حاوره:طلال سفيان / لا ميديا -
منذ قدومه إلى طليعة تعز ورئاسته للنادي بدأت المنشأة تخرج من دائرة الحلم إلى أرض الواقع، وكذلك اتسعت الأقدام الخضراء على الملاعب.
رجل رياضي بمقدرة ذهنية فذة على العمل. إنه علي الجمرة، أو كما أطلق عليه الزميل محمد أمين شائع "جمرة الطليعة ومشعلها".
علي الجمرة، الرياضي المؤسس والرئيس لأزهى فترات الطليعة، النادي الحالمي الملقب بطاهش الحوبان، في حديث الذكريات مع "لا الرياضي".

 كيف جاءت علاقتك بطليعة تعز ورئاستك للنادي؟
- في البداية، عُينت للعمل في تعز. وفي المؤتمر الشبابي الأول بمأرب عام 1980 تعرفت على إسماعيل صلاح. ورغم أنه من بلادي: آنس - ذمار، إلا أنني تعرفت عليه لأول مرة في المخيم الشبابي الأول، وكان رحمة الله عليه حينها رئيسا لنادي الطليعة، وعندما نزلنا إلى تعز كان يأخذني للطليعة، وطلب مني أن أكون مستشارا للنادي فوافقت، وعندما طلعت إلى صنعاء ورجعت لتعز فوجئت بتعييني نائبا لرئيس النادي. وفي العام 1987 انتُخبت رئيسا لنادي الطليعة، وبقيت بهذا المنصب حتى بعد الوحدة.

 من أبرز إسهاماتك إيجاد بنية رياضية للطليعة...؟
- عندما توليت رئاسة الطليعة كان لديهم أرضية في الحوبان، عبارة عن جبل مسوَّر، وقمنا بعمل شاق لتفجيره بالديناميت وبقينا نشتغل عليه أكثر من 6 أشهر، بدعم من الأستاذ عبدالجبار هائل سعيد، ولولا هذا الرجل ما كنا سنقدر على هذا العمل. وبعد الدك والمسح والتسوير كانت الأرضية معرضة للسطو من قبل أشخاص، فوقفت بوجوههم وأرجعت ما اغتصب، وأنزلت مخططا عبر عضو النادي عبدالجبار طاهر، الذي صمم شكلا هندسيا لمدينة رياضية بشكل مذهل، فعملت مذكرة من الطليعة ومكتب الشباب والرياضة بتعز وطلعت إلى صنعاء وقابلت وزير الشباب، الذي أصدر تعليمات أن يعملوا لنادي الطليعة مقرا وملعبين كبداية، ونزل المهندسون وأكدوا مخطط عبدالجبار طاهر، وقالوا إنهم سيعملون لنا في المرحلة الأولى مقرا وملعبين للسلة والطائرة ومحلات تجارية، وبقية المنشآت تؤجل لمرحلة ثانية، فوافقت، لأن مسألة استئجار النادي لمقر كانت من أكبر همومنا في الطليعة، إضافة إلى خطتنا حينها بتعشيب ملعب كرة القدم.

 لماذا تركت رئاسة الطليعة بعد هذا العمل؟
- لم أترك الطليعة. كل ما في الأمر أن هناك من أزعجهم عملي على إيجاد منشآت للطليعة. النادي كانت فيه الحزبية بشكل مؤثر؛ الناصريون على جنب والاشتراكيون على جنب وآخرون على جنب... وهكذا. في النهاية تعبت وقلت: سأترك رئاسة النادي وأريح نفسي وأشوف أموري أفضل، رغم مناشدة الكثير من الطلعاويين أن أبقى، ومنهم محمد علي شكري، فأخبرتهم بقراري وطلبت منهم أن يتابعوا الوثائق في المجلس الأعلى للشباب والرياضة ويكملوا ما بدأته في منشآت النادي.
كان أمر إنشاء بنية تحتية لنادي الطليعة بالنسبة لي تحدياً. أنزلت المناقصة للطليعة وشباب البيضاء في صحيفة "الثورة"، وبعد رحيلي عن رئاسة النادي لا أعرف كيف تبخر هذا المشروع!
تصور كان لدى نادي الطليعة مائة ألف ريال حصلوها عام 1970، وكان الريال اليمني بقوته. وضعوها في البنك وكانوا يأخذون خمسة آلاف ريال ربحا سنويا. ماذا لو كانوا وقتها أنشؤوا بها مقرا ومنشآت رياضية؟! طبعا لكان الطليعة أفضل نادٍ في اليمن حتى اليوم؛ لكنها السياسة أضاعت العمل على هذه الفرصة.
كلمة حق: وقف معنا بعض تجار تعز، على رأسهم عبدالجبار…. والمرحوم هزاع طه ناجي. كما عينت بدر الشيباني أمينا لصندوق النادي، وكنت أبلغه أن يذهب ليستلم المبالغ المحولة للنادي. كما شهدت رئاستي للطليعة وضع إعلان "نانا" و"الهناء" على فانيلات الفريق، كأول نادٍ يمني تكون على بطن فانلته الرسمية علامة أو إعلان تجاري.

 من الذي أعطاكم أرضية الطليعة بالحوبان؟
- أنا جئت للطليعة والأرضية موجودة. ملعب الطليعة ومعظم ملاعب أندية المحافظات الشمالية جاءت بأوامر الرئيس إبراهيم الحمدي منتصف السبعينيات.
 كيف جلبت الأسطورة علي محسن المريسي لتدريب الطليعة؟
- طبعا كان يدرب الفريق الأستاذ عبدالجليل جازم رحمة الله عليه، وهو تربوي وليس رياضيا، وكانت قدرته التدريبية فقط في اللياقة البدنية. تولى التدريب العديدون، ومنهم القادري، ثم كلفت عادل اسماعيل (رحمه الله) ليكون مدربا إلى جانب حراسته لمرمى الفريق. بعدها طلعت إلى صنعاء وكان علي محسن المريسي بدون عمل. كانت تجمعني به علاقة وطيدة، وطلبت منه أن ينزل إلى تعز لتدريب الطليعة، فقال: كيف وهناك أندية تريدني أن أدربها، منها الزمالك المصري؟! فقلت له: لا تهتم، لدينا شباب سيرفعون رأسك إلى السماء. اقتنع ووافق، فجهزت له السكن وكافة الأمور، وبدأ في إنشاء فريق جديد للطليعة من الشباب. كان يتابع تمارين فرق سن 15 و17 سنة. لم يكن يريد لاعبين يتغيبون وفي فمهم ملعقة من ذهب، فطلب مني أن يصعد الفريق الرديف، الشباب، إلى الفريق الأول. وكانت هناك معارضة من المدربين لهذا الفريق، فذهبت إليهم وقلت: لماذا تحتفظون بهم في سن 17 وهم نجوم قد تجاوزا سن الفريق؟! دعوهم يلعبوا فريقا أول بدلا من احتكارهم! اللاعبون فرحوا بهذا التصعيد والتدرب مع أبو الكباتن، وصعد الطليعة بهذا الفريق الشاب إلى نهائي كأس الجمهورية، وذلك بعد تركي رئاسة النادي.

 كنت الرئيس والصديق للاعبي الطليعة. هل من ذكريات معينة؟
- كنا كبيت واحد؛ المرحوم عبدالحميد الشاوش وحيدر العراسي والقربة وأرسلان النهاري ومضر السقاف... مضر كان مودعا للعب مع رئاستي للطليعة، صاحب مقالب معي وحتى اليوم. أيضا بدر النهمي لو كان استمر لكان أفضل لاعب في زمنه. أتذكر أن علي محسن المريسي قال لي: ده لو يلتزم يا أخ علي أنا حخليه يلعب في ليفربول! كذلك عبدالله الأسد ونوفل أمين اللذان كانا قمة أخلاقا ولعبا. وأسعد محمد عبده وحسين البرق وصلاح السيد ولطفي محمد عبده وطارق عبدالملك وناصر النوبيز وعبدالله الكاتب... والعديد من اللاعبين لا يتسع المجال لذكر أسمائهم.
أيضا هناك كانت مواقف طريفة، أتذكر أنه طرح علينا الإعلامي شكري عبدالحميد اقتراحا بدمج الطليعة والصحة. قلنا: تمام، موافقون. اليوم الثاني كتب في صحيفة "الجمهورية": لا للدمج العشوائي! رحمة الله عليه، كان لديه ذكاء مع خبط، لحبه القوي للطليعة.

 ماذا عن أجواء طاهش الحوبان على الملعب في فترة ترؤسك لهم؟
- طلبنا نادي القادسية الكويتي للعب معنا في تعز، فوافقوا وطلبوا تأجيل الأمر، بسبب انتخابات ناديهم. لم يتم أمر هذه المباراة. كما استقدمت نادي شمسان من عدن للعب مع الطليعة. وكانت لقباً بحد ذاتها، حتى أن المدرجات امتلأت بالجماهير، كما أن أسطح منازل العرضي والجحملية كانت مليئة بمن يشاهدون المباراة. ومن خلال استضافتنا لشمسان جعلناهم يلعبون مع نادي الوحدة بصنعاء. كما لقوا تكريما من رجال الأعمال في تعز.

 الحزبية كانت مسيطرة على طليعة تعز. كيف تعاملت مع هذا الأمر؟
- الطليعة كان فيه الناصريون والاشتراكيون والبعثيون وكذلك الإخوان المسلمون... وأنا كنت حلا وسطا.
 كيف ترى صعود فريق كرة القدم الأول للطليعة مؤخرا إلى الدرجة الأولى؟
- سعدت بهذا الإنجاز، وأهنئهم من كل قلبي، وأحب أن أقول لهم خاصة الإداريين أن يتركوا كافة الخلافات ويقفوا مع النادي، وللشباب أن يحافظوا على إنجازهم ويقدموا المنافسة الأفضل. كما أطلب منهم أن يتحدوا، ولو اتحد الطلعاويون سيكونون أعظم فريق في الجمهورية.
 الأعظم؟ ممكن تشرحها لنا؟
- نادي الطليعة جماهيري، ولاعبوه يختلفون عن الأندية الأخرى، معظمهم متعلمون، تقدر تقول بنسبة 90% متعلمون بشكل عال، و10% حاملو شهادات ثانوية أو إعدادية، أي لا يوجد أميون بالنادي.
 علاقتك بالرياضة من أين انطلقت؟
- أنا من مؤسسي نادي حمير الرياضي، ومن مؤسسي نادي 13 يونيو، الذي سمي بعد ذلك نادي المجد وحاليا نادي 22 مايو بعد دمج أندية حمير والمجد والزهرة في بوتقة واحدة. وفي الطفولة لعبت مع أشبال نادي وحدة صنعاء.

 يقال إنك من أخرجت أرضية لنادي حمير التي عليها اليوم نادي 22 مايو؟
- أثناء رئاستي لنادي شباب حمير استصدرت أمرا بصرف أرضية للنادي من وزير الرياضة عبدالله الظرافي، وكانت مسورة من أيام الحمدي، وقمت بمسحها، وكانت هي الأكبر على مستوى الأندية. كما أقمنا حفلا في نادي الضباط وكرمت الوزير السابق الظرافي، وخلفه على الوزارة أحمد لقمان، حتى أن الصحفي المصري مجدي الدقاق، مدير مكتب صحيفة "الوسط" بلندن كتب: أثناء زيارتي الأولى لليمن زرت ملعب نادي حمير بصنعاء ووجدت رئيس هذا النادي يكرم وزير الرياضة السابق ويستقبل الوزير الجديد، وفي الزيارة الثانية لليمن زرت محافظة تعز ووجدت علي الجمرة رئيسا لنادي الطليعة في تعز ويعمل على إنشاء ملعب لهذا النادي... إنه رجل صاحب همة عالية في العمل في محافظة تعز.
دعمت نادي شباب الراهدة بالحصول على ملعب مع موسى علي حسن، رئيس النادي وعضو الطليعة، كما تعاونت مع المقاول الذي قاول مبنى شباب الأحمدي بعد حصول مشاكل معه، وكنت حينها أعمل في رداع.

 من اللاعبين الذين أعجبت بهم من خارج الطليعة؟
- لاعب وحدة صنعاء المرحوم طارق السيد كان نجما فذا، ولاعب أهلي تعز عبدالعزيز القاضي الذي أعتبره أسطورة في لعبه وأخلاقه.
 برأيك من القادر على رئاسة الاتحاد العام لكرة القدم؟
- في هذه المرحلة أرى شوقي هائل هو الأكفأ لهذا المنصب. العيسي أدى دوره. وشوقي يحب الرياضة وصاحب مواقف وطنية ولديه علاقات طيبة على مستوى أندية الجمهورية.
 كلمة أخيرة أستاذ علي...؟
- أشكرك وأشكر صحيفة "لا" على هذا الحوار، وخالص الأماني للطليعة وللكرة والرياضة اليمنية بالنهوض والتطور.