يعد العدو لتشكيلات عسكرية تكرس سلخ تعز على وقع المتغيرات
صراع فصائلي على عتبة خارطة عنف جديدة

حلمي الكمالي/ لا ميديا

أخذ الصراع القائم بين فصائل العدوان المختلفة في محافظة تعز منحى جديداً في الآونة الأخيرة، جوهره الصراع بين الفصائل الإخوانية والسلفية للسيطرة على ألوية عسكرية جديدة قام العدو باستحداثها في مناطق الحجرية جنوبي المحافظة، وهو ما ينذر بمواجهات عنيفة بينها يؤكد مراقبون أنها ستكون الأكثـر دموية منذ 4 أعوام، في حين تثار تساؤلات الكثير حول حقيقة هذا الصراع والغرض من استحداث ألوية عسكرية في هذا الوقت بالذات وتمركزها في الحجرية.. (لا) تسلط الضوء على هذه التساؤلات وتحاول في هذا التقرير الإجابة عليها من خلال جملة من الشواهد التي يوضحها سياسيون وعسكريون.

استحداث معسكرات جديدة
في نهاية سبتمبر الماضي بدأ تحالف العدوان باستحداث معسكرات جديدة في المناطق التي تسيطر عليها فصائله في مديريات الحجرية جنوبي تعز، فسارعت مليشيات الإصلاح على الفور للسيطرة عليها وتمكنت من الاستحواذ على معسكر اللواء الرابع مشاة ومركزه المعهد المهني في منطقة العفاء في الأصابح، ومواقع عسكرية أخرى في مناطق الغافقي ويفوز ورهشة والبنية في المساحين والمقارمة.
بالمقابل استحدثت الإمارات لفصائلها، التي يتزعمها عدنان الحمادي، معسكراً جديداً في مديرية بيحان ومواقع أخرى في جبل يمين وجبل منيف المطل على باب المندب، ومعسكراً في قلب مدينة التربة بمقر النادي الأهلي، ومعسكرين آخرين في شرجب والزريقة، هذا بخلاف النقاط الأمنية.

توتر غير مسبوق
أثار استحداث معسكرات جديدة صراعاً دامياً بين الفصيلين الإخواني المدعوم من قطر والسعودية، والسلفي اليساري التابع للإمارات، داخل مديريات الحجرية، التي تشهد توتراً غير مسبوق يرى الكثيرون أنه ينذر باتساع الصراع الدامي بينهما.
كما يؤكدون أن تشكيل العدو ألوية عسكرية جديدة في مناطق الحجرية يأتي بدافع تأمين سيطرة العدوان على باب المندب من أي تهديد قادم.
ويشير مراقبون إلى أن صراع فصائل المرتزقة للسيطرة على هذه الألوية يهدف العدو منه إلى ترك مساحة كبيرة لاختيار الأقوى والأقدر من هذه الفصائل على حماية مصالحه.

مشروع التقسيم والأقلمة
صحيح أن صراع فصائل العدوان ناتج عن هزيمة تحالفهم، إلا أن الصراع الذي تشهده مديريات الحجرية مؤخراً له أبعاد أخرى، حيث يؤكد بعض المراقبين والمحللين أن انتقال الصراع بين فصائل الإخوان والسلفية من وسط تعز إلى مناطق الحجرية جنوب المدينة وتشكيل ألوية عسكرية جديدة في هذا الوقت بالذات يعد تجسيدا للمشروع الأمريكي الذي يهدف لإنشاء قوة عسكرية جديدة في تعز لفرض مشروع التقسيم والأقلمة.
ويشيرون إلى أن الفصائل السلفية والإخوانية تسعى لضمان الحصول على أكبر حصة لها داخل هذه الألوية، إذ تعتقد بأنه سيكون لها القرار في إعلان تعز إقليماً مستقلاً من خلال السيطرة على هذه الألوية.

مشروع ماتيس
وكان وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس دعا، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر الأمن بالعاصمة البحرينية الأسبوع قبل الماضي، إلى وقف الحرب في اليمن والدخول في مفاوضات سلام ترتكز على تقسيم البلد إلى مناطق حكم ذاتي، وهو ما يؤكد أن ما يقوم به العدو مؤخراً بإنشائه ألوية جديدة في الحجرية يصب في اتجاه تحقيق هذا الهدف.

امتداداً لمؤامرة سابقة
لم يكن تشكيل ألوية عسكرية في الحجرية مؤخراً أولى  الخطوات في اتجاه فرض مشروع التقسيم، فقد سبق أن أعلنت الإمارات عقب احتلال مدينة المخا الساحلية العام الماضي تشكيل محافظة ساحلية جديدة تضم سواحل تعز والحديدة وجزءاً من محافظة لحج يكون مركزها مديرية الشمايتين التي تعد بوابة المحافظة الجنوبية.

استثمار التناقضات العميقة
استناداً إلى وقائع وشواهد كثيرة فإن الصراع القائم بين فصائل العدوان بشكل عام يعكس عجز تحالف قوى العدوان الأمريكي عن تحقيق أي نصر عسكري يذكر أمام صمود أبطال الجيش واللجان الشعبية للعام الرابع على التوالي، وهو ما أثار التناقضات العميقة الموجودة مسبقاً بين الفصائل التابعة للعدو، لذلك فإن تحالف العدوان يسعى لاستثمار هذه التناقضات وترسيخ مبدأ التقسيم من خلال تشكيل ألوية عسكرية جديدة. 
وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي عبدالرحمن سلطان إلى أن هذه الفصائل تجمعها المصالح فقط، لأنها مختلفة تماماً عن بعضها في الأيديولوجيا السياسية والفكرية.
هذا الطرح تؤكده مجريات الواقع، فالتناقضات القائمة بين هذه الفصائل، والتي تطفو على السطح شيئاً فشيئاً، جعلتها تقاتل بعضها لضمان بقائها في المشهد السياسي مستقبلاً، بعد أن خسرت كل شيء تقريباً، وهو ما جعل حزب الإصلاح -بحسب مراقبين- يدفع مليشياته للتوسع في محافظة تعز بعد أن خسر تواجده كلياً في المحافظات الجنوبية وكذا محافظة مأرب.

مجموع الخسائر المتراكمة
بغض النظر عما سبق، فإن البحث عن خيارات جديدة دليل فشل، إذ إن مجموع الخسائر المتراكمة للبيت الأبيض في المنطقة خلال السنوات الأخيرة خلق قائمة جديدة من التناقضات والصراعات داخل مناطق الوصاية الأمريكي، بفعل الصمود الأسطوري للقوى الوطنية المناهضة للهيمنة الأمريكية في سوريا والعراق واليمن ولبنان، ونجاحها في التصدي لأخطر المؤامرات الكونية، الذي شكل حائط صد أمام تمرير مخططات الهيمنة الأمريكية. هذا الفشل ارتد عكسياً في شكل جملة من الخلافات داخل مناطق المصالح الأمريكية عجزت واشنطن عن إدارتها، ما جعلها تسعى مؤخراً إلى استثمار هذه الخلافات لعلها تحقق بعض أهدافها.
ويؤكد الباحث السياسي أحمد طه أن صراع فصائل العدوان الأخير يدل على حالة التخبط التي تعيشها الولايات المتحدة، المدير الرئيسي لتحالف العدوان، والتي فقدت كل مشاريعها جملة واحدة، لذا فهي تبحث عن خيارات جديدة لتحقيق أهدافها.

تمزيق البلد هو الهدف
من المعلوم والبديهي أن جميع فصائل المرتزقة لا يمكن أن تقدم على شيء دون أن تأخذ الإذن من أسيادها في الرياض وأبوظبي، فيما لا تجرؤ الأخيرتان على اتخاذ أي قرار دون الرجوع إلى واشنطن، وجميعها أدوات لتنفيذ الأجندات الأمريكية، في حين يمثل الصراع القائم بين هذه الفصائل بحسب الوقائع تجسيداً لمشروع البيت الأبيض الذي يهدف لتمزيق البلد وتقسيمه إلى أقاليم منفصلة.
غير أن خبراء عسكريين وسياسيين يؤكدون أن مشروع التقسيم أصبح خارج الوقت الآمن لتنفيذه، إذ لم تعد لدى واشنطن فرصة حقيقية لفرضه كأمر واقع، في ظل صحوة وجاهزية رجال الجيش واللجان وحنكة القيادة الوطنية التي تقف بالمرصاد أمام كل المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، وتمتلك القدرات الكفيلة بإحباط وإفشال مخططات الهيمنة الأمريكية وأدواتها المحلية والإقليمية.