حاورتها: بشرى الغيلي / لا ميديا -
لم تستسلم لعدم قبول ملفها في شركاتِ التوظيف بعد تخرجها من كليةِ الزراعة بجامعة صنعاء، أو تقف مكتوفة اليدين حتى تمطر لها السماء وظيفة تطبق خلالها ما تعلمته في مدرجاتٍ الجامعة، وكان لديها في منزلها نباتات زينة قامت برعايتها حتى تكاثرت وفكرت ببيعها من خلال تشارك الفكرة مع زميلة أخرى لها، وبدأتا بالبيع «أونلاين»، قبل أن تشق كل واحدة منهما طريقها الخاص.
ميرفت إبراهيم هبه نحلة أخرى تؤثث حديقتها العامرة بأطايب النباتات والزهور الجميلة ممهورة بالتخصص والتعمّق في مجالها لدرجة أنها صارت تقدم استشارات لمن يطلبها منها، قمنا بزيارتها حيث حولت حلمها إلى واقعٍ ملموس من خلال كشكٍ صغير وأنيق تبيع فيه نباتاتها المنسقة بذوقٍ رفيع في أحد المولات التجارية، تبهرك وهي تشرح نوعيات الأزهار والنباتات والتربة التي تناسبها وكيفية رعايتها حتى تمنح الأكسجين وتلطف الأجواء.. «لا» التقتها وتجاذبت معها أطراف الحديث ضمن السياق التالي..

بعد محاولات باءت بالفشل
 عادة تحصر الفتاة في تخصصات محددة في مجتمعنا كمهنتي التدريس والطب، وبشكل ضئيل في بقية التخصصات.. بينما أنتِ وزميلاتكِ ممن التقتهن «لا» تميزتن باقتحام تخصصات معاصرة ومثمرة في الوقت نفسه مثل (بساتين وغابات).. تخصص جديد ومثمر.. هل بالإمكان أن تتحدثي لقراء «لا» كيف جاءتكِ فكرة مشروعكِ الخاص (brethe life)؟
جاءت الفكرة من عدم توفر فرص عمل، حيث قمت بإرسال السيرة الذاتية (CV) الخاصة بي إلى عدة شركات ومنظمات على أمل الحصول على وظيفة، ولكن كلها باءت بالفشل، وبعد ذلك كان يوجد في منزلي نباتات بدأت بإكثارها وتشتيلها إلى أن أصبحت كمية كبيرة، فخطرت لي الفكرة أن أبيعها، ثم تشاركت فكرتي مع زميلتي على أن نفتح مشروعاً لبيع نباتات الزينة، وكنت متحمسة للفكرة، وأخبرت عائلتي على الفور فدعموا فكرتي كثيراً، ثم قررنا أن نبدأ البيع «أونلاين»، وتم ذلك بتوفيق من الله، ثم انتقلت إلى أرض الواقع بمشروعي الخاص بي تحت مسمى «Breath life»، ومعناه «تنفس الحياة»، والذي من خلاله أبيع أزهار الزينة سواء عندما يأتي إليّ الزبائن عبر «الأستاند» الذي قمت باستئجاره بأحد المولات التجارية في أمانة العاصمة، أو من خلال صفحتي الخاصة التي تحمل الاسم نفسه.

عائلتي هي سندي
 هل كان ترحيب الأسرة بالفكرة ودعمها مشجعا، بخاصة أن عملكِ يتطلب منكِ الذهاب لتنسيق وتشجير أماكن خاصة وعامة؟
نعم.. رحبت أسرتي كثيراً بالفكرة، وأظهرت لي كل الدعم والتشجيع، إذ إن والدي كان يأتي معي إلى المشاتل الخاصة بالنباتات، وكذلك المنازل المراد تنسيقها، وأيضا والدتي، وأخي وزوجي دعموني كثيراً وساندوني، وأنتهزها فرصة لأشكر وقوفهم جميعا معي عبر صفحات «لا».
كما كنّا نتشارك الأفكار معاً، حتى إنني غرست فيهم حب الزراعة، وأصبحوا على معرفة كاملة بأسماء النباتات وكيفية زراعتها وطرق العناية بها.

نباتاتي تهتم بالجانب الديكوري
 من خلال الاطلاع على مشروعكِ بفتح «أستاند» خاص بأحد المولات التجارية لبيع نباتات الزينة والهدايا وتنسيق الحدائق، وجدنا أعمالا رائعة تنم عن معرفةٍ كبيرة بنوعيةِ التربة وطرق العناية الخاصة.. هل تخصصكِ الجامعي أضاف لكِ الكثير لتكون انطلاقتكِ مدروسة؟ وكيف الإقبال من قبل الزبائن.. كم نسبة تعطين لذلك؟
تخصصي الجامعي أضاف لي أشياءً كثيرة، مثل معرفةِ أسماء النباتات، وكيفية مكافحة الحشرات، ونوعية الأسمدة.. إلخ، جميع هذه الأشياء تعلمتها من دراستي، لذا استفدت منها كثيراً، بخاصة عندما يسألني الزبائن عن شيءٍ ما يخص الزراعة، وأوضح لهم ما يسألونني عنه، ثم يستفسرونني بعد أن أعطيهم المعلومات: أنتِ تخصصكِ زراعة، فأجيبهم: نعم، فهذا بحد ذاته يثبت لهم صحة كلامي. أما بالنسبةِ للإقبال فقد أبدى كثير من الناس رغبتهم بزراعةِ بيوتهم، بخاصة أن نباتاتي تهتم أيضاً بالجانب الديكوري، فأحبوا ذلك كثيراً. ويمكن القول إن نسبة إقبالهم 75 ٪.

شعور رائع
 لاحظنا أنكِ شاركت في تشجير مشاتل للقطاع الحكومي والخاص.. هل بالإمكان أن توضحي للقارئ عن شعوركِ وأنت تشاركين في تلك الفعاليات؟ واذكري للقارئ تلك الفعاليات التي أسهمت في تشجيرها وتنسيقها؟
شاركت في يوم الشجرة بتشجير كلية الزراعة وتنسيقها، وإزالة الحشائش وتقليم الأشجار بالشكل الذي نريده، وأيضا تمت زراعة بعض نباتات الزينة، ثم شاركت بإكثار النباتات، ومكافحة بعض أنواع الحشرات، وترتيب المشتل في مشتل المروج الخضراء حيث تم التعاقد معي لمدة شهرين مع إحدى الوكالات للعمل لدى مشتل المروج الخضراء، أما بالنسبة لشعوري فكان رائعا جدا، أن التخصص الذي درسته يتم تطبيقه على أرض الواقع، وكانت السعادة تغمرني أن دراستي لم تكن هباء منثورا.

اكتفيت ذاتيا
 هل ساعدكِ مشروعكِ على تحسين دخل أسرتكِ؟ وما هي نصيحتكِ لمن يمتلكن مساحات زراعية واسعة ولديهن المال للاقتداء بفكرتكِ بخاصة من يدرسن نفس تخصصكِ الجامعي؟
نعم، الحمد لله.. وبغض النظر عن مساعدتي لأسرتي إلا أنني اكتفيت ذاتياً، وهذا بحد ذاته إنجاز.
أما نصيحتي لكل من لديه مساحة زراعية، هي أن يبادر إلى زراعتها وأن يستغلها بالشكل الصحيح، وإذا كانت معلوماته قليلة أو كان متخوفاً من الزراعة، فليأت إليّ وسأقدم له كافة التسهيلات والمعلومات التي يحتاجها، وبالنسبةِ لزميلاتي اللواتي يدرسن نفس تخصصي أقول لهن: لا تقلقن إذا كان لديكن أفكار مشاريع في مخيلاتكن فسارعن بتنفيذها، ماذا تنتظرن؟ العالم بحاجة لأن يرى الأشياء الجميلة التي نصنعها.

أن يصبح لديّ مشتل خاص
 ما هي طموحاتكِ في المستقبل لتطوير وتوسيع مشروعكِ؟
لدي العديد من الطموحات المستقبلية، ومنها أن يصبح لدي مشتل خاص بي، كذلك فتح محل كبير خاص بالمنتجات الزراعية، ونباتات الزينة، وبإذن الله سوف أسعى لتحقيق هذه الطموحات على أرض الواقع.

أضيف عليها لمساتي
  لاحظنا أثناء زيارتنا لموقعكِ الخاص تنسيق أناقة الأصص التي يتم وضع أشجار الزينة فيها.. تصممينها أم تقومين بشرائها جاهزة؟
بعض هذه الأصص أقوم بتصميمها ومن ثم يبدأ النجار بتنفيذ تصميمي، بينما البعض الآخر تأتي إلي جاهزاً، ولكن مع ذلك لا بد من أن أضيف إليها بعض اللمسات الخاصة بي، لكي تكون بالشكل الذي تشاهدونه أمامكم.
ميرفت.. بما أنكِ في العاصمة هل تحلمين يوما أن تنفذي حملة تنسيق نباتات الزينة على أرصفتها وتكوني إحدى المشاركات فيها؟
بالتأكيد.. لو أتيحت لي هذه الفرصة سأشارك فيها، بل سأكون سعيدة جدا بذلك.

زراعة المساحات الخضراء
 بماذا تختمين لقاءنا معكِ؟
أتمنى أن نهتم أكثر بزراعةِ المساحاتِ الخضراء في أنفسنا، وبيوتنا، وشوارعنا ومدننا، فهي الرئة التي يتنفس من خلالها مجتمعنا، وصحيح أنه كلما ازدادت حياتنا تعقيداً أحسسنا أننا بحاجة أكثر لمزيد من المساحات الخضراء التي تشبع دماءنا بالأكسجين، ومهما كانت بيوتنا غنية بالأثاث، والتحف، واللوحات، فإنها تبقى باهتة دون وجود نباتات، لذا: ازرع لتسعد، وشكر خاص لصحيفة «لا» لأنها أتاحت لي هذه الفرصة الجميلة بأن أتحدث عن مشروعي الذي أحبه كثيرا، فأنا أتحدث إليكم عن مشروعي والابتسامة لا تفارقني من السعادة بذلك، ودمتم بألف خير.