ترجمـة خاصة عن الألمانية:نشـوان دماج -

كورنيـلــــيـا مايــر
عودة إلى حقائق الدعم الإيراني: كما ذكرنا سلفاً فيما يخص مصطلحي "المتمردين" و"الحكومة المعترف بها"، تجدر الإشارة أيضا إلى أن المعلومات التي تفيد بأن إيران تدعم الحوثيين ليست خاطئة. ولكن يمكن افتراض أن مدى هذا الدعم أقل بكثير من ذلك التوصيف في وسائل الإعلام، والذي يؤمن به مستمعوها وقراؤها، خصوصا وأن الدعم الفعلي للحوثيين من قبل إيران لا يقارن بـ"دعم" الحكومة اليمنية من قبل السعوديين (عملية الموازاة هذه تقوم بها 4 من أصل 10 مواقع رئيسية). وبالتأكيد لا يقارن البتة مع الدعم الذي تتلقاه السعودية من الولايات المتحدة. ففيما يتعلق بهذا الأخير، من المعروف أن الولايات المتحدة منذ بداية الحرب باعت للسعودية أسلحة بمئات المليارات من الدولارات، وقدمت للسعوديين معلومات استخباراتية، وأنه بحلول خريف عام 2018 قامت أيضا بتزويد الطائرات المقاتلة السعودية بالوقود.
ومع ذلك، فإن 11 مادة فقط من أصل 27 (6 من أصل 10 مواقع رئيسية)، تم فيها صراحة ذكر الدور النشط للولايات المتحدة في الحرب على اليمن، أي حوالي 40٪ فقط؛ في حين أن الدعم الإيراني الضئيل للحوثيين يتم طرحه بنسبة تتجاوز 85٪. إن السعودية في الحرب على اليمن ليست بأي حال من الأحوال مجرد قوة داعمة؛ بل هي شريك في الحرب. يتضح ذلك جليا من حقيقة أن هادي كان في السابق، كنائب للرئيس في عهد صالح، يمثل مصالح مجلس التعاون الخليجي، لاسيما السعودية، وأنه منذ تنحي صالح عام 2012 جعل تلك المصالح السعودية أولوية قصوى، وذلك من خلال "الإصلاحات" الاقتصادية المذكورة آنفا. فالفضل في صعوده إلى السلطة وفي رئاسته الانتقالية يعود إلى الدعم الكبير من قبل السعودية والإمارات. إن هادي، كما تسميه بعض المواقع، لم يكن أكثر من "دمية للسعوديين". ومسألة أن "حكومة يمنية" لهادي لن يكون لها من تلقاء ذاتها أي فرصة أمام الحوثيين فمسألة مؤكدة. باختصار: إن هادي في اليمن نفسه، كما ذكرنا سابقا، لا يتمتع بأي تأثير ملموس. يقول لوديرز: "يتألف جهازه الحكومي بشكل أساسي منه ومن عدد قليل من الأتباع".
بالنظر إلى حقيقة أن السعودية تأتي في طليعة التحالف العسكري ضد الحوثيين، وشنت، بمساعدة من الأمريكيين، آلاف الغارات الجوية على اليمن، فإنه فيما يخص الدور السعودي في هذه الحرب من غير اللائق الحديث فقط عن "دعم الحكومة اليمنية". كما أن جعل ذلك في خانة واحدة مع الدعم الإيراني للحوثيين، مثلما تفعل 40٪ من مواقع الإعلام الرئيسية مرة واحدة على الأقل، هو أمر خاطئ تماما. فالسعودية شريك في الحرب، لسبب بسيط غالباً ما يتم نسيانه في العديد من اعتبارات أسباب الحرب. أما لماذا يجب على السعودية أن تعتبر الحوثيين خطرا؟ فذلك لأن هؤلاء هم المكون اليمني الذي أخذ على نفسه السير بإصرار أكبر نحو مزيد من الاستقلال عن السعودية، ودون أن يقبل على الإطلاق بتسويق نفسه.
وعليه، فإن التوصيفات المتعلقة بالدعم الإيراني للحوثيين تهيب بقراء المواقع الإخبارية على الإنترنت مسح صورة مزيفة عن حالة الصراع، حيث إن نفوذ طهران يغدو أكبر مما هو عليه في الواقع. ويتجلى ذلك من خلال استخدام عبارة "المدعومين من إيران" المجتزأة عن سياقها؛ حيث يتم طرح هذه المسألة بشكل أكبر بكثير من حقيقة وواقع الدعم المقدم للسعوديين من قبل الولايات المتحدة. إن الموازاة بين الدعم السعودي "للحكومة اليمنية" من جهة، والدعم الإيراني للحوثيين من جهة أخرى، توهم بأن هناك توازنا في القوى لم يتم الأخذ به. كما أن مصطلح "الحرب بالوكالة" (الصيغة ب) يعكس أيضا هذه الرواية العوجاء.

ج) "سنة ضد شيعة"
والآن إلى التوصيف (ج)، أي: تقليص أسباب الحرب إلى صراع ديني بين سنة مقابل شيعة. مع ملاحظة أن تلك التقارير التي يبدو أنها تقلص الحرب إلى صراع ديني فقط هي المعتبرة في نتائج الصيغة (ج). وهذا هو الحال مع نصف المواقع الإخبارية الرئيسية.
في الحقيقة، فإن الزعم بأن حرب اليمن ترجع إلى حالة من التنافس بين سنة وشيعة هو زعم في غير محله. ينتمي الحوثيون، الذين يشار إليهم ببساطة في جميع مواقع الإعلام على أنهم شيعة، إلى شكل خاص من الشيعة، وهم الزيدية المذكورون أعلاه. وبشكل حصري تقريبا ينحدر هؤلاء من الجزء الشمالي من اليمن، وهم "في المنظور الديني أقرب إلى السنة من" الشيعة الإثناعشرية "في إيران". وطالما أن رواية "سني مقابل شيعي" هذه تدعم الرأي القائل بأن الحوثيين متحالفون بقوة مع إيران، فإن هذه الرواية بكل بساطة خاطئة. ومع ذلك، تلعب الخلافات الدينية دوراً في الأسباب المختلفة لحرب اليمن، وإن كانت مختلفة عن تلك التي تشير إليها مواقع الإعلام الرئيسية في أغلب الأحيان. إن الأمر الحاسم للتطور الجذري لحركة أنصار الله ليس التنافس السني الشيعي القائم نوعا ما على الفروق الدينية بقدر ما هو التهميش القوي الذي كان الزيديون -وهم المهيمنون في الماضي لأكثر من 1000 عام!- يلمسونه ضدهم، مثلما يتعلق بذلك أيضا التبعية المتزايدة للسعودية. 
كما أن الصيغة (ج) تفضي إلى حالة من تضمين السياق معنى آخر من قبل وسائل الإعلام، على سبيل المثال من خلال الإشارة إلى أن الحوثيين زيدية. إن الطرح الذي يجعل من الصراع فقط وبشكل حصري حالة دينية هو على أي حال طرح غير مناسب بالنسبة للحرب الأكثر تعقيدا في اليمن.

د) الجوانب الإيجابية
هناك جوانب إيجابية أيضا في التغطية الخبرية التي تم استقصاؤها. يتمثل ذلك في توصيفات لتاريخ ما قبل الحرب منذ عام 2011 (الميزة الأولى)، والذي تجده في 4 من أصل 10 وسائل إعلام رئيسية في منشور واحد على الأقل. ولكن بالنظر إلى هذه الحقيقة، كان المأمول أن نجد أكثر من موقع إعلامي رئيسي يخصص مادة واحدة فقط لجعل شرعية هادي موضع تساؤل (الصيغة م)، لأن انتخابه كرئيس انتقالي، وكذلك الانتخابات الجديدة التي لم تجرِ بناء على ذلك، هما في نهاية المطاف جزء من تاريخ ما قبل الحرب هذا. أما مسألة أن حكومة هادي في اليمن ليس لها تأثير يذكر (الصيغة ك)، فذاك ما رصدته على الأقل مادتان اثنتان. كما أنه تمت الإشارة في أحد المواقع الإخبارية الرئيسية إلى حالة التعقيد والأهمية الجيوسياسية، نوعا ما بالنسبة للولايات المتحدة (الصيغة ي). أما الزعم بأن الحوثيين مدعومون من إيران، فإنه لم يتم تبنيه تماما، بل طرحه بشكل أكثر تنوعا.

3 - التقييم والاستنتاج
هناك مواضع في المواقع الإخبارية المستقصاة الناطقة باللغة الألمانية لا يتم فيها استنساخ التوصيفات محل النقد، بل وضع محتواها محل تساؤل مُلح. غير أن هذا التعاطي المتنوع للحرب في اليمن يعد هو الاستثناء - وغالبا ما يضيع في أشكال مختصرة. أما المواد الأكثر اقتضابا، مثل المواد الإخبارية، فهي بالطبع مهمة بالنسبة لصناعة رأي الجمهور الواسع. فهي تصل إلى جمهور أكبر مقارنة بالبودكاست. من الواضح أن الأخبار المقتضبة لا بد وأن تكون أسهل من البودكاست. ولكن أيضا لا ينبغي لمسألة أن البساطة هي الأفضل بالنسبة للجمهور أن تكون سببا في استخدام مصطلحات زائفة.

الجــدول رقم (١)  أبرز المصطلحات:

أ «المتمردون الحوثيون» 10 مواقع
ب «حرب بالوكالة» 4 مواقع
ج سنة مقابل شيعة (دون التطرق إلى حيثيات أكثر تعقيدا) 5 مواقع
د حوثيون "حلفاء لإيران" أو "مدعومون من إيران" 10 مواقع

من المصادر الأحادية الـ27: 23 مادة صحفية
هـ التحالف بقيادة السعودية المدعوم من الولايات المتحدة 6 مواقع

من المصادر الأحادية الـ27: 11 مادة صحفية
و الحكومة «المعترف بها دوليا» في اليمن 5 مواقع
ز «الحكومة» (دون الإشارة إلى شرعيتها المشكوك فيها) 9 مواقع
ح "الولايات المتحدة/ المملكة السعودية تزعمان بأن إيران تدعم الحوثيين (وتهدد الهيمنة الإقليمية للسعودية)" 8 مواقع
ط تسليط الضوء على تاريخ ما قبل الحرب ابتداء من عام 2011 4 مواقع
ي الإشارة إلى تعقيدات الحرب والأهمية الجيوسياسية 1 موقع
ك حكومة هادي "بلا تأثير" ومسيطر عليها من قبل السعودية 2 موقعان
ل وجهة نظر متباينة حول الدعم الإيراني 1 موقع
م التشكيك في شرعية الحكومة اليمنية 1 موقع




كورنيـلــــيـا مايــر
٢٠ عاماً، تدرس الفلسفة التحليلية في  سالزبورج مع  التركيز على فلسفة اللغة، هذا المادة طرحت في ندوة بسالزبورغ حول "التدخلات الأخلاقية"
موقع   TELEPOLIS