حاوره: أنور عون / لا ميديا -

نصر الجرادي في الهجوم... كالصقر في الميدان يحوم
يا نجم يا نجم النجوم... عملاق رياضي ما له مثيل!
أهزوجة جميلة تغنت بها جماهير وحدة صنعاء في السبعينيات عن نجمها الكبير.
كلمات رائعة تختزل موهبة فذة على امتداد الوطن، أطربت جماهير المستديرة التي أدهشها بمستوى وأهداف خالدة. ولهذه الأسباب تستهوينا وتمتعنا الحوارات مع أمثال هؤلاء الكبار بأخلاقهم وقيمهم ومواهبهم التي لا تضاهى أبداً. صحيح الكثير منا لم يشاهد إبداعات ضيفنا المتميز، لكن سيرته وتاريخه الرياضي المذهل وحديث زملائه من مختلف الأندية عنه يشدنا أكثر وأكثر للقائه، فالجميع أكد موهبته التهديفية وأفضليته في تلك الفترة، كونه كان يحرز أهدافه بمجهودات فردية تنم عن مهارات وفنيات عالية. ذلك هو نصر الجرادي، مهاجم الوحدة والمنتخب اليمني سابقاً... سألناه في البداية عن مسيرته الذاتية فقال:
- أولا أشكرك وأشكر صحيفة "لا" المتميزة والتي أضحت تحظى بمتابعة كبيرة.
نصر عبد ربه الجرادي متزوج وأب لـ5 أولاد. تقلد عدة مناصب: نائب رئيس اتحاد الرياضة العسكري، رئيس الاتحاد العام للجودو، نائب رئيس اتحاد الرماية والسهم، والآن رئيس رابطة نجوم الرياضة اليمنية.
وعن بداياته الكروية يقول:
- بدايتي الكروية في القاهرة، مع ناشئي الزمالك، ثم عدت للوطن ولعبت لوحدة صنعاء والمنتخب الوطني. 

من الشعب إلى الوحدة
 قبل أن نسألك عن وحدة صنعاء نود أن نعرف كيف لعبت لناشئي الزمالك؟ ولماذا لم تواصل معهم؟ 
- سافرت إلى مصر مع شقيقي الكبير صالح الجرادي، وكنت في المرحلة الإعدادية. وهناك لعبت بنادي الشمس، وكنت كابتن فريق الناشئين. حينها كان الكابتن والأسطورة علي محسن المريسي رحمه الله، يحظى بشهرة طاغية، وكنا نلتقي معه كيمنيين في مقهى زهرة المدائن بالدقي. تكلمت معه، وبالفعل ذهب بي إلى الزمالك وقبلوني، وكان يحفزني على اللعب كمهاجم، وتنبأ لي بمستقبل إذا استمررت. وفي الحقيقة تأثرت به كثيراً. طبعاً لم أستكمل اللعب مع الزمالك، لأنني أنهيت الثانوية العامة وتحتم عليّ العودة للوطن.
 بعد عودتك ما هي الدراسة التي التحقت بها؟ ولماذا اخترت نادي الوحدة؟
- فور عودتي التحقت بالكلية الحربية وأنهيتها بتفوق، وحينها كان هناك في العاصمة 4 أندية: الأهلي، الوحدة، الشعب، والزهرة. احترت في البداية وذهبت للشعب، وكان فيه نجوم كبار يميزهم التجانس والتناغم، ولعبت معهم 6 أشهر قبل أن يغلق النادي لمشاكل لا أعلم عنها شيئاً. كان ذلك مطلع السبعينيات. وخلال تلك الأشهر تعرفت على لاعبي الأندية فرأيت نادي الوحدة أقرب إلى نفسي، وخاصة لأنه يجمع لاعبين رائعين أمثال قائد الشرجبي وإسماعيل حجر (رحمه الله) وعبدالله الروضي ومحمد مقبل (رحمه الله) وعبدالرحمن إسحاق وأيضاً محمد حسين المقشي... وهذا اللاعب كان مذهلاً في كل شيء، وأتذكر أنه أول من وقف على الكرة بمهارة فائقة. وأتذكر أنني انسجمت من البداية معهم وكنت هداف الفريق من الموسم الأول، وشكلت مع قائد الشرجبي ثنائياً لفت الأنظار، نظرا لتفاهمنا مع بعض، ولذلك كانت أهدافي تتجاوز الثلاثين هدفاً كل موسم. وفى أحد المواسم تنافست مع زميلي في الفريق أحمد سعد العذري وتجاوزنا معا حاجز الـ35 هدفاً.

حكايتنا مع الرئيس الحمدي
  كيف كانت الرياضة في فترتكم مقارنة برياضة اليوم؟
- لا مجال للمقارنة أبداً. زمان كانت الإدارات على مستوى عالٍ من الكفاءة والإخلاص والعمل المؤسسي، وأفرزت نجوماً كباراً وفرقاً قوية. تخيل عندما يكون شخص بقامة ومكانة الشهيد إبراهيم الحمدي على هرم نادي الوحدة وتلاقيه صباح كل جمعة في النادي ويسأل باستمرار: ماذا ينقصكم؟ ماذا تحتاج يا جرادي؟... فنقول: كل شيء تمام يا فندم... مثل هذا الاهتمام والمتابعة أفرز نجوماً وفرقاً على مستوى عال. الوحدة كان زاخراً بالنجوم، والأهلي لديه لآلئ أمثال علي الحمامي (نيخا) رحمه الله. لقد كان مدافعاً من طراز فريد، مستواه يتجاوز حدود الوطن. ويحيى جلاعم وسعيد العرشي وحسين الأهجري ويحيى العذري ومحمد السراجي... والكثير من النجوم. 
وفي الشعب كان الورقي وجواد محسن (رحمه الله) والعرشي وأولاد عبدالرحمن والكالة...
وفي تعز كان هناك أهلي تعز والطليعة والصحة. ومن لا يعرف الكابتن عبدالعزيز القاضي والكابتن مضار السقاف والكابتن عبدالحميد الشاوش (رحمه الله) والكابتن عوني عباس (رحمه الله) والكابتن حسين مسعد... وغيرهم من العمالقة والنجوم؟!
وكان في الحديدة نادي الجيل العريق المبهر الذي توج بأول بطولة دوري عام 1978، بينما كان الشعب والفتوة في إب يزخران بالمواهب... لهذا كله كانت المباريات بين الفرق قوية وممتعة جداً يميزها التنافس الشريف.
  في ظل هذا التنافس القوي كانت المباريات أشبه بالمعارك بين الوحدة والأهلي حدثنا عنها!
- صحيح، كانت قوية جداً، والحديث عنها مهما كان مفصلاً فإنه ليس كمن شاهدها. لكني سأذكر بعض النوادر. مثلاً كان بيني وبين حارس الأهلي مطهر زبارة تحدٍّ من نوع خاص، وقبل المباراة الشهيرة التي فزنا فيها على الإمبراطور (8/1) قال لي زبارة: أتحداك يا جرادي تسجل هدفاً أو تقترب من خط الستة. ولم يمض الشوط الأول إلا وقد أحرزت نصف الأهداف الـ8. وبعد المباراة داعبته بروح رياضية: إيش رأيك يا مطهر؟!
أيضاً كان التحدي يبلغ مداه بين مهاجم الأهلي يحيى العذري وحارس مرمانا يحيى الظرافي رحمهما الله. وذات مرة قال الظرافي للعذري: أتحداك تسجل عليَّ هدفاً. وبدأت المباراة بالتحامات قوية بين الاثنين. وقبل نهايتها كان هناك انفراد كامل ليحيى العذري، قلنا: خلاص هدففففف، فإذا بالظرافي يطير مسافة مترين وأكثر وينقض على العذري كالأسد في لقطة لاتزال في مخيلتي إلى الآن، وأنقذ مرماه من هدف محقق 100%، وخرج على إثرها العذري مصاباً. لكن رغم كل ذلك كنا نلتقي بعد كل مباراة كأصحاب وإخوة.
 والمنتخبات ماذا عن ذكرياتك معها؟
- شاركت في منافسات عديدة وقدمنا مستويات طيبة أمام الصين وليبيا وسوريا والعراق وأيضاً كنا نلعب في عدن قبل الوحدة، وكانت مبارياتنا مع منتخب ما كان يسمي "اليمن الجنوبي" سجالاً، رغم أن لديهم نجوماً كباراً مثل صادق حيد وإبراهيم صعيدي وعوضين وسعيد دعالة (رحمهم الله) وإبراهيم عبدالرحمن ونجوم كثيرة لا تحضرني الآن أسماؤهم. 

"اتحاد القدم" نكبة الكرة اليمنية
 كيف تنظر إلى الرياضة اليمنية في ظل توفر المال. خلال العقدين الأخيرين؟
- نعم المال موجود في الـ20 العام الأخيرة، لكن المستوى صفر! زمان كان تصنيفنا الكروي لا يتجاوز الـ70، واليوم تعدينا التصنيف 147. والسبب سوء الإدارة. أي عمل إذا لم يصاحبه إخلاص ومنهجية وتنظيم وعمل مؤسسي ممنهج تكون النتيجة سلبية. نحن كنا ندفع اشتراكات من جيوبنا من أجل اللعب ونشتري أدواتنا من مالنا الخاص من أجل اللعب، لم يدعمنا أحد. اليوم رجال الأعمال إلى جانب صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة يدعمون الرياضة. مثلاً يحيى الحباري والكبوس في الأهلي وأمين جمعان مع الوحدة وثابت عبدالجليل مع شباب الجيل، شوقي أحمد هائل مع الصقر، وغيرهم، هؤلاء لهم إسهامات كبيرة، لكن مستوى الفرق متدن، والكرة اليمنية عموماً أصبحت تسير على عكازين، ومشكلتها باختصار أكثر تكمن في عدم وجود الإدارة المتخصصة بشؤون الرياضة وأبرز نكباتها الاتحاد العام لكرة القدم. أما المواهب فموجودة ومتوفرة بكثرة، لكن من يكشفها ويصقلها ويوصلها إلى مستوى المنافسات العربية؟
  وماذا عن ناديك وحدة صنعاء؟ كيف تراه؟
- الوحدة وصل إلى مستوى جيد جدا من حيث البنية التحتية ومنشآت رائعة ظلت تراوح مكانها لفترة طويلة قبل أن يصل بها أمين جمعان إلى ما هي عليه الآن، الحال وهو أمر محسوب له. لكني أتمنى منه أن يكمل مشواره الناجح في تفعيل الجانب الإداري والفني والرياضي، لأنه اشتغل فعلاً، وحرام أن يذهب جهده هباء.
 تحدثت عن الكوادر الرياضية بأنها قدمت الكثير.. من أبرز تلك الشخصيات؟
- أحمد الشبيبي وأحمد لقمان والحاج محمد القصوص وعلي الصباحي وحسن اللوزي ومحمد عبد الوالي وحسن الخولاني...
 لو طلبنا منك تشكيلة مثالية لنجوم الزمن الجميل.. من ستدون فيها؟
- في الحراسة: يحيى الظرافي ومطهر زبارة وعبدالملك فوز.
خط الدفاع: جواد محسن وعلي الحمامي وعبد الرحمن إسحاق.
الوسط: علي الورقي وعبد الله الروضي وعبدالعزيز القاضي وسعيد العرشي وعبدالله الحسيني.
الهجوم: يحيى سعد العذري وقائد الشرجبي ومحمد بشير والضراب.
 ختاماً.. كلمة تود قولها؟
- حفظ الله بلادنا من كل سوء وشر ومكروه، وربنا يوفق الجميع لخدمة الوطن.