حاوره:مالك الشعراني / لا ميديا -
أحمد راشد مدرب وطني متميز، يعشق النجاح، مبتعد عن الأضواء ولا يحب الظهور الإعلامي. أكثر من ربع قرن قضاها داخل أروقة النادي الشعباوي الإبي لاعباً ومدرباً لفئة الشباب، يعمل بصمت، ومتفانياً في مهامه. يعرفه اللاعبون والجماهير الإبية عن ظهر قلب. تتلمذ وصعد على يديه عشرات اللاعبين من فئة الشباب إلى الفريق الأول، ولعب للمنتخبات الوطنية ثلث اللاعبين الذين دربهم.
ملحق "لا الرياضي" التقاه في إب على هامش قضاء إجازته السنوية وتنظيمه بطولة المديريات. ورغم مشاغله الكثيرة، استطعنا أخذ جزء من وقته، وغصنا معاً في عدد من المواضيع الرياضية الساخنة في أول حوار رياضي له في الصحافة اليمنية.

 في البداية نرحب بك ضيفاً على صفحات ملحق صحيفة "لا" الرياضي!
- أشكرك أخي الكريم على هذه الاستضافة، ويسعدني أن أكون ضيفاً على الملحق الرياضي لصحيفة "لا".

 نيابة عن الزملاء الصحفيين الرياضيين نشكرك على إقامة بطولة فقيد الصحافة الرياضية الزميل واصل علي الضبياني - رحمه الله. يا حبذا لو تطلعنا عن صاحب الفكرة وكيف تكونت الفكرة؟ وهل كنت على تواصل بالزميل الراحل الضبياني؟
- الفكرة كانت فكرتي بإقامة بطولة رياضية في إب، تحمل اسم القدامى والرواد، على كأس الشاعر والأديب والصحفي الرياضي واصل الضبياني - رحمة الله عليه. لم أكن على تواصل مع الراحل الضبياني ولم أعرفه شخصياً، بل عرفته عندما كتب مقالاً جميلاً ورائعاً، تحدث فيه عن تأسيس الفريق اليمني "يمن يونايتد" في نيويورك، وأثنى على الكوادر التي كان لها دور في تأسيس نادٍ لأبناء الجالية اليمنية في بلاد المهجر. ورداً للجميل تواصلت مع ابن خال الفقيد، الكابتن عبد السلام المخلافي، وتم التنسيق مع شقيق واصل، عبدالعزيز لإقامة بطولة رياضية للقدامى والرواد في محافظة إب على كأس فقيد الصحافة الرياضية شقيقه واصل، فرحب بالفكرة وحضر المباراة النهائية وشكر المنظمين والداعمين لهذا التكريم.

 على ذكر إقامة بطولات القدامى والرواد تكريماً للفقيد الضبياني، وكذلك بطولة المديريات بجهودك الشخصية... البعض انتقد بطولة المديريات معللاً بأنه لا يستفيد منها سوى فئة محدودة من الرياضيين. ما ردك على من يقول ذلك؟ وما الهدف من إقامة هذه البطولة؟
- سؤال جميل. البطولات التي نظمتها في اللواء الأخضر جاءت بجهودي الشخصية، وبدعم من محبي رياضة الوطن وبإشراف الجهات الرياضية في إب. والهدف منها كسر حالة الركود الرياضي الشبه التام في المحافظة. لا أخفيك أخي العزيز أن هذه المسابقة أحدثت حراكاً رياضياً جميلاً، واستفاد منها فنياً ومادياً المئات من لاعبي الأندية والمديريات والقدامى. أستغرب ممن ينتقد فكرة عودة الأنشطة الرياضية! يفترض أن نتعاون ونتكاتف جميعاً لعودة النشاط الرياضي في المحافظة، ونشكر الداعمين والجهات التي تنظم هذه المسابقات وتشرف عليها.

 حدثنا عن بداياتك مع كرة القدم، وكيف انضممت لنادي شعب إب؟
- بدايتي كانت مع نادي الفتوة في فئة الناشئين، وبعد ثلاث سنوات انضممت لنادي شعب إب لعبت كرة السلة لموسمين ومارست أم الألعاب، ألعاب القوى، وحققت عدة بطولات على مستوى المحافظة، وشاركت في عدة بطولات لسباق الميدان والمضمار على مستوى الجمهورية، لعبت مع فريق شباب شعب إب لكرة القدم والفريق الأول؛ لكن الإصابة التي لحقتني، وبالتحديد في الركبة في إحدى المباريات مع فريق الشباب أوقفت مشواري الرياضي كلاعب.

 الغريب عن المدرب أحمد راشد أنه بعيد عن الأضواء وعن وسائل الإعلام الرياضية. هل تعمدّت عدم الظهور؟ أم أن الإعلام الرياضي هو من غيبك؟
- الإعلام الرياضي مهم جداً. نعم، سابقاً كنت لا أهتم بالإعلام الرياضي ولا أحب الظهور، وأحياناً كنت أهرب من وسائل الإعلام. لستُ وحدي، بل كثير من الرياضيين كانوا لا يهتمون بالإعلام الرياضي، ولكن حالياً الإعلام الرياضي، سواءً المرئي أم المسموع أم المقروء، أصبح جزءاً مهماً ونقطة لنجاح الرياضة والرياضيين.

 لماذا ظللت تدرب فئة الشباب طوال تلك السنوات ولم تطور نفسك وتبحث لك عن فرصة لتدريب الفريق الأول في أي نادٍ آخر؟
- دربت جميع الفئات العمرية بالنادي (براعم، ناشئين، وشباب)، وحب النادي كان همي الأكبر، وعملت مساعداً لمدرب الفريق الأول لشعب إب عدة مواسم مع عدد من المدربين، واستفدت منهم كثيراً. وأيضاً دربت بعض الأندية، مثل فريق الفجر - السياني، والنهضة بعدان، والقدس - القاعدة، ونادي الاتفاق، ودربت عددا من المنتخبات المدرسية لمختلف الأعمار، وأيضاً دربت منتخبات المحافظة لكل الفئات العمرية. وبفضل الله تعالى وبتعاون إدارة نادي الشعب، وأبناء النادي المخلصين وإدارة الأنشطة المدرسية بمكتب التربية والتعليم وفرع اتحاد كرة القدم بإب، حققت الكثير من البطولات والإنجازات على مستوى المحافظة وعلى مستوى الجمهورية.

 نلاحظك تلتزم الصمت. هل تخشى الجدال في المواضيع الجانبية؟ أم أن كثرة الحديث والكلام لا يعجبك؟
- صحيح، يعجبني الصمت في أغلب الأوقات؛ لكن المواضيع المهمة لا بد أن نتحدث ونتبادل الحديث فيها، ونتجادل في الأمور الحياتية الهامة، ولا أحب التحدث عن الأمور الشخصية التي تجرح الآخرين.

 كيف ترى مدربي الفئات العمرية في الأندية؟ وما هي الصعوبات التي تواجههم؟
- من وجهة نظري، مدربو الفئات العمرية في الأندية مظلومون ويواجهون صعوبات كثيرة، منها: عدم وجود الملاعب المؤهلة والمناسبة، وعدم توفر الأدوات الرياضية الجيدة، وعدم إقامة مباريات تجريبية داخل وخارج المحافظة، وعدم إقامة دوري أو بطولات سنوية للفئات العمرية... وغيرها من الصعوبات.

 البعض يقول إن المواهب قل عددها في شعب إب. هل ذلك صحيح؟ وبِماذا تنصح إدارة شعب إب وإدارات الأندية الأخرى لكي تستمر في تفريخ المواهب وتطور مهاراتها؟
- شعب إب نادٍ مليء بالمواهب في كل الفئات العمرية؛ ولكن يجب أن نعمل على تطوير وصقل المواهب وتأهيلهم فنياً وبدنياً ومهارياً. أنصح إدارات الأندية المختلفة بتوفير المتطلبات الهامة والضرورية، مثل ملاعب للتدريب - الكرات والأدوات الخاصة بالتدريب، توفير مباريات ودية، توفير وسائل نقل، تنفيذ رحلات رياضية وترفيهية للفرق... هذه الأشياء البسيطة ستطور مستوى اللاعب الموهوب وتنمي قدراته الفنية والبدنية تدريجياً.

 يا حبذا لو تطلع الجمهور والقراء الكرام على اللاعبين الذين دربتهم وصعدتهم إلى الفريق الأول في نادي شعب إب وكان لهم بصمات في تاريخ العنيد والمنتخبات الوطنية!
- دربت عددا كبيرا من اللاعبين، وصعدت الكثير إلى الفريق الأول. لاعبون كثير لعبوا للمنتخبات الوطنية في فئاتها المختلفة. نعم لقد كان للبعض بصمات في ناديهم ومنتخباتنا الوطنية، ومازال بعضهم إلى اليوم. لعل أبرز من أتذكرهم الآن: نشوان عزيز، رضوان عبدالجبار، ياسر البعداني، هشام الورافي، نشوان الهجام، محمد السلاط، أكرم الورافي، محمد فؤاد عمر، مالك الجبري، ماجد عقيل، نجيب الحداد، أيمن الهاجري، ناطق حزام، محمد ناجي سالم، أكرم القضابة، ماجد النزيلي، محمد مصلح علاية، صلاح الحبيشي، وعلي العامري...

 لاعبون صعدتهم وترى أنهم ظُلموا في الفريق الأول للعنيد والمنتخبات الوطنية وانتهت مسيرتهم قبل أوانها...؟
- الرياضة في بلادنا حظوظ؛ لاعبون ينجحون وآخرون يفشلون. هناك العديد من اللاعبين ظُلموا بسبب ضغط الإدارة على الأجهزة الفنية للفريق الأول لتحقيق نتائج إيجابية والمنافسة على بطولة الدوري وتحقيق الإنجازات، وأيضاً عدد كبير من اللاعبين الذين كان يتم تصعيدهم للفريق الأول، بعضهم استمر ولعب سنوات طويلة، وذلك لرغبته في مواصلة مشواره الرياضي وحبه للنادي وكرة القدم.

 إب بدون ملاعب معشبة. كيف تنظر إلى هذه المشكلة؟ ومن يتحمل مسؤولية عدم وجود ملاعب معشبة في المحافظة الرياضية الأولى في الوطن؟
- مؤسف أن إب، المحافظة الرياضية الكبيرة، فيها أسوأ ملاعب في الجمهورية، وليس لديها ملاعب معشبة، وليس لها نصيب من الاهتمام. كل القائمين على إب وشؤونها الرياضية يتحملون المسؤولية الكاملة، وكذلك وزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم والسلطة المحلية. سمعت في الأيام الماضية أنه سيتم تعشيب ملعب الكبسي من قبل شركة هائل سعيد أنعم، وهذا خبر جميل. يجب على الجميع التعاون وبذل المزيد من الجهود، وإن شاء الله تتكلل الجهود بتعشيب كل ملاعب إب، مدينة الرياضة والجمال والأمجاد.

 رغم نجاحك في الفئات العمرية لنادي شعب إب، لم نشاهدك في الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية؛ لماذا؟ هل تم ترشيحك من قبل، أو كنت على وعد بتعيينك؟ أم ماذا؟
- التوفيق كله من الله سبحانه وتعالى. وأنا سعيد جداً بأنني دربت منتخبات المحافظة لمختلف الفئات العمرية وحققت العديد من البطولات، وكذلك دربت منتخبات إب المدرسية، وشاركت في بطولات مدرسية على مستوى الجمهورية، وحققت العديد من البطولات والإنجازات. أما موضوع اختياري للعمل مع أحد الأجهزة الفنية المنتخبات اليمنية، فلم يحالفني الحظ عدة مرات؛ لأن الاختيار يتم عن طريق اللجنة الفنية بالاتحاد العام لكرة القدم.

 بعد حصولك على فرصة الاحتراف والتدريب خارجياً وتحسين وضعك المادي، هل ندمت وتحسرت على السنوات التي قضيتها في تدريب شباب العنيد؟
- بالعكس، لم أتحسر ولم أندم، بل أنا فخور جداً، لأني استفدت. نادي شعب إب هو الذي يصنع المدربين. وبالنسبة لفرصة التدريب والاحتراف في "يمن يونايتد" بنيويورك، أنا من ضمن مؤسسي النادي وأدرب بدون أي مقابل مادي!

 حدثنا عن علاقتك مع إدارة شعب إب، هل سبق واختلفت أو كنت على خلاف مع أحد الإداريين؟
- علاقتي مع إدارة شعب إب دائماً كانت جيدة، وأحترمهم وأقدرهم وأشكرهم على المجهود الذي يبذلونه ويقدمونه من أجل النادي. لم نختلف أبداً. الكل كان يعمل لمصلحة النادي.

 العنيد نجا من الهبوط إلى الدرجة الثانية العام الماضي. كمدرب سابق وقريب من اللاعبين، ما سبب تراجع مستوى الفريق الشعباوي؟
- بصراحة كانت كارثة لا قدر الله. سبب تراجع مستوى الفريق هو اللاعبون الذين تراجع مستواهم، وبعضهم ليس لديه ولاء للنادي، والمحترفون لم يستفد منهم الفريق.

 حدثنا عن انتقالك إلى أمريكا وتدريبك لفريق الجالية اليمنية هناك؟
- سجلت في قرعة اللوتري (اليانصيب) وتعبت كثيراً أثناء المعاملة لكي أجهز جميع الأوراق التي طلبتها جهة الاختصاص (المجريشن)، وكانت المقابلة الشخصية في السفارة الأمريكية في الجزائر. نجحت في المقابلة ودخلت أمريكا. وأثناء تواجدي في الجزائر تم تشكيل منتخب من أبناء الجالية اليمنية، ولعبنا عدة مباريات ودية.
ولعشقي للرياضة، وخاصة كرة القدم، خطرت على بالي فكرة تأسيس فريق للجالية اليمنية بنيويورك. درست الفكرة مع الكابتن عبد السلام المخلافي وطارق الحيدري لاعب منتخب الأمل السابق، وقائد شرطة نيويورك جميل الظاهري. وفي عام 2018 تم تأسيس فريق "يمن يونايتد" بنيويورك، وقمنا بتشكيل فريق لكرة القدم، وشاركنا في عدة دوريات، مثل بطولات الجاليات اليمنية وبطولة كاس سبأ، وشارك النادي في ليجا مكسيكا، وشارك شباب النادي في بطولة (NYPD)، ونظم النادي عدة بطولات لأبناء الجالية اليمنية، وتم اختياري لتدريب وتشكيل منتخب للجاليات اليمنية في أمريكا والمشاركة مع منتخبات الجاليات في مصر.

 هل التوقيع مع فريق "يمن يونايتد" كان رسمياً؟ وهلا تطلعنا على بنود العقد والعائد المادي؟
- منذ تأسيس فريق نادي "يمن يونايتد" بنيويورك وأنا أدرب بدون أي عقد أو أي مقابل مادي؛ لأن النادي لا يوجد له دعم مالي من تجار الجالية، وكل العمل تطوعي لخدمة جاليتنا.

 كيف وجدت مستوى لاعبي المهجر؟ وهل وجدت لاعبين يستحقون الانضمام لصفوف المنتخبات الوطنية؟ من هم أبرز اللاعبين من وجهة نظرك؟
- بعض لاعبي المهجر، خاصة لاعبي الأكاديميات والجامعات الأمريكية وأيضاً بعض المحترفين في الأندية الأوروبية، مستواهم جيد. ومن وجهة نظري هناك العديد من اللاعبين وفي بطولة الولايات للجالية اليمنية وفي عدد من الفرق ظهر نجوم يستحقون الانضمام لصفوف منتخب الشباب والمنتخب الأولمبي، مثل أويس الدعيس، مبروك صالح، هارون الزبيدي، أيمن الشرعي...

 منتخبا الناشئين والشباب يحققان نتائج جيدة في المشاركات الخارجية، ويخفقان عندما يتم تصعيدهم إلى المنتخب الأول. ما الأسباب من وجهة نظرك؟
- سؤال جميل. وفي البداية نبارك لمنتخب الناشئين تحقيقهم بطولة غرب آسيا لأول مرة. أجل لدينا لاعبون موهوبون يحتاجون للاهتمام والمتابعة من قبل الاتحاد العام لكرة القدم، وكذلك منتخب الشباب يقدم مستوى يشرف الكره اليمنية، رغم الإعداد القصير للمنتخبين.
من وجهة نظري أسباب إخفاقهم عندما يصعدون للمنتخب الوطني الأول، هي عدم تدرجهم في المراحل خطوة بخطوة، وعدم اهتمام اللاعب بنفسه، وبوصوله للمنتخبات يعتبر نفسه أنه حقق كل ما يريد. وكذلك الأندية تتحمل جزءا من هذا الإخفاق. يجب على اتحاد الكرة عمل برنامج إعدادي وإعدادهم بالشكل الصحيح، وإقامة معسكرات داخلية وخارجية والتنسيق لمباريات ودية مع منتخبات وفرق قويه لتطوير مستواهم البدني والفني.

 تقييمك بشكل عام لمستوى الكرة اليمنية في السنوات الأخيرة...؟
- تعاني كرة القدم اليمنية من عدة صعوبات وعقبات، مثل الحظر الدولي الذي فرضه الاتحاد الدولي سابقاً، وكذلك الملاعب التي دمرتها الحرب. اللاعب يعاني منذ سنوات بسبب الحرب. ممارسة الرياضة وكرة القدم تحديداً لم تعد من أولويات الشباب؛ لأن البنية التحتية شبه معدومة، وأصبح اللاعب مرتبطا بالآلام وتفكيره في أسرته. ولكن رغم الظروف القاسية المعيشية والمنشآت الرياضية المدمرة والمتهالكة، لدينا مواهب لا تقدر بثمن. الجماهير اليمنية تعشق كرة القدم، وتبقى الرياضة صامدة في وجه كل الأزمات، والشعب اليمني يتمنى أن تجمع كرة القدم ما فرقته السياسة.

 كلمة أخيرة نختم بها هذا الحوار...؟
- علينا أن نستفيد من تجارب بعض الدول في كيفية رفع المستوى الرياضي؛ لأن الرياضة في بلادنا مهمشة وبدون تخطيط سليم وبحاجة إلى مراجعة. أتمنى تكاتف الجميع والعمل بروح الفريق الواحد.
أشكرك أخي مالك على هذا للقاء، وشكراً لملحق صحيفة "لا الرياضي" المميز، الذي يتحدث عن كل الفعاليات والأنشطة المختلفة. أتمنى لكم المزيد من النجاحات مستقبلاً، وأتمنى لوطننا الحبيب النهوض والاستقرار.