تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
موجة نزوح تقابلها مجاعة وشيكة وحملات اعتقال هستيرية يشنها مرتزقة الإمارات ضد المحتجين. مشهد مأساوي رسمه الاحتلال لعدن، آخذاً كل ملامح الحياة في وجهها ليحيلها إلى ملامح موت ودمار. ما الذي أبقوه منك يا عدن؟! وكيف سيكتب التاريخ يوماً ما عن شبح مجاعة يهدد مدينة كانت هي الملاذ لكل جائع، وعن موجات نزوح من مدينة كانت هي أم ووجهة كل نازح؟!

شهدت مدينة عدن المحتلة، خلال الأيام الماضية، موجة نزوح لعشرات الأسر، في ظل انهيار تام للأوضاع المعيشية والأمنية.
وأكدت مصادر محلية أن عشرات الأسر غادرت عدن، خلال اليومين الماضيين، إثر تصاعد الأزمات المركبة التي تشهدها المدينة المحتلة، مع انعدام الغاز والمشتقات النفطية وانقطاع التيار الكهربائي، إضافة إلى عمليات القتل والسطو اليومية.
وأشارت المصادر إلى أن الكثير من الأهالي لم يعودوا قادرين على تحمل السقوط المدوي للأوضاع المعيشية، وسط ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والأساسية، في ظل احتلال يسعى بكل ما أوتي من مرتزقة وأدوات إلى تأجيج الأوضاع وتأزيمها، ضارباً عرض الحائط بكل معاناة المواطن، وجاهراً كأوقح ما يستطيع بأنه حتى لو بلغ سعر الدولار الواحد مليون ريال فلن يهز ذلك شعرة واحدة منهم؛ طالما أن هناك حكومة من دمى فصّلوها على هواهم وكما يريدون.
وتعيش مدينة عدن أسوأ أزمة معيشية خانقة، تزامناً مع انعدام معظم الخدمات، وتجاهل حكومة الفنادق وامتناعها عن تقديم أي معالجات لتخفيف معاناة المواطنين.
إلى ذلك، لوحت جمعية الأفران والمخابز في المدينة المحتلة بالإضراب الشامل عن العمل، مع استمرار ارتفاع أسعار الدقيق وتصاعد أزمة المشتقات النفطية، ما ينذر بمجاعة وشيكة.
وقالت الجمعية، في بلاغ، إنها غير قادرة على الاستمرار في ظل الارتفاعات المستمرة في أسعار الدقيق، حيث وصل سعر الكيس الواحد مؤخراً إلى 41500 ريال، داعية سلطات الارتزاق إلى إيجاد حلول عاجلة نتيجة الارتفاعات المتتالية والمستمرة في أسعار المواد الداخلة في إنتاج الروتي والخبز.
وأشارت إلى أن ملاك المخابز تكبدوا خسائر، مؤخرا، نتيجة الارتفاعات المستمرة في أسعار المواد الداخلة في إنتاج الروتي والخبز، مؤكدة أن عملها لن يستمر في ظل هذه الظروف.
وأشارت الجمعية إلى أنها تلقت العديد من الشكاوى والاستغاثات من ملاك الأفران والمخابز، نتيجة الارتفاعات المتتالية والمستمرة في أسعار المواد التي تدخل في إنتاج الروتي ورغيف الخبز، ومنها الدقيق، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود وانعدامه في المحطات الرسمية.
ويرى محللون أن بيان جمعية الأفران والمخابر في عدن يشير إلى توجهات جديدة من قبل سلطات الارتزاق وقوات الاحتلال لرفع أسعار الخبز والروتي ومضاعفة معاناة المواطنين قبيل شهر رمضان.
وكانت جمعية الأفران والمخابز اتهمت، أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، «السلطات المحلية والأمنية» في عدن بابتزاز مالكي الأفران والمخابز وفرض غرامات «غير قانونية» عليهم بعد حملات اعتقال طالت عدداً منهم؛ فيما ألزم ما يسمى مكتب الصناعة والتجارة مالكي الأفران ببيع أقراص الروتي بأسعار منخفضة، متجاهلاً الخسائر الفادحة التي يتكبدونها جراء ارتفاع أسعار المواد المكونة للروتي، وعلى رأسها القمح والغاز وغيرهما من المواد.
وخلال آذار/ مارس الماضي، ارتفع سعر قرص الروتي في عدن إلى 65 ريالاً، بالتزامن مع انهيار العملة المحلية في المحافظات المحتلة.

مرتزقة الإمارات
وفي سياق الغضب الشعبي من تردي الأوضاع، شن مرتزقة ما يسمى «المجلس الانتقالي»، الموالي للاحتلال الإماراتي، أمس، حملة اعتقالات طالت عشرات المحتجين في مدينة عدن.
وتأتي حملة الاعتقالات هذه تزامناً مع اندلاع احتجاجات شعبية واسعة تنديدا بانهيار الأوضاع المعيشية وانقطاع المشتقات النفطية والخدمات، حيث تشهد مدينة عدن احتجاجات غاضبة ضد قوات الاحتلال وأدواتها، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية للمواطنين، وغياب تام لأي دور لحكومة الارتزاق في معالجة الأوضاع وتخفيف معاناتهم.
وأكدت مصادر محلية أن مرتزقة الإمارات اعتقلوا عشرات المواطنين المحتجين، في مديرية خور مكسر، وتم اقتياد المعتقلين إلى جهة غير معروفة.
وكان مرتزقة الإمارات اقتحموا، السبت، فعالية سياسية لما يسمى «الحراك الجنوبي» الذي يتزعمه حسن باعوم، في أحد فنادق عدن، الأمر الذي لقي إدانات واسعة من عدد من المكونات السياسية والحقوقية في المحافظات الجنوبية المحتلة.

ناشطون: «الانتقالي» أسد على المواطنين.. كلب مطيع عند أقدام الاحتلال
وبالتزامن، شن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات هجومية ضد مرتزقة الإمارات على خلفية تحول الأخيرين إلى «تقديم خدمات وظيفية مؤقتة فقط لمصلحة أطراف خارجية أو محلية غير جنوبية وبما يتعارض مع مصلحة أبناء المحافظات الجنوبية».
وهاجم الناشطون الجنوبيون «الانتقالي» بشدة معتبرين أنه «أصبح مكونا جنوبيا يؤدي دوراً وظيفياً لمصلحة غيره»، فيما وصفه بعضهم بـ»الأجير»؛ في إشارة إلى فتح «الانتقالي» المجال للعميل طارق عفاش لفرض وجود عسكري وسياسي لفصائله وجناح مؤتمر الإمارات.
وقال الناشطون إن «الانتقالي» لم يتحرك ضد الفعاليات التي بدأ جناح المؤتمر التابع للإمارات بالترويج لها وتكثيفها في المحافظات الجنوبية المحتلة بالتزامن مع التحركات العسكرية لذلك الجناح بقيادة العميل طارق عفاش، وأن المجلس لا يستعرض عضلاته إلا على المكونات الجنوبية الأخرى الأقدم منه كما حدث مع فعالية مجلس الحراك الثوري الجنوبي.
الناشطون اتهموا «الانتقالي» بأنه لا يستعرض عضلاته إلا على أبناء الجنوب فقط، أفراداً أو مكونات، أما حين يتعلق الأمر بالوضع المعيشي المنهار وانقطاع الرواتب عن قوات الجيش والأمن وانهيار الخدمات وانهيار العملة وانعدام المشتقات النفطية والغاز، فكل ذلك –حسب الناشطين– لا يحرك للمجلس أي شعرة ولا تهتز كراسي القادة لمعاناة أبناء الجنوب وأناتهم، رغم أن المجلس هو المسيطر على مدينة عدن التي باتت أول المدن الجنوبية التي حولها تحالف الاحتلال إلى حقل لتجاربه في سياسات الترجيع والتجويع وتطويع الرأي العام.