ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

تكشف تقارير مزدوجة نشرتها منظمة العفو الدولية وقناة (سي إن إن) عن حجم أسلحة الحرب التي حصلت عليها الإمارات من حكومات الغرب وقدمتها لوكلائها في اليمن.
أخبرت ماي درويتش -أستاذ مساعد في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط في الكلية الحكومية والشؤون الدولية في جامعة دورهام البريطانية- موقع (سبوتنيك)، يوم الأربعاء، أن التقريرين فيهما بعض التناقض في غضبهما الانتقائي بذكرهما أنهما في الوقت الذي يبديان فيه رعبهما حقاً من الوضع الإنساني الذي خلقته الحرب ومن الدور الذي يلعبه انتشار السلاح الأجنبي في ذلك الوضع، هنالك احتجاج نسبي بسيط بشأن أسلحة بقيمة مليارات الدولارات يتم تزويد الدول التي تندد الحرب بها في المقام الأول.
وقالت درويتش لإذاعة (لاود آند كلير) التابعة لموقع (سبوتنيك): (من جهة كانت الولايات المتحدة نوعاً ما داعمة للسعودية والإمارات بقدر ما كانوا هم أنفسهم يرتكبون جرائم حرب، لكن يبدو أن الأمر سيصبح أكثر تعقيداً إذا بدأت ببيع هذه الأسلحة لجماعات أخرى تقترف هي الأخرى جرائم حرب مماثلة، لذا يشكل هذا تناقضاً في هذا المعنى).
تقرير (سي إن إن) الذي بعنوان (بيعت لحليف، فقدت لعدو)، نشر يوم الاثنين، وتلاه تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان (عندما تباع الأسلحة هدراً: خطر تحويل الأسلحة المميتة إلى الميليشيات في اليمن)، الذي نشر يوم الأربعاء. يوثق كلا التقريران كيف أن الأسلحة التي باعتها للإمارات قوى غربية بينها الولايات المتحدة، استخدمت كـ(شكل من أشكال العملة المتداولة لشراء ولاءات الميليشيات أو القبائل)، وكيف أنها (تدعم اللاعبين المسلحين الذين تم اختيارهم وتؤثر على المشهد السياسي المعقد)، بحسب ما ذكر قادة محليون لقناة (سي إن إن).

البرنامج الأمريكي لتدريب الطيارين الإماراتيين لضربات جوية تستهدف اليمن
قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها: (منذ اندلاع الصراع في اليمن، قدمت الدول ما يزيد عن 3.5 مليار دولار من الأسلحة التقليدية الثقيلة، والأسلحة الصغيرة، والأسلحة الخفيفة وما يرتبط بها من أجزاء وذخيرة، إلى الإمارات وحدها).
(كما وتستمر الدول الغربية وغيرها من الدول في تزويد الإمارات، جنباً إلى جنب مع السعودية وأعضاء التحالف الآخرين، بالسلاح).
منذ عام 2001، زودت الولايات المتحدة لوحدها دولة الإمارات بأسلحة بقيمة 6 مليارات دولار، وفقاً لأرقام البنتاغون، في حين وقعت على صفقات سلاح بمبلغ 22 مليار دولار معها.
وذكرت منظمة العفو الدولية أسماء 20 دولة بشكل عام تزود الإمارات بالأسلحة.
 ذكرت هذه التقارير أسماء مجموعة من المعدات التي وجد أنها مستخدمة من قبل أطراف ثالثة في اليمن، بدءاً من دبابات القتال الرئيسية (لوكليرك) الفرنسية وحتى سيارات (أوشكوش -إم إي تي في) و(إم آر إي بي) الأمريكية الصنع والمدافع الرشاشة البلجيكية والصربية... ومما يلفت الانتباه بشكل خاص ظهور أنظمة (أغراب إم كي2)، وهي تصميم فريد من نوعه في جنوب أفريقيا يجمع بين نظام هاون سنغافوري مع عربة مدرعة من طراز (آر جي-31) في جنوب أفريقيا. وكانت الإمارات هي الدولة الوحيدة التي اشترت معدات (أغراب)، حسبما يشير تقرير منظمة العفو الدولية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية في تقرير (سي إن إن) إن التحالف الذي تقوده السعودية يخرق شروط البيع مع الولايات المتحدة من خلال تمرير المعدات إلى أطراف ثالثة، وأن البنتاغون سيفتح تحقيقاً في القضية. كما يشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن الدول التي تزود بالأسلحة أي شخص في نزاع اليمن تنتهك معاهدة تجارة الأسلحة لعام 2014.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جوني مايكل، لشبكة (سي إن إن) إن الولايات المتحدة (لم تأذن للسعودية أو الإمارات بإعادة نقل أي معدات إلى أطراف داخل اليمن، ولا تستطيع حكومة الولايات المتحدة التعليق على أي تحقيقات متعلقة بمزاعم انتهاكات الاستخدام النهائي للمواد والخدمات الدفاعية المنقولة إلى حلفائنا وشركائنا).
توثق شبكة (سي إن إن) كيف انتشرت هذه الأسلحة بشكل واسع بين مختلف الفصائل في اليمن، بما في ذلك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي يسيطر على الكثير من وسط وشرق البلاد، والآن تشمل ترسانته مدرعة (أوشكوش) وعربات أمريكية الصنع وصواريخ مضادة للدبابات.
وهناك ميليشيا إسلامية أخرى تابعة للتحالف، وهي (لواء العمالقة)، تتحرك بمركبات (إم آر إي بي) التي صممتها الولايات المتحدة لمقاومة الأجهزة المتفجرة المفاجئة وهجمات الكمائن أثناء حرب العراق.
وأظهرت الأرقام التسلسلية على المركبات أنها صنعت في الولايات المتحدة وبيعت إلى الإمارات في عام 2014.
وفي نهاية التقرير نفت جميع الأطراف لشبكة (سي إن إن) بعبارات لا لبس فيها (أننا لم ننتهك اتفاقيات المستخدم النهائي بأي شكل من الأشكال)، كما قال مسؤول إماراتي.
وقالوا إن لواء العمالقة هو (جزء من القوات اليمنية) تحت الإشراف المباشر لدولة الإمارات، مما يعني أنهم لم يعطوا المعدات أشخاصاً بعيدين منهم، ولكن الأمر كان في (الامتلاك الجماعي) لقوات التحالف.
تقول درويتش لـ(سبوتنيك) إنه سيكون من الصعب إثبات ادعاءات منظمة العفو الدولية، (بالتأكيد يجب أن نأخذ هذه الادعاءات بجدية بالغة، وكذلك الوضع في اليمن الذي يقدم نوعاً ما دليلاً على هذا النوع من الادعاءات. وبشكل عام، في حال كانت الإمارات تقوم بالفعل ببيع هذه الأسلحة، فمن المرجح أن يكون قد حدث هذا بالفعل في اليمن في السنوات القليلة الماضية...بطريقة ما، نوع من الادعاء أو نوع من اتهام دولة الإمارات والسعودية ببيع الأسلحة وبارتكاب جريمة انتهاك حقوق الإنسان ونوع من ارتكاب جرائم حرب بشكل غير مباشر، وأعتقد أنه يتوافق إلى حد ما مع ما اقترفه التحالف بالفعل من جرائم على الأرض).
وبالإشارة إلى الانتشار المذهل للفصائل في الحرب، قالت درويتش للمضيفين جون كيرياكو وبريان بيكر إن مسألة المواءمة لم تكن سنة مع شيعة، بل (المواقف السياسية للجماعات التي حقاً نهتم لها ونتابعها عن بعد).
(إذن لديك الحكومة السعودية، ولديك الحكومة اليمنية، ولديك دولة الإمارات. هذه هي الجهات الفاعلة الرئيسية الثلاث، دعنا نقول: أهم اللاعبين الرئيسيين في اللعبة. ولكن في الوقت نفسه لدينا مجموعات جهادية أخرى، ولدينا أيضاً الحوثي، الذين هم أيضاً عناصر غير تابعة للدولة، يعملون في اليمن، وفي الوقت نفسه لديك أيضاً داعش، أو الدولة الإسلامية).
(من ناحية فإن السعوديين يدعمون الحكومة اليمنية أكثر من غيرها، وكانت الإمارات في العامين الماضيين لديها استراتيجيتها المستقلة الخاصة بالتوسع في جنوب البلاد)، حيث أشارت درويتش إلى أنها تدعم بشكل أساسي الجماعات المنتسبة إلى جماعات الجهاد الإسلامي والقاعدة.
(وجزء من هذه الجماعات، أو ولاء هذه الجماعات، قابل للتحول من وقت لآخر، بحسب الأموال التي يحصلون عليها من اللاعبين الرئيسيين في اللعبة. لذلك من الصعب جداً أن نرى كيف أن ذلك غير مرتبط بالتمويلات وبيع الأسلحة فحسب، ولكن بالتأكيد لكل ممثل أجندة خاصة به، لذلك لدى السعوديين أجندتهم الخاصة، وللحكومة اليمنية جدول أعمال خاص بها، وللإمارات أجندة خاصة بها. وبالاعتماد على هذا التحليل نجد أن جميعهم يتفاعلون مع هؤلاء اللاعبين المحليين).
وقالت درويتش في حديثها عن السعودية والإمارات: (لذا، فإن التقرير، بهذه التفاصيل الخاصة، يقول إنهم (الإماراتيين) ينتهكون الاتفاقية بين الولايات المتحدة والإمارات فيما يتعلق بعدم بيع هذه الأسلحة أو عدم بيعها لجماعات معينة. لكن بالتأكيد أعتقد أن هذه هي القضية الأساسية ولا أعتقد أنها تتعلق بالأزمة الإنسانية، لأن الأزمة الإنسانية كانت موجودة في اليمن منذ عام 2015، وقد كانت هذه حقيقة على الأرض، ومع ذلك تواصل الولايات المتحدة دعم كلتا الدولتين).
لسوء الحظ، طالما أن مبيعات الأسلحة لا تزال مستمرة، وأن الصراع مدفوع بشكل أو بآخر من قبل جهات خارجية ودولية بدلاً من اللاعبين المحليين، أعتقد أن هذا يضيف طبقة أخرى من التعقيد. إذن الأمر لا يتعلق فقط بإحضار الجماعات المحلية والجلوس وإجراء محادثات سلام لحل هذه الحرب الأهلية. إنها عملية أكثر تعقيداً، لأن لدينا جهات خارجية مثل السعودية والإمارات، ناهيك عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإيران، ومسألة الحل أو جلب جميع هؤلاء الممثلين إلى الطاولة ليس أمراً مرجحاً.

موقع (سبوتنيك) الدولي