أكد أن هادي لايمتلك أية تأييد شعبي
أندرو ميتشل: من المستحيل أن ينتصر التحالف في اليمن
عضو الكونجرس الأمريكي تيد ليو يتهم بلاده بالتورط في جرائم حرب في اليمن



تقرير / خاص
قالت منظمة حقوق الإنسان، في رسالة وجهتها سارة وتسن، المدير التنفيذي للمنظمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، لقيادة التحالف، رداً على نتائج تحقيق الفريق المشترك الذي تقوده المملكة العربية السعودية، إن الفريق أخفق في تلبية وتطبيق المعايير الدولية الأساسية للقيام بالتحقيق، والمتمثلة بالشفافية والاستقلال والحياد والفعالية. حيث طالبت منظمة العفو الدولية أيضاً، في تقرير نشره الموقع التابع للشؤون الإنسانية (ريليف ويب)، بمزيد من المعلومات بشأن منهجية وتفويض فريق التحقيق.

يصعب على السعوديين إنكار الأدلة 
والجرائم الموثقة
بينما استعرضت منظمة العفو الدولية، على موقعها، الردود التي أدلى بها اللواء أحمد عسيري، بشأن النتائج التي توصلت إليها المنظمة حول استخدام التحالف قنابل وذخائر عنقودية بريطانية الصنع. حيث يبقى من غير الواضح ما هي سلطة ومسؤولية فريق التحقيق المشترك، وماذا ستفعل بخصوص النتائج التي توصلت إليها، وعما إذا كان سيتم تحديد الجناة المحتملين، وكيف سيضمن محاكمة المسؤولين عن الجنايات والجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، والتي تم توثيقها من قبل منظمات حقوق الإنسان، ولم يتطرق لها التقرير، وعما إذا كان تم تكليف الفريق لتحديد أنماط منهجية من الانتهاكات.
وبحسب معرفة منظمة العفو الدولية، فإن الفريق لم يحقق في هجوم واحد تم فيه استخدم القنابل العنقودية حتى اليوم، حيث يصعب على المملكة إنكار الأدلة والجرائم الموثقة وشهود العيان والأطباء العاملين في الميدان. 

اليمن ليس جائعا...
أما مجلة (التايم) الأمريكية وصحيفة (الإندبندنت) البريطانية، فقد نقلتا تحذيرات أشار إليها أندرو ميتشل، عضو البرلمان البريطاني، عقب زيارته لليمن، وخصوصاً للمناطق التي تعرضت لهجمات بالأسلحة والقنابل العنقودية في محافظتي صنعاء وصعدة، حول الدور البريطاني في اليمن الذي يزيد من مخاطر الهجمات الإرهابية في المملكة المتحدة. حيث ذكر في حديث له مع صحيفة (الديلي تليغراف) البريطانية أن (المملكة المتحدة بحاجة لإعادة النظر جدياً حول مستقبل سياستها، حيث إن اليمن ليس جائعاً، ولكن تم تجويعه، وبريطانيا هي جزء من هذا التحالف الذي يفرض الحصار البري والبحري، وتساهم في تدمير دولة ذات سيادة).
 وقال ميتشل إن (سياسة بريطانيا المرتبكة قد تؤدي الى مخاطر تهدد أوروبا، ويجب كذلك إيقاف استخدام الأسلحة، وليس حظرها، التي تعيد اليمن الى العصر الحجري، والعمل على إعادة توجيه السياسة البريطانية، وخصوصاً أن الفرص ستقل أمامها عما قريب لفعل ذلك). وأضاف: (من المستحيل أن ينتصر التحالف في اليمن، فنحن ندعم الرئيس هادي، بينما لا يمتلك أي تأييد فعلي في اليمن، وهو الرئيس الوحيد الذي يقوم بزيارة رسمية الى بلاده).
وقال إنه خلال زيارته لليمن تم إبلاغه من قبل قيادة أنصار الله (الحوثيين) بأنهم على استعداد لسحب قواتهم من المملكة العربية السعودية وإقامة منطقة منزوعة السلاح على بعد 20 كيلومتراً إذا اتفقت جميع الأطراف على وقف إطلاق النار. وتحدث عن موافقتهم على قيادة بريطانيا للمفاوضات وسحب القوات من السعودية. وعبر عن قبولهم كذلك قيادة بريطانيا والأمم المتحدة للمفاوضات اليمنية السعودية.

الولايات المتحدة تدعم جرائم حرب في اليمن
يبدو أن عضو البرلمان البريطاني ليس وحيداً من يرى ضرورة إعادة النظر حول السياسات تجاه ما يجري في اليمن، حيث تحدث عضو الكونغرس الأمريكي تيد ليو، في مقابلة أجراها مع قناة (فايس نيوز) الأمريكية، حول تأجيج الحرب في اليمن، واتهم الولايات المتحدة بدعم جرائم حرب محتملة في اليمن، وقال إن (ما يحدث أمر مشين أخلاقياً). وأضاف: (إذا كان من يسقط القنابل على المدنيين في اليمن هم الطيارون الأمريكيون، فيجب تقديمهم للمحاكمة العسكرية في الحال).
وأشار ليو الى أن القوات الأمريكية لعبت دوراً رئيسياً في الصراع معظم الوقت، ودعمت الطائرات الحربية السعودية والاستخبارات، وزودتها بالوقود، في الوقت الذي تقتل قوات التحالف المدنيين. ولذلك يجب على الولايات إعادة تسليط الضوء وإعادة النظر في ما يحدث، لأنه لا يحب أن يرى بلاده متورطة في جرائم حرب، حد تعبيره.




صراع اليمن الذي يتجاهله الغرب
غوري شارما (دويتش فلة )
عندما أصدرت منظمة اليونيسيف مؤخراً تقريراً جاء فيه أن طفلاً واحداً على الأقل في اليمن يموت كل 10 دقائق، كان من المتوقع أن وكالات الأنباء العالمية ستنتقي هذا الخبر لأهميته، ولكن فيما عدا استثناءات قليلة، بما في ذلك قناة (الجزيرة) و(دويتش فيله)، فإن الكثير من وسائل الإعلام العالمية لم تتحدث عن التقرير بشكل بارز، وأخرى لم تتطرق له مطلقاً.
حيث قدرت المنظمة الإنسانية أن أكثر من 400،000 طفل يمني معرضون لخطر الموت جوعاً، و2.200.000 بحاجة إلى الرعاية العاجلة. كيف يمكن أن تتصدر هذه الإحصائيات المنذرة بالخطر، والتي تعد نتيجة لحرب تتورط بها القوى الإقليمية بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عناوين الأخبار؟ 
ولكن الناس الذين يعيشون واقع هذه القصة يعتقدون أن هذا فقط مجرد انعكاس لكيفية تغطية الحرب في اليمن من قبل وسائل الإعلام العالمية.
اليمن ووسائل الإعلام الغربية
لا يتعلق الأمر فقط بتغطية الصراع في اليمن، ولكن عندما يتم ذلك تميل وسائل الإعلام إلى أن تضفي الطابع الطائفي للصراع بين الأغلبية السنية السعودية ضد الجماعات الشيعية التي تدعمها إيران، حسب وسائل الإعلام هذه، بينما تغض الطرف عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تشهدها اليمن.
حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10،000 قتلوا، و69% من البلاد في حاجة إلى المساعدات الإنسانية، بينما اضطر 3 ملايين شخص إلى الفرار من منازلهم منذ بداية التدخل السعودي.
لقد أجبر الوضع السياسي المعقد الصحفيين المحليين على التوقف عن نقل الأحداث بسبب المخاطر التي قد تواجههم. حيث سجلت لجنة حماية الصحافة بنيويورك وفاة 6 أشخاص على الأقل من الصحفيين في تبادل لإطلاق النار منذ بدء الحملة السعودية.
وقالت أفراح ناصر، صحفية يمنية مستقلة تقيم في السويد، لـ(دويتش فيله): (عندما تغطي وسائل الإعلام الغربية اليمن في كثير من الأحيان، فهي عبارة عن (صحافة مضللة). أساساً لأنه كان من الصعب الوصول إلى اليمن، وإذا كنت ترغب بالذهاب لليمن، عليك الحصول على إذن من السعوديين). 
وبالنسبة للصحفيين الأجانب، يعد دخول أو مغادرة البلاد جحيماً، والرحلة التي كانت تستغرق عدة ساعات قليلة، تستغرق الآن أياماً وحتى أسابيع.
لكن بالنسبة للعراق وسوريا، التي شكلت أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحفيين لمدة عام على الأقل، وتعتبر أكثر صعوبة للصحفيين أكثر من اليمن، ومع ذلك يلقى البلدان الكثير من التغطية الإعلامية. 

سوريا والعراق (أكثر أهمية إخبارية)
ويشير الناشطون اليمنيون والصحفيون إلى أحد العوامل الرئيسية الأخرى وراء عدم الاهتمام باليمن، فالكثير من اللاجئين القادمين الى أوروبا هم من سوريا والعراق، لذلك يركز محررو الأخبار على ما يهم جمهورهم كونه متأثراً بما يحدث في سوريا والعراق.
وقال براء شيبان، ناشط حقوقي يمني يقيم في لندن: (ليس هناك خطر مباشر على الدول الغربية يأتي من اليمن، وليس هناك هجرة للاجئين اليمنيين عبر المتوسط، وذلك لبعد المسافة، وإذا كان هناك لاجئون فهو عدد ضئيل جداً). يرتبط هذا الأمر كذلك بالتهديد الذي تشعر الدول الغربية بمواجهته، حيث يضع السياسيون الغربيون التعامل مع (الدولة الإسلامية) على قائمة أولوياتهم، كونها تبنت الهجمات التي شنتها في أوروبا، والتي قد يتكرر حدوثها، بينما تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ينشغل بتنفيذ هجمات ضد الجنود في عدن، لكن قدرته تبقى محدودة في تنفيذ هجمات في أوروبا والولايات المتحدة. 
ويقول شيبان: (إن أكبر متورط في اليمن هو المملكة العربية السعودية) التي تنفذ حملتها العسكرية بأسلحة الولايات المتحدة وبريطانيا. ففي ديسمبر، أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف توقف صفقة أسلحة للمملكة بقيمة 350 مليون دولار، وسط مخاوف من القصف العشوائي لقوات التحالف داخل البلاد. ولكن حتى هذه اللحظة فقد باعت إدارة أوباما إلى الرياض أسلحة تصل قيمتها إلى 115 مليار دولار، خلال السنوات الـ8 التي قضاها في منصبه، أي أكثر من أية إدارة في تاريخ الولايات المتحدة.

الكيل بمكيالين  
في الوقت الذي توافق المملكة المتحدة على مبيعات بقيمة 3.3 مليار جنيه استرليني من مبيعات الأسلحة إلى المملكة خلال الـ12 شهراً الأولى من قصفها على اليمن، ليس من الجيد من الناحية التجارية لوسائل الإعلام والشركات الإعلامية الأمريكية والبريطانية تغطية الحرب، وتأثيرها السلبي على حياة المدنيين عندما تحقق حكوماتهم أرباحاً ضخمة منه. 
وقالت الناشطة اليمنية أفراح ناصر: (إذا كان هناك بلد وحيد في العالم يعمل وفق المعايير المزدوجة وسياسة الكيل بمكيالين إجمالاً، فهو المملكة المتحدة)، (طالما أن السعوديين حلفاؤهم، فمن الممكن أن يتغاضوا عن الجرائم التي يرتكبها أصدقاؤهم، وصار دم اليمنيين لا يعني شيئاً عندما تكون الأموال السعودية على الطاولة، وإذا كنت أحد الصحفيين الأجانب، فلن تشتري وسائل الإعلام الكبرى قصتك، لأنها لا تريد أن تزعج السعوديين).
ولكن، وسط كل الأسباب، تبقى الحقائق والحقيقة هي أن أبشع الأعمال الوحشية لا تزال ترتكب بحق الأبرياء في اليمن، بشكل يومي، وتتضاعف الأزمة الإنسانية، سوءاً، حيث يفتقر الملايين من الناس إلى المواد الغذائية وموارد المياه الأساسية.
ويقول مراد سبيع، الفنان اليمني المشهور عالمياً للرسم على الشوارع، والذي استخدم فنه للدعوة إلى السلام، إن (الوضع في سوريا يجب أن يكون بمثابة تحذير). (ما حدث في سوريا هو مثال على تجاهل العالم للأزمة حتى تحولت إلى حرب كارثية). (نحن كمواطنين حول العالم نتحمل مسؤولية الضغط على الدول، ومطالبتها بوقف الانخراط والتورط في الحرب على اليمن، والتوقف عن بيع الأسلحة التي تزيد من حدة الحرب. فكون الأشخاص الذين يعانون ويلات الحرب في أماكن بعيدة، لا يجعل بقية العالم محصناً من نفس المعاناة. بل يجب على الناس في كل مكان أن يهتموا بما يحدث، لأنه هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، ولأن ما يحدث هو خطأ وغير إنساني).