سيناريو مرعب تم إعداده لمحافظة حضرموت، ظاهره صراع أدوات الاحتلال، وباطنه الزج بأبناء المحافظة ومدنها، خصوصا التاريخية، في أتون حرب مذهبية طائفية يقودها «القاعدة». هذا التنظيم التكفيري يعاد إحياؤه كلما استجد أمر؛ لكن عملية إحياء كبرى يتم الترتيب لها منذ أشهر من قبل الاحتلال في أبين، والغرض منها حضرموت. وحتى يتم إنجاز ذلك السيناريو المرعب يشرع الاحتلال وأدوات خارجية أخرى في تغيير قواعد اللعبة بين أدواتهم، وإقحام القبائل في صياغة جزء كبير منه بدعوى النأي بمحافظتهم عن «الصراع»، الأمر الذي يعتبره مراقبون مشابهاً لما كان مع ما تسمى «الهبة الحضرمية»، بالإضافة إلى دخول دول غربية في الخط.

توعدت قبائل حضرموت، اليوم، باقتحام معسكرات موالية لخونج التحالف في المحافظة النفطية، تزامنا مع اشتداد الصراع بين أدوات الاحتلال.
وأعلنت قبائل «يمنة نهد» ما سمته النفير العام ضد «العسكرية الأولى» الموالية للخونج، على خلفية اتهامات لقيادات خونجية بالتستر على قتلة شخصين من أبنائها، فروا في وقت سابق إلى معسكر تابع لهم.
وقالت مصادر محلية إن العشرات من مسلحي أبناء قبائل «يمنة نهد» بدؤوا بفرض حصار على قطاعات ومواقع لفصائل ما تسمى «العسكرية الأولى» في مديرية الوادي.
وأشارت المصادر إلى أن مسلحي كبرى قبائل الهضبة النفطية توعدوا باقتحام المعسكر الرئيسي التابع لقيادة «العسكرية الأولى» في مدينة سيئون، في حال لم يتم تسليم القتلة.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار التصعيد بين قبائل محافظة حضرموت وفصائل تحالف الاحتلال السعودي الإماراتي المتناحرة، وسط دعوات لطردها جميعاً من عموم الهضبة النفطية.
بدوره، بدأ ما يسمى المجلس الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، اليوم، وضع ما سماه اللمسات الأخيرة لإسقاط آخر معاقل الخونج في حضرموت.
ونظم أتباع «الانتقالي»، مساء اليوم، تظاهرات ليلية في مدينة سيئون، مطالبة برحيل عسكرية الخونج.
وتزامنت التظاهرات مع بدء تزيين شوارع وأحياء مدن وادي وصحراء حضرموت بأعلام الانتقالي، في حين بدأت فروع المجلس تحشيدات على مستوى قرى ومديريات حضرموت وما جاورها لتظاهرة ضخمة يحشد لها المجلس منذ أيام وحدد الرابع عشر من الشهر الجاري موعدا لها.
والترتيبات الجارية ضمن خطة مرتزقة الاحتلال الإماراتي لإسقاط الهضبة النفطية في حضرموت، وهو جزء من سيناريو عسكري وسياسي يهدف لتحقيق أجندة الاحتلال.
كما توعد انتقالي الإمارات، اليوم، بتفكيك القوات الموالية للخونج في محافظة حضرموت، الأمر الذي عده مراقبون إيذانا بنية الطرفين إفساح المجال لـ«القاعدة» كبديل لهما.
وقالت قناة «عدن المستقلة»، الناطقة باسم الانتقالي، في تقرير، إن هناك العديد من القيادات العسكرية في فصائل «العسكرية الأولى» غير راضية على ممارسات الخونج في الهضبة النفطية.
وأوضح التقرير أن إمكانية حدوث تمرد داخل المنطقة العسكرية أصبح وارداً أكثر من أي وقت مضى، في إشارة واضحة إلى ترتيبات لإسقاط آخر وأبرز قواعد الخونج العسكرية من الداخل لصالح «القاعدة».
وتأتي التهديدات بعد ساعات قليلة من تهديد القيادي البارز في الخونج المرتزق صلاح باتيس، باستخدام القوة المفرطة لمواجهة مساعي الانتقالي للسيطرة عليها.
ويرى مراقبون أن الخونج والانتقالي، وبأمر من قيادة تحالف الاحتلال السعودي والإماراتي، يهيئون لإفساح المجال لتنظيم «القاعدة» التكفيري للانتشار أكثر في عدد من مدن حضرموت، وخصوصا المدن التاريخية الدينية، كتريم، لتفجير حرب مذهبية طائفية ضد شريحة معينة من أبناء حضرموت لم ينصاعوا لتحالف الاحتلال وعلى خلاف جوهري مع الوهابيين والتكفيريين.
ويضيف المراقبون أن محافظة حضرموت، الثرية بالنفط وذات الموقع الاستراتيجي، تدخل منعطفا يعد الأخطر في تاريخ المحافظة، التي تشكل ثقلا جغرافيا شرق اليمن، مشيرين إلى أنها تتجه نحو صدام ظاهره بين أدوات الاحتلال المحلية وباطنه دخول أطراف إقليمية ودولية لتغيير ديموغرافيا المحافظة بما يضمن لها مصالحها.
بالنسبة لخونج التحالف، الذين يبدون في الصورة أنهم سلطة الأمر الواقع في وادي وصحراء حضرموت، فقرار الحرب قد اتخذ، وأعلن رسميا على لسان القيادي وأبرز منظريه في الهضبة النفطية المرتزق صلاح باتيس، الذي تحدث في تغريدة له على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي بأنه يتجه نحو خيار «من قال حقي غلب»ْ؛ طبعا هذا المثل يُقصد به تحالف الاحتلال، فهو صاحب الحق بالنسبة للخونج وللانتقالي على حد سواء، أما هم فمجرد أدوات لا أكثر.
وعلى الرغم من كون الخونج حريصين كل الحرص على التمسك بآخر مصادر تمويل فصائلهم، وهي الهضبة النفطية، باعتبار حضرموت آخر معاقلهم جنوبا وشرقا، إلا أن مراهنتهم على كتلة عسكرية كبيرة يحتفظون بها في نطاق ما تسمى المنطقة العسكرية الأولى وتحالفات قبلية وسياسية واجتماعية لن تلبث أن تتحول إلى تفريخات فصائلية تكفيرية ستصدر بها أوامر وتوجيهات من قبل الاحتلال، بعد أن يكون قد تم استنزافها في معاركهم مع الخصم الصوري المتمثل في مرتزقة الإمارات؛ فكلا الجانبين سيتم استنزافه في معارك مرتقبة ليتم بعدها دمج ما تبقى من قوة متهلهلة ضمن التنظيم التكفيري.
سيلقي الخونج بكل ثقلهم في هذه المعركة المصيرية بالنسبة لهم، وفق ما يراه مراقبون، وكذلك الأمر بالنسبة لمرتزقة الإمارات وفصائلهم المتعددة، وإن كان الأخيرون يحاولون إدارة المعركة هناك على نار هادئة وبأريحية، حيث يتخذون حاليا مسارات عدة، أولها تفاوضي مع القوى الحضرمية، وقد أثبت فشله مع إعلان قوى -كمرجعية قبائل حضرموت التي شاركت في مفاوضات الانتقالي بالقاهرة- تأييدها لإعلان حضرموت إقليما مستقلا.
وهذا السبب دفع الانتقالي لتفعيل التظاهرات؛ لكنه لا يتوقف عن التحشيد عسكريا، وهو الآن يترقب اختراقاً من قبل لجنة التحالف لمنظومة خصومه العسكرية هناك بغية الانقضاض.
فعليا، استنفد أدوات الاحتلال الذين في الواجهة أوراقهم، وباتوا على بعد خطوة واحدة من التصادم عسكريا؛ لكن ما يبعدها حاليا هو المفاوضات الإقليمية والدولية لرسم سيناريو لهذه المنطقة الحساسة اقتصاديا وجيوسياسيا، رغم مساعي تحالف الاحتلال لاستنزافهم بمعركة خاطفة يرتب لها في الرياض، عبر نقل عدة ألوية للانتقالي إلى وادي وصحراء حضرموت مقابل تقليص فصائل الخونج هناك. غير أن الأداء الذي رسمه تحالف الاحتلال وقوى دولية أخرى لتنظيم القاعدة التكفيري جعل تلك القوى تعد التنظيم ليكون هو البديل في السيناريو القادم المتعلق بحضرموت.