غازي المفلحي/ لا ميديا

أثار إجراء منع تداول العملة اليمنية المطبوعة حديثاً لصالح حكومة  الفار هادي الكثير من التساؤلات حول إمكانية نفاذ هذا القرار الصعب والمعقد 
وإلى ماذا يهدف وما هو خطر ضخ هذه العملة الجديدة مضروبة الثقة والسمعة على قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد 
والتوازن والأمن المالي الذي ساءت حالته كثيراً في اليمن بشكل عام 
وفي مناطق سيطرة القوى  الوطنية بشكل خاص.
ومنذ شهر تقريباً والعملة اليمنية المطبوعة حديثاً من فئتي 500 و1000 ريال غير قابلة للتداول في العاصمة ومناطق السيطرة الوطنية بقرار رسمي من حكومة الإنقاذ، وسط تباين شعبي ما بين معارض ومؤيد ومتسائل ومفسر.
وحسب معلومات فإن منع تداول العملة الجديدة الطارئ والملح جاء بقرار من لجنة المدفوعات التي تضم وزارات المالية والتخطيط والصناعة والتجارة والقطاع الخاص وممثلي البنوك. والهدف من هذا الإجراء هو وقف تدهور العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، حيث إن قيمة الريال قد تنخفض أكثر لتصل إلى 700 ريال مقابل الدولار. وتقول تقارير إن من الممكن أن يتضاعف الانهيار ليساوي الدولار الواحد 1000 ريال يمني مع حلول نهاية العام، ما سيسبب تضخماً جامحاً في أسعار السلع ويؤدي إلى كارثة كبيرة على معيشة المواطنين. كما أن الهدف من هذا الإجراء أيضاً وقف المضاربة بالعملة، لأنه ثبت قيام حكومة هادي عبر محسوبين عليها في مناطق السيطرة الوطنية من تجار وصرافين ومافيا فساد العام الماضي بسحب 70 مليون دولار من صنعاء وبأسعار تفوق أسعار السوق، وذلك عقب دخول عملات مطبوعة حديثاً قادمة من عدن ومناطق سيطرة المرتزقة، في استهداف ممنهج وصريح لاستقرار العملة والاستقرار المعيشي للمواطن وقدرته الشرائية التي تتدهور كلما ارتفع سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية أمام الريال اليمني.
وصدر تعميم رسمي بمنع تداول العملة الجديدة في التاسع من يونيو الماضي من قبل وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء.
وحسب معلومات فقد تم تنفيذ الإجراء بالتزامن مع دخول 200 مليار ريال من العملة المطبوعة حديثاً إلى عدن، في محاولة لوقف تداول تلك العملة التي طبعت بدون غطاء من قبل حكومة هادي والتي ذهبت بعض الآراء إلى أنها قامت بطباعتها في الإمارات خارج الشروط والقوانين الدولية الاقتصادية والمالية وأنها عملة غير شرعية وخطر ضخها إلى السوق بكميات كبيرة قد يكون كبيراً ويعتبر بمثابة تمكين لقوى العدوان والارتزاق من رقبة ما تبقى من الاقتصاد اليمني والأمن المالي في مناطق سيطرة القوى الوطنية.
وقد استطاعت حكومة الفار هادي تمرير كميات كبيرة من تلك العملة إلى صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ، وبعد صدور قرار المنع شن تحالف العدوان ومرتزقته حملة إعلامية ضد صنعاء تحت مبرر منع التداول في محاولة لانتزاع اعتراف بشرعية تلك العملة في حال صدر أي بيان حكومي يسمح بتداول تلك العملة، بالإضافة إلى محاولة إجبار حكومة صنعاء على التعامل بتلك العملة لهدف آخر وهو فرض شرعية حكومة الفار هادي المالية في مناطق سيطرة القوى الوطنية. 
وتبقى هذه الإجراءات والاحترازات قائمة في مواجهة الهجمات الاقتصادية والمالية التدميرية من قبل تحالف العدوان، حتى يتم الضغط عليه والتوصل إلى اتفاق على آلية تحييد البنك المركزي وصرف رواتب موظفي الدولة القاطنين في مناطق سيطرة القوى الوطنية.
ويرى اقتصاديون أن الأضرار طالت المواطن البسيط نتيجة هذا الإجراء، والسبب الرئيسي المباشر هو تعمد تحالف العدوان شن حرب مالية واقتصادية على الشعب اليمني، وعدم تحييده العملة الوطنية والبنك المركزي، فحكومة هادي تطبع مئات المليارات ولكنها تستمر في حرمان 800 ألف موظف في مناطق السيطرة الوطنية من رواتبهم دون مبرر وتحمل الشعب اليمني تداعيات فشل حكومة الارتزاق في استعادة الإيرادات العامة للدولة، التي تنهبها الإمارات والعصابات التابعة لها في الجنوب، وتحاول الهروب من ذلك الفشل إلى طباعة العملة بطريقة عشوائية دون غطاء ليتضاعف تدهورها أمام الدولار بنسبة زادت عن 100% ودون أن يقابل ما تطبعه رصيد من النقد الأجنبي أو رصيد من الذهب أو سلع وخدمات حقيقية تنتجها الدولة، مستغلة الاعتراف الدولي بها، دون إدراك لمخاطر طباعة العملة على الاستقرار المعيشي والاقتصادي، فتداعيات العملة المطبوعة كارثية ويتحملها المواطن البسيط والاقتصاد الوطني.
وكانت حكومة الفار هادي قد طبعت بشكل غير مدروس العام الماضي 670 مليار ريال، ووصلت في شهر يونيو الماضي شحنة تبلغ 200 مليار ريال من فئتي 500 و1000 ريال، كما ينتظر وصول شحنة جديدة تبلغ 30 مليار ريال من فئات 50 و100 و250 ريالاً إلى بنك عدن خلال الأيام القادمة، وتعتزم حكومة الفار هادي طباعة تريليون ريال يمني كعملة جديدة بديلة للعملة التالفة، وتؤدي عمليات الطباعة العشوائية والعبثية التي تجري خارج الضوابط السليمة لهذه العملية إلى ضرب قيمة الريال اليمني بشكل أكبر، والذي بات يخسر المزيد من قيمته مع كل عملية طباعة مشابهة، ما قد يحول حياة المواطنين وخاصة المحرومين من رواتبهم والذين يعانون من شحة شديدة في الوفرة والسيولة المالية إلى كارثة حقيقية بسبب تضخم اقتصادي مميت قد يرتفع فيه سعر الكيلوغرام من الأرز إلى 2000 ريال.
وحسب مصادر مطلعة فإن قرار حكومة الإنقاذ ولجنة المدفوعات بمنع تداول هذه العملة يتجه نحو التراجع عنه، لأسباب كثيرة، منها صعوبة تطبيقه وأضراره على مصالح المواطنين وكذا الضغوطات والابتزازات التي مارسها المرتزقة في عملية بيع المشتقات النفطية للمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ الوطني. ومع عودة تداول العملة بشكل قليل في الأسواق، لا يزال الجميع يترقب ما قد يترتب عليها من نتائج.
وتبقى معركة التصدي الاقتصادية لمشاريع العدوان ومرتزقته الهدامة الانتقامية قائمة كواحدة من أهم معارك الصمود والتحرر، وربما أهمها.