54 عاماً من عمر ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة، حين اجتاحت جموع الثائرين قلاع المستعمر البريطاني وعملاءه، واجترحت ميلاداً جديداً لشعب مثخن بقيود الاستعباد وسياسات التمزيق الإمبريالي وويلات التجويع وسياط السلاطين.. بيد أنها اليوم وبعد أكثر من نصف قرن، انتهى بها الحال كسيرة وحبيسة أقفاص المنظومة الاستعمارية الدولية وكياناتها الوظيفية الخليجية التي تواصل افتراعها أرضاً وإنساناً ومنجزاً وهوية.
كيف، ومن، ولماذا، وأين، وماذا... أسئلة نوجهها لضيفنا اليساري والقيادي في الحراك الجنوبي حسين زيد بن يحيى، نائب وزير الشباب والرياضة، في محاولة لمقاربة المشهد الماثل في المناطق الواقعة تحت الاحتلال، وكيف انتهت إلى هذا المآل، وما السبل لتغيير واقعها الراهن..
انتقام من ثورة أكتوبر
 اليوم ونحن نحيي الذكرى الـ54 لثورة الـ14 من أكتوبر.. كيف ترى واقع الثورة ومكتسباتها في ظل الوضع الراهن الذي يخيم على المحافظات الجنوبية وبمقدمتها عدن؟
نحن نعيش حالياً احتلالاً إماراتياً سعودياً أمريكياً، وواقع ما قبل ثورة 14 أكتوبر نعيشه مجدداً، والوضع هناك مزرٍ ومأساوي، وفي معاناة شديدة من فقر وانعدام خدمات وأمن، وسجون تعذيب، وانتشار واسع للجماعات الإرهابية والوهابية...، أيضاً هناك تهجير لأبناء المحافظات الشمالية مقابل توطين شذاذ الآفاق، تماماً كما كان يحدث قبل الثورة من توطين للهنود والصوماليين وتهجير لأبناء تعز وغيرهم. هذه العنصرية هي فعل الاستعمار.. وأتساءل: من يقبل أن بيت الشهيد الرئيس الأسبق عبد الفتاح إسماعيل تطرد أسرته منه، ويمنح لشخص من أصول هندية يحمل الجنسية الإمارتية؟! هناك انتقام الآن من ثورة أكتوبر من قبل أعدائها القدامى/ الجدد، ومحاولة لتصفيتها ومكتسباتها من أجل تمرير مصالح ومشاريع المستعمرين، والتي تأتي ضمن أهداف هذا العدوان المهول على وطننا اليمني.
مشروع (اتحاد الجنوب العربي) عاد مجدداً، وهو المشروع الكولونيالي الاستعماري الذي أنشأه الاستعمار البريطاني لتمزيق البلاد. فعلياً لقد تحول الواقع في الجنوب إلى واقع ظلامي رجعي بيد الاستعمار وأمراء حرب صيف 94م، وهو ما هيأ جنوب البلاد للاحتلال والغزو اليوم.. أما دعوات الاحتفال الآن هناك هي من جهات لا علاقة لها بالثورة، فأكتوبر ثورة تحرر وطني لكل الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه.

إسقاط الهيمنة والوصاية
 يشير حديثكم إلى أن الثورة انتكست!
فعلياً كما انتكست الثورة في الشمال في 5 نوفمبر 67م، وانتصرت في عدن 30 نوفمبر 67م، اليوم انتكست في الجنوب، وهذا حال كثير من الثورات، لكن دوماً ما تنتكس ثورات وتولد أخرى، و21 أيلول جاءت كثورة تحرر وطني لليمن ككل، وهي تصحح مسار الثورات السابقة، وستنتصر لثورة أكتوبر التي يواصل الاحتلال وعملاؤه اغتيالها الآن. وكحراك جنوبي نحن ثورة للتحرر والاستقلال ولإسقاط الهيمنة والوصاية على وطننا اليمني.

تعز نقطة انطلاق تحرير الجنوب
 ذكرتم في دعوة الاحتشاد لإحياء ذكرى الثورة: (ونحو تحرير المحافظات الجنوبية المحتلة).. هل نحن على موعد مع بداية التحرير حقاً؟
نعم هو تحرير فعلاً، وهذا التحرير بالنسبة لتحرير الجنوب يستلزم نضالياً أولاً تحرير تعز، وأن تستعيد دورها الوطني، فمنها نقطة الانطلاقة لتحرير جنوب البلاد وشرقها، والمد الثوري بدأ في عدن بفعل تحرر تعز، فعندما تتحرر تعز وتستعيد دورها القيادي والريادي، تكون عملية تحرير الجنوب سلسة وسهلة، وإن شاء الله هذا ما سيحدث ما بعد الذكرى.

ما أشبه الليلة بالبارحة
  واختيار تعز لإقامة الفعالية المركزية لإحياء ذكرى الثورة، يأتي في هذا السياق. أليس كذلك؟!
كلنا نعلم أن مدينة تعز الحالمة والباسلة كانت منطلق ثورة أكتوبر، وهي المدينة التي تشكلت فيها الجبهة القومية وحركة القوميين العرب، وأبرز قيادات الثورة منها كالقائد سلطان أحمد عمر والشهيد عبد الفتاح إسماعيل ومهيوب الشرعبي (عبود) والصغير بدر... وغيرهم الكثير. وتعز الآن تستعيد ذاكرتها الوطنية الجمعية ووعيها الوطني والثوري كحاضنة للثورة ودرب التقدم والتغيير وقاعدة الحركة الوطنية، وفيها نجدد العهد لشهدائنا شهداء أكتوبر، ولبدء مشوار جديد يمثل حقيقة ثورة أكتوبر كمعركة للتحرر والاستقلال التي ستنطلق من تعز مجدداً.
والوضع اليوم شبيه بالأمس، ولهذا كانت كل قوى الثورة في صنعاء وعدن قد أجمعت على أن يكون الاحتفاء بثورة أكتوبر في تعز، كما هو تكريم لهذه المحافظة التي تم تهميشها 54 عاماً، حيث لم يقم فيها أي احتفال مركزي لثورة أكتوبر، بينما الكل يعرف أن أول مؤتمر للجبهة القومية للتحرير في 65م كان في تعز، وتباشير فكر اليسار كان من تعز التي كانت مقراً لأول منبر يساري في اليمن أسسه رمز اليسار باذيب عام 58م.
الآن تعز تستعيد وعيها ودورها كرائدة لحركة التحرير الوطني للجنوب، وكما قاومت البرتغاليين الذين حاولوا احتلال عدن، والأيوبيين والمماليك والبريطانيين...، ستنهض بدورها التاريخي لتحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال.

تهيئة وإعداد لعملية التحرير
 وهل هناك إعداد وتنظيم عسكري لأبناء المحافظات الجنوبية لمحاربة الاحتلال، خاصة أنه سبق وأطلقت دعوات من قياديات جنوبية لذلك في الفترة الماضية؟
نعم, الآن تجري عملية إعداد ثقافي وتعبوي وعسكري, وحين تتهيأ العوامل العسكرية المناسبة ستنطلق عملية التحرير للمناطق الجنوبية إن شاء الله.
 
صمام أمان الجنوب
 في سياق الحديث عن محافظة تعز، نتابع منذ مطلع العام الجاري عمليات زج متواصلة لعدد ضخم من أبناء المحافظات الجنوبية إلى مفرمة موت شرسة، خاصة في الساحل الغربي.. ما هي أهمية تعز للحراك الجنوبي، وأنا أعني هنا الجغرافيا؟
جغرافياً، تعز ومرتفعاتها هي صمام أمان الجنوب، وهي الظهر الحامي لمنفذ باب المندب ومدينة عدن، وتاريخياً كانت محافظة عدن هي الميناء التاريخي والطبيعي لتعز.

ممارسات القوى الظلامية تسببت
في ظهور القضية الجنوبية
 في ضوء المستجدات الأخيرة على الساحة الوطنية، وتحديداً المحافظات الجنوبية.. ما هو مصير القضية الجنوبية؟
أخي العزيز، كما يعرف جميع أبناء شعبنا اليمني أنه لم يكن هنالك شمال وجنوب سابقاً في التاريخ اليمني كله، وإبان حقبة الاستعمار ناضل أبناء الشعب اليمني عموماً من أجل الثورة في الشمال والجنوب، وعمل وقواه الوطنية لتحقيق الوحدة اليمنية وإعادة الوحدة بين الشطرين كحالة أتى بها الاستعمار البريطاني والعثماني، خصوصاً البريطاني، فقد عمل كثيراً لترسيخ هذا المفهوم في الوعي بأن هنالك (شمالاً) و(جنوباً). لكن بعد الاستقلال عمل الشعب جاهداً لتحقيق الوحدة اليمنية، وفعلاً فرضها في 22 مايو 1990 على القوى الرجعية التي كانت تحاربها تنفيذاً لمشروع الرجعية والاستعمار.
لكن القوى الظلامية حين فجرت حرب صيف 94م، وقامت بالاغتيالات، وارتكبت جرائم بشعة بحق الشعب اليمني، خاصة أبناء الجنوب وقيادات الحزب الاشتراكي، وتعسفها للأمور وفرضها قسراً لواقع وظروف حياة يخدمها ومصالحها مقابل البؤس والشقاء لليمنيين؛ ومن هُنا ظهرت القضية الجنوبية والحراك الجنوبي. بالعودة إلى مذكرات المقبور عبدالله بن حسين الأحمر يعترف الأخير بأن حزب الإصلاح تأسس بعد الوحدة من أجل التآمر ضد شريك الوحدة اليمنية، وتدمير هذا المشروع.

وحدهم يتحملون نتائج ما وصلنا إليه
 لا ننكر عدالة القضية الجنوبية, لكن ألا تعتقد أن الغزو والاحتلال يقوم بتوظيفها لصالح مشروعه الاستعماري التمزيقي للبلد ككل؟!
من تسبب في حرب 94، ومن تسبب بإذلال الجنوب، ومن عمل لنشر الفكر الوهابي التكفيري والظلامي بين أبناء المحافظات الجنوبية، هو من يتحمل مسؤولية هذه النتائج التي وصلنا إليها اليوم.. 
 أتعني بحديثك أن ممارسات السلطة ما بعد 94 قد دفعت بالكثير من أبناء المحافظات الجنوبية للارتماء في أحضان العدو التاريخي لليمن؟!
نعم, ولم تكن موجودة قبلها. وللتذكير، ففي تاريخ 10 فبراير 59م حين أنشأ البريطانيون مشروع الجنوب العربي الاستعماري.. من خرج لمواجهة هذا المشروع وأسقطه؟ إنهم أبناء المحافظات الجنوبية اليمنية.

القضية الجنوبية مُخترقة
 وماذا عن قيادات بارزة للحراك الجنوبي تقف اليوم بصف وإلى جانب من ارتكبوا البارحة أبشع الجرائم بحق أبناء المحافظات الجنوبية، مثل علي محسن الأحمر والزنداني والديلمي وهادي نفسه الذي كان آنذاك وزيراً للدفاع؟!
نحن في الحراك الجنوبي نرفع شعار التحرر والاستقلال من الوصاية ومن عملائها الذين هم أمراء حرب 94م وتكفيريوها, لكن للأسف في معمعان هذا النضال هنالك من سقط والتحق بصفوف العدو لمصالح وأغراض ذاتية مادية وغيرها من الأسباب، لكن الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية لا تعترف بهؤلاء.

 لكن طبقاً لما تقولون، فالقضية الجنوبية تم اختراقها من قبل العدو!
نعم مثل أية ثورة في العالم.

لا حل إلا في الإطار الوطني
 وما الحل لهذا الوضع؟
الحل هو في معركة الاستقلال الممتدة من ساحة صنعاء إلى ساحة عدن. حل القضية الجنوبية في ظل هذا الوضع يكون عبر التحرر الوطني اليمني الشامل لكل البلد، وتحقيق الاستقلال الفعلي، والخروج من الوصاية والارتهان، فالقضية الجنوبية لن تحل إلا في هذا الإطار الوطني، وليس عبر التدويل واستجلاب الغزاة وشذاذ الآفاق. حلها لا يتم إلا في مربع الوطنية اليمنية, الهوية اليمنية الجامعة. أعني أن قيام دولة وطنية يمنية مستقلة هو شرط أساسي لحل القضية الجنوبية، وعبر دولة اتحادية من إقليمين مزمنة.
واليوم، وفي ظل ثورة 21 أيلول، وبكفاحنا لإسقاط الهيمنة والوصاية بشكل كامل، هو ما سيمكننا من حل القضية الجنوبية بشكل عادل, والوحدة اليمنية لا خوف عليها من أبناء المحافظات الجنوبية، فهم السباقون إلى الوحدة.

الحراك مع تحرير الجنوب وليس انفصاله
 بشكل عام، كيف تقرأ تموضعات الحراك الجنوبي وقياداته ومختلف الفصائل هناك؟
للأسف الحراك الجنوبي أحياناً تتم الإساءة إليه من بقايا النظام السابق. من يقف إلى جانب الاحتلال القائم للجنوب هي الجماعات السلفية، ونعم هناك أفراد من الحراك الجنوبي، وهؤلاء هم الذين دخلوا مؤخراً في الحراك الجنوبي، وربما بإيعاز من القوى الإقليمية المتربصة بالجنوب والثورة، وليس للحراك علاقة بذلك. الحراك هو من أجل التحرير، ولا يمكن أن يرضى باحتلال الجنوب من قبل تلك الدويلات الرجعية، وما يؤكد ذلك عند خروج الحراك في عدن والجنوب يرفع علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وهي التي كانت قاعدة المقاومة ضد المشاريع الإمبريالية في المنطقة، وفي مقدمتها الرجعية العربية السعودية، وبالتالي الحراك الجنوبي هو مع دولة التحرير والاستقلال التي يمثلها الآن 21 أيلول.
الآن العدوان يهدف إلى الاستيلاء على المحافظات الجنوبية لثرواتها ولموقعها الجغرافي، وكما أكدت ملازم الشهيد القائد السيد حسين أن أمريكا تصنع الجماعات الإرهابية وما يسمى القاعدة لإيجاد مبرر لاحتلال البلدان، وهذا ما يجري في الجنوب الآن، الإمارات والسعودية تعملان على زرع هذه الكيانات المتطرفة في الجنوب حتى توجدا مبرراً لأمريكا لاحتلال جزيرة ميون وباب المندب وسقطرى، للتحكم بمنفذ البحر الأحمر الجنوبي ولاحتلال سقطرى المسيطرة استراتيجياً على المحيط الهندي.

إدراك شعبي بضرورة التحرر من الاحتلال
 هل هناك تواصل مع قيادات للحراك الجنوبي في المناطق المحتلة؟
نعم, ومعظم جماهير الشعب هناك وبعد 3 سنوات من العدوان والاحتلال، تأكد لها أن الواقع حالياً هو واقع احتلال، وهنالك فعلاً توجه لإعادة التحرير، ولكن اختلال التوازن الاستراتيجي والتسليحي، وخاصة أن أرضية المحافظات الجنوبية منبسطة ساحلياً، الأمر الذي يعيق انطلاق حركة الكفاح المسلح لتحرير محافظات الجنوب. ولهذا نحن نقول إن صمود صنعاء ودحر المحتل في الحدود والساحل ضمانة لبدء معركة تحرير المحافظات الجنوبية من الاحتلال.

أبناء الجنوب شركاء في 21 أيلول
 ما هو دور القيادات الجنوبية اليوم المتواجدة داخل نطاق السيطرة الوطنية وفي العاصمة صنعاء؟
نحن أبناء المحافظات الجنوبية شركاء أساسيون في 21 أيلول، وهو ما يعطي السلطة القوة في صنعاء، وينعكس إيجاباً على محافظات الجنوب، ولهذا نحن أبناء المحافظات الجنوبية في كل معارك التصدي للعدوان السعودي الظالم، وهناك شهداء من الجنوب سواء في الساحل الغربي أو الحدود. ودورنا قائم في العمل التعبوي والتوعوي، والإعداد المعنوي والروحي والعسكري والسياسي.

مزايدات قوى الثورة المضادة
 في عدن ومع دخول العدوان إليها في يوليو 2015م، تابعتم بالتأكيد كيف يداس علم الجمهورية والثورة بأقدام المحتلين لترفع أعلام السعودية والإمارات أعلى حتى من أعلام التشطير، في الوقت الذي يزايد فيه دعاة (الشرعية) بالجمهورية على ثورة 21 أيلول التي يعتلي علم الجمهورية كافة مناطق سيطرتها، ويحمله رجالها في كافة ميادين المواجهة والتحرر.. فأين هي الجمهورية فعلاً؟ ومن يجسدها؟!
هذه حملات إعلامية مغرضة لقوى الثورة المضادة والقوى الرجعية في المنطقة. ثورة 21 أيلول اليوم أسقطت نظام وصاية ما يسمى الدول الـ10 والسفيرين الأمريكي والسعودي على صنعاء وعدن, وثورة 21 أيلول كما قلت أنت عزيزي هي من تحافظ على علم الجمهورية اليمنية الذي يداس الآن في المناطق التي تحتلها السعودية والإمارات.
ونقول لكل المرجفين والمنافقين والذين في قلوبهم مرض: جمهورية ومن (قرح يقرح)، وإذا هناك من مكان تغيب عنه الجمهورية فهي المناطق التي يدعي هؤلاء (تحريريها)، وهذا واضح.

مشروع تمزيقي استعماري
 ما مستقبل مشروع الانفصال والتمزيق الأمريكي الذي تواجهه البلاد الآن؟
مشروع دول الاحتلال يهدف إلى فصل المهرة كدولة وحضرموت كدولة وشبوة كدولة، وإبقاء المحافظات الصغيرة كعدن وأبين ولحج كدولة، ولهذا في عدن وأبين ولحج تسمى الأحزمة الأمنية، وفي شبوة تسمى النخبة الشبوانية وفي حضرموت النخبة الحضرمية! هذه العملية إنما هي لتحفيز الهويات الضيقة المنقرضة التي داست عليها وأنهتها وإلى الأبد ثورة 14 أكتوبر.

 هل تعتقد أن هذا المشروع سيمر؟
لن يمر، لن يمر, لن يمر, لأن الشعب اليمني وعى حقيقة الاستعمار الجديد الذي يحاول تفتيت المحافظات الجنوبية حتى يستطيع السيطرة عليها.

 ما هو رهانكم على ذلك؟
رهاننا على شعبنا ووعيه، على الجيش وعلى اللجان الشعبية، وعلى القيادة الثورية المتمثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين، التي في ظلها سنحرر وسندخل عدن والمكلا وحتى حوف إن شاء الله.

بقاء الاحتلال في الجنوب سيزيد نضوج الثورة
 بقراءتكم، إلى أين ستنتهى حالة (العسكرة) التي تعيشها المحافظات الجنوبية، وخاصة عدن التي يعد تركيبها خليطاً وتجمعاً سكانياً متنوعاً؟
العدو يعمل الآن لاستخدام أبناء المحافظات الجنوبية للدفاع عن حدود المملكة المتهالكة السعودية كمرتزقة بالأجر اليومي، مثل السودانيين في الساحل الغربي وميدي. إنه التفكير الاستعماري ذاته إبان الاحتلال البريطاني الذي قام على سياسة (فرق تسد). وهذه النقطة التي أشرت لها أخي, إنما هي لأغراض الاحتلال، وليست لأبناء المحافظات الجنوبية، وما يؤكد هذا هو غياب الأمن عن المحافظات الجنوبية بشكل عام.
واستمرار هذا الحال وبقاء هذه القوات التي لا تمثل مصالح المحافظات الجنوبية، سيكون عاملاً في تعزيز نضوج الثورة وتعجيل حركة التحرير للمحافظات الجنوبية.

قيادات الاشتراكي لا تعبر عن كوادره
 أثناء المؤتمرين العامين الرابع والخامس للحزب الاشتراكي 2000م و2005م، رُفض -تكتيك- أن تكون اللجنة المركزية فيدرالية بين جنوب وشمال من حيث تعطى القضية الجنوبية حضورها في خطاب الحزب وأدائه وأولوياته، دون الوقوع في خندق الانفصال والتقسيم، وأيضاً الحيلولة دون اختراق وتجيير القضية الجنوبية كما هو حاصل.. بينما ذهب خلال الحوار الوطني إلى خيار الإقليمين، ليوقع أمينه العام السابق لاحقاً على خيار الستة أقاليم، وأخيراً تذهب قيادة الحزب لمشروع (الأقلمة) والانسلاخ الذي يعمل عليه الاحتلال اليوم. ما الذي تغير برأيك؟
أخي العزيز, الاحتلال السعودي الأمريكي قبل عدوانه، راهن على مسألتين أساسيتين؛ أولاً التآمر والهيمنة واحتلال الحزب الاشتراكي اليمني، لأن الحزب له جذور ضاربة في وجدان أبناء المحافظات الجنوبية، والثاني كان إشغال أبناء محافظة تعز، ولو حدث أن محافظة تعز لم تغرق في الصراع الذي أثارته العناصر التكفيرية لكانت صمام أمان لمنع احتلال المحافظات الجنوبية, كذلك إقصاء القيادة المدربة والمناضلة واليسارية من قيادة الحزب الاشتراكي اليمني لصالح قيادة للحزب تكون مرتبطة بالرياض وأبوظبي... هنا التغير كان في مواقف القيادة.
أما كوادر الحزب ومناضلوه فكانوا في مقدمة صفوف الحراك الجنوبي، ومقدمة نضالات الشعب اليمني عموماً، وكانوا قادة الحركة الوطنية اليمنية والتحرر الوطني. وأمانة للتاريخ، أن انتصار الثورة والاستقلال وتحقيق الوحدة اليمنية، كان بفضل نضالات الحزب الاشتراكي اليمني. ولهذا نحن نقول إن استعادة الروح الثورية للحزب الاشتراكي اليمني هي نقطة انطلاق لبداية تحرير المناطق الجنوبية وإقامة الدولة اليمنية الوطنية المستقلة.

لا عودة للعهد الاستعماري السلاطيني
 هناك مشهد مؤسف اليوم، وهو طغيان خطاب (الجنوب العربي) في إعلام الحراك والفصائل الأخرى، أيضاً خطاب تأسٍّ على حكم السلاطين، والدعوة لعودة هذا الحكم، وفعلياً نحن نشهد عودة للسلاطين وأبنائهم برعاية خليجية غربية، وتم منحهم الامتيازات والممتلكات، ونصبوا في المواقع القيادية.. ما تعليقكم على ذلك؟!
هذه أحلام مريضة، ولا أعتقد أنه بمقدور أحد تدوير عجلة التاريخ للوراء، للعهد الاستعماري البريطاني السلاطيني. هذه حالياً حالة طارئة للاحتلال الإماراتي السعودي، وأبناء المحافظات الجنوبية سيعيدون بناء دولة وطنية ثورية مستقلة وحدوية حقيقية تمثل مصالح الشعب كاملاً...

 وكيف تجد سماح السلطة -ليس الآن وحسب بل منذ حرب 94م- بعودة السلاطين، في حين تمنع أسرة حميد الدين من ذلك، وتعرف كيف مُنع جثمان الإمام البدر من أن يوارى في اليمن؟! هناك من يرى السبب أن السلاطين هم مشروع تفكيك وتقسيم، بينما أسرة حميد الدين ليسوا كذلك!
نعم، السلاطين في المحافظات الجنوبية هم كمفهوم تاريخي عبارة عن مشائخ القبائل في مناطقهم، والحقبة الاستعمارية وظروفها جعلت منهم حكاماً لحدود سياسية، لكن الشارع قد تجاوز هذه المشاريع، ولن يسمح بعودة تلك البيئة السلاطينية. ولا مانع من عودتهم كمواطنين يمنيين، لكن تلك المكونات الاستعمارية السابقة لا عودة لها.

دولة اتحادية من إقليمين
 بالنسبة لحسين زيد، ماذا كانت رؤيتكم لحل القضية الجنوبية قبل العدوان، ورؤيتكم راهناً؟!
قبل العدوان كنت أرى الحل في استعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لكن بعد ثورة الـ21 من أيلول اختلفت المسألة، إذ إن الثورة أسقطت أهم مراكز التبعية والنفوذ والفساد في البلاد، المتسببين ببؤسنا وشقائنا، وهم من أوصلوا الأمور لهذه الحال في الجنوب، لكنني في ظل ثورة أيلول صرت أرى الحل في دولة اتحادية من إقليمين، في الإطار الوطني، وبتحقيق الاستقلال الشامل.

 أي أن الظروف التي كانت تدفع للمطالبة باستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية زالت؟! أيضاً، أليست ظروف جديدة وجدت اليوم تؤكد على ضرورة الوحدة الوطنية وإنجاز الاستقلال؟!
نعم زالت، وبالتأكيد الظروف الحالية وما نعيشه اليوم، يؤكد أن الحلول للقضية الجنوبية ولكل القضايا هي في الإطار الوطني اليمني.