إسرائيل مسرورة لأن السعودية تقود تحالفاً ضد إيران؛ لكنها غير مسرورة للغاية لكونها تدفع الضريبة السياسية للتعاون الحقيقي
زيفي باريل - من جريدة (هاآرتس)
ما من حليف أفضل لإسرائيل من السعودية؛ فهي تحارب حزب الله, وما من دولة في العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف بعزم إزاء إيران مثل السعودية, حتى إن السعودية لجأت إلى الحرب في اليمن ليس من أجل اليمنيين -الذين تتوقع السعودية أن يموتوا إثر المجاعة على المدى البعيد- بل لكي تحد من نفوذ إيران.
حذرت السعودية حماس من تجديد علاقاتها مع طهران، وتضغط على واشنطن كي تخرج من غيبوبتها وتتحرك لمواجهة الخطر الإيراني, كما تبدو السعودية كأنها ستسر لضم (المحور السني) لإسرائيل, وهذا جيد بالنسبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أقدم بجرأة على التخلص من عدد من الوزراء في معركته ضد الفساد، وهو لا يخشى أن يواجه الأقلية الدينية السعودية.
المملكة العربية السعودية هي حلم الدولة اليهودية، وتصرفها إزاء إيران يخلق مجموعة من الحقائق المسلم بها في ما يخص استراتيجية أمن إسرائيل، وبالتحديد ما تحاول كل الدول العربية جاهدة أن تدمره؛ لكن في المقابل تعزز السعودية فكرة تصوير إيران عدواً أساسياً, ويمكن للمرء أن يتوقع أن ذلك التحالف مع سلطة عربية تتفق تماماً مع وجهة نظر إسرائيل في ما يتعلق بعدوها الأكبر، قد يتطلب بعض الاعتبارات الجدية للمصالح السعودية في سياق المعترك الإسرائيلي الفلسطيني؛ فمثلاً من أجل إحياء مبادرة السلام السعودية -التي تدعو للتطبيع العربي مع إسرائيل مقابل الانسحاب من المناطق ـ لن يلحق بها أي أذى إذا أطلقت إسرائيل إشارة بدء للمملكة، واقترحت البت في مفاوضات مع الفلسطينيين حول أساسيات المبادرة، وحتى دعوة الرياض للوساطة.
لن يكون من غير المنطقي محاولة تشكيل تحالف عربي يتألف من مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في سبيل تحقيق هذه الغاية, وبعد كل شيء لا يفتأ رئيس الوزراء بينيامين نتينياهو يتباهى بجودة العلاقات التي (هو بالطبع) نجح في تطويرها مع الدول العربية، حتى تلك التي ليس بينها وبين إسرائيل اتفاقية سلام؛ فالتحالف مع مصر يجري بشكل جيد على امتداد الحد الجنوبي، وهناك تعاون هادئ وممتاز مع الأردن, بينما أصبحت الإمارات مؤخراً شريكاً صامتاً.
وفي مقابل ذلك لن يكون هناك تجمع أفضل للقوى بالنسبة لدولة إسرائيل، المشكلة في ذلك أنه حتى في ظل وجود تحالف للمصالح مع السعودية، إلا أنه يشوبه شرخ مميت؛ وهذا يقتضي من إسرائيل أن تدفع الكثير جداً كضريبة سياسية.
تؤمن إسرائيل بأن التعاون مع الدول العربية ضد الأعداء المشتركين مسموح، لكن ليس مقابل فرصة للسلام الحقيقي. إن الأمن العام والمكاسب الاقتصادية اللذين قد تحصل عليهما من جراء عملية دبلوماسية مسهمة في تكتل الدول العربية المناهضة لإيران على ما يبدو في نظر الإسرائيليين، أمران عديما الفائدة؛ فهي تفضل أن تدفع تكاليف الأمن والاقتصاد في سبيل العناية بنصف مليون مستوطن، كي لا يشار إلى انهيار الديموقراطية الإسرائيلية, إذن تحالف مع السعودية أو دول عربية أخرى؟ فقط إذا كان هذا مجانياً (دون مقابل).
في السنوات السبع الماضية التي انقضت منذ الربيع العربي والثلاث سنوات منذ أن سيطر التنظيم الإسلامي على مناطق في سوريا والعراق، كانت التحالفات والاتحادات الشرق أوسطية تتنقل وتتحول كالألوان في المشكال (أداة تحتوي على قطع متحركة من الزجاج الملون), هؤلاء الذين يعرفون كيف يستثمرون الفرص مثل روسيا وإيران وتركيا، سوف يكسبون عاصمة دبلوماسية، وتلك الفرصة تقف حالياً أمام إسرائيل؛ لكن إسرائيل قد علمت فلسطين الدرس جيداً: أنها لا تفوت أبداً فرصة ما كي تخسر فرصة.
20 نوفمبر 2017