شايف العين / لا ميديا -

وجه أبطال الجيش واللجان الشعبية، قبل أيام، ضربة موجعة لتحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته في عملية 
«البنيان المرصوص»، بتحريرهم كامل مديرية نهم وأكثر من 90٪ من محافظة الجوف، والأهم دحرهم الأعداء من عدة مديريات ومناطق في محافظة مأرب وصولا إلى أطراف مدينتها.
كل هذا حدث في 6 أيام، ما يعني أن ما جهز له العدو ومرتزقته طيلة 5 سنوات نسفته صنعاء في أقل من أسبوع، واستطاعت أن تصل إلى معقل مشروعه ومرتزقته (مدينة مأرب) الذين طالما حشدوا  كل قواتهم لمحاولة الوصول إلى العاصمة لضرب صمود أبناء الشعب.
ولعل هذا الأمر بعث على تساؤل مهم عند الكثير، مفاده: ما سبب نظرة القوى الوطنية للمحافظة التي تمثل المتكأ الرئيس لمشروع العدوان كهدف مؤجل منذ سنوات وتم تأجيله بعد وصول قواتها إلى أطراف مدينة مأرب قبل أيام، وغدا تحريرها في متناول اليد، وإذا ما تم فسيسقط مشروع العدوان، هذا ما ناقشناه مع عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين والعسكريين في التقرير التالي.

الوجهة المثلى للعدوان
مع بداية العدوان على الوطن في 26 مارس 2015، اتجه جميع المؤيدين للتحالف الأمريكي السعودي وحكومة مرتزقته إلى مدينة مأرب، كونها المحافظة المناسبة لقيام المشروع وتغذيته بالمال وبالمرتزقة من مختلف الأشكال، من ضمنهم المنتمين لما يسمى تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين.
ورغم أن قوات تحالف العدوان تحتل محافظات جنوبية منها عدن التي قالوا إنها ستكون عاصمة حكومة الخائن هادي ومعاونيه، غير أنها لم تكن وجهة مناسبة لمرتزقته من المحافظات الشمالية الذين اختاروا مأرب مقرا لهم، ولعل أبرزهم حزب الإصلاح.

أهمية جغرافية
لقد حاولت أدوات الوصاية الخارجية إجهاض ثورة 21 أيلول 2014 التي قادها أنصار الله، بعد هزيمتها في عمران، عن طريق تلويحها بمأرب والجوف، لتتحرك اللجان الشعبية للثورة لحسم المعركة هناك، وفور نجاحها دخلت العاصمة صنعاء وأرست مداميك الثورة.
وبما أن العدوان هو امتداد لمحاولات إجهاضها، فإن الصمود في مواجهته امتداد للتمسك بأهداف ومنجزات ثورة 21 أيلول، وبالتالي فإن الصلة الوثيقة جعلت دول الوصاية تتمسك بمحافظة مأرب وتجعل منها مركزا يتكئ عليه مشروعها.
وقد تقدم العدو ومرتزقته في بداية العدوان إلى مديرية نهم التابعة لمحافظة صنعاء على الحدود الغربية لمأرب، وبذل طوال 5 أعوام أقصى جهده لمحاولة العبور منها وصولا إلى العاصمة لإجهاض امتداد الثورة المتمثل في صمود الشعب والجيش واللجان الشعبية في مواجهة مشروعه، كما دفع بجزء كبير من مرتزقته للمرور من مديرية صرواح، ويحاول أن يفتح جبهة جديدة في محافظة ذمار عبر مديرية الحداء. 
ولا ينتهي اختيار مأرب عند هذا السبب، فإضافة إلى ما سبق تعتبر المحافظة المكان الذي قامت فيه «الحضارة السبئية»، وهي واحدة من أقدم الحضارات في التاريخ، ما فتح شهية الأعداء على آثارها التاريخية كونهم لا يملكون تاريخا حضاريا. 
إلى جانب ذلك مثلت ثروات مأرب النفطية والغازية وسيلة جيدة لتخفيف أعباء عدوانه المالية، ما جعلها ضمن أوراق حربه الاقتصادية وحصاره المفروض على أبناء الشعب في المناطق غير الخاضعة لسيطرته.

بُعد اقتصادي
بعد مرور عامين على بدء عدوانه على الوطن الذي حمله تكاليف باهظة، التفت تحالف العدوان إلى ثروات مأرب ليخفف تلك التكاليف من خلال نهب النفط والغاز وتخصيص جزء من إيراداتها المالية لتغطية أجور مرتزقته.
فبدأ العدو الإماراتي بتصدير غاز صافر لصالحه عبر ميناء بلحاف الواقع في محافظة شبوة الخاضعة لاحتلال تحالف العدوان، فيما نهب العدو السعودي النفط الخام المستخرج من باطن أرض المحافظة وسخَّر ما يدره من مال لتغطية بعض تكاليف عدوانهم على الوطن.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد استخدم الأعداء الغاز المنزلي الذي تنتجه صافر كوسيلة في عدوانهم الاقتصادي على أبناء الشعب، كون المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية بحاجة إلى هذه المادة، ولم يكن بالإمكان الحصول عليها سوى من مأرب في ظل حظر الاستيراد من الخارج.
حيث استخدمها تحالف العدوان كوسيلة من وسائل حربه الاقتصادية خصوصا على العملة، من خلال سحب مليارات من العملة القديمة من تلك المناطق التي تدفعها مقابل الحصول على الغاز، واحتجاز المبالغ في فرع البنك المركزي بالمحافظة وتكديسها في مبانٍ أخرى تمهيدا لفرض العملة الجديدة التي كانت السبب، بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، في تدهور قيمة الريال وضعف قدرته الشرائية.

خزنة أموال مفتوحة للمرتزقة
تعد مأرب بالنسبة لحزب الإصلاح خزنة مالية مفتوحة تتجدد إيراداتها بصورة يومية، هذا ما وصف به الخبير الاقتصادي رشيد الحداد محافظة مأرب، وقال في مداخلته لصحيفة «لا» إن حزب الإصلاح متمسك منذ 5 سنوات وحتى اليوم بالسيطرة على منفذ الوديعة الذي تتجاوز إيراداته المالية 30 مليار سنويا، وبمعدل دخل يومي 100 مليون ريال.
وأكد الحداد أن مرتزقة حزب الإصلاح يرون في فقدانهم مأرب الضربة القاضية التي ستوجه لهم، فقد نقلوا إليها معظم رؤوس أموالهم من صنعاء، وأصبحت بالنسبة لهم منطقة استثمار في القطاعات التجارية والعقارية وقطاع الخدمات بمليارات الريالات.
وأضاف أن قطاع صافر يدر إيرادات يومية لمن يسيطر على مأرب من مبيعات 2250 طناً من الغاز المنزلي و18 ألف برميل نفط منها 8 آلاف برميل تتم تصفيتها يصل إجماليها 700 مليون ريال، وكذلك دخل آجل يقدر بمئات الملايين من مبيعات نفط صافر الخفيف الذي يتم تصديره عبر أنبوب النفط الجديد الممتد من قطاع غرب عياذ إلى سواحل شبوة للتصدير. 
خبراء اقتصاديون آخرون أكدوا أن اليمنيين لا يستفيدون من إنتاج نفط وغاز مأرب كما يجب، حيث تسيطر جماعة الإصلاح على تلك 

الإيرادات بشكل كامل ولا توردها إلى عدن ولا إلى صنعاء. 
كما أن العدوان ومرتزقته يواصلون قطع الغاز عن صنعاء بين حين وآخر، إلى جانب فرضهم عراقيل كبيرة على ناقلاته ليصل بمبالغ باهظة تنهك ميزانية المواطن، وهذا لا يعتبر فجورا في الخصومة فقط، بل إنه عقاب جماعي لكل أبناء الشعب المهتمين بالسياسة وغيرهم. 
ونوه الخبراء إلى أنه كان يفترض من العدوان ومرتزقته تحييد ثروة الشعب، وخصوصا أن الكم الأكبر من أبنائه يتواجدون في مناطق سلطة المجلس السياسي الأعلى, وبدلا من ذلك يتم تحويل أموال النفط من مأرب إلى حسابات تابعة لقيادات مرتزقة الإصلاح وغيرهم في بلدان أخرى كتركيا وماليزيا وإسبانيا، فضلا عن عقارات بمئات الملايين يملكونها وتنتشر في مأرب وغيرها.

نقطة ارتكاز رغم تسمية العدو وحكومة مرتزقته مدينة 
عـدن المحتلة عاصمة مؤقتة لما يسمونه «الشرعية»، غير أن المعطيات والدلائل تؤكد أن محافظة مأرب هي المعقل الرئيس لمشروعهم.
فعند بداية العدوان تواجدت القوات التابعة لدول التحالف في المحافظة، وهذا ما كشفه صاروخ توشكا الذي أطلقته القوة الصاروخية للجيش واللجان على قاعدة عسكرية في صافر، من خلال العدد الكبير للقتلى الإماراتيين والبحرينيين والقطريين والسعوديين وغيرهم.
كما أن مقرات القيادات العسكرية العليا لحكومة المرتزقة تتواجد في المدينة، ناهيك عن انتشار معسكرات التجنيد والتحشيد في مختلف مناطق المحافظة.
وأفادت معلومات نشرت منتصف العام الماضي بأن عدد قوات المرتزقة المتواجدين في مأرب يبلغ نحو 100 ألف مرتزق، بالإضافة إلى قوات تابعة للعدو السعودي والإماراتي والأمريكي.
محللون وخبراء عسكريون وصفوا مأرب بوجهة الارتزاق، وقالوا إنها المحور الذي يرتكز عليه الجانب العسكري للعدو، وبالتالي مشروعه بالكامل، كونها تحتضن أهم معسكرات التجنيد والتجمع للمرتزقة، كما أنها منطلق لتوزيعهم على بقية جبهات القتال حتى الحدودية.
جعلت تلك العوامل من الحفاظ على مأرب أو خسارتها أمراً حاسماً لدى تحالف العدوان ومرتزقته، وهذا ما أكدته المعارك التي اندلعت العام الماضي بين مرتزقة حكومة الخائن هادي ومرتزقة ما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالين للعدو الإماراتي، حيث كانت منطلقا للأول نحو المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال.
وبعد ذكر كل تلك العوامل التي جعلت مأرب المناخ الأمثل لقيام مشروع العدوان واستمراره، يأتي التساؤل عن أسباب تأخير القيادة الثورية والسياسية الوطنية قرار تحريرها من الغزاة ومرتزقتهم رغم أهميتها الكبيرة.

بانتظار ذوبان الجليد
اتفق الكثير على أن من أهم الأسباب التي أدت إلى تأجيل تحرير مأرب، كانت الحاضنة المجتمعية، التي أججها الوهابيون بالأفكار المغلوطة والزائفة.
إن إدراك أبناء قبائل المحافظة خطورة الوضع الذي هم فيه، أتى متأخرا، بعد أن ارتكب مرتزقة حزب الإصلاح المسيطرون عليها انتهاكات جسيمة بحقهم، مستخدمين في ذلك كل وسائل قوتهم التي مدهم بها تحالف العدوان.
ففي العام الماضي اندلعت مواجهات شرسة بين المرتزقة المسيطرين على المحافظة وبين قبائل عبيدة (كبرى قبائل المحافظة)، بدأت عندما حاولت قيادات عميلة من حزب الإصلاح قدمت من خارج مأرب، نهب أراضٍ تابعة لأبناء قبيلة الأشراف، الأمر الذي وقفت ضده الأخيرة، وأدى إلى اندلاع مواجهات نتج عنها استشهاد الكثير من أبناء الأشراف وتدمير عدد من منازلهم، بالإضافة إلى تهجيرهم من قراهم بعد وصفهم بالخارجين عن القانون.
وعلى خلفية ذلك أبدت بعض قبائل عبيدة تضامنها مع الأشراف، غير أن موقفها لم يوقف تجبر المرتزقة الذين وسعوا مواجهاتهم لتشمل تلك القبائل، ما ولد لدى الأخيرة سخطاً كبيراً رفع وتيرته تدهور الوضع وسوء المعيشة وغلاء الأسعار، ليخرج شيخها محسن بن معيلي قبل حوالي عامين بزامل يطلب فيه نجدة سيد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وأبطال الجيش واللجان الشعبية، من العدوان ومرتزقته، لتكون هذه أولى الإشارات على توفر الحاضنة الاجتماعية للقوى الوطنية. 
يقول مستشار محافظ الجوف الشيخ علي مزاحم بن ثيبة، لصحيفة «لا» إن أبناء مأرب لا يمثلون من المجتمع المتواجد حاليا في المحافظة سوى 3٪ ، لذلك فمن المرجح بشكل كبير أنه بات ناضجا ليكون حاضنة للجيش واللجان، خصوصا وأن الوسائل والطرق التي استخدمها الوهابيون لتأجيجه ضد أنصار الله عبر بث الأفكار المغلوطة ظهر زيفها واتضحت الحقيقة لهم، وأصبح 90٪ من تلك النسبة لا يوجد بينهم وبين الانضواء تحت سلطة صنعاء الوطنية أية مشكلة أو عائق، بعد أن أهانهم تحالف العدوان ومرتزقته إهانة لم يعرفوا مثيلها في تاريخهم.
ويوضح بن ثيبة أن 5 أعوام كانت كفيلة بكشف كل شيء على حقيقته، حيث إن حكومة المرتزقة استقرت في مدينة مأرب وجربها أبناء المحافظة وذاقوا الويلات على يدها.
أما المحلل السياسي أحمد المؤيد، رئيس منظمة سبأ للحقوق والديمقراطية في جنيف، فلديه قناعة بأن محافظة مأرب على المستوى الشعبي تميل للخلاص من ذل العدوان وتسلط أدواته على الأرض، وخصوصا حزب الإصلاح الذي قسم الناس إلى ما يشبه المؤمنين والمنافقين حسب التزامهم بإطالة اللحية وتقصير الثوب واعتماد النهج الإصلاحي سلوكا.
وكشفت معلومات عن أن ما تزخر به المحافظة من ممتلكات وفنادق وعقارات كبير يعود معظمها لمنتسبي حزب الإصلاح وقياداته، فضلا عن عدم ظهور تغير إيجابي في حياة المواطنين على المستوى المعيشي. 
ويتابع المؤيد الحديث بقوله: «من هنا نستقرئ أن ممارسات حزب الإصلاح قد أسهمت في توضيح الرؤية وخلق مجتمع رافض لهم وللعدوان، وقد وردت معلومات هناك أنه أثناء معارك نهم انتشرت أطقم مسلحة داخل محافظة مأرب في رؤوس الأزقة والشوارع خوفا من أية انتفاضة داخلية إذا اقتربت المعارك من المدينة».

وجهة المعادلة العسكرية 
إن اختيار تحالف العدوان ومرتزقته محافظة مأرب مركزا لانطلاق مشروعهم يجعل من المؤكد أنهم سيضعون معظم قوتهم العسكرية فيها، وبالتالي لن يكون تحريرها سهلا، خصوصا أن العدوان بدأ وقوات الجيش واللجان لم تكن قد صنعت وطورت أسلحة ردع استراتيجية تمثلت في الصواريخ الباليستية الذكية والصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة الاستطلاعية والقتالية. 
حيث أفادت قيادات عسكرية ميدانية للصحيفة أن الخصم الاستراتيجي والحقيقي الذي واجه أبطال الجيش واللجان الشعبية بداية العدوان في مأرب كان العدو الإماراتي الذي ملأ المحافظة بقوات وعتاد عسكري ضخم ومتطور، علاوة على الغطاء الجوي الكثيف الذي توفره له طائراته الحربية والدرون والعمودية. .

وأكدت القيادات أن ذلك العدو أصبح الآن مردوعا بعد أن غير التصنيع الحربي للجيش واللجان موازين المعركة بصناعته أسلحة هجومية ودفاعية فارقة حيدت الأباتشي والدرون المقاتلة، وهددت مدنه الزجاجية ومعاقله الاقتصادية الهامة في عمقه بضربات باليستية ماحقة.
وأوضح أحد قيادات الجيش واللجان الشعبية أن مرتزقة العدوان أدركوا قبل عامين أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى صنعاء، وبالتالي أصبح هدفهم من القتال في نهم هو الدفاع عن مأرب، وبعد هزيمتهم فيها بعملية «البنيان المرصوص»، وهي المنطقة الجغرافية التي كانت تمثل عاملا مهما لتحصيناتهم وتمركزهم، استبعد أن تستطيع قواتهم التي فرت منها القيام بشيء في مدينة مأرب، وهي المنطقة المفتوحة.
وتشير الأحداث والوقائع التي حفل بها العام الماضي منذ ضربة مصافي وحقول «أرامكو» في بقيق وخريص التابعة للعدو السعودي، وما سبقها، إلى أن الجيش واللجان الشعبية قلبوا موازين المعركة مع تحالف العدوان لصالحهم. 
ولعل عملية «نصر من الله» التي حررت كامل المناطق الحدودية مع نجران وصولا إلى عمق الأخيرة، والآن عملية «البنيان المرصوص» التي طهر خلالها أبطال الجيش واللجان كامل الجبهات الاستراتيجية المتمثلة في نهم وما جاورها من مديريات في محافظتي مأرب والجوف المحاذيتين لصنعاء، وصولا إلى مشارف مدينة مأرب، وإطباق الحصار على مدينة الحزم، خير برهان على تغير موازين المعركة لصالح الشعب وقواه الوطنية. 

الجوف أولا 
من جانبه، يرى الشيخ علي بن ثيبة، أحد قيادات اللجان الشعبية، والذي شارك في معارك عدد من الجبهات، أن تقدم المجاهدين لتحرير مدينة مأرب تم تأخيره لوجود أولوية تتمثل في تحرير كامل محافظة الجوف كي تترتب الصفوف، حيث إن ما بعد نهم ليست مجرد مناطق تتحرر، بل سقوط مشروع العدو الأمريكي في المنطقة بالكامل، وفقا لحديثه. 
أحمد المؤيد يتوافق مع ما طرحه بن ثيبة، ويقول: «قد يتحقق المراد من محافظة مأرب دون خوض معركة، وذلك بإحكام السيطرة على محافظة الجوف، وبالتالي تصبح مأرب شبه محاصرة، وهذا يجعلها كالثمرة الناضجة التي يصبح أمر سقوطها مجرد وقت».
وبالإضافة لتلك الأولويات يقول بن ثيبة إن تأجيل دخول مأرب ربما يكون خدعة عسكرية تحول دون معرفة العدو مكان الهجوم القادم للجيش واللجان الشعبية، كون الإفصاح عن الخطط العسكرية يجعل أماكن تواجد القوات في دائرة استهداف العدو.

النفط بالنفط
يرى البعض أن القيادة الثورية والسياسية أجلت تحرير مأرب لمنع تحالف العدوان من تحقيق غايات انتقامية طالما سعى لها، خصوصا بعد استهداف منابعه الاقتصادية الحساسة بضربات صاروخية وجوية كما حصل لـ«أرامكو». 
الدكتور أحمد المؤيد، يؤكد أن تحرير محافظة مأرب أمر ضروري ولا بد منه على طريق تحرير بقية أراضي الجمهورية اليمنية، ويجب اختيار الوقت المناسب بدقه وعناية. 
ويعتقد أن تأجيل عمليات تحرير مدينة مأرب يعود لعدة أسباب منها ما يتعلق بأخلاقيات الفارس الشهم الذي لايجهز على عدوه إذا رآه يترنح، ويترك للصلح مطرحا حتى لا تتعمق الجراح باجتياح تسقط معه شخصيات اعتبارية غرر بها في هذا العدوان أو اشتركت بدافع الحمية والقبلية، فتنشأ بذور لثأرات مستقبلية يمكن تجنبها بطريق أكثر حكمة وحنكة، مع بقاء كل الخيارات مفتوحة.
كما يطرح المؤيد أن منابع النفط والغاز في المحافظة، تعطيها أهمية بالغة لدول العدوان، ما يجعل الأخير يقدم على ارتكاب حماقات عسكرية انتحارية يضطر معها الجيش اليمني للرد بخيارات تشعل المنطقة كلها، وقد تتضرر منابع النفط والمنشآت النفطية هناك بطريقة تجعل من الصعب السيطرة عليها وإصلاحها، والعدو ينتظر سيطرة حكومة صنعاء عليها كي يرد على ضرب «أرامكو» و«بقيق» بنفس الطريقة.

الضربة القاضية
رغم تعدد أسباب تأجيل تحرير المدينة، إلا أن الجميع اتفقوا على ضرورة تحرير مأرب، الأمر الذي سيسقط مشروع تحالف العدوان في الوطن بكامله، وقد يغير معادلات كثيرة في المنطقة بأسرها. 
ومن نتائج تحرير المحافظة التي ذكرها خبراء عسكريون وسياسيون واقتصاديون، توجيه ضربة عسكرية لقوات مرتزقة العدوان التي اتخذت من مأرب معسكرا لها، الأمر الذي سيؤدي إلى إفقاد تحالف العدوان ورقة استراتيجية طالما استخدمها للضغط على القوى الوطنية عبر تلويحه بدخول صنعاء من بوابتها الشرقية. 
أما الخسارة الأكبر التي سيتلقاها العدو ومرتزقته فتتمثل في فقدانهم مصدر تمويل كبيراً، والذي يأتي من ثروات المحافظة النفطية والغازية، التي كوَّن بها مرتزقته إمبراطورية مالية ضخمة في دول متعددة، بحسب وصف البعض. 
حيث يرى رشيد الحداد أن مرتزقة حزب الإصلاح سيدفعون بكل ثقلهم للدفاع عن مصالحهم في مأرب، وفي حال تحريرها فإن المستفيد الأول والأخير سيكون أبناء المحافظة وقبائلها، أما أكبر الخاسرين فسيكون حزب الإصلاح ومن خلفه تحالف العدوان ومشروعه، حيث إن تحرير قوات الجيش واللجان الشعبية لها يعني سقوط أكبر إمبراطورية مالية لحزب الإصلاح.
وأكد محللون عسكريون وسياسيون أن مسألة تحرير مأرب كانت لا بد منها منذ بداية العدوان، غير أنه تم تأجيلها لعدة أسباب ذكرناها سابقا، وبعد عملية «البنيان المرصوص» أصبحت المحافظة الأهم للعدو ومرتزقته على شفا السقوط بأيدي الجيش واللجان الشعبية. 
وأشاروا إلى أن تدخل وساطات من دول عربية لوقف تقدم الأبطال نحو المدينة، لا يعني تبديد أمر تحريرها، فالقيادة لن تفرط في هذه الخطوة التي كانت أمراً مقضيا منذ بداية العدوان.