في وقت متأخر من أول ليلة لدخول شهر رمضان، استقلت امرأة الباص وهي تحمل على كتفها طفلاً صغيراً، عائدة من حي الحصبة، إلى منزلها في منطقة وادي أحمد، شمال أمانة العاصمة، سألت المرأة أين يصرفون المعونة الغذائية للفقراء، فكثرت الإجابات، للأسف كانت قد طرقت كل الأبواب التي تحدث عنها ركاب الباص دون أن تحظى بأي شيء.
(م.م.ع) نازحة من تعز، ولها 4 أولاد وزوج أعيق بحادث دراجة نارية كان يكتسب منها قوت اولاده قبل العدوان، وحالها لا يختلف عن ملايين الأسر في اليمن في ظل وجود مافيا الجمعيات الخيرية.
 الإصلاح يفرخ الغيلان الخيرين
يوجد في اليمن 10.000 جمعية ومنظمة خيرية، تعمل في مجال مساعدة الفقراء، بحسب مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فهناك أكثر من 1500 جمعية معروفة بتبعيتها لحزب الإصلاح، إضافة إلى عدد مماثل يشتبه بانتمائه لذات الحزب.
ومنذ أن بدأ العدوان، أخذت مؤشرات الاحتياجات الإنسانية بالارتفاع، بينما يوجد أكثر من 22 مليون إنسان في اليمن بحاجة إلى المساعدات، بينهم 8 ملايين شخص يعانون من المجاعة.

 دائرة الشبهة تطال الجميع
منذ بدء العدوان، انتهى دور المنظمات الحقوقية، واستمر دور المنظمات والجمعيات الخيرية التي وجدت في الأوضاع المأساوية للشعب اليمني باباً مشرعاً للارتزاق باسم الشعب المنكوب. ويرى الباحث أنور الجبلي أن الفضائح المتكررة للمنظمات والجمعيات، وظاهرة الاتجار بالمواد الغذائية المقدمة كمساعدة للشعب، لم تؤدِّ إلى إيقاف التعامل مع تلك الجمعيات، بل إن عملها مستمر، الأمر الذي يضع ما يسمى المانحين في دائرة الشبهة والتواطؤ مع تلك الجمعيات رغم كثرة الشكاوى من المواطنين من عدم حصولهم على أية مساعدة.
 
 الأكاذيب أكثر من الطحين
خلال العام الماضي ادعت السعودية تقديم 570 مليون دولار على شكل مساعدات إغاثة لشعب اليمن، وادعت الإمارات تقديم مساعدات بقيمة 1,64 مليار دولار، والمبلغان مجتمعين يشكلان أكثر من 90% من إجمالي احتياجات خطة الاستجابة الإنسانية لليمن خلال العام 2016، والمقدرة بـمليار و800 مليون دولار، لكن الأمم المتحدة أعلنت أن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لم تحظَ سوى بـ49% فقط من إجمالي الاحتياج في العام 2016.

 لصوص بالإجماع
يتفق الجميع أن المنظمات والجمعيات الإغاثية العاملة معها تعمل في الكواليس وأبعد ما تكون عن الشفافية، وأن المساعدات لا تصل إلى المحتاجين، حيث يمكن ملاحظة حجم الشكاوى الضخمة من الفقراء والنازحين عن تكرار تسجيلهم عبر أخذ بياناتهم الشخصية وبيانات عن عدد أفراد الأسرة ومكان السكن ورقم الهاتف، إلا أن ذلك لا يثمر عن شيء على حد تعبير الكثير من الفقراء والنازحين، وبإمكان الأمم المتحدة والمنظمات المانحة التأكد من مسألة وصول المساعدات من عدمه عبر النزول وتقصي الحقيقة من المستهدفين بهذه المساعدات أنفسهم.

 الجوع في الجنوب والشمال
مطلع العام الحالي قامت جمعية الإصلاح بالتعاقد مع مركز سلمان لتوزيع الإغاثة في 7 محافظات جنوبية، والنتيجة كانت فضائح موثقة لدى أبناء تلك المحافظات، والذين رفعوا صوتهم بالشكوى من عدم حصولهم على أية مساعدة تذكر، فقد نشر الكاتب سعيد الحسيني، نهاية مارس الماضي، مقالاً في أحد المواقع الإلكترونية، قال فيه إن جمعية الإصلاح قامت ببيع الإغاثة المقررة لمحافظة شبوة للتجار في محافظة أبين.
ورغم أن أجزاء من المحافظات الجنوبية باتت تحت احتلال تحالف النفط الثري، إلا أن الأوضاع المعيشية فيها لا تختلف عن الأوضاع المعيشية للمواطنين في المحافظات الشمالية القابعة تحت الحصار.
فالمناطق المصنفة بأنها أكثر المحافظات استقبالاً للنازحين مثل أمانة العاصمة ومحافظة إب، لم تسجل أي نشاط إغاثي لجمعية الإصلاح والجمعيات التابعة لها.
وفي المقابل يمكن ملاحظة البيانات الكثيرة الصادرة عن جمعية الإصلاح للإشادة بما يسمى (جهود مركز سلمان لإغاثة اليمنيين)، والزيارات التي قامت بها جمعية الإصلاح لمركز سلمان في السعودية.

 أساليب ملتوية لدعم الإرهاب
 أداء الكثير من الجمعيات الخيرية، وعلى رأسها جمعية الإصلاح، يثير الكثير من علامات الاستفهام، ويرى البعض أن دور هذه الجمعيات لا يقتصر فقط على المتاجرة والارتزاق من وراء بيع المساعدات، بل يتجاوزها لما هو أخطر من ذلك بتوفير الدعم المادي للجماعات الإرهابية، عبر بيع المساعدات من أجل توفير المال للجماعات المتطرفة، بأساليب ملتوية يصعب من خلالها على المجتمع الدولي إثبات حدوث تمويل مباشر من السعودية للجماعات الإرهابية، وبما يوفر الحرج على السعوديين والإماراتيين من قضية تمويل الإرهاب. وإلا كيف يمكن تفسير الفجوة الشاسعة بين ما تعلن عنه الدولتان من مساعدات، وارتفاع حدة الاحتياجات للإغاثة في مختلف المحافظات اليمنية؟!

 الدعاية الخيرية
وإضافة إلى ذلك، تقوم جمعية الإصلاح، ومعها عدد من الجمعيات والمنظمات التركية، بمهمة إضافية تتمثل بتلميع وجوه السعوديين والإماراتيين الملطخة بدماء المدنيين الأبرياء في اليمن، وطبعاً لن يجد القاتل أفضل من مرتزق يرتدي ثياب الضحية، ويبدأ بمدح وتسويق الدور الرحيم للقاتل.