تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
لجنة للاحتلال السعودي تصل سقطرى تحت مسمى «مكرمة» من ابن سلمان، كانت قد سبقتها قبل أيام «مكرمة» من ابن زايد، فيما يواصل مستشار الأخير وقاحته متجاوزاً كل الحدود، ولدرجة أن يقول بأن بلاده ستضم سقطرى إليها حرصاً على عدم إشراك الجزيرة في الصراع بين الشماليين والجنوبيين، مذكراً بتلك القصة في الموروث الشعبي لأتان خرجت تبحث عن ابنها الضائع فلقيها الضبع لتخبره بالأمر فيبادر بالقول إنه سيتولى البحث بدلاً عنها، فراح وعاد إليها ليخبرها أنه لقي ابنها وأكله مقابل عناء بحثه عنه.
وصلت، أمس، لجنة تابعة للاحتلال السعودي إلى جزيرة سقطرى المحتلة، في محاولة لاستعادة نفوذٍ ما على الجزيرة، بعد أن استحوذت عليها قوات الاحتلال الإماراتي.
وأفادت مصادر محلية بأن لجنة تابعة لما يسمى مركز سلمان وصلت الجزيرة حاملة معها عربون عودة تحت مسمى «مكرمة ابن سلمان» سيتم توزيعها على الجهاز الإداري لسلطات الارتزاق في المحافظة.
وأكدت المصادر أن اللجنة تحاول استعادة نفوذ الاحتلال السعودي عبر توزيع  «مكرمة الملك سلمان»، التي تشمل موظفي الجهاز الإداري لحكومة الارتزاق ومجموعة ارتزاق من مشايخ وشخصيات اجتماعية، على غرار «مكرمة» مماثلة سبق أن وزعها الاحتلال الإماراتي قبل أسابيع.
وتشير الخطوة السعودية إلى مساعي الرياض لإبقاء مراكز نفوذ مجتمعي على الجزيرة  التي تمثل استراتيجية غير مسبوقة بحكم موقعها عند تقاطع بحر العرب والمحيط الهندي، وباتت منذ بدء العدوان على اليمن في آذار/ مارس 2015 محل أطماع إقليمية ودولية.
كما تهدف لقطع الطريق على مساعي الاحتلال الإماراتي للاستحواذ على الجزيرة، خصوصا وأن وصول اللجنة تزامن مع تواجد مستشار ابن زايد في الجزيرة وتلويحه بفصلها عن اليمن وضمها كـ»إمارة ثامنة» لدويلته.
ويواصل مستشار ابن زايد، عبد الخالق عبد الله، استفزاز مشاعر اليمنيين، من داخل محافظة أرخبيل سقطرى المحتلة، عبر تغريدات ينشرها على صفحته في «تويتر»، متجاوزاً كل الحدود.
وفي تغريدة جديدة، قال المستشار المدلل إن «‏لسان حال كل سقطري التقيته أن سقطرى أهملت من الشمال والجنوب، لا الشمال أنصفها ولا الجنوب ينصفها، وعانت منهما الإقصاء والتهميش»؛ في إشارة إلى أن الاحتلال الإماراتي هو من سينصفها بضمها إليه!
وزعم أن سقطرى «تبحث عن وضع إداري مستقل يتسق مع هوية وطنية خاصة بشعبها وتاريخها ولغتها المهددة بالانقراض»، وهو ما يعني بحسبه أن جزيرة سقطرى ذات هوية وتاريخ خاصين بها.
وفي السابع من آذار/ مارس الجاري، ظهر عبدالخالق عبدالله، في محافظة سقطرى، متحدثًا عن سقطرى بمعزلٍ عن الإشارة لليمن، وهو ما يعكس مساعي الاحتلال الإماراتي لسلخ المحافظة عن هويتها.
وفي اليوم التالي، واصل المستشار السياسي لابن زايد استفزازاته المعبّرة عن المساعي الإماراتية المعادية لسقطرى واليمن؛ حيث زعم أن بعض أبناء سقطرى يتمنى ضم المحافظة للإمارات كإمارة ثامنة!
الكارثة هي أن سلطات الارتزاق في سقطرى وحكومتها في فنادق الرياض اعترضتا فقط على كون مستشار سقطرى دخل سقطرى بلا تأشيرة ودون إذنها. أما ما يقوم به الاحتلال الإماراتي ومستشار ابن زايد من عبث في الجزيرة فأمر لا علاقة لهم به، حيث يواصل الاحتلال تسيير رحلات مباشرة إلى الأرخبيل، وينقل الخبراء الأجانب والضباط الصهاينة، جهاراً نهاراً.
كما يواصل الاحتلال الإماراتي إنشاء قواعد استخباراتية وعسكرية مشتركة في سقطرى، مستعينا بخبراء صهاينة، ويرسل للأرخبيل المعدات والأسلحة وأجهزة الاتصالات بواسطة السفن، دون أي اعتراض من شرعية العمالة سوى تنديدات جوفاء يطلقها من حين لآخر مغردون متخمون في موائد الرياض ومواخيرها المستحدثة.
ومن جديد تعود جزيرة سقطرى إلى صدارة الأحداث. وقد اتخذ مستشار ابن زايد من ظهوره في الجزيرة مادة إعلامية لكشف نوايا بلاده الحقيقية تجاه الجزيرة والسيناريوهات التي تعدها  للاستحواذ عليها.
ومع أن الاحتلال الإماراتي يفرض سيطرته على الجزيرة منذ العام 2015، ويتحرك بهدوء وقد تفرد بسكانها البسطاء وأحكم قبضته على مقومات الحياة هناك بتغيير جذري على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ إلا أن تحريكه ملف الجزيرة في هذا الوقت الذي تتدافع فيه قوى الارتزاق للقاءات المفاوضات في الأردن، يشير إلى مساعي الاحتلال لفرض واقع جديد على الجزيرة يخلع عليها وصاية كاملة خلال فترة ما بعد العدوان على اليمن.
وبالتالي فإن ظهور المستشار الإماراتي وقائد في المخابرات لم يكن اعتباطيا، مع أنها الزيارة الأولى له إليها. فهو خلال الأيام الماضية، نشر صوره من على كوخ  مطل على مناطق تقاطع المحيط والبحر، وأراد التعبير عن أن بلاده تريد أن تكون شرطي المرور الجديد في المنطقة التي تعد ممر بحريا مهما وتتنامى أهميتها مع اتساع رقعة طريق الحرير الجديد. وقد استعرض، في سلسلة تغريدات، استراتيجية بلاده لفرض هذا الأمر على اليمنيين، سواء عبر تلويحه بجعلها محطة صراع بين الشماليين والجنوبيين، وهو بذلك يشير إلى الفصائل الموالية لبلاده من مرتزقة «الانتقالي» ومرتزقة العميل طارق عفاش، أو بتحريك مطامع أفريقية لاتخاذ مسار فصلها عن اليمن، وهو بذلك يشير إلى إمكانية تحريك الصومال الذي سبق أن رفض إعادة فتح ملف الخلافات السابقة مع اليمن حول الجزيرة.
لكن الاحتلال الإماراتي، الذي خاض بمرتزقته من «الانتقالي» صراعات على الجزيرة للسيطرة عليها، يدرك أن وجوده مهدد بالزوال، ناهيك عن إدراكه عدم القدرة على إدارة صراع جديد محلي وإقليمي. وهنا كان لا بد له من تحويل الجزيرة إلى معسكر واسع لقوات متعددة الجنسيات، وكذا استدعاء الكيان الصهيوني كواحد من السيناريوهات لمواجهة أية ردة فعل، سواء من قبل حليفه في العدوان على اليمن (السعودية)، أو أي قوة إقليمية أخرى. وهو بهذا وذاك نسي أن الشعب اليمني سيدحره ويخرجه صاغراً من كل شبر من أرضه.