جوناثان مارشال
موقع كونسيرتيوم نيوز 

في عالم من التنظيمات سيئة الفعل يعد تنظيم القاعدة هو الأسوأ من الجميع، والذي يتخذ من اليمن مقراً له في شبه الجزيرة العربية، التي وصفتها وكالة المخابرات المركزية بأنها (أخطر عقدة إقليمية في الجهاد العالمي). حيث تعد العقل المدبر في تفجير (يو إس إس كول) عام 2000؛ ومحاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية في ديترويت يوم عيد الميلاد، 2009؛ وإسقاط طائرة شحن يو بي إس في 2010؛ وتبني التنظيم  الهجوم الذي وقع في 2015 على مكاتب مجلة (شارلي هيبدو) في باريس، مما أسفر عن مقتل 11 شخصاً وجرح 11 آخرين.
وكل ذلك يثير سؤالاً محرجاً: لماذا تدعم الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية الحليف الرئيسي للقاعدة في اليمن؟
أفادت تقارير نشرها موقع (ميدل إيست آي) الإخباري أن عبد المجيد الزنداني، رجل الدين اليمني، (مؤيد القاعدة المخضرم) و(المستشار الروحي السابق لأسامة بن لادن)، يتجول بكل أريحية في المملكة العربية السعودية، حتى إنه قام بنشر مقاطع فيديو على  (يوتيوب)  يمجد الحرب السعودية على وطنه ومسقط رأسه.
على ما يبدو أن لا أحد في الرياض يهتم بأنه على قائمة  الإرهاب العالمية الخاصة التي وضعتها وزارة الخزانة الأمريكية عام 2004، حيث تم وصف الزنداني كمجند لمعسكرات تدريب الإرهابيين والمشتري الرئيسي للأسلحة للقاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى. لكن في الواقع، تلقى الزنداني استقبالاً حاراً من كبار رجال الدين والمسؤولين في المملكة، (بمن في ذلك أحد مستشاري المحكمة الملكية، وفقاً لموقع ميدل إيست آي الإخباري).
وتعتقد المصادر أيضاً أن (5 يمنيين على الأقل اعتبرتهم وزارة الخزانة الأمريكية إرهابيين قدموا الدعم ونسقوا بعض العمليات العسكرية السعودية في اليمن مع القوات المتحالفة مع المملكة على الأرض). أحد كبار هؤلاء المؤيدين للقاعدة في اليمن، هو نايف القيسي، قابلته قنوات تلفزيونية متزلفة مراراً وتكراراً في المملكة العربية السعودية، والذي كان يشغل منصب محافظ محافظة البيضاء حتى أواخر شهر يوليو. 
والأكثر غرابة هو أنه أحد زعماء القاعدة المعروفين، والذي عاش في السعودية منذ ما يقرب من 3 سنوات، لكن اسمه ورد في قائمة الإرهابيين الذين اتهمت السعودية دولة قطر بإيوائهم. وكانت السعودية و4 دول عربية أخرى قطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، في مطلع يونيو الماضي، بسبب ادعاءات بأن الدوحة تدعم المتطرفين.

دمار اليمن
منذ مارس 2015، قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفاء عرب آخرون بشن الحرب على اليمن بدعم لوجستي من الولايات المتحدة من أجل السيطرة على اليمن من الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وتهدف الرياض إلى إعادة منافس صالح، الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي انتهت ولايته القانونية في فبراير 2015.
وعلى إثر ذلك، لقي عشرات الآلاف من اليمنيين مصرعهم بسبب القتال، كما أن المدن التاريخية دمرتها الغارات الإرهابية السعودية، وأكثر من 400 ألف شخص أصيبوا بالكوليرا الفتاكة. ويعاني ما يقرب من مليوني طفل وملايين من البالغين من سوء التغذية بسبب الإشكالات المتعلقة بالإمدادات الغذائية والحصار السعودي على موانئ اليمن.
المعاناة والفوضى توفران أرضاً خصبة لنشأة وازدهار القاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي سيطرت على أحد أكبر الموانئ في اليمن لعدة أشهر. وخلص تقرير خاص لوكالة (رويترز) العام الماضي إلى أن (التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن بدعم من الولايات المتحدة ساعد القاعدة في شبه الجزيرة العربية لتصبح أقوى من أي وقت مضى منذ أن ظهرت لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً).
وحتى صحيفة (ذي ناشيونال) الصادرة في دولة الإمارات العربية المتحدة أيقنت الشهر الماضي أنه (مع غياب قرار سياسي يعالج المظالم المحلية ويبني ويمكن الدولة المركزية بحيث تستطيع توفير فرص العمل والخدمات، شغلت القاعدة الفراغ ووجد مقاتلوها دوراً، بينما اكتسب السرد الطائفي الذي تروج له المجموعة قوة متزايدة).
هذا ليس فقط بسبب التهديد المحتمل للقاعدة في شبه الجزيرة العربية لأمن الولايات المتحدة، ولكن لأن المنطق القانوني الوحيد الممكن لاستمرار التدخل العسكري الأمريكي في اليمن هو تفويض عام 2001 لاستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، الذي يوافق على العمليات ضد القاعدة، وليس في دعم حلفائها. أعضاء الكونغرس يبدون متململين حول قضايا قانونية كهذه، بينما تستمر أموال الضرائب الأمريكية في تمويل الكارثة الإنسانية في اليمن، مع عدم وجود نهاية لها في الأفق.

زيادة قوة القاعدة 
القاعدة في شبه الجزيرة العربية اكتسبت الكثير من الحضور من خلال الاستفادة من الاستياء المحلي المتزايد تجاه عمليات مكافحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة التي تؤدي إلى قتل المشتبه بهم أو تعذيبهم.
وفي تطور غريب نموذجي للتحالفات في الحرب التي لا نهاية لها، انضمت القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى القوات الموالية للسعودية في هجمات دموية لاستعادة مدينة تعز الجنوبية من الحوثيين.
وقال قاسم الريمي، القائد العسكري للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، في ربيع هذا العام: (نحن نقاتل مع جميع المسلمين في اليمن، جنباً إلى جنب مع الجماعات الإسلامية المختلفة) ضد الحوثيين.
على الرغم من أن الولايات المتحدة وضعت 5 ملايين دولار على رأس الريمي، ذكرت وكالة أنباء (أسوشيتد برس) أن قواته (تتلقى بانتظام الأموال والأسلحة من التحالف السعودي الذي تدعمه الولايات المتحدة).
ومن المفارقات أنه قبل ساعات قليلة من قتل الكوماندوز الأمريكي لزعيم قبلي آخر مرتبط بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في أواخر يناير (جنباً إلى جنب مع العديد من الأطفال)، كان هذا الشيخ القبلي قد قام بترتيب تحالف مع الرئيس هادي المدعوم من السعودية بدفع مقاتليه القبليين للانضمام إلى القتال ضد الحوثيين مقابل حصوله على ٦٠ ألف دولار.
لا عجب أن مجموعة الأزمات الدولية ذكرت مؤخراً أن (الفرع اليمني لتنظيم القاعدة أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى)، وأن القاعدة في شبه الجزيرة العربية (تزدهر في بيئة انهيار الدولة، وتزايد الطائفية، وتحول التحالفات، والفراغات الأمنية، واقتصاد الحرب الناشئ). وأضافت أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد برزت على أنها أكبر الفائزين في عملية الانتقال السياسي الفاشلة والحرب التي أعقبت ذلك.
إن استهداف زعماء القبائل الإسلاميين بمزيد من القنابل والطائرات بدون طيار والغارات العسكرية - كما يبدو أن إدارة ترامب تميل إلى القيام بذلك - سيؤدي ببساطة إلى تفاقم المعاناة المدنية وتعزيز حضور القاعدة في شبه الجزيرة العربية. 
هناك طريقة واحدة فقط لتجفيف دعم القاعدة: يجب على المجتمع الدولي المطالبة بوقف إطلاق النار، وعدم إرسال الكتائب الأجنبية، وتعزيز التسوية السياسية بين جميع الأطراف المعنية في اليمن، وإرسال المساعدات الغذائية والطبية لتخفيف المعاناة الكبيرة على للسكان.