علي نعمان المقطري / لا ميديا -

القواعد الاستراتيجية أو الاتجاهات الرئيسية للحرب الثورية التي يجب الانطلاق منها هي:
1 ـ جميع الحروب الإمبريالية وجميع أشكال التخريب والحروب السرية والعلنية التي مارستها وتمارسها الإمبريالية على الصعيد العالمي والإقليمي والمحلي يجب أن تدرس، وأن تجمع وتحلل، وأن تستخلص قواعدها العامة والخاصة وأساليبها وأشكالها جريا مع التطور العلمي والتقني.
2 ـ جميع خبرات القوى والشعوب التي تعرضت للحروب والتخريب والاستهداف وما تزال يجب أن تدرس وتحلل، أين أصابت؟ وأين أخطأت؟ وأين حققت انتصارات؟ وأين عانت وكابدت هزائم ونكسات؟ ولماذا؟ وما السر؟
وأن تكون أرشيفات تاريخية وعلمية مرجعية تتطور وتتسع باستمرار، حتى تتبلور في معاهد وأكاديميات استراتيجية وكليات ومدارس ومراكز ودوائر معارف ومعلومات وخبرات تخرج أجيالاً وأجيالاً من القادة والكوادر والمحاربين الجدد الذين يتولون إدارة معارك التصدي لحروب التخريب الإمبريالي المختلفة ويسبقونها بوعيهم وخبراتهم المتقدمة عقليا وفكريا وروحيا وسياسيا واستراتيجيا.
3 ـ التوصل دوما من خلال النقد والتحليل والتأمل إلى استخلاص القواعد العامة التي تناسب الظروف والمتطلبات المطابقة للشروط الوطنية والإقليمية والتاريخية الجارية.
4 ـ إفراغ خلاصة الخبرات العامة والخاصة ونتائج التجربة التاريخية الشاملة في مناهج وخطط عملياتية تنفيذية وإجرائية ثابتة ومتغيرة (مرنة).
5 ـ بناء القوة الاختصاصية الرفيعة التأهيل والتدريب والتسليح والتجهيز وتطويرها باستمرار لمواكبة التحديات العالمية والعلمية بناء على الوعي الكامل بالتحديات الماثلة وطبيعتها ووسائل الكفاح والتعامل معها بقوة ومرونة وحزم وسرعة وإدراك.
إن كل حرب (أو تكتيك أو أسلوب) تقتضي سلاحا أو قوة متخصصة جديدة أو منظومة نوعية تواجهها وتعترض مساراتها وتتصدى لها وتسبقها قبل تحقيق أهدافها وتتنبأ سلفا باتجاهاتها وأشكالها وأهدافها الممكنة والمحتملة، وتضع الاستراتيجيات والخطط والآليات العملياتية، وتتدرب عليها دوما لضمان جاهزيتها ويقظتها، وتباشر عملياتها الكفاحية المضادة للعدو دفاعيا وهجوميا دون توقف، وهذا يعني توفر جيش خاص ضمن الجيوش الوطنية التحررية له طبيعته الخاصة يؤدي دوره الاستراتيجي وخططه التي تندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية، جيش نوعي ثوري من المحاربين والمكافحين والمقاتلين الذين يمتلكون روح القتال الطويل النوعي طويل النفس ومتنوع الأشكال والألوان والأساليب.

مداخل الحرب ضد حروب التخريب
أولاً: اكتشاف الثغرات الأمنية عبر البحث والدراسة والنقد والتمحيص والتحليل، أي ضرورة الوصول إلى تعليل وتحديد الثغرات التي ينفذ منها العدوان للوصول إلى أهدافه. وأهم الفرضيات النظرية التي يتم الانطلاق منها هي: أن استرخاء الوضع الأمني الاستراتيجي في نوافذ ومجالات واتجاهات معينة واقعة تحت رقابة العدو هو الذي يمكن العدو من الاختراق، وهذه النتيجة هي التي توضحها وتكشفها دراسات التاريخ العسكري والأمني. ومن ثم فإن على القوى الوطنية الثورية إغلاق تلك الثغرات واعتراض مسارات الاستراتيجية الإمبريالية الجديدة، وهذا ما فعلته قوى الثورة الكوبية بنجاح وكذلك الثورة الفيتنامية والكمبودية والفنزويلية والصينية والإيرانية واللبنانية واليمنية.
وليست مسيرة الحركات الثورية العالمية كلها مسيرة انتصارات، رغم استمرارها وصمودها في نهاية المطاف، لكنها مليئة بالمعاناة والنكسات والخسائر إلى جانب انتصاراتها ونجاحاتها، لأن بعض الحركات الثورية تقع أحياناً في أنواع من الاسترخاءات والضعف البشري الذي يمر منه الاختراق المترقب للعدو.
إن الاسترخاءات الإنسانية وبعض مظاهر الضعف البشري البسيطة لدى الشعوب كثيرا ما تفتح عليها طرق الجحيم وتنزل بها نكسات وضربات وخسائر هائلة، وتواجه حينها الكثير من المخاطر الوجودية، إذا لم تبادر إلى إغلاق تلك الثغرات المفصلية، وأبرزها ما توجه من ضربات في العمق وفي الصميم نحو القيادات والمواقع والقوات والإمكانات والمعلومات والتقنيات والإنجازات والمشروعات الوطنية. كما تشمل تلك الضربات تخريب العلاقات بين الدول والقوى والمنظمات والقيادات وإثارة الفتنة فيما بينها والقضاء على وحدتها وقوتها.
إنها دائرة مفتوحة من الصراع بين طرفي النزاع، ولا بد أن تتحقق بعض النقاط والخسائر المتبادلة، ولكن الاتجاه العام هو ما يعنينا هنا.

عبر ودروس على ضوء حقائق الصراع
من الخطورة غياب الفكر والتفكير الاستراتيجيين. ونعني بالفكر الاستراتيجي توفر الرؤية الاستراتيجية القائمة على الخبرة والعلوم الاستراتيجية الأساسية، أي مجموع النظريات العلمية الحربية والاستراتيجية التي تعالج القواعد والمبادئ العامة وتدرس الخبرات الكونية الاستراتيجية التي يجب التسلح بها، والاطلاع عليها ومعرفتها بتفاصيلها وعمومها، وهو واجب يومي لكل قائد وكادر ومختص كفاحي في هذا المجال. وهذه هي قاعدة الفكر الاستراتيجي. ثم بعد ذلك، وبناء على هذه المتراكمة الواسعة من الخبرات والنظريات والمعارف، يتكون الفكر الاستراتيجي العام، وبناء عليه يجد الفكر الاستراتيجي الخاص ضالته الخاصة الملموسة التي تتعلق بالمهام الوطنية والتخصصية، من خلال إعمال التفكير والجهد النظري والتحليلي الملموس، أي استخدام النظريات العامة في تحليل وكشف المشكلات المحلية والتاريخية الملموسة المباشرة في الظروف الخاصة، واستخلاص النتائج والمناهج العملية لمواجهة تحديات العدو والعدوان بأي شكل كان.
إن غياب الفكر والتفكير الاستراتيجيين لدى أي قوة مستهدفة يشكل أكبر وأخطر الثغرات التي ينفذ منها العدو خصوصاً حين يتفوق في إمكاناته التقنية والمادية وأساليبه وفكره الاستراتيجي العلمي الذي تنهض به آلاف مراكز البحث والتحليل والتفكير الاستراتيجية عبر العالم.
إن خسارة الحروب تأتي من هذه الثغرة أولاً، وما يرافقها من ضعف إنساني واسترخاءات بشرية وغياب الرشاد والوضوح والصفاء الفكري وإدراك خطورة مكائد العدو، ما يؤدي إلى الوقوع في مهاوي الغرور والثقة الزائدة والتوهم والتضليل والخداع الاستراتيجي من قبل العدو وخداع الذات.
هل كانت الاستراتيجية الأمريكية لتنجح في تحقيق أهدافها في تصفية أهم قادة المقاومة الإيرانية والعراقية واليمنية وغيرها لو أن هناك من الأجهزة النوعية القوية من يهتم ويتفرغ لتوفير الأمن الاستراتيجي الوطني للمقاومة من داخلها وعلى قيادتها؟!
إن الإجابة هي: لا. ومع ذلك هناك الكثير من الأجهزة المعنية بالأمن الاستراتيجي، ولكن مع ذلك جرى تحييدها سلبيا بطرق مختلفة.
إن التفكير الاستراتيجي يجب أن يكون من الصفات الأولى للقادة إلى جانب بقية الصفات الأساسية الأخرى، لأن الصراع الاستراتيجي بين القوى تحسمه تلك الصفة المركزية المتمثلة في القدرة على التفكير الاستراتيجي السريع والواضح وفي أقل وقت ممكن، فالتوازنات قد تشمل توفر القدرات في الجانبين بعد أن أصبحت التقنيات ميسرة لمختلف الأطراف، ولكن ما يحقق التفوق ويضمن النجاح والنصر في المواجهات الجارية هو سرعه التفكير الاستراتيجي والوصول السريع قبل العدو إلى الاستنتاج السليم لما تخفيه المعلومات والأخبار والمعارف عن العدو وما تؤدي إليه نواياه واتجاهاته الحتمية في مختلف الميادين الحاسمة، وهذه تعتمد على عوامل كثيرة جدا.
كان الغرب وما يزال متفوقا على القوى التحررية في جميع النواحي، من التقنيات والأموال والعديد والقدرات. ومع ذلك فقد عجز عن تحقيق اختراقات حاسمة في بعض الدول والقوى التحررية، بينما استطاع إنزال الضربات والاختراقات في دول وقوى تحررية أخرى.
واجب الفكر الاستراتيجي أن يجيب على هذه الأسئلة سريعا وبشكل مبكر دوما، وأن يضع خططاً مقابلة واحتياطية فورا، وألا يسمح بالمفاجأة من قبل الأحداث والعدو بأي مستوى كان.
والإجابة الواضحة التي أمامنا هي أن القوى والدول التي امتلكت قيادات محنكة ومجربة ومؤمنة وواعية وقادرة على التفكير الاستراتيجي السريع والسليم واتخاذ الخطط الاستباقية لما يفكر فيه العدو قبل أن يتحقق على الأرض هو سبب وعامل النصر الأول.

إذا نحن فحصنا مجموع العوامل المؤثرة في نتائج المعارك والحروب والمواجهات والتحديات سنجد في مقدمتها على الإطلاق ودوما عامل القدرة على التفكير الاستراتيجي السريع والسليم والواضح لقادتها وقادة حروبها، ومنها أن كسب معارك الحرب العالمية الكبرى قد انحصرت في طرفين رئيسيين: الطرف الألماني الهتلري، في مطلع الحرب وخلال العامين الأولين منها، حيث تغلب الطرف الجرماني على جميع القوى الأخرى، لماذا؟ لأن هتلر وقواه القيادية كانت متفوقة ليس بالأسلحة والمعدات والعديد والمعنويات والتقنيات والأموال، فكل تلك العوامل الهامة كانت في صالح الآخرين من الشرق والغرب حتى السنوات الأولى من الحرب وما بعدها. فبأي قوة وبأي عامل تغلب هتلر وقاداته على الآخرين شرقا وغربا ووسطا واحتل تلك المساحات والقارات وأذل تلك الإمبراطوريات والدول الكبرى والعظمى؟!
لقد كان هتلر يتميز من بين جميع خصومه بقوة الإرادة التي تعززها قوة التفكير الاستراتيجي الصحيح والواضح والسليم، فاستطاع بذلك أن يسبق وأن يخطط وأن يبادر بثقة إلى مهاجمة جميع أعدائه بعد أن جعلهم لفترة من الزمن لا يدركون أهدافه وخطواته القادمة ولا نواياه الحقيقية.
ما الذي جعل قياده الاتحاد السوفييتي تتفاجأ باجتياح هتلر لأراضيها، وأن ينزل هزائم كبرى بالقوات السوفييتية ويتقدم ويحتل مساحات واسعة من جمهورياته، وأن يحاصر عواصمها ويصبح على بعد أميال معدودة من قلب العاصمة السوفييتية موسكو؟!
هل كانت القوات السوفييتية ضعيفة إلى هذا الحد الذي تخسر معه 4 ملايين من جنودها بين قتلى وجرحى وأسرى خلال الأسابيع الأولى للحرب، وآلاف المعدات والطائرات والمدرعات والدبابات؟! لم يكن الجنود السوفييت تنقصهم الشجاعة والمعنويات والمعدات والدبابات والطائرات والأسلحة والعديد على الإطلاق، فما الذي حدث لهم إذن؟!
لقد كانت قيادتهم مازالت بعيدة عن إدراك مضامين سياسات العدو وتكتيكاته، وفهمتها فهما خاطئا، رغم توفر المعلومات والأحداث الجارية طوال عامين قبل التوجه نحو الشرق السوفييتي قبل استكمال العدو احتلاله أوروبا بالكامل.
لم يستطع ستالين وقياداته حينها أن يفهموا حقيقة نوايا هتلر، وأن يدركوا مناوراته العملية والمعرفية والمخابراتية والمعلوماتية، فلم يستطيعوا بالسرعة المطلوبة الفرز بين الحقائق والأكاذيب والأساطير الموجهة من قبل الألمان وأجهزتهم بغرض التضليل الاستراتيجي لإخفاء النوايا الحقيقية لتحركاتهم ولخططهم وأهدافهم القادمة.
كان هتلر قد نجح في اختراق العقلية السوفييتية بالتضليل والخداع المعلوماتي، وشل حركتها وجعلها غير قادرة على توقع أو التنبؤ بخطواته التالية، فقد كانت مخابراته تسرب معلومات كثيرة خاطئة عبر عملاء مزدوجين مع بعض المعلومات الصحيحة غير الهامة أو الحاسمة لكي تغطي على ما هو تضليل.
المعلومات الخاطئة كانت تقود حتما إلى حيرة العقل والفكر القيادي للدولة السوفييتية وانعدام الوضوح واليقين لديها، فلم تستطع وضع خطة صحيحة لمواجهة احتمالات العدو القادمة.
وأهم معلومة كان العدو يركز على إيصالها للسوفييت ومخابراتهم هي أن هتلر ينوي غزو بريطانيا بعد انتهائه من السيطرة على أوروبا، ولذلك وقع معاهدة عدم اعتداء مع السوفييت، وحريص على المحافظة عليها من الجانبين. وقد وزع خارطة بريطانيا بتفاصيلها على جنوده بأعداد كبيرة جدا بغرض أن تصل هذه المعلومة إلى السوفييت، ووزع على جنوده أدوات سباحة للطوارئ لتعزيز قناعة السوفييت بأن هتلر يستعد لغزو الجزيرة البريطانية فعلا. كان هذا قبل غزوه الوشيك لبلاد السوفييت، وهو ما جعل القادة السوفييت يقعون في حالة من الخداع الاستراتيجي. وقد قام الطيارون الألمان باستطلاعات مكثفة تواصلت خلال الأيام التي سبقت الغزو، وكان مذهلا لهم أن وجدوا عبر الصور الملتقطة لمواقع القوات السوفييتية أن السوفييت مازالوا مكشوفين ومازالت أسلحتهم الرئيسية في أكياسها ولم تفتح استعدادا للطوارئ، وهو ما أكد لهم مدى التضليل الذي يقع السوفييت تحت تأثيره وإمكانات الغزو والمفاجأة، وأن المبادرة الاستراتيجية مازالت بأيديهم.

واقع ثغرات محور المقاومة (العراقية ـ الإيرانية ـ السورية)
هناك كثير من الثغرات الأمنية في محور المقاومة (العراقية ـ الإيرانية ـ السورية) كانت معروفة للجميع ولم تكن لتغلق طوال الفترة التي سبقت الاغتيال، وعبرها تسربت الأدوات التنفيذية لجرائم الاغتيالات الأمريكية. ولا يوجد ما يبرر تلك الثغرات التي يتسرب منها العدو، بغض النظر عن أن القادة يدركون أن مسألة استشهادهم يمكن أن تحدث في أي وقت. لكن أمراً كهذا يندرج في إطار البناء العقيدي الاستشهادي، وليس في إطار فتح الثغرات لمرور مؤامرات العدو وتصفية القيادات، فهذا موضوع آخر لا علاقة له بما نعنيه بالأمن الاستراتيجي الوطني والداخلي الذي يفترض أن يكون موجوداً دوما بصور مختلفة، وأن يجري إشباعه واستيعاب كافة مهامه وتوفر له كافة الإمكانيات والتنظيمات والأجهزة الاختصاصية المحنكة.
إن جرائم اغتيال القادة البارزين لمحور المقاومة (العراقية ـ الإيرانية ـ السورية ـ اليمنية) من قبل قد كشفت لا عن عبقرية العدوان وإنما عن سذاجتنا في مستوى مواجهتنا له، وسذاجة القيادات الوطنية العليا وغرورها وثقتها الزائدة بذاتها إلى المستوى والحد الذي صارت معه تصدق أوهامها أكثر مما تواجه الحقائق وتستند إلى مقتضياتها وواجباتها.
 في موضوع الوضع الأمني العراقي الإيراني المشترك المتصل بزيارات وتحركات القيادات الكبيرة المستهدفة، فقد كشفت المعلومات المتوفرة الآن أن العدو قد نفذ من عدة ثغرات كانت قائمة، أهمها المعلومات المباشرة عن تحركات هذه القيادات وتنقلاتها داخل العراق وبينه وبين إيران وسوريا من خلال القنوات الرسمية والطائرات المعادية وعبر المطارات الرسمية والمدنية المعروفة واستخدام المواكب الرسمية والاستقبال والمغادرة والتوديع، وإبلاغ الحكومة العراقية سلفا عن قدوم المستشار سليماني إلى العراق قبل ساعات طويلة، وتكرار النمط ذاته من التحركات والتصرفات ضمن مفاهيم اطمئنانية خيالية لا أساس لها في الواقع. فمن المسؤول عن إغلاق الثغرات الأمنية المحتملة والقائمة؟!

خرق القواعد الأمنية
خرق القواعد الأمنية هو باب التخريب الكبير. وأول قاعدة جرى خرقها من قبل قيادة محور المقاومة هي عدم التقيد بقواعد الأمن الأساسية في مستويات عديدة. عناصر الجريمة عديدة، منها ما هو جوي فضائي وتقني ومنها ما هو بشري أرضي استخباري معلوماتي رقابي مباشر وغير مباشر.
دائرة الجريمة تبتدئ بنشر خبر وصول الضيف الكبير خلال الساعات القادمة، ثم ينتقل الخبر من المسؤول الحكومي الأعلى إلى المسؤول الأمني المعني بأمن الضيف، أي إلى قائد الحشد الشعبي العراقي الذي يشرف رسميا على مساعدته كمستشار عسكري أمني رسمي للحكومة العراقية، وتوصيف الضيف الكبير بوظيفة رسمية كانت من باب السياسة لا من باب الأمن الفعلي، بهدف تغطيته سياسيا في وجه معارضة متورطة بالتعاون مع العدو الأجنبي وفي ظل رقابة أمريكية ـ "إسرائيلية" دائمة على مدار الساعة للأرض والسماء العراقية والحكومة العراقية، فواقع البلد أنه مخترق في الأساس، وهذا أمر بديهي ومعروف ومفهوم منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، ومازال الاحتلال الأمريكي قائما عبر القواعد العسكرية المنتشرة في العراق، وعبر كتلة هائلة من أصدقاء العدوان الأمريكي وحلفائه وعملائه ووكلائه ورجاله "الأوفياء" وعشاقه المتيمين به، وهي كتلة منتشرة كالبق في طول العراق وعرضه ومجتمعه وإدارته وطوائفه وفئاته وأحزابه وجباله وصحاراه ومدنه. ومن هنا فإن أمن العراق الوطني والقومي والعقدي والسياسي مخترق، ولا يحميه أو يحمي أمن المقاومة العراقية كما هو عليه في الوضع اللبناني إلا قاعدته الشعبية الكبيرة والواسعة واتباعها قواعد الأمن بحزم ودقة والتزام صارم دوما. وكل خرق للقواعد يستلزم العقاب الصارم.

لأن العدو الداخلي يجبن عن الهجوم العسكري المباشر ضد جيوش المقاومة الوطنية العراقية، يلجأ إلى التعاون مع العدو الخارجي مباشرة عبر حرب الجيل الخامس التخريبي وحرب الاغتيالات والتدمير السري للقدرات والمنشآت واغتيال العلماء والمفكرين والقيادات.
لا يوجد أحد ذو عقل يجادل في أهمية الموضوع وخطورته، ولا أحد يمتلك الشجاعة الأدبية والروحية ينكر حقيقة الواقع وما فيه من ثغرات، وينكر ويتجاهل أهمية الوقوف مجددا أمام النواقص والثغرات الاستراتيجية والأمنية، فهل نحتاج إلى مزيد من المآسي لكي نقتنع بالواقع المأساوي القائم عن أمن المقاومة على المستوى الاستراتيجي والعام والميداني والقيادي.

حول التخريب الإمبريالي والمواجهة الوطنية
إن الحرب الإمبريالية الموجهة ضد شعوبنا وبلداننا المقهورة والمستضعفة في العالم الثالث، هي حرب واحدة مستمرة عبر الأزمان والعقود والقرون، يمارسها الاستعمار الرأسمالي الغربي بكل تجلياته وأشكاله ومراكزه الكبرى وإمبراطورياته بقيادة الأنجلوساكسوني والأمريكي والفرانكفوني والجرماني وغيرهم، وتمثل أمريكا حاليا رأس الحربة في هذه الحروب العدوانية المختلفة التي لاتزال مستمرة طوال عقود بصور مختلفة وبأهداف واحدة هي السيطرة على ثرواتنا ومواقعنا ومصيرنا وبحارنا ومحيطاتنا وجزرنا وطرقنا وسماواتنا وأراضينا، واستعباد شعوبنا ومنعها من الحرية والتقدم والاستقلال والنهوض واستعادة حقوقها وكرامتها، ومنع زوال الكيانات السرطانية الاستعمارية الدخيلة التي خلقها الاستعمار القديم والجديد كمواقع متقدمة للاستعمار الأم تحمي مواقعه ومصالحه وثكناته وهيمنته على المنطقة وعلى رأسها "إسرائيل" الصغرى والكبرى.
ولا تستطيع بلادنا أو أي من بلاد محور المقاومة كل على حدة أن تواجه الحرب الإمبريالية الشمولية العالمية الكونية الساحقة التي يجند خلالها كل إمكانيات الغرب الاستعماري بقدراته وخبراته وقواته ومعارفه وتقنياته ودوله وعلومه ووكلائه وعملائه وشبكاته بمفردها، لأن توازن القوى يكون في غير صالح أي من القوى الوطنية، فيسهل للاستعمار سحقها قبل أن تعاود النهوض.

وحدة التنظيم الثوري الكفاحي الأممي
من هنا فإن القانون السنني الطبيعي الأول للحرب الظافرة المشروعة هو الوحدة والتعاون والتحالف ووحدة القوات والجيوش والقدرات والخبرات، هذه الوحدة المقاومة والقومية والعقيدية والأممية والكونية والإنسانية هي شرط كل نصر يتحقق في وجه الأعداء دون مس بالحقوق والأصول والخصوصيات.
إشاعة الخبرات وتبادلها: من عوامل النصر وآلياته هي وضع الخبرات التاريخية والنوعية الجماعية في متناول جميع القوى والدول ودراستها والاستفادة منها في جميع المجالات.
حلف الحرية: وحدة الحرب والمقاومة وحشد قواها معا على جبهات مشتركة من بكين إلى هافانا، وألا يسمح تكتل قوى المقاومة أبداً بهزيمة أي عضو فيه أو أن ينفرد به الاستعمار بأية صورة كانت وفي أي مكان في العالم، والإيمان بأن المعركة ضد الاستعمار واحدة دوما.
إن منطق الحرية يفرض حتما أن يخوض الأحرار جميعهم معاركهم بشكل موحد، وألا ينتظر كل طرف منهم أن يصل العدو إلى عقر داره ثم يفكر بالقتال بعد أن يكون الوقت قد فات، أما المحايدون فإنهم سيكونون أول العبيد، لأن الحياد هنا استسلام للعبودية دون مقاومة أو احتجاج.

تأملات وأسئلة مصيرية
يجب التذكير بأن فلسفة وعلوم الحرب وقواعدها ونظرياتها وتكتيكاتها العامة قد تراكمت عبر العصور بفضل الأسئلة والبحث عن إجاباتها التي كان قادة محنكون مجربون واعون تاريخيا لتاريخ الحملات والمعارك أينما حدثت لا يهم، المهم التعلم منها وهم يوجهون الأسئلة ويبحثون عن إجابات مدللة ومعللة ومثبتة ومحددة وواضحة عن كل موقف وعن كل واقعة أو مواجهة أو نكسة أو نصر، ولماذا وصلت إلى تلك النتائج وليس إلى غيرها من المآلات؟ وما هي احتمالاتها الأخرى الممكنة؟ السؤال عن الوسائل والأساليب المستخدمة والجديد في كل منها، جديد الأدوات وجديد التكتيكات والاستراتيجيات الموضوعة والمبتدعة لدى الأطراف المتصارعة ومصادر قوتها المادية والمعنوية والتقنيات ونواحي ضعفها وثغراتها.
لماذا نجحت أمريكا في اختراق القيادات الثورية في بلاد وفشلت في بلاد أخرى؟ لماذا كسبت هنا وفشلت هناك؟ وما هي العبر والدروس والقواعد المستنتجة والمستخلصة؟
إن الإجابة على هذ السؤال الاستراتيجي الكبير تقتضي الدراسة التاريخية العميقة واستخلاص النظرية العدوانية الأمريكية في مجالات اختراقاتها وقواعد عملها وأساليبها وتجلياتها العملياتية والميدانية على طوال مسار التاريخ الحديث والأقدم. والسؤال الآخر الأهم هو ضرورة إدراك كيفية نجاح البلاد التي ظفرت بانتصاراتها على الغرب الإمبريالي ومازالت صامدة، وما سر نجاحاتها وأساليبها وقواعد عملياتها الظافرة؟
وهذا بدوره يتطلب الانكباب بعمق على دراسة خبرات تلك البلاد وقيادتها تلك المعارك بنجاح، وخصوصاً "حزب الله" اللبناني و"حماس" و"الجهاد" و"الثورة الإيرانية" والأجهزة السورية الصامدة، وما هي الخبرة الروسية والسوفيتية الاستراتيجية في هذ الجانب الحاسم من الصراع؟
لماذا نجح الصينيون والكوبيون والفيتناميون والروس والسوفييت والفنزويليون في تحقيق اختراقات مضادة للعدو، ومنعه من إحداث اختراقات حاسمة في الداخل؟ على الرغم من الاستهداف والإمكانيات الضخمة المرصودة للإمبريالية الأمريكية والغربية مجتمعة، وعلى الرغم من كون إمكانات المقاومة الآن أكبر بكثير مما كانت في الماضي، فأين يكمن الفارق إذن؟
الإجابة كما تقول الوقائع والحقائق التاريخية التي تكشفت الآن، هي أن السر يكمن في الوعي الاستراتيجي للقيادة بالمخاطر والاستهدافات والمخططات بدقة والقيام سلفا بالاستعداد للمواجهة والاستباق دوما، ومضاعفة الأجهزة وتشغيل جميع الخبرات وتنظيم العمليات وتطويرها باستمرار، وإخضاعها للمراقبة المزدوجة المستقلة لمزيد من الضمانات والفلترات المتعددة ضد الاختراقات المحتملة والممكنة للأجهزة وعناصرها.

مسارات الحرب العدوانية الخفية
1 ـ استهداف المراكز الاستراتيجية والمواقع النووية والصناعية والصاروخية والجوية والصناعات العسكرية ومخازن القوات ومواقعها ومعسكراتها وقياداتها ومراكز سيطرتها وإداراتها واتصالاتها وتدمير شفراتها ومسح تاريخها وبرامجها وخططها ومعلوماتها.
2 ـ استهداف القيادات الميدانية والعليا باغتيالها بالطائرات المسيرة أو الصواريخ أو بالضربات الجوية المحدودة والسرية أو بالتسلل للعملاء إلى الداخل والقيام بعمليات اغتيالات ميدانية مباشرة واستخدام كل المغريات والمحفزات المادية والمعنوية والتقنيات المتوفرة وفقا لتطور العلوم والثورة العلمية المعلوماتية وربط ذلك بما يمكن أن تنجزه القوات المعتدية على الأرض لخدمة التمهيد النفسي والاستراتيجي للعمليات على الأرض في البلاد التي يجري فيها عدوان واضح ومعترف به أو غير معترف به، المهم أن يكون هناك تنسيق بين الأنساق العدوانية المرئية والخفية المختلفة.
3 ـ استهداف مراكز السيطرة والقيادة السبرانية والمعلوماتية والتاريخية، وفي هذا المستوى من الاستهداف فإن الإمبريالية تستهدف أبرز الشخصيات القيادية العليا، وفي المقدمة القيادة الثورية العليا وكوادرها، الرئيس، وزير الدفاع، رئيس المخابرات العسكرية، وزير الداخلية والقيادات الأمنية، قيادات المناطق العسكرية التي تشتبك الآن مع العدوان، قيادة السلاحين الصاروخي والجوي، قيادة الحرس الجمهوري، رئيس الأركان العامة وهيئة الأركان والعمليات اليمنية، مراكز الإذاعات والقنوات التلفزية والمراكز الإعلامية والتحليلية، المتحدث العسكري للجيش ودائرة التوجيه المعنوي، ومواقع عقد الدورات العسكرية والجهادية.

استراتيجيات المواجهة والمواجهة المضادة وآلياتها الأساسية
بعيدا عن التفاصيل العسكرية المعتادة، فإن آليات المواجهة تعتمد عدة مستويات وأبعاد، وعلى المستوى الاستراتيجي الأعلى تقوم على الاستناد إلى:
ـ منظومات أجهزة الرؤية والمعلومات الدقيقة والفحص والتحليل والتخطيط والعمل المضاد.
ـ منظومات الرصد والتقنيات الدقيقة العالية التطور.
ـ منظومات تأمين الاتصالات ووسائل التواصل.
ـ منظومات الحرب الإلكترونية والسبرانية التي تعنى بتعطيل منظومات العدو وإلغاء تأثيرها على الوطن والتشويش عليها والدخول على خطوطها ومكالماتها وفك شفراتها، والدخول إلى أجهزتها الحاسوبية والمعلوماتية واستنساخها أو شطبها من ذواكرها ومسحها من أرشيفاتها.

•  منظومات رصد العدو وأنشطته الاستراتيجية ومراقبة تحركاته وقراراته وخططه واستراتيجياته ومتغيراته، وفي المستويات العملية والميدانية الأدنى، وهي الحاسمة في المعركة المضادة، لأنها تتلامس مباشرة مع آليات العدو وقواه وتحدياته الميدانية، وهي التحديات الأهم التي تتطلب قيام وإنشاء مختلف المنظومات والآليات والتنظيمات والأشكال المضادة العملياتية والميدانية، وفي مقدمتها:
-  منظومات الحماية والتأمين والتحذير والإنذار المبكر.
-  منظومات مكافحة التخريب والاختراق.
-  منظومات الهجومات المضادة واختراق العدوان في مستوياته الاستراتيجية والتكتيكية والبنيوية والتنظيمية.
-  منظومات كشف الاختراقات في مهدها وفي بدايتها.
-  منظومات التأمين الاستراتيجي، وتأمين المعلومات والمواقع الاستراتيجية من زوايا منع معرفة العدو بها أو تسربها.
-  منظومات الأجهزة المتعددة أو المزودجة لتحقيق الأهداف والمهام نفسها بطرق وأساليب مختلفة متعددة، كضرورات أمنية استراتيجية تحول دون اختراق الأجهزة نفسها وتمنع اختراقها من الداخل، حيث تقوم كل منظومة بمراقبة الأجهزة الأخرى والقيام بالواجبات النوعية الدقيقة من أكثر من آلية.
-  منظومات التنبؤ بالأحداث ومساراتها الممكنة ورسم البرامج والخطط والاستراتيجيات على ضوء المعلومات والمعارف المتوفرة عن جبهات العدو واتجاهاته وخططه وأهدافه وأغراضه ومطامعه وتناقضاته الداخلية وأحواله وعلاقاته الداخلية والخارجية والإقليمية.

من مبادئ الحرب الجديدة
إن الحرب الجديدة هي حرب خفية في الأساس، أي أنها تنشأ وتنمو وتتطور وتتحرك وتستهدف بوسائل وأساليب غير مرئية ولا ترى إلا نتائجها وآثارها، وهي جيش كامل خفي من المخربين والمجرمين والجواسيس والمموهين والمراقبين والمترصدين والقتلة والمتخابرين ينتشرون في مرافق ومناطق ومؤسسات الوطن بصور وأشكال وهويات عديدة، مجندين من الداخل ومجندين من الخارج، من الأرض ومن الجو ومن البحر، وكلهم مهمتهم الإضرار بأمن الوطن وقواته وقيادته ومؤسساته وقدراته وأمنه واقتصاده وتقنياته. ولكل جماعة من جماعات جيش التخريب والعدوان السري مهامها المحددة بدقة ولها إطاراتها واتصالاتها وتنظيمها الخاص ونشاطها.

جيوش الظلام
هي جيوش تطارد جيوشا في الظلام، أشباح لا ملامح واضحة لها في الغالب. والنقطة المركزية في هذا الصراع تكمن في القدرة على تسليط الضوء على العدو واكتشافه ورؤيته وتحديده تمهيدا للإمساك به واصطياده والإطباق عليه بالسرية المطلوبة، وعبره يتم الإطباق على شبكات أخرى عديدة مرتبطة به. ولكي يكون الصراع الشبحي ظافرا فإن الجيش الوطني لا بد أن يكون مزودا بوسائل المعرفة والرؤية والحس والإدراك والفهم، أي بالمعلومات الصحيحة حول الأهداف والعدو.

عناصر الفوز
تحتاج الحرب وكل حرب من أجل الفوز بها إلى توفر عناصرها الأساسية، أي إلى القادة المؤهلين، وإلى الكادر العملياتي المدرك لمهامه وواجباته، وإلى التنظيم الرسمي الحازم والدقيق، وإلى الوسائل الضرورية، وإلى المعنويات العالية والقيم الأخلاقية الرفيعة، وإلى الإشراف المركزي الأعلى لصاحب القرار الاستراتيجي المسؤول، حتى تعمل الأجهزة الثورية تحت إشراف القيادة العليا للثورة ورعايتها وإسنادها وتوجيهها ومراقبتها وتهذيبها، لكي لا يحدث ما يفيد استغلال السلطات والصلاحيات والنزاع بين الأجهزة والقيادات بفعل المطامع البشرية والضعف الإنساني المحتمل في أي مجتمع.
مبادئ أساسية ثابتة التقيد بها نصف المسافة لتحقيق الهدف.
فالمعركة الدائمة مع جيوش التخريب الإمبريالي لا بد أن تتركز على تحديد ثغرات الاختراقات المحتملة والممكنة والقادمة، وهي حركة صراع بين قوى الاختراق والاختراقات المضادة، وبين القوى الوطنية المدافعة والهجومية والاستباقية.
العدو يبحث عن الثغرات ويفتحها ويوسع مساحاتها عبر التموضع قريبا منها للنفاذ عبرها عندما تحين الفرص المناسبة، وهي دائرة تبدو أنها لا تنتهي ولا تغلق بين الطرفين، وهي حرب مستمرة لا تتوقف أبداً إلا بسقوط أحدهما وإزالته من الوجود الاستراتيجي والحلول محله مباشرة أو غير مباشرة.
ويعتبر امتلاك المنهجية الحربية العلمية الموضوعية الصحيحة المبنية على المعلومات الدقيقة لتحركات العدو وأنشطته وخططه ونواياه القادمة والمعززة بالمعارف والرؤى والخبرات والتقنيات ودوائر الأبحاث والدراسات والتحليل والتنظيم والعمليات والتخطيط كآلية لإدارة الصراع هي مفتاح النصر والنجاح.
1-  التمسك دائماً بحقيقة ثبت صحتها، وهي أن كل شخصية قيادية مهما يكن مستواها قابلة للاختراق بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال الدوائر المحيطة بها وبعملها وبأسرتها وبمحيطها، إذا توفرت الثغرات المطلوبة لاختراقها واختراق أمنها وتحييدها أو التخلص منها أو تحويلها أو توظيفها لصالح أغراض أخرى.
ففي التجربة التاريخية ثبت أن العدو تمكن من اختراق أعلى المواقع القيادية، وتمكن أحياناً من السيطرة على أعلى الرؤوس في النظام، فالتجربة الروسية والسوفييتية والأفغانية والمصرية واليمنية واليمنية الجنوبية وغيرها شاهدة على أحداث من هذا النوع.
-  ألم يكن المشير عامر القائد العام للجيش في مصر، والرئيس السادات والسيد صلاح نصر مدير المخابرات، والجنرال شمس بدران وزير الحربية، متعاونين مع المخابرات الأمريكية ضد وطنهم وأنزلوا به شر هزيمة عسكرية في يونيو 67م واعترفوا بذلك في المحاكمات وأكدتها الأحداث والمذكرات والوثائق؟!
-  ألم يتم تجنيد الزعيم السوفييتي غورباتشوف، زعيم أكبر دولة في العالم، لصالح المخابرات الغربية وتوظيفه لتدمير الاتحاد السوفييتي ووضع البلاد تحت الهيمنة الأمريكية الغربية؟!
-  ألم يتم تجنيد الجنرال لابرتي بيريا، وزير الداخلية والأمن والمخابرات السوفييتية خلال الحرب العالمية الثانية، لصالح الألمان والإنجليز والأمريكيين والغرب وجند لصالح اغتيال قائد الدولة السوفييتية الأعلى والسيطرة على الحكم؟!
-  وفي إندونيسيا مطلع الستينيات في ظل حكم رجل الدولة الوطني التحرري الاستقلالي الزعيم الرئيس سوكارنو، ألم يتم تجنيد الجنرال سوهارتو وثلة الجنرالات الكبار معه لصالح المخابرات الأمريكية وتوظيفهم في اغتيال مليون وطني من الإندونيسيين المسالمين الأبرياء من مؤيدي الزعيم الوطني والرئيس الشرعي المنتخب الذي تم سجنه وتعذيبه وإقامة ديكتاتورية عسكرية تابعة للأمريكيين طوال عقود؟!
-  وفي أمريكا اللاتينية، ألم تقم المخابرات الأمريكية بتجنيد الجنرال بينوشيه، قائد عام الجيش التشيلي، ومعه ثلة السيطرة العسكرية والمالية، لاغتيال الرئيس الشرعي المنتخب وقتل عشرات الآلاف من أنصار الرئيس الشرعي، أنصار البرلمان والديمقراطية ومعارضي الديكتاتورية العسكرية؟!
-  وفي أفريقيا والكونغو خاصة، ألم تجند المخابرات الأمريكية رئيس الجمهورية نفسه لاغتيال الزعيم الوطني لومومبا المنتخب شعبيا رئيسا للحكومة الكونغولية، وإقامة ديكتاتورية عسكرية تابعة لأمريكا بزعامة العميل تشومبي ثم العميل الجنرال موبوتو سيكو الذي عرف عنه كل البشاعات الإجرامية والنصب والسرقة والاحتيال وقتل المعارضين وأكل لحوم أعدائه؟!
-  وفي اليمن العزيز تمكنت المخابرات الأمريكية السعودية المشتركة من تجنيد نواب ومساعدي الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي واغتياله وأنصاره في مذبحة بشعة بإشراف الملحقين العسكريين السعودي والأمريكي، وإقامة ديكتاتورية عسكرية بوليسية بشعة برئاسة العقيدين الغشمي وصالح عفاش والشيخ الأحمر وعلي محسن.

2-  في جميع الحركات الثورية عبر العالم، يفيد تاريخها الأمني بأنها قد تعرضت للاختراق منذ وقت مبكر لصالح العدو البريطاني والفرنسي والأمريكي والصهيوني والسعودي أو غيرهم، ومن الأفضل للثورة والوطن معرفة هذ المخترق في وقت مبكر ليكون من السهل تدميره قبل أن يكون شبكات من القوى والعملاء والنفوذ.
3-  كثيرا ما تصل الاختراقات الإمبريالية إلى مستويات عليا، كرئيس الجمهورية نفسه أو وزير الداخلية والأمن أو رئيس الحكومة أو رئيس المخابرات العامة أو مواقع قيادية أقل أهمية لكنها مصدر للمعلومات والنفوذ والتأثير.
4-  في العصر الراهن تأخذ أجهزة الاتصالات والتقنيات المرتبطة بها أهمية خاصة، لما لها من قدرة على الوصول إلى المعلومات الواسعة والهامة عن البلد المستهدف والقوى المستهدفة.
أسئلة بحاجة إلى إجابات من واقع الخبرة التاريخية العامة وتقييمها على المستجدات الراهنة.