الترجمة عن الألمانية: نشوان دماج - لا ميديا

فلوريان روتزر
يبدو أن مجرد صواريخ أو طائرات درون ذات قدرة على المناورة والتحليق بارتفاع منخفض قد مرغت أنف المنظومات الرادارية للباتريوت والآيجيس في كل من السعودية واليابان. 
كان المستغرب في الهجوم بطائرات الدرون وصواريخ الكروز على منشأتي «أرامكو» السعودية في بقيق وخريص هو أن الدفاعات الجوية والصاروخية، المزودة قبل كل شيء بمنظومات أمريكية عالية المستوى، لم تكتشف الهجوم؛ ناهيك عن محاولة اعتراضه. فلدى المملكة السعودية ما لا يقل عن 5 بطاريات باتريوت. وحتى لو لم تكن موجهة نحو إيران، المكان الذي يفترض -وفقا للإعلام السعودي والأمريكي- أن يكون الهجوم قد انطلق منه، فإنه كان يتعين على أنظمة الرادار المرتبطة بها أن تكتشف صواريخ الكروز على الأقل. الأمر نفسه يبدو أنه حدث في اليابان مع تجارب الصواريخ الكورية الشمالية التي لم يكتشفها الجيش الياباني، المعتمد، كما هو واضح، على منظومات أمريكية.
وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أعلن الفشل الذريع لمنظوماتهم الدفاعية، والذي بحسبه قد يحدث حتى في أفضل المنظومات. يمكن للمرء أن يستنتج من ذلك أن الغضب من الجانب السعودي خلف الكواليس كان كبيرا. فالسعودية في نهاية المطاف حليف مقرب من حكومة ترامب وأفضل شارٍ للأسلحة، بالإضافة إلى كونها البلد الأكبر استيرادا للأسلحة في العالم. في عام 2017، تفاخر ترامب بحصد ما يربو على 110 مليارات دولار في صفقات أسلحة مع السعودية، واعدا بأنه سيخلق بذلك الكثير من فرص العمل. شمل ذلك أيضا منظومة الدفاع الصاروخي ثاد وعلى أية حال حتى أكتوبر 2018 اشترت السعودية أنظمة أسلحة أمريكية «فقط» بـ14.5 مليار.
في أكتوبر 2017، أعلنت السعودية أنها ستشتري أيضا منظومة الدفاع الصاروخي الروسية S-400. ويبقى من غير الواضح ما إذا كان ثمة في ذلك شكوك لدى السعودية حول كفاءة المنظومات الأمريكية أو أنها كانت بالفعل ترغب في شراء منظومة روسية أيضا لتقوية العلاقات مع روسيا، تعزيزا لأمنها. غير أن السعودية، على العكس من تركيا، لم تقم بعد بعملية الشراء تلك. حينها أشادت روسيا بنظام دفاعها الصاروخي باعتباره الأفضل والأقل سعرا. وها هو فلاديمير بوتين الآن يقدم عرضه مجددا للسعوديين بشراء منظومة S-400 لتقوية أمنهم.
 
منذ وقت طويل والشكوك 
تحوم حول منظومة الباتريوت
في نوفمبر 2017، بدا أن إحدى منظومات الباتريوت قد فشلت في اعتراض صاروخ سكود أطلق من اليمن على مطار الملك خالد في الرياض، على بعد 1000 كم. ومع ذلك، زُعم أن الصاروخ أُسقط خارج المطار مباشرة، وأن الهجوم، تماما كما يقال الآن، جاء من إيران. حيث ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باللوم على إيران وتفاخر بقوة أنظمة الأسلحة الأمريكية بالقول: «أعتقد أن إيران أطلقت على السعودية رصاصة فأطفأتها منظومتنا. وهذا يظهر كم نحن جيدون. لا أحد يصنع ما نصنعه نحن ونبيعه حاليا في جميع أنحاء العالم».
حينها قام خبراء صواريخ من معهد «ميدلبري» للدراسات الدولية في مونتيري، بقيادة جيفري شو، بالتحقيق في الحادث، وخلصوا إلى أن صاروخ الباتريوت الذي أطلق لم يصب الرأس الحربي لصاروخ سكود على الأقل (فالمنظومات الأمريكية قد لا تكون قادرة على اعتراض صاروخ حوثي واحد). كما أشار خبراء الصواريخ إلى أنه حتى في حرب الخليج، كانت قوة منظومة الباتريوت مبالغا فيها إلى حد كبير، وأنه بالكاد كان يمكنها إسقاط أي من صواريخ سكود العراقية.
في أوائل يوليو، استعرض الحوثيون طائرات وصواريخ جديدة زعم أنه تم تطويرها ذاتياً.
على أية حال، لا يستبعد خبراء الصواريخ أن اليمن طور طائرات درون وصواريخ بشكل ذاتي، وهو ما يدعيه الحوثيون. فعلى الأقل لديهم صاروخ، مثل «قدس1»، ليس له ما يعادله إيرانياً وليس فقط عبارة عن صاروخ «سومار» مع بعض الاختلاف.  بالطبع، قد يكون من الممكن أن إيران ساعدت الحوثيين في ??تطوير أنواع أخرى من الصواريخ، وذلك حتى لا يشيروا مباشرة إلى أي مساعدة إيرانية. من المفترض أن صواريخ «قدس1» لا تملك المدى اللازم للوصول إلى منشآت النفط السعودية من اليمن. ومع ذلك، فقد تحسنت قدرات الحوثيين أيضا في إسقاط طائرات الدرون. في يونيو، تم إسقاط طائرة درون من طراز MQ-9 Reaper. والنتيجة: مازال الأمر مستمرا، وآخرها في أغسطس.
وبالتالي فإن الحجة القائلة بأن صواريخ كروز أو طائرات الدرون لا بد وأنها جاءت من إيران أو العراق مدحوضة. فكلا البلدين قادر على تغيير وجهة طيرانه المسير، ولا يتعين عليه بالتالي أن يطلقه من الجهة التي قام بضرب الهدف منها.
بعد فشلهم في تحسين منظومات الدفاع الجوية والصاروخية، سرعان ما أعلن وزير الدفاع الأمريكي إسبير عن إرسال قوات ومعدات إلى السعودية -لكن لا ينبغي أن يتعلق الأمر بإرسال آلاف الجنود، بل يتعلق، كما أكد هو، بإجراء سلبي بحت.
 
العديد من الصواريخ الكورية الشمالية 
لم يتسن تتبعها
أما الأخبار الواردة من اليابان، عن إنفاق الكثير من المال بسبب كوريا الشمالية لشراء أنظمة الدفاع الصاروخية الأمريكية آيجيس، التي تتخذ من البحر قاعدة لها، وأنظمة الدفاع الصاروخية باتريوت، فإنها بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة وشركات الأسلحة الأمريكية تعمق المشكلة في كون المنظومات أصبحت من السهل التحايل عليها، وأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفي بوعدها للحلفاء الذين وضعوا أنفسهم تحت رحمة منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية أو ابتاعوها لأنفسهم. فاليابان ستحصل في العام المقبل على مدمرتين أخريين مجهزتين بمنظومة آيجيس. وتعتمد منظومة الدفاع الصاروخي اليابانية على بيانات الأقمار الصناعية الأمريكية للإنذار المبكر، التي (يفترض بها) رصد إطلاق الصواريخ. ومع ذلك، تركز منظومتا آيجيس وباتريوت على الصواريخ الباليستية، وليس على طائرات الدرون وصواريخ الكروز التي يمكن لها الطيران بمستوى منخفض وتغيير مسارها.
نشرت «اليابان اليوم» (Japan Today) تقريراً لوكالة «كيودو» للأنباء، عن مصادر على علاقة بالموضوع فضلوا عدم ذكر أسمائهم، ذكروا أن اليابان بمنظومات آيجيس والرادار الذي يغطي البلد بالكامل، لن تتمكن هذا العام، اعتبارا من مايو وما بعده، من تعقب مسار عدد من الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية. أما الصواريخ قصيرة المدى، والتي يدخل في عدادها أي صاروخ بوسعه الوصول إلى اليابان، فإنها بحسب المصادر لن يتم اكتشافها بسبب كونها تطير على مستوى منخفض جداً و«غير منتظمة»، وبناء عليه، قاموا أيضاً باختبار ما إذا كان بإمكانها التحايل على منظومة الدفاع الصاروخي أم لا؟
وبحسب التقرير، فإن الحكومة اليابانية في قلق متزايد. حيث من المفترض أن يتم من خلال مدمرتي آيجيس الجديدتين تغطية أي ارتفاعات منخفضة وتحسين منظومات الرادار. فالبلد بنزاعه مع كوريا الجنوبية أوقف أي تبادل للمعلومات الاستخباراتية. وهذا من الواضح أنه أيضا يقلق الجيش الياباني بسبب أن كوريا الجنوبية تريد أن يكون لها قصب السبق في اكتشاف إطلاق الصواريخ.
أما ما الذي اختبرته كوريا الشمالية بالضبط، من خلال إطلاق الصواريخ، فأمر غير معروف. من الممكن تماما أن يكون الهدف هو بأي صواريخ وعلى أي ارتفاع يمكن تقويض منظومات الرادار والدفاع الصاروخي. كان ذلك هو صاروخ كروز الجديد قصير المدى من نوع KN-23، والذي يمكن أن يصل مداه إلى 700 كم من أرض اليابان ويطير بشكل غير منتظم. ويفترض بالكثير من الصواريخ التي أطلقت أن تطير على انخفاض أكثر من 60 كم. في 10 سبتمبر، تم إطلاق صاروخين من طراز KN-23 باتجاه بحر اليابان، بواسطة «قاذفة صواريخ عملاقة» يمكنها إطلاق عدة صواريخ. يمكن للمرء أن يفترض أنه، إضافة إلى أشياء أخرى، لم يتم اكتشاف هذه الصواريخ.
المرجح أن كوريا الشمالية تعمل سراً على بناء غواصة قادرة على إطلاق الصواريخ؛ الأمر الذي من شأنه بالنسبة لليابان أن يقلص الفارق الزمني بين إطلاق الصاروخ ووقوعه، وبالنسبة لكوريا الشمالية أن يجعل من تصرفاتها الاستراتيجية أمرا لا يمكن التنبؤ به. ويبدو أن كيم جونغ أون زار حوض بناء السفن في يوليو، حيث يتم بناء الغواصة هناك.
موقع TELEPOLIS