافظة مأرب، انحدر بنا السائق شمالاً صوب مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف الاستراتيجية.
لازالت رائحة البارود تنبعث من المكان في مفرق الجوف، وآثار الدمار تحكي شدة المعارك وكثافة الغارات الجوية التي شهدتها المنطقة.
بعد مسافة قليلة من مفرق الجوف، شمالاً، يوجد موقع عسكري كان مركزاً للسيطرة والقيادة للمرتزقة، وقد أحاطت به التحصينات من مختلف الجهات.
مسافات طويلة قطعناها بالسيارة «الشاص» في وقت وجيز.. طريق منبسطة تتوسط مساحات شاسعة بعضها زراعية والبعض قاحلة، فلكي تصل إلى حزم الجوف يجب أن تمر بمناطق «الغيل والخلق والروض والسلمات».
على جانبي الطريق تنتشر المنازل الطينية والمحال التجارية ومحطات البنزين وغيرها.. الحياة تسير بطبيعتها، لم يعد هناك ما يعكر صفوها سوى الغارات الهستيرية الانتقامية لطيران العدوان.

سرعة الحسم لصالح الحزم
لحظة وصولنا مدينة الحزم كان صوت مذيعي قنوات العدوان لازال حاضراً في رأسي وهم يتحدثون عن نزوح عشرات الأسر من أهالي الحزم بعد دخول (الحوثيين)، وأن المدينة أصبحت سكناً للأشباح، فسألت نفسي: ما الذي سنفعله في مدينة أشباح؟ لحظتها كانت السيارة قد أبطأت سرعتها كثيراً حتى وصلت إلى التوقف وسط المدينة، حيث سوق الحزم يعج بالمواطنين وقت الظهيرة.. نعم إنهم مواطنون من أبناء البشر وليسوا أشباحاً من نسل الشيطان.
المدينة مفعمة بالحياة، رجال ونساء وأطفال، يعيشون حياتهم بشكل طبيعي في ظل الأمن والأمان الذي لمسوه مع دخول الجيش واللجان الشعبية.
المحال التجارية والمحطات والمطاعم وغيرها تمارس نشاطها بكل حرية.. المظاهر المسلحة موجودة، لكنها طبيعة المنطقة، حيث السلاح هو جزء من الزي التقليدي.
الابتسامات تعلو الوجوه وتلويحات الأهالي للكاميرا تبعث الطمأنينة.
لم تتعرض المدينة للكثير من الدمار، فسرعة الحسم لصالح الجيش واللجان، جنبت المدينة الخراب، عدا بعض المناطق التي تعرضت لغارات الطيران.

أمن واستقرار
في سوق المدينة التقينا بمحافظ الجوف، عامر علي المراني، الذي بادرناه بسؤال استفزازي: «كم عدد الأسر التي نزحت من المدينة بعد دخول الجيش واللجان؟».
ابتسم المحافظ المراني وقال: «اسأل المواطنين.. لا تسألني أنا»، مشيراً بيده إلى الزحمة الحاصلة وسط المدينة. مضيفاً: «الحمد لله لم يحدث أي نزوح بعد دخول الجيش واللجان الشعبية، وبخلاف ذلك كانت هناك بعض الأسر قد نزحت من المدينة خلال فترة تواجد العدو، ولكنها عادت حالياً إلى منازلها».
وأكد أن محافظة الجوف تم تطهيرها من العدو ومرتزقته عدا بعض المواقع في مديرية خب والشعف. وقال: جميع مديريات الجوف تمارس حياتها بشكل طبيعي في ظل الأمن والأمان الذي وفره أبطال الجيش واللجان الشعبية، والتعامل المسؤول مع المواطنين من قبل الجيش واللجان والأمن، نافياً ما تروجه وسائل إعلام العدو من حدوث عمليات نهب للمنازل أثناء دخول الجيش واللجان مدينة الحزم وغيرها من مناطق الجوف.

في سوق الحزم
في سوق مدينة الحزم التقينا بعدد من المواطنين، بعضهم من أهالي المدينة، والبعض من مناطق أخرى في المحافظة ذاتها أو محافظات أخرى يعملون في المطاعم والصيدليات والمحال التجارية، وجميعهم أبدوا فرحة كبيرة بدخول الجيش واللجان إلى المدينة، مؤكدين أن سرعة حسم المعركة لصالح الجيش واللجان كانت في صالح الأهالي والعاملين في المدينة، حيث لم يتم النزوح، وأيضا استمرت المحال التجارية وغيرها من المنشآت فاتحة أبوابها للمواطنين.

قوافل الدعم
التقينا هناك بمدير المشاريع الإنسانية في مؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية، محمد الجعدي، الذي تواجد في مدينة الحزم على رأس فريق من المؤسسة، قام بإيصال قافلة دعم للمرابطين من الجيش واللجان في مدينة الحزم، مقدمة من مؤسسة الشعب.
وقال الجعدي إن مؤسسة الشعب الاجتماعية قامت بتسيير قافلة «فأمكن منهم» لدعم المرابطين في جبهات العزة والشرف بمنطقة الحزم، وذلك من خلال توزيع الملابس والناموسيات على المقاتلين في تلك الجبهات.

وأشار إلى أن القافلة شملت توزيع ألف كسوة وألف ناموسية للمرابطين في الحزم، لافتاً إلى أن القافلة تأتي انطلاقاً من الواجب الوطني والإنساني لمؤسسة الشعب الاجتماعية للتنمية، في الوقوف مع الوطن وأبنائه، وفي مقدمتهم أبطال الجيش واللجان الشعبية، مؤكداً أن المؤسسة ستستمر في عطائها للشعب وللوطن في مختلف المجالات.
ووجه رسالة من داخل مدينة الحزم مفادها: «الحزم آمنة، والحياة مستقرة طبيعية، ولا صحة لما تروجه وسائل إعلام العدو بأن المدينة أصبحت خاوية على عروشها، وأن ما تبقى من الأهالي يعيشون في خوف ورعب».
وتعتبر مؤسسة الشعب أول مؤسسة خيرية تصل إلى مدينة الحزم عقب تحريرها على أيدي الجيش واللجان الشعبية. 

«فأمكن منهم»
مساء الثلاثاء 17 مارس 2020م، أطل ناطق الجيش العميد يحيى سريع، من جديد، معلناً تحرير كافة مديريات محافظة الجوف عدا بعض المناطق في مديرية خب والشعف وصحراء الحزم، في عملية عسكرية واسعة باسم «فأمكن منهم»، تم خلالها دحر ما تسمى «المنطقة العسكرية السادسة» وألويتها العسكرية، كما سقط المئات من قوات العدو بين قتيل وأسير ومصاب، بينهم قادة، وتم اغتنام كميات من الأسلحة المختلفة.
وكشف سريع عن مشاركة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير في العملية بأكثر من 50 عملية، منها عمليات استهدفت عمق العدو السعودي رداً على تصعيده الجوي.

براقش لم تنج من حقد العدو
أثناء مغادرتنا مدينة الحزم في طريق العودة إلى صنعاء، عرّج بنا السائق إلى مدينة براقش الأثرية، العاصمة الدينية لمملكة معين، التي يعود تاريخها إلى قبل ألف عام قبل الميلاد.
ولم تنجُ هذه المدينة من حقد أسياد العدوان على اليمن الذين أرسلوا طائراتهم الحربية لقصف براقش الأثرية وتدميرها خلال الأشهر الأولى من العدوان عام 2015م.
عُدنا إلى عاصمة الروح صنعاء، بمعنويات عالية، يصاحبها فخر واعتزاز كبير بما سطره أبطال الجيش واللجان من ملاحم بطولية سيخلدها التاريخ، وهو التاريخ ذاته الذي سيسأل دائماً وباستمرار: ماذا لو كان حلف العدوان لا يمتلك طائرات حربية وترسانة عسكرية بذلك المستوى الكبير؟ هل كانت الحرب ستستمر للعام السادس، أم أن رجال الرجال سيحسمونها في كافة اليمن خلال بضعة أشهر؟!