أكثر من (1221)مدرسة تدمرت أو تضررت بسبب القصف
بعد هجران طويل.. طلاب اليمن يعودون إلى مدارسهم


ثمانية أشهر خلت والمدارس محرومة من احتضان أبنائها، ولم يجد الطلاب غير القصف والقتل والتدمير الذي يمارسه تحالف العدوان بحق أبناء اليمن ومنشآتهم التعليمية والخدمية، كانت الكتب والأقلام ضمن ركام الدمار، وبعد مضي تلك الفترة من الانقطاع ينبش الطلاب الركام ويستخرجون كتبهم وأقلامهم ليضعوها في حقائبهم متجهين صوب المدارس؛ حيث دشنت وزارة التربية والتعليم في الأول من نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري بدء العام الدراسي الحالي 2015-2016، ويؤكد مسؤولون في الوزارة أن التلاميذ قد أضاعوا ما يكفي خلال العام الماضي، وأن العام الدراسي بدأ وسيستمر مهما كانت الظروف وبالإمكانيات المتاحة.
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي نفذ العشرات من طلاب وطالبات المدارس الأساسية بالعاصمة صنعاء وقفة احتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة احتجاجا على استمرار العدوان السعودي بقصف اليمن وتدمير المدارس وحرمانهم من التعليم وجعلهم عرضة للقتل والإعاقة. مؤكدين أنهم منذ سبعة أشهر خلت لم يعودوا إلى مدارسهم ولم يروا كتبهم وأقلامهم، لكنهم يشاهدون طائرات العدوان وأشلاء ضحايا قصفها والدمار الذي تخلفه طيلة 225 يوماً هي عمر العدوان على اليمن.
أكثر من 1221 مدرسة تدمرت أو تضررت بسبب القصف، فيما حُرم 6 ملايين طالب من التعليم بسبب العدوان، حسبما ورد في التقرير الثالث والعشرين للائتلاف المدني لرصد ضحايا وآثار العدوان على اليمن.
وكان مدير مكتب منظمة رعاية الأطفال الأممية في اليمن إدوارد سانتياغو قد أوضح في وقت سابق أنه قد تم إغلاق المدارس منذ بدء الضربات الجوية التي تحدث أثناء النهار مما أثار مخاوف بشأن عدد الأطفال الذين حُرموا من التعليم ولم يستطيعوا إنهاء عامهم الدراسي الماضي. 
إلى ذلك فقد شهدت المحافظات اليمنية عدا المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة بين قوات الجيش واللجان الشعبية من طرف، والقوات الاحتلالية والمجاميع الإرهابية من طرف آخر، إقبالاً طلابياً كبيراً على المدراس بنسبة تفوق 75% في إطار حملتي العودة إلى المدارس واستعادة الكتاب المدرسي، في صورة تعكس صدارة قرار التحدي الذي تخوضه اليمن للدفاع عن حاضرها وصناعة مستقبلها.
وقال نائب وزير التربية والتعليم الدكتور/ عبدالله الحامدي، خلال تدشينه العام الدراسي الجديد بأمانة العاصمة: "إن العودة إلى المدرسة هي عودة للحياة ورسالة قوية للعدوان الظالم بأننا مستمرون في الحياة، وأبناؤنا الطلاب هم الجيل الذي نراهن عليه لبناء مستقبل الوطن". داعياً المعلمين والمعلمات إلى الانضباط الوظيفي وتعزيز قيم الوطنية وإرساء ثقافة المحبة والتسامح في نفوس الطلاب ومعالجة الآثار النفسية التي تعرضوا لها جراء العدوان الغاشم على بلادنا.
على ذات الصعيد يقول صالح الدبيلي ـ وكيل مدرسة: "بدء العام الدراسي دليل على صمود الشعب اليمني بكل فئاته في مواجهة العدوان، وقد شهدت المدارس إقبالاً غير متوقع من الطلاب بما نسبته 85% ومواظبة أعضاء هيئة التدريس".
وأضاف أن الطابور الصباحي والحصص المدرسية تُجرى في ظل تحليق طائرات العدو في صورة تكشف مدى ثبات وعزيمة الطلاب والمدرسين على استمرار الحياة التعليمية، مؤكداً على أولياء الأمور بضرورة الدفع بأبنائهم إلى المدارس لمواكبة صمود أبطال اليمن في الجبهات ومواجهة العدو، بالعودة إلى الحياة التعليمية وممارسة أنشطة الحياة الطبيعية.
ولأن تحالف العدوان في مراحل احتضاره الأخيرة يبدو أكثر هستيرية وانتقاماً، إذ يسعى أكثر من ذي قبل لإشباع نزعته الانتقامية، إثر ذلك تتخذ الوزارة عدداً من الإجراءات الاحترازية لتأمين الطلاب وتوفير أجواء ملائمة لسير العملية التعليمية، وقال الحامدي: "إن الوزارة قامت بالتواصل مع كافة الجهات الدولية المعنية لتأمين بدء العام الدراسي وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة التي سُلمت لها رسالة من وزارة التربية تتضمن إحداثيات المدارس في الجمهورية اليمنية".
وفي ذات السياق أكد الناطق الرسمي لـ "اليونيسيف" في اليمن محمد الأسعدي أن المنظمة ستقدم كل إمكاناتها لدعم أطفال اليمن ليحصلوا على حقهم في التعليم، مبيناً أن "اليونيسيف" تجري تواصلها مع كافة أطراف الصراع لتأمين المدارس ولكي يتمكن 6 ملايين طالب وطالبة من الدراسة في ظروف آمنة.
إلى ذلك أُقيمت دورة تدريبية في مجال الأمن والسلامة لـ 350 مدرس ومدرسة في أمانة العاصمة تهدف إلى إكساب المعلمين مهارات الإخلاء والإنقاذ للتعامل مع كل الظروف خاصة مع استمرار العدوان.
ولضمان عام دراسي دون اختلال أو تصدع جراء استمرار العدوان والآثار الناجمة عنه، فإن خطة العودة إلى المدارس تتضمن عدداً من المعالجات للمشاكل التي فرضها واقع العدوان، والتي من أبرزها مشكلة النازحين، حيث يتم تقسيم عدد الطلبة في كل مدرسة بحسب الصف والعدد إلى نصفين على أيام الأسبوع أي يدرس كل نصف 3 أيام، وكذا توزيع الطلبة من المدارس التي تضررت بسبب قصف العدوان ويستحيل انتظام الدراسة فيها في الوقت الحالي ووجود نازحين فيها إلى قرب المدارس المجاورة، إضافة إلى تنظيم قبول الطلبة على مستوى المناطق التعليمية والمدارس بحيث لا تكون أوامر قبول الطلبة من المكتب أو المناطق عبارة عن شكل روتيني لا يتناسب مع الوضع الصعب وحجم الاستيعاب وعمل قاعدة بيانات ومعلومات للطلبة المنقولين أو النازحين من وإلى المحافظات أو من وإلى المناطق وفي المديرية نفسها.
من جهتها أكدت صباح النمري ـ مديرة مدرسة، بقولها : "إننا نتحدى المصاعب لتسيير العملية التعليمية بالإمكانيات المتاحة من خلال استرجاع الكتب القديمة من الطلاب لتوفير الكتاب المدرسي، وتخفيف روع وفزع بعض الطلاب من ممارسات العدوان الهمجي". مبينةً أن القصف لم يستثنِ الأحياء والمدارس وعلى أولياء الأمور التعاون مع المدرسة بتشجيع أبنائهم على العودة إلى المدارس، وعلينا أن لا نستسلم للعدوان، وأن نستمر في حياتنا التعليمية، وأن هذا العدوان لن يكسر صمود الشعب اليمني.
وأوضحت النمري تخوف بعض أولياء الأمور من الدفع بأولادهم إلى المدارس في ظل استمرار العدوان، وقالت: "قد عملنا على معالجة ذلك التخوف عن طريق مجلس الآباء وخطباء المساجد، بالإضافة إلى عدم توفر الكتاب المدرسي، وقد شهدنا تفاعلاً كبيراً من الطلاب وأولياء أمورهم، حيث أقبل الطلاب بكتبهم القديمة وكان حضورهم مشجعاً".
حمدي بعثر ـ طالب في المرحلة الإعدادية، لاحظ ضعف الإقبال المعهود على المدارس، وعبَّر عن صموده وإصراره على التعليم بقوله: "مهما استمر العدوان فصمودنا لا ينكسر وسنعود إلى المدارس لنستكمل تعليمنا".
أما طلاب المناطق التي تشهد صراعاً مسلحاً، فلا يرون أملاً في العودة إلى مقاعدهم الدراسية جراء تعرض العديد من المدارس للتدمير وتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية، ويعقدون آمالهم على حل يُنهي الصراع، ويسمح بعودتهم إلى المدارس لاستكمال تعليمهم.
وفي إطار تشجيع الأطفال وتهيئتهم للعام الدراسي الجديد أقامت مبادرة (يمنيات ضد العدوان) بأمانة العاصمة فعالية بعنوان "أطفالنا.. صمود في مواجهة العدوان" بالتزامن مع بدء العام الدراسي احتفاءً بصمود أطفال اليمن وشجاعتهم في وجه العدوان الغاشم، بالرغم من صمت العالم والمنظمات المعنية بحقوق الطفل، إذ راح قرابة 2000 طفل بين شهيد وجريح لم يستطع مشاركة زملائه فرحة بدء الدراسة، وهاهم اليوم أكثر صموداً ولا يعبؤون بجرائم العدوان التي يرتكبها بحق طفولتهم، لتمام إدراكهم بأن مستقبلهم المنشود هو في الخلاص من الهيمنة السعوأمريكية وأذنابها.