شايف العين / لا ميديا

في وقت بدأت فيه حرارة الجو بالارتفاع، يحل شهر رمضان ضيفاً ثقيلاً على سكان المناطق الساحلية في البلد، كونها الأشد حرارة، سواء في المناطق المحتلة من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته، أو في المناطق الواقعة تحت سيطرة أبطال الجيش واللجان الشعبية.. ولا شك في أن معاناة سكان السواحل ستزيد إذا ما كان وضعهم المعيشي والصحي سيئاً، والكهرباء مقطوعة، وأسعار المواد الغذائية مرتفعة، سيما أن رمضان أضحى كمية من بضائع تلك المواد، وفوق ذلك كله ينعدم الأمن. إن كل هذا أحدثه العدوان والحصار منذ أكثر من 3 أعوام، غير أن سكان المناطق المحتلة دفعوا ضريبة الرضوخ للغزاة عالية جداً، بينما سكان المناطق المحررة نالوا إيجابيات وقوفهم في صف الوطن ومقاومة مشروع المحتل.. وقد عقدت صحيفة (لا) مقارنة بين كلتا المنطقتين على لسان مواطنيهما، باختيار الوضع في محافظة الحديدة نموذجاً للمناطق المحررة، والوضع في محافظة عدن نموذجاً للمناطق المحتلة.


تردي الوضع المعيشي
كانت محافظة الحديدة (غرب البلد) تشهد حركة تجارية واستثمارية كبيرة وفرت العمل لغالبية أبنائها، لكنها منذ بداية العدوان على الوطن قبل أكثر من 3 أعوام أصبحت الحركة التجارية فيها شبه متوقفة، وتأثر نشاطها الاقتصادي كثيراً، مما أدى إلى فقدان الآلاف من سكانها وظائفهم.
حيث تشير الإحصائيات الصادرة من مكتب صناعة وتجارة المحافظة إلى أن أكثر من 50 مصنعاً ومنشأة تجارية دمرت وتوقفت تماماً عن العمل بفعل قصف طائرات العدوان والحصار المفروض على البلد، الأمر الذي صعب من دخول المواد المشغلة لها، وهذا حرم أكثر من 10 آلاف عامل من وظائفهم، علاوة على انقطاع مرتبات موظفي الدولة بفعل العدوان الاقتصادي، وبالتالي تردي الأوضاع المعيشية لغالبية أبناء الحديدة.
زياد أحمد الحسيني (43 عاماً) من أبناء الحسينية محافظة الحديدة، يقول: (وضعنا في الحديدة مأساوي جداً يعاني فيه الموظفون وغير الموظفين على حد سواء، فلا توجد رواتب ولا أعمال خاصة بفعل العدوان والحصار). مضيفاً: (الأمر يزيد سوءاً خلال شهر رمضان الذي تسبقه سنوياً موجة من غلاء الأسعار). 

الصيد بات أسوأ مهنة
 بفعل العدوان والحصار
إن من ضمن الفئات الأكثر تضرراً مجتمع الصيادين الذين توقفت أعمالهم بسبب تواجد قراصنة العدوان في البحر الأحمر ومروحياته التي ارتكبت بحقهم مجازر بشعة، وغيرها من المشاكل التي يواجهها الصياد في الحديدة.
سالم زين (اسم مستعار لأحد الصيادين) يتحدث عن أن رمضان لم يضف إلى حياتهم سوى مزيد من المعاناة والتعب، فهم لا يستطيعون الذهاب للصيد بسبب سفن تحالف العدوان ومرتزقته، وإذا ذهبوا لا يعودون بصيد وافر يدر عليهم عائدات جيدة، لأنهم لا يمكثون سوى بضعة أيام.
ويضيف سالم: (أضحى الصيد في وضعنا الحالي أسوأ مهنة، فإلى جانب ما يفعله بنا تحالف العدوان، هناك من يزيد معاناتنا داخل المحافظة، فغلاء مادة الديزل يقلل من ربحنا كثيراً، بالإضافة إلى رسوم تبريد السمك المرتفعة، وفوق ذلك يريدوننا أن ندفع ضرائب، فنحن لا نكسب، بل نستمر في الدفع).

في ظل انقطاع الكهرباء
لا يصوم إلا الأغنياء
وفي ظل استمرار تردي الوضع المعيشي لأبناء الحديدة، وإحاطة أمراض سوء التغذية بالأسر المعدمة، لا بد لحر الصيف أن يشارك في زيادة معاناتهم في شهر رمضان، خصوصاً مع انقطاع التيار الكهربائي الذي يستخدمه سكان المناطق الساحلية في تخفيف وطأة ذلك اللهيب على أجسادهم.
كثيرون هم الذين قضوا نحبهم أو عانوا كثيراً بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وخاصة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، واللافت أن أزمة الكهرباء في محافظة الحديدة تزداد حدة مع حلول فصل الصيف، حيث يحتاج المواطنون إلى التكييف والراحة والجو البارد في الأيام العادية، فكيف في شهر رمضان، بسبب الحر الشديد الذي تشهده المحافظة.
وبحسب حديث المواطنين، يستحيل الصوم في ظل انقطاع التيار الكهربائي في الحديدة، والذي وعدت الحكومة بالعمل على إعادته وتشغيله، غير أن من قاموا بإعادته هم أصحاب الشركات الخاصة، والحصول عليه يتطلب تكاليف باهظة يعجز عن دفعها المواطن البسيط، حيث يحتسب الكيلو بسعر يتجاوز 200 ريال، وبسبب تواجد المكيفات التي تستهلك كهرباء كثيرة، يصعب على المعدمين دفع تكاليف ذلك، لأنها تكون مرتفعة جداً، وبالتالي تغادرهم الراحة إلى بيوت الأغنياء، فيصبح الصوم عذاباً شديداً بالنسبة لهم.
الفقراء يقولون إن هذه ثالث سنة لهم بلا كهرباء، وأصبحوا في رمضان يتضرعون إلى الله عند الإفطار وعند السحور بأن يهلك تحالف العدوان ومرتزقته ومن أسهم في زيادة معاناتهم، فرمضان بدون كهرباء أسوأ مما يتوقعه الشخص: حمى وضيق وغدرة، حد تعبيرهم.
وعلى الرغم من المعاناة التي يعيشها أبناء الحديدة بتردي الوضع المعيشي وانقطاع الكهرباء في محافظتهم، إلا أنهم يشكرون الله على نعمة يتمناها غيرهم من سكان المناطق الساحلية المحتلة، وهي توفر الأمن والأمان بفضل جهود الجيش والأمن واللجان الشعبية.

رمضان في عدن المحتلة
تسوء الأوضاع كثيراً في عدن المحتلة من قبل تحالف العدوان ومرتزقته، مع حلول شهر رمضان، رغم ادعائهم بأنهم قدموا مع مشروع بناء لا هدم، غير أن الحقيقة التي عايشها أبناء المحافظات المحتلة تقول غير ذلك.
فقد شهدت مدينة عدن المحتلة استعداداً رمضانياً مؤلماً في ظل غياب وانعدام كافة الخدمات الإنسانية والاقتصادية، وارتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة، وانعدام للأمن.
حيث استقبل المواطنون هناك شهر رمضان بالآلام والأحزان والهموم، وبحسب حديث بعضهم لـ(لا) فالأسعار مرتفعة بشكل جنوني، ومعظمهم لا يستلمون مرتباتهم من حكومة فنادق الرياض رغم أنها قامت بنقل البنك المركزي إلى عدن من العاصمة صنعاء التي كانوا يستلمون منها رواتبهم إلى وقت قريب.
وكم من أم عدنية فارقت فلذة كبدها، وكم من نساء أصبحن أرامل، وأطفال تيتموا وفقدوا معيليهم، بسبب استغلال الاحتلال لوضعهم المعيشي السيئ، ودفع آبائهم وإخوانهم وأبنائهم للقتال بدلاً عنه في الحدود مع السعودية وفي مناطق أخرى. 

الكهرباء مقطوعة
من المعروف أن عدن المحتلة هي منطقة  حارة، وخاصة في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجة الحرارة بشكل كبير، وبما أن الكهرباء هي المساعد الأساسي للمواطنين في تخفيف شدة الحر، خصوصاً في شهر رمضان المبارك، فإن انقطاعها بشكل يومي يجعل جميع سكانها يعانون ويلات الحر وهم صائمون.
عبود صالح (اسم مستعار) مواطن عدني يتحدث عن أن من يدعون الشرعية لا يهتمون لأمر المواطنين، وكذلك من تسمي نفسها دول التحالف لا تبذل أدنى جهد في توفير الخدمات الأساسية للمدينة.

الأمن معدوم تماماً
وعلى عكس الحديدة الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية التي يبسط الأمن نفوذه عليها، يسيطر الخوف على مدينة عدن المحتلة، ويسبط القتل كامل يده عليها، فقبل رمضان بيوم واحد قتلت عائلة كاملة بدم بارد في قلب المدينة المحتلة، ووسط من يدعون حمايتها وحماية سكانها. سامح وابنته ووالدته قتلوا في شقتهم الواقعة في مدينة إنماء السكنية، والتي تعد من أكثر المناطق أماناً هناك.
وبعده في أول يوم لشهر رمضان قتل إمام مسجد يدعى أحمد داود، أمام منزله، والمارة لم يحركوا ساكناً، كما وجدوا في ذات اليوم نصف جثة لطفل اختفى قبل 3 أيام.
فالمدينة التي احتلها تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته، تعاني من انفلات أمني لم تشهده مدينة مثلها، حولها إلى غابة لا قانون يحكمها، وقاعة لسفك دماء أبنائها من قبل قتلة الإنسانية. 
إذن، فللوقوف مع الوطن نتائج إيجابية حتى ولو تردت الأوضاع المعيشية، والحديدة وأبناؤها الذين يضحون في سبيل الذود عن البلد، مثال على ذلك، وللوقوف مع المحتل والقبول به آثار سلبية فقط، ولا إيجابية في ذلك، وما يحدث في عدن المحتلة التي وقعت فريسة لأطماع الغزاة، أنموذج لذلك.