خاص - دمشق أحمد رفعت يوسـف / لا ميديا -
انتهى الفيلم الهوليوودي الأمريكي في الحسكة بسيناريو وإخراج مكشوفين وبتمثيل فاشل، وأعلنت مليشيا "قسد" العميلة السيطرة الكاملة على سجن الثانوية الصناعية بحي غويران الذي كانت تشرف عليه بعد تطهيره من عناصر "داعش" الذين كانوا يتحصنون فيه، فماذا كانت النتيجة؟
- تم طرد أهالي حي غويران من العرب رغم أنهم كانوا يشكلون الأغلبية مع أقلية كردية، بهدف إجراء عملية تغيير ديموغرافي للسكان وسيطرة "قسد" على الحي بالكامل.
- تهريب الآلاف من مقاتلي "داعش" وأشبال الخلافة من السجن بتسهيل من "قسد" والقوات الأمريكية إلى جهات مجهولة ومحددة مسبقاً من الأمريكيين، باعتبار أن المنطقة تقع تحت سيطرة "قسد" وفيها دوريات وحواجز بالتنسيق مع القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة بشكل غير مشروع ومن المستحيل الدخول أو الخروج من المنطقة بدون معرفة أو تسهيل من عناصر "قسد".
- نقل عناصر داعش الذين قالت "قسد" بأنها قبضت عليهم إلى قاعدة التنف الأمريكية ومخيم الهول الذي تسيطر عليه "قسد"، لإعادة تأهيلهم وتدريبهم لاستخدامهم حيث يقرر الأمريكيون وخاصة في سورية والعراق.
- قتل العشرات من المصابين والمعاقين وكبار السن من مقاتلي داعش، الذين رفضت دولهم استلامهم، مقابل مكاسب سياسية ومالية طلبتها "قسد" من هذه الدول.
- تدمير معظم البني التحتية والخدمية والتعليمية في الحسكة وخاصة الجامعية والمعاهد المتوسطة.
ما تؤشر إليه أحداث الحسكة يؤكد أن الوضع لم ينته ولن يتوقف عند هذا الحد ما لم تتم معالجة تداعيات هذه الأحداث حيث يتوقع استمرار الأوضاع في ثلاثة اتجاهات:
1 - استكمال عمليات التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في مدينة الحسكة ومناطقها، من خلال ملاحقة المواطنين، وخاصة في الأحياء المختلطة والموالين للدولة بحجة تأييدهم لـ"داعش"، وهذا ما بدأ فوراً.
2 - مدينة الحسكة وكل المحافظة في خطر وسنفاجأ بعمليات أخرى لاستكمال المهمة ما لم يتم تدارك الأمور.
3 - نقل الـ"دواعش" وتهريبهم يعني وجود مخطط أكبر لاستهداف سورية والعراق من جديد.
كل هذه الأحداث والتداعيات تؤكد وجود مخطط أمريكي خطير يستهدف بشكل أساسي سورية، مركز بؤرة التوتر، وامتداداتها في العراق، لكنه يمتد إلى أبعد من ذلك ليصل إلى الساحة الأوكرانية، وإلى وسط آسيا الذي لايزال يعيش وقع الأحداث في كازاخستان، وصراع الإرادات بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا، والمحاولات الأمريكية لوقف الغاز الروسي إلى أوروبا وتعويضه بالغاز القطري، وهذا من الصعب حدوثه بدون ترويض الساحة السورية.
روسيا تدرك الأهداف الأمريكية وتراقب هذه التحركات وتتأهب وتتحرك على الأرض، حيث ترافقت أحداث الحسكة مع تعزيز سلاحها الجوي في مطار القامشلي قرب الحسكة، وفي المناورات الجوية السورية الروسية الأولى من نوعها والتي امتدت من الحسكة إلى حدود الجولان وجنوب سورية، شاركت فيها سورية بطائرات "ميغ 29" المقاتلة والاعتراضية للصواريخ والطائرات للمرة الأولى منذ سنوات، كما استقدمت قطعا بحرية حربية روسية تمركزت قبالة الشواطئ السورية حيث تقع القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس والتي تحمل كل أنواع الأسلحة وخاصة صواريخ "كاليبر" التي تضع أوكرانيا وكامل أوروبا تحت مرماها.
وأرفقت روسيا تحركها العسكري بمطالبتها، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 27 كانون الثاني/ يناير، بالانسحاب الفوري من الأراضي السورية لجميع القوات الأجنبية المتواجدة بشكل غير شرعي.
لكن اللافت أن الاستنفار الروسي والإجراءات التي اتخذتها لم تتوقف على رسائلها الأمريكية، وإنما حتى إلى الكيان الصهيوني، فإضافة إلى المناورات الجوية قرب حدود الجولان، تم تسيير دوريات سورية روسية مشتركة في ميناء اللاذقية الذي تعرض لهجومين "إسرائيليين"، في محاولة لتدمير مرفأ اللاذقية بعد تدمير مرفأ بيروت، لجعل مرفأ حيفا المنفذ الوحيد لمشروع "الحزام والطريق" الصيني على المتوسط، خاصة وأن مرفأ حيفا تشغله شركة صينية، لكن الصين يبدو أنها قرأت مستقبل المنطقة جيداً في تطوراتها الممتدة بين سورية واليمن، ووقعت اتفاقا مع سورية لتكون الموانئ السورية هي المنفذ لمشروعها الاستراتيجي على المتوسط، وهو ما أثار غضب الأمريكيين و"الإسرائيليين" والأتراك، مع ما يعني ذلك من تداعيات ميدانية وسياسية يضع الصين في موقع المؤيد لإخراج الأمريكيين من سورية والعراق، لأن هذا الوجود سيجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل استكمال مشروع "الحزام والطريق" واتفاقها الاستراتيجي مع إيران، وتفعيل اتفاقيات النقل البري والسككي بين سورية والعراق وإيران، بدون ضمان وصوله الآمن عبر العراق إلى شواطئ المتوسط من نافذته السورية.
هذه التطورات تؤكد أن روسيا قرأت الأهداف الأمريكية و"الإسرائيلية" جيداً، وهذا جعلها تستكمل إقامة خط دفاع وحماية لمصالحها الاستراتيجية. واللافت أن ذلك تم لأول مرة بدون إخطار الأمريكيين و"الإسرائيليين" بحسب قواعد الاشتباك المتفق عليها حتى لا يحدث صدام قد يجر المنطقة والعالم إلى تطورات غير محسوبة، وهو ما تحدث عنه موقع "تيك ديبكا" المقرب من الدوائر الأمنية "الإسرائيلية" والذي أشار إلى حالة القلق في الكيان من وراء هذا التطور، ويقول إن ما يلفت الانتباه في الخطوتين هو أن روسيا لم تبلغ "إسرائيل"، أو القوات الجوية "الإسرائيلية" مسبقا، بهذه التطورات.
ما يجب الإشارة إليه هنا أن منطقة شرق الفرات الذي تسيطر عليها مليشيا "قسد" العميلة بحماية الأمريكيين باستثناء مناطق محددة مازالت تحت سيطرة الدولة السورية ومنها القسم الأكبر من مدينتي الحسكة والقامشلي، هي أكثر منطقة سورية ينشط فيها الطابع العشائري القبلي، وهذه القبائل إضافة إلى المكونات الاجتماعية الأخرى تعرضت لمضايقات وإهانات من مليشيات "قسد"، إضافة إلى قيامها بإجبار أولادها على الخدمة في صفوفها، لتأتي أحداث الحسكة وتنكشف محاولات التغيير الديموغرافي، مما أثار المجتمع المحلي وزاد منسوب التوتر فيه، خاصة وأن هذه الأحداث ترافقت مع عمليات المصالحة التي قامت بها الدولة السورية في المنطقة والتحاق عشرات الألوف من شبابها بها، مما فاجأ الأمريكيين، ورغم المحاولات التركية والأمريكية ومعها السعودية والقطرية لاستمالة ولاء هذه العشائر، وضرب مؤسسات الدولة وخاصة البنية التعليمية والتربوية.
وتواصلت "لا" مع عدد من فعاليات المنطقة فأكدوا أن التوتر والغضب يسود المنطقة، ويثير مخاوف الأمريكيين و"قسد" من عمليات مقاومة ضدهما، وأن ما يجري على الأرض لا يأخذ طريقه إلى الإعلام، حيث تفرض مليشيا "قسد" حظر التجول الليلي في الحسكة والشدادي وريفي دير الزور والرقة والسبب -بحسب المصدر- ليس "داعش" وإنما ازدياد رقعة استهداف كوادر وآليات "قسد"، حيث يجري تكتم إعلامي على ما يجري، وتفرض عقوبات مشددة على كل من يسرب معلومة حول هذه العمليات. 
كما كشفت هذه المصادر لـ"لا" عن تواجد مرتزقة وأجانب مع "قسد" منهم قيادات من تنظيم "مجاهدي خلق" الإيراني وأكراد عراقيين وأكراد يحملون "الجنسية الإسرائيلية". 
وطالبت بيانات لعشائر عربية بدعم من الدولة السورية للتصدي لممارسات "قسد" والمرتزقة والقوات الأمريكية. 
مع هذه التطورات يتوقع أن تشهد المنطقة تصاعداً لعمليات المقاومة لإخراج الأمريكيين من سورية والعراق، حيث كانت الفترة التي سبقت أحداث الحسكة قد شهدت زيادة في عمليات المقاومة، وخاصة في حقلي عمر وكونيكو للنفط والغاز حيث تتمركز القوات الأمريكية، لكن أحداث الحسكة وتطوراتها ستزيد هذه العمليات، خاصة وأن ممارسات الأمريكيين و"قسد" بدأت تستهدف هذه المرة أبعد من المنطقة والميدان السوري.