مارش الحسام / لا ميديا -

مؤخرا كثر الحديث عن أجهزة المايكروويف، وضجت وسائل الإعلام برسائل تحذيرية من المؤسسة العامة للاتصالات لمالكي ومستخدمي هذه الأجهزة التي يجهلها الكثيرون.

المايكروويف
المايكروويف هي أجهزة تعمل بنظام أو بتقنية الترددات لإرسال واستقبال ونقل البيانات والمعلومات لاسلكياً، وتستخدمها البنوك وشركات الصرافة والشركات النفطية وغيرها من المؤسسات التي تملك فروعاً لربطها مع المركز الرئيسي، كما تستخدمها شركات الهاتف النقال لنقل اتصالات «الواير لس» من مسافة إلى أخرى، وكذا شبكات «الواي فاي» لنقل الاتصالات لاسلكيا. 
سنحاول في هذا التقرير أن نستجوب الجهات المختصة ونأخذ أقوالها حول هذه الأجهزة وآلية عملها ومدى خطورتها ومدى إسهام العدوان في انتشارها وسبب الضجة التي أثيرت مؤخرا حولها.

قفص الاتهام
تؤكد المؤسسة العامة للاتصالات أنها بصدد القيام بحملة ميدانية لإزالة هذه الأجهزة التي تقول إن العدوان أسهم وبشكل مباشر في انتشارها، ولكونها خطرا على الأمن القومي والاقتصاد الوطني وعلى صحة وسلامة المجتمع، وبالمقابل هناك من يرى أن هناك كثيراً من التحامل على مستخدمي هذه الأجهزة وتحت مبررات واهية غير منطقية، بل إن الحملة التي يروج لها على أنها تستهدف البنوك وشركات الصرافة المتهربين من دفع ما عليهم من رسوم اشتراك وخدمات للمؤسسة العامة للاتصالات، إنما تستهدف جهات أخرى غير المعلن عنها، وهو ما يوحي أن هناك أشياء غائبة ومغيبة لا يدركها إلا الراسخون في كراسي الاتصالات.

الموضوع سيادي
أكد نائب مدير عام المؤسسة العامة الاتصالات بأمانة العاصمة، المهندس عمار يحيى حزام النصيري، في تصريح لـصحيفة «لا»، أن أجهزة المايكروويف التي تستخدمها البنوك والشركات المصرفية في إرسال واستقبال البيانات، والتي تدخل إلى البلد عن طريق التهريب ويتم تركيبها بطريقة غير رسمية، تمثل خطرا على الأمن القومي والاقتصاد الوطني وعلى صحة وسلامة المجتمع وكذا على مستخدميها أنفسهم.
وأوضح أن المؤسسة وجهت خطابات إنذارية لمالكي أجهزة المايكروويف، طالبتهم فيها بسرعة إزالة هذه الأجهزة ليجنبوا أنفسهم المساءلة القانونية. مضيفاً أن هذا التحذير سيتبعه إجراءات قانونية تتمثل بالنزول الميداني ومصادرة هذه الأجهزة ومحاسبة أصحابها. 
وتابع بالقول: «أولاً وقبل كل شيء، الموضوع سيادي، وتركيب شبكة خارج الشبكة الوطنية يعد انتهاكاً لسيادة الدولة، والمؤسسة العامة للاتصالات فقط هي المخولة باستخدام هذه الأجهزة، ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها بأية صفة، لأن ذلك قد يؤثر على أمن البلد، واستخدامها للأعمال التجسسية والاستخباراتية، لأنه بإمكان ربطها بشبكات خارجية، كما أن استخدام شبكة غير الشبكة الوطنية يعد إضراراً بالاقتصاد الوطني وقطاع الاتصالات، كما أن هذه الأجهزة تعتبر خطيرة صحيا وبدرجة كبيرة على المجتمع والمناطق التي تتواجد فيها، وخصوصاً المناطق التي توجد فيها صحون الإرسال أو الاستقبال، تعتبر عرضة للأمراض السرطانية نتيجة انبعاث موجات ترددية قوية من تلك الأجهزة، والأجهزة خطرة على المستخدمين أنفسهم كالبنوك وشركات الصرافة، لسهولة اختراقها والتلاعب ببياناتها لأنها شبكات غير محمية».
ودعا النصيري مالكي أجهزة المايكروويف إلى التعامل بجدية مع الرسائل التحذيرية بخصوص هذه الأجهزة، واللجوء إلى المؤسسة وأخذ تصاريح أجهزة منيعة ضد الاختراق وآمنة على صحة وسلامة المجتمع، وعبر تقنية الألياف الضوئية، بعكس أجهزة المايكروويف التي تعمل عن طريق الترددات، والتي يسهل اختراقها، وفي نفس الوقت تمثل تهديداً صحياً وتتسبب بأمراض سرطانية.
كما دعا المواطنين إلى تجنب وعدم السماح بوضع هذه الأجهزة (الصحون) على منازلهم نتيجة مخاطرها الصحية، وكذا الإبلاغ عنها عبر الأرقام التالية: 113 أو 8000000.

ترددات العدوان
قال مدير عام الشبكات في المؤسسة العامة للاتصالات بأمانة العاصمة، المهندس حسن الصديق، لصحيفة «لا»، إن العدوان أسهم وبشكل مباشر في انتشار أجهزة المايكروويف الممنوعة عالمياً، ويشرف على تهريب من دبي إلى اليمن لضرب الاقتصاد الوطني.
وأضاف الصديق أن العدوان وبعد أن استهدف السنترالات والأبراج وشبكات الألياف الضوئية، قام بحظر دخول والأسلاك الكابلات وكل مستلزمات الاتصالات إلى اليمن باستثناء أجهزة المايكروويف، وهو ما دفع الكثيرين إلى استخدام هذه الأجهزة بديلا لشبكة الاتصالات اليمنية.
وتابع قائلاً: «إن انتشار أجهزة المايكروويف يكبد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة، وإن عدداً كبيراً من شركات الصرافة والبنوك صاروا يتهربون من دفع ما عليهم من مستحقات لمؤسسة الاتصالات كرسوم اشتراك وترخيص لخدماتها الاتصالية، ويلجؤون إلى هذه الشبكة غير الآمنة، والتي قد تكلفهم مئات الملايين وخسائر مالية فادحة لسهولة اختراق هذه الشبكات كونها غير محمية».
وأضاف: «بسبب هذه الأجهزة فقدت المؤسسة العامة للاتصالات في أمانة العاصمة أكثر من 700 مشترك من كبار العملاء، كان كل واحد منهم يدفع للمؤسسة من 1000 إلى 2000 دولار شهريا كرسوم اشتراك وخدمات، وهذا يمثل ضربة قوية للاقتصاد، كون وزارة الاتصالات هي التي ترفد الاقتصاد الوطني في الوقت الحالي».
وأشار الصديق إلى أن المؤسسة العامة للاتصالات ستقوم قريبا بحملة ميدانية لإزالة هذه الأجهزة، وللحفاظ على الأمن القومي والاقتصادي للبلد، بحيث يكون التعامل عن طريق المؤسسة التي لديها أجهزة معينة آمنة صحيا تعمل عبر تقنية الألياف الضوئية، ومنيعة في نفس الوقت، بحيث لا يمكن اختراقها، بعكس أجهزة المايكروويف التي تعمل بتقنية الترددات الخطيرة على الصحة، كما يمكن اختراقها من أي جهاز يتم ضبطه على نفس الترددات والدخول إلى النظام وكشف المعلومات كاملة والتلاعب بالبيانات.

حاميها حراميها!
أكد لصحيفة «لا» عدد من موظفي المؤسسة العامة للاتصالات أن هناك شخصيات من العيار الثقيل داخل وزارة الاتصالات مستفيدة من ظاهرة تفشي هذه الأجهزة، ويعيقون صدور قوانين بإزالتها.
وقالوا إن من يقوم بتركيب هذه الأجهزة وصيانتها هم مهندسون متخصصون من داخل المؤسسة نفسها كان يفترض بهم محاربة هذه الأجهزة.
يقول أحد الموظفين الذي اشترط عدم ذكر اسمه: «تركيب هذه الأجهزة ليس سهلاً، وإنما وفق عملية دقيقة وتفوق قدرات المهندس العادي، وتتم الاستعانة بمهندسين محترفين من مؤسسة الاتصالات لتركيب هذه الأجهزة التي تحتاج لخبراء لتركيب صحني الإرسال والاستقبال في مستوى واحد بحيث يكونان متقابلين تماماً، وعلى مسافة عدة كيلومترات، كما يجب أن تكون المسافة الفاصلة بين الصحنين محسوبة بدقة وضمن مجال معين 10 كيلو أو 15 كيلو، إذا زادت أمتاراً أو نقصت لا تصلح العملية الاتصالية، والكل يعرف من يقوم بتركيب هذه الأجهزة وصيانتها، كما تتم الاستعانة بهؤلاء المهندسين من قبل التجار المستوردين لتحديد المواصفات وجودة الأجهزة ومقاييسها».

أصلح بيتك ولا تهدم بيوت الناس
مصدر خاص في وزارة الاتصالات، أفاد «لا» أن الحملة التي يروج لها على أنها موجهة ضد البنوك وشركات الصرافة، تستهدف في الأساس أجهزة المايكروويف الخاصة بأصحاب شبكات «الواي فاي».
وقال إن المؤسسة اختارت خصما قويا تكيل له الاتهامات كالتهرب من الضرائب ورسوم الاشتراك، بينما الاستهداف لجهة أخرى، وإن البنوك وشركات الصرافة لن تتأثر وليست مستهدفة، وإنما أصحاب الشبكات ومئات الأسر.
وأضاف قائلا: المؤسسة العامة للاتصالات أحست أن الناس انقلبوا إلى شبكات «الواي فاي» بدلاً من «الثري جي»، وأن أصحاب الشبكات يربحون أكثر منهم، وهذا بسبب أن «يمن نت» لم تحسِّن من خدماتها، وأصحاب شبكات «الواي فاي» يقدمون خدمة أفضل منها، ووصلت خدماتهم لمناطق عجزت «يمن نت» عن الوصول اليها، وحاليا هناك أعذار ومزايدات بأن أجهزة المايكروويف تهدد الأمن القومي، وقد تستخدم للتجسس، إذا كانت كذلك فلماذا تباع في السوق المحلية بكل علانية، وإذا كانت تسبب أمراضاً سرطانية اعطونا حالة واحدة أصيبت بالسرطان، وهل هناك إحصائيات بالمصابين، ولماذا لم يصب موظفو المؤسسة بالسرطان وهم يستخدمون هذه الأجهزة، وبعد 5 سنوات من انتشارها يقولون إنها تساند العدوان وتعد ضربة للاقتصاد، أين كانوا من أول شهر أو شهرين أو عام من دخولها، عندما تريد إزالتها تقول إنها تمثل خطراً على أمن البلد، وخطراً على الاقتصاد، وعلى الصحة، أين كان هذا الكلام من قبل، وتارة يتشدقون بالسيادة وأنها غير مرخصة وغير قانونية، ووجودها غير قانوني، فلماذا لا تقومون بإغلاق كل الإذاعات المحلية في صنعاء وغيرها التي تبث عبر «FM»، كونها تستخدم أجهزة المايكروويف التي تقولون إنها أجهزة غير قانونية. وهنا أقول لـ»يمن نت» يكفي مزايدات، أصلح بيتك ولا تهدم بيوت الناس، حسن من خدمات «الثري جي» وسيترك الناس «الواي فاي».

حل وليس إحلالاً
المهندس محمد الرياشي، رئيس نقابة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اليمنية، تحدث لصحيفة «لا» قائلاً: «تعتبر أجهزة المايكروويف تقنية حديثة، وتستخدم لنقل المعلومات والبيانات سواء بالصوت أو بالصورة لمسافة طويلة جداً، وانتشرت في اليمن بعد تعثر تشغيل تقنية «واي ماكس»، ويستخدمها كثير من البنوك والشركات والمؤسسات، وتم استخدامها من قبل أصحاب شبكات «الواي فاي» لتوسيع ولتقوية شبكاتهم، وحالياً هناك عشوائية لاستخدام هذه الأجهزة».
وأكد الرياشي أن هذه الأجهزة دخلت إلى اليمن في ظل غياب وتساهل من الدولة، وأن كثيراً من الدول العربية تحظير دخول هذه الأجهزة إلَّا بتصريح رسمي. 
وأضاف: «لا يوجد قانون تنظيمي في اليمن لعمل هذه الأجهزة، ولا يلام أي شخص على استخدامها، لأنه لا يوجد قانون يحظر استخدامها، وكان هناك تساهل في دخولها من البداية، والمؤسسة العامة للاتصالات لم تكن غافلة عن استخدام هذه الأجهزة من قبل أصحاب شبكات «الواي فاي»، وهي تعرف أن من يشتري منها خطوطاً ذهبية هو صاحب شبكة «واي فاي»، وسيستخدم أجهزة المايكروويف، وحاليا الأحرى بالمؤسسة إصدار لائحة أو قانون لتنظيم عمل هذه الأجهزة وليس إزالتها، لأنه لا يوجد بديل لهؤلاء، أي أصحاب الشبكات، وستسبب مشاكل كثيرة، وستقطع أرزاق كثير من الأسر، وهذا شيء مخالف للإنسانية، ويكفي ما يلاقيه اليمنيون من عدوان خارجي». 
وناشد الرياشي المجلس السياسي الأعلى، ووزارة الاتصالات، والمؤسسة العامة للاتصالات، والجهات المعنية بالعمل على حل وليس إحلال لهذه الأجهزة، أن يتم عمل تنظيم وتوعية وتوثيق للأجهزة الموجودة حالياً، وعمل لائحة لتنظم عملها، ومن ثم إزالة ومعاقبة المخالفين للائحة بحسب القانون.