حلقات حصرية عن التصنيع العسكري بحراً .. صانعو الفُلْك ومواليدهم

صلاح الدكاك / لا ميديا -
أواخر العام الأول من العدوان الكوني على اليمن صعّد العدو هجومه وقصفه وزحوفاته البحرية على الساحل الغربي للبحر الأحمر بامتداد المسافة من باب المندب والمخاء جنوب غرب، إلى ميدي شمال غرب، مستهدفاً احتلال الحديدة وحرمان صنعاء كلياً من الرئة المائية الأخيرة. 
اتكأ العدو في تصعيده على اعتقاد راسخ بتفوقه العسكري البحري المطلق، وبأن البحر هو البوابة الرخوة التي اجتاح الغزاة من خلالها اليمن بيسر ووقت وجيز على مر التاريخ.
كانت عدن، المحافظة الواقعة على البحر العربي جنوباً، قد وقعت تحت احتلال تحالف العدوان، الأمر الذي عزز اعتقاده أكثر بأن الحديدة هي الفريسة التالية ولا ريب، وأن شبر ماء كفيل بإغراق رجال الجيش واللجان، ليتكشف لاحقاً خطأ هذا الاعتقاد، ويتفاجأ العالم بذراع يمنية طائلة بحراً ليست أقل ضراوة من الذراع البرية والجوية.
وبالنتيجة فقد رسا الاشتباك على ضفاف اتفاق ستوكهولم كخيار سياسي ناجم عن الفشل العسكري الذريع لتحالف العدوان وعتاده البحري الضارب.
  
نفذت بحرية الجيش اليمني واللجان الشعبية سلسلة من العمليات العسكرية استهدفت خلالها بنجاح بوارج وسفناً حربية عديدة للتحالف الأمريكي السعودي الإماراتي في المياه اليمنية من البحر الأحمر.
مجموع العمليات المنفذة كان مؤلماً وصادماً لحسابات العدو، غير أن 3 منها كانت مدوية بمستوى عجز معه العدو عن التكتم على مقدار وجعه، فانخرط في النواح مستغيثاً العالم.
لم يكشف رجال البحرية اليمنية حينها عن نوع السلاح المستخدم في العمليات الـ3 التي أجهزوا خلالها على قطع حربية بحرية بالغة التفوق وفي عمق بحري لم يدر بخلد العدو أن تصله "مجاميع قبلية متخلفة معزولة وبدائية" طبقاً لاعتقاده. 
صحيفة "لا" وبناءً على معلومات خاصة تكشف نوع ومواصفات السلاح الذي صدم تصورات العدو ويوشك معه الاشتباك اليوم أن ينتقل إلى عمق المسرح المائي البعيد وأعالي البحار، كخيار يمني مشروع في مواجهة حصار العدوان المطبق ووضع حد لجرائمه المستمرة التي قوضت "اتفاق ستوكهولم" منذ الوهلة الأولى لسريان العمل به!

لا عاصم من "عاصف" وإخوته
في الأول من تشرين/ أكتوبر 2016 افترست حيتان بحرية الجيش واللجان سفينة حربية إماراتية مخصصة للإبرار البحري وإمداد العدو بالعديد البشري والعتاد في زحوفاته على مدن الساحل الغربي. على الأثر، أقرت أبوظبي بتعرض إحدى سفنها للهجوم في "المياه الدولية بالبحر الأحمر"، لكنها زعمت أن السفينة المستهدفة التي تحمل اسم "سويفت" هي "مدنية وذات مهام إنسانية".
تؤكد المعلومات التي حصلت عليها "لا" من مصادرها الخاصة أن الهجوم لم يكن صاروخياً؛ خلاف ما شاع حينها، بل تم بـ"عاصف 3"، وهو زورق حربي هجومي تصنيع يمني مطور ضمن مجموعة زوارق وأسلحة بحرية أخرى لم يكشف عنها بعد، لكنها دخلت تباعاً مسرح الاختبار وأثبتت فاعليتها.
"عاصف 3" يمثل أحد أبرز الجنود المجهولين ضمن مواليد فذة لوحدة تصنيع حربي تعمل بصمت ومثابرة.
الزورق الهجومي والاستشهادي (المسير والمأهول) الضخم نسبياً بوسعه حمل العتاد والأفراد على متنه، إضافة إلى قمرة داخلية واسعة، ويسير بسرعة 35 كم في الساعة، كما أنه مزود بقاذف صاروخي (107) متعدد السبطانات، وصاروخ "روبيج" ورشاش دوشكا "فولكان 14.5" علاوة على السلاح الشخصي لسائقه وأفراده الـ6.
عقب ما يزيد على العام من عملية "سويفت" انطلق "عاصف 3" في مهمة افتراسية أخرى، فاصطاد هدفاً ثميناً نهاية كانون الثاني/ يناير2017، عبارة عن فرقاطة سعودية تعد واحدة بين 3 فرقاطات ألمانية متطورة وفتاكة بحوزة بحرية المملكة، وتدعى "المدينة". كانت الفرقاطة تزاول نشاطها العدائي في المياه اليمنية قبالة ميناء الحديدة حين عصف بها "عاصف 3"، لكن العدو زعم مجدداً أنها "سفينة مدنية كانت تعبر المياه الدولية في البحر الأحمر".
يقول مصدر مطلع لـ"لا" إن بحريتنا تتجنب الخط الدولي في عملياتها الحربية حتى اللحظة بـ"انتظار إشارة السيد القائد" الذي هدد سابقاً بأن "ناقلات النفط التابعة لدول العدوان لن تكون بمأمن في حال استمر حصاره وتجويعه لشعبنا وقرصنته على السفن التجارية التي تزود اليمن بالوقود والغذاء".
وفي27 تموز/ يوليو 2017 ذهب "عاصف 3" بعملياته أبعد قليلاً في المياه اليمنية، فاقتحم على العدو أحصن مواقعه البحرية على الساحل المحتل، متوغلاً في ميناء المخاء، ليفترس "القانص"، وهي سفينة حربية عملاقة كاسحة للألغام كانت ترسو على رصيف الميناء عندما أصابها الزورق الهجومي الاستشهادي في مقتل وغادرها أفراده خردة مكبلة بسلاسل ضخمة تحول دون غرقها.

... يتبع
إخوة "عاصف 3" وعمليات أخرى
في الأعداد القادمة من "لا".