طلال سفيان / موقع ( لا ) الإخباري

دولة إسرائيل فقط يمكنها إيجاد يوم مثل الذي خبرناه منتصف الأسبوع الماضي. في القدس افتتحت السفارة، وعلى بعد بضعة كيلومترات من هناك قتل 62 فلسطينياً وجرح 2700 على الجدار في يوم دامٍ. نيران وأعمدة دخان. على مسافة من هناك، تجمع عشرات آلاف الإسرائيليين في حائط المبكى ليصلوا ويستمتعوا برقص إيفانكا ويستمعوا إلى ثرثرة نتنياهو. احتفال ورقص في طرف، و62 جنازة في الطرف الثاني.
أولى خطوات صفقة القرن تمثلت في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، تنفيذاً لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حدد الموعد ليتزامن مع الذكرى الـ70 لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني. وأعلن ترامب، في 6 ديسمبر 2017، (القدس عاصمة لإسرائيل)، وقرر نقل سفارة بلاده إليها؛ ما أشعل غضبًا في الأراضي الفلسطينية، وتنديدًا إسلاميًا وعربيًا ودوليًا.
تزامنت عملية نقل سفارة واشنطن مع عملية اقتحام للمسجد الأقصى، هي الأكبر من نوعها منذ أكثر من 50 عاماً، قام بها أكثر من 2000 من قطعان المستوطنين الصهاينة وسط انتشار كثيف لقوات الأمن الإسرائيلية التي اعتدت على مدير المسجد الأقصى وحمت أداء المستوطنين لصلوات تلمودية في باحات المسجد ورفعهم لعلم كيان العدو إزاء قبة الصخرة.
اتساق نجاحات نتنياهو مستمر بأقصى نمطه، بعد الأسبوع النادر الذي تضمّن أرشيف النووي الإيراني وانسحاب ترامب من الاتفاق النووي، ليأتي دور الاحتفالية التاريخية، والتي افتتحت فيها السفارة الأمريكية في القدس، بحضور بعثة أمريكية رفيعة المستوى، كهنة وحاخامات ومرموقين وحكام مقاطعات وأعضاء في الكونجرس، وإيفانكا ترامب وزوجها اليهودي جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض.
وبذلك توجت جهود السياسة الأمريكية في المنطقة، التي عملت طوال عقود على إذكاء نيران الحروب وصنع الجماعات التكفيرية المنقادة لها، وتجزئة المجزأ، والإمعان في إذلال أدواتها الخانعة، ومحاصرة قوى التحرر من الهيمنة والاحتلال.
ما يحدث اليوم هو نتيجة واضحة للنكبة الجديدة المتمثلة بالأعراب الأشد كفراً ونفاقاً، ملوك وأمراء التنازلات الكبرى، وصولاً إلى تقديم القدس والقضية المركزية قرباناً لإرضاء أسيادهم القدامى، ونتاج أيضاً لمؤتمر مدريد عام 1991 واتفاق أوسلو في سبتمبر 1993، ثم العدوان على سوريا واليمن.
وفيما يواصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) تمتماته الخائفة، ويواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أداء مسرحيته الزائفة وذرف دموع التماسيح, يتواصل نزيف الدم الفلسطيني في عدة مواقع على طول السياج الفاصل شرقي قطاع غزة، احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية، وإحياء للذكرى الـ70 للنكبة (إعلان تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948 في 14 مايو 1948، قبل 8 ساعات من انتهاء الانتداب البريطاني).