حاوره:طلال سفيان / لا ميديا -
لاعب عانى كثيرا، ونحت في الصخر للوصول إلى هدفه الأسمى. مجتهد ومثابر في عالم الكرة اليمنية.
مشوار من اللعب في جيل الحديدة حتى انطلاقة التدريب مع شباب المحويت. ما زالت العجلة تتحرك بقوة لانتزاع الفرصة وخدمة الوطن في كرة القدم وفق أفكار ورؤى وثقافة وطموح.
صحيفة "لا" التقت نجم الكرة السابق والمدرب الحالي الكابتن علي سديس، وفتحت معه حديثا من القلب إلى القلب.

 من أين بدأت مشوارك الكروي حتى الوصول لنادي شباب الجيل؟
- في البداية لعبت في المدرسة، ثم مع فريق القادسية، أحد أشهر الفرق الشعبية في مدينة الحديدة، والذي تفتحت عيوننا على الحياة معه. هذا الفريق ما زال موجودا حتى اليوم، ولعب فيه عدد كبير من النجوم، أبرزهم عبدالرحمن وسالم سعيد وشقيقهما عمر والمرحوم ناصر وعبود الصافي ومحمد عياش وعبدالقادر الروعدي وشكري حمود... بعدها التحقت بفريق ناشئي نادي الجيل، وحققنا بطولات، وتدرجت لرديف فريق أول شباب الجيل. طبعا كان يتم تصعيدنا للأول في عهد المدرب الراعي، وتتم إعادتنا للرديف. وعندما جاء المدرب عبدالكريم جاسم صعدت للفريق الأول بشكل رسمي. ومع المدرب العراقي سعد عبدالحميد كان أول بروز لي مع الجيل، وكانت أول مباراة لي معهم ضد شعب حضرموت في المكلا.

 هل مثلت ألوان أندية أخرى؟
- نعم، بعد تمثيلي للفريق الأول لشباب الجيل 6 سنوات، لعبت مع شباب القدس 3 مواسم وصعدت معهم للدرجة الثانية، وأيضا مع فريق الرشيد.

 خلال فترة لعبك هل تم استدعـــاؤك للمنتخبـــات الوطنية؟
- استدعيت للمنتخب الوطني الأولمبي، وعسكرنا مع المدرب الإثيوبي إبراهام، وألغيت المشاركة الخارجية التي كنا نستعد لها. بعدها تم استدعائي للمنتخب الأول؛ ولكن لخلافات بين الاتحاد والمدرب موريس عادت باللاعبين، وعندما استقدموا المدرب المصري محسن صالح لم يستدعني للانضمام للمنتخب الأول. طبعاً خبر استدعائي للمنتخب الأول في العام 2009 كان أسعد لحظة في حياتي.

 نرى أنك تلج مجال التدريب بشكل ملفت...؟
- منذ كنت لاعبا كان التدريب يستهويني، حتى أخذت دورة (D) التدريبية التي أقامها مكتب الشباب والرياضة بالعاصمة صنعاء، وبعدها أصبحت مساعد مدرب لنادي شباب المحويت، وبقيت معهم فترة طويلة، وكنا نستعد لتصفيات الصعود للأولى، إلا أن تأجيل الاتحاد لدوري الدرجة الثانية ثم إقراره فجأة، فانسحب شباب المحويت وعدد من الأندية من المشاركة في دوري الثانية.

 برأيك هل كان قرار انسحاب عدد من الأندية من دوري الثانية صائبا؟
- الاتحاد ماطل كثيرا، وفجأة قرر إطلاق الدوري، وأخبر الأندية أن تستعد خلال أسبوعين. طبعا لم يكونوا يلتفتون لطلبات الأندية. هناك أندية كانت مقتدرة، وأندية ليس لديها قدرة مادية. والاتحاد يريدك أن تصل إلى هناك وهو سيعطيك المخصص. التوقيت كان سيئا من الاتحاد، والأندية لم تستوعب قرار الاتحاد، رغم أنه سُرب قبل الإعلان، لأنه كان في فترة كأس العالم؛ أنا صابر عليك أكثر من 8 أشهر، وعندما أطالبك بمهلة بعض الوقت ترفض! هذه الإشكالية جعلت الأندية تنسحب.

 هل ظلمت في أخذ حقك في الدورات التدريبية؟
- كثير من الرياضيين ظُلموا، ولست أنا فقط. الدورات متوقفة منذ عشر سنوات. والآن عندما نظم مكتب الشباب بالأمانة دورة (D) بالشكل المطلوب، كانت خطوة إيجابية وضعت أمام الاتحاد العام حتى يشتغل عليها بعد أن كان الناس يناشدون ويطالبون بالدورات. وعندما نظم الاتحاد دورة (C) في العاصمة حاولت أن أشارك فيها؛ لكن تم حصرها على مدربي صنعاء لاعبي المنتخبات. صحيح أنا حرمت منها؛ لكن رأيت أن الكثير من اللاعبين استحقوها. والحمد لله بدأ شغل من أخذوا هذه الدورة على الواقع الملموس، وننتظر وعد الاتحاد بإقامة دورة (C) لمدربي الحديدة.

 إذا واتتك الفرصة كيف ستتعامل معها؟
- أنا أبحث عن الفرصة في المجال الرياضي. أجتهد وأطور نفسي. عندما كنت مع شباب المحويت عملت مساعد مدرب ومنسقا ومرتبا لكافة الأمور. عانيت عندما كنت لاعبا وعليّ عندما أصبح مدربا أن أكون موجها للاعبين في اللعب والثقافة ومواجهة الظروف وأخذ الامكانيات، أن يكون هدفي ساميا، ولا بد من الاستفادة ممن سبقوني، وكيف أوصل رسالتي بالشكل الصحيح.

 عملت مساعدا لسالم سعيد مدربا لمنتخب الحديدة الذي شارك مؤخرا في البطولة الأولى لمنتخبات المحافظات. كيف سار معك الأمر؟
- أولاً كانت البطولة جيدة، وكنا نتمناها أن تلعب بطريقة المجموعات. الحديدة متوقفة عن المشاركات في الدوريات والبطولات الكروية منذ ثماني سنوات، وهذه البطولة كانت فرصة للاعبي الحديدة للظهور، والكل يعرف أن الحديدة كانت من أبرز محافظات اليمن في تدعيم المنتخبات بالنجوم. اليوم مستوى النشاط في الحديدة قائم على نادٍ أو ناديين فقط، ونتمنى من السلطات المحلية بالحديدة أن تنشط المسابقات الكروية، وهم قادرون ولديهم تجار.

 هل هناك مشروع تدريبي قادم؟
- حاليا أعمل كمساعد مدرب للكابتن سامي جعيم لفريق أول نادي الشرطة. كما نشارك مع رواد الشرطة في الملتقى الشتوي.
بصراحة بعد خروج منتخب الحديدة من منافسات بطولة المحافظات، فرحت جدا بتحقيق الكابتن سامي جعيم مع منتخب الأمانة لقب البطولة. سامي اجتهد وواجه ضغوطا كبيرة، والكثير لم يساعدوه، وآخرون تمنوا له الفشل في أول تجاربه التدريبية؛ لكن ربك أنصفه، واللاعبون كانوا جيدين وفي الموعد.

 كيف هي ظروف نادي الشرطة؟
- ظروفهم صعبة جدا. الإدارة تخلت عن النادي، وشخص واحد يجتهد، هو مصطفى قنان. مشكلة كبيرة يعاني منها نادي الشرطة، وكذلك الكثير من الأندية في الدرجتين الثانية والثالثة. وهنا أوجه رسالة عبر صحيفتكم لهذه الأندية أن تجد لنفسها موارد ودخلا ماديا عبر التعاون مع السلطات المحلية والتجار حتى تستمر في الأنشطة والمشاركات بدون متاعب.
عندما كنت مساعدا لمدرب نادي شباب المحويت كنت ألاحظ هذه المعاناة. لا توجد للنادي سيولة. كنا نشارك ونستعد لمدة 6 أشهر معهم ونضغط على أنفسنا بسبب أن اللاعبين كانوا يقولون لنا: لا تتركونا؛ ولكن وقت المشاركة في الدوري كان النادي غير قادر على توفير تكاليف السفر.

 لكن التجار يستهدفون الأندية الكبيرة...؟
- طبعاً، التاجر يريد أن يستثمر شيئاً يستفيد منه. الفرق الكبيرة تحقق لهم مكاسب تسويقية وإعلامية. لكن على الفرق الصغيرة أن تبدأ بالخطوات المتاحة، مثل إيجاد دعم من قبل الوجاهات والتجار، ويعملون بطريقة صحيحة ويتقدمون خطوات، وسيأتي لك الداعمون يبحثون عن شعارك، بدلا من الجلوس وانتظار مخصص الاتحاد عند أي مشاركة.

 وكيف يجري الأمر مع أندية الحديدة؟
- سابقاً كان جيدا، مع وجود بعض الإشكاليات. حالياً الوضع مأساوي جداً. شباب الجيل يمارس أنشطته بحكم أن لديه ملعبا، وتواجد إخوان ثابت كرؤساء للنادي؛ لكن ليس بالشكل المطلوب الذي يطمح له، رغم أنهم من أكبر البيوت التجارية على مستوى الوطن. المفروض مع إخوان ثابت يكون حال النادي أفضل. ولا أعرف ما الذي يحدث معهم، مع أن هذا النادي يزاول تمارينه وكل أنشطته وهو أفضل حالا من بقية أندية الحديدة، وإذا ترتبت أمورهم سترى شيئا أجمل. أهلي الحديدة مغيبون تماماد، والهلال الذي يطمح نجوم اليمن للعب فيه حالهم متوقف من بعد مشاركتهم في دوري الأولى بسيئون، ونسمع من بعض اللاعبين أنهم لا يستلمون رواتب ووضعهم صعب ولا يجدون من يلتفت لهم؛ لأن العيسي تفرغ للاتحاد، وباشنفر لحقه إلى مصر. أندية الحديدة بشكل عام تعاني، رغم أن المدينة فيها هامـــــــات كبيــرة فــــي التجــــــــارة والرياضة.

 هل ترى أن الرياضة لا بد أن يديرها أبناؤها؟
- أكيد، لا بد أن يعطى الخبز لخبازه. أهل الممارسة والخبرة سيكونون أكثر تأثيرا ممن لم يزاولوا الرياضة؛ لأن الأخيرين يريدون وقتا حتى يفهموا ويطلعوا، وهذا صعب. كيف تقول لواحد: تعال أنجز لي هذا العمل، وهو لا يفهم الشغلة، ليس في كرة القدم بل في كل مجالات الحياة؟! الرياضيون تغيبوا عن الساحة بسبب الظروف، وجاء أناس آخرون واشتغلوا واجتهدوا؛ لكن ليس بنفس الطموحات التي كان سيقدمها أبناء اللعبة. لو كان الرياضيون حسوا بالمسؤولية قليلا وقالوا لا بد أن ندير الأندية ونكون مدربين للمنتخبات وعاملين في لجان الاتحادات، سيكون الوضع مختلفا.

 برأيك من هو اللاعب الذي ظُلم كثيرا؟
- سالم سعيد مظلوم بكل ما تحمله الكلمة. الرجل قدم للمنتخبات الوطنية الكثير، وحقق العديد من الإنجازات مع الأندية التي لعب فيها، ومنها احترافه في النجمة البحريني وقيادته لهم وتحقيقه معهم بطولة الدوري. تخيل منذ اعتزاله يحصل على دورة (C) التدريبية اليوم! المفترض يكون حاصل على دورة (A). عندما عملت مساعدا له في بطولة المحافظات رأيت منه أفكارا ورؤى أذهلتني. الرجل أضاف للاعبين الكثير من التكنيك والتكتيك في طرق اللعب وتوصيل المعلومات. أتمنى للكابتن سالم أن ينال فرصا أفضل.
أيضا لدينا جيل كروي وطني كامل ظلم. لا دوريات ولا منافسات. وعندما يختار الواحد منهم لتمثيل الوطن لا معسكرات إعدادية ولا مباريات تجريبية حتى نحكم على مستوى ظهوره أو إمكانياته. مثلا خذ لاعب الصقر عبدالحميد الموقري، لاعب رائع، ومع هذا يتم استبعاده من المنتخب مرتين أو ثلاث مرات، ما السبب؟! لا نعرف، رغم أنهم لم يجربوه حتى في مباراة ودية. وهكذا لاعبون ظلموا بسبب العشوائيات الحاصلة. نتمنى من مدربي المنتخبات بحيادية وإخلاص. هذا منتخب وطن وليس منتخب أشخاص.

 لاعبون لفتوا نظرك...؟
- نأتي على شباب المحويت، هناك لاعبون استقطبناهم من الأندية وكانوا ضمن الفرق الرديفة في أندية مثل وحدة وأهلي صنعاء، ولم يجدوا فرصة للظهور، ولو كنا شاركنا بهم في دوري الثانية لكان شباب المحويت علامة فارقة، ومنهم المدافع أحمد الهمداني، جئنا به من احدى فرق الحواري، واللاعب هيثم من شباب أهلي صنعاء، ونواف من الوحدة، وأكرم الزبيدي وعارف بيرق من شعب صنعاء... ومع منتخب الحديدة وبعض المنتخبات المشاركة في بطولة المحافظات مؤخرا هناك لاعبون أذهلوني، وكذلك فريق الشرطة يوجد لاعبون جيدون.

كرمت من سفير الإنسانية
 حدثنا عن تكريمك كأفضل شخصية رياضية في الحديدة للعام 2023!
- هذا التكريم شيء تحفيزي ومعنوي. طبعا كنت مع منتخب الحديدة، وحدثت بعض الإشكاليات. الكل يعرف أنه عندما يطلع فريق أو منتخب أو لاعب من الحديدة إلى العاصمة أكون سباقا في تقديم الخدمة، وأكون مرشدا وأحاول التعاون، لأنها محافظتي وأتمنى لرياضييها أن يكونوا في المقدمة. في بطولة المحافظات تواصلت وعملت مع منتخب الحديدة بكل حب وإخلاص، وبعد أن سمع سفير الإنسانية خيران الجندبي عن مجهوداتي اتصل بي وقال: أحب أن أكرمك كأفضل شخصية رياضية في الحديدة لهذا العام، واتفقت مع الكثير من الناس حول تقدير جهودك. والحمد لله أن الكثير الذين عرفوا بتكريمي سعدوا، وهذا ما أفرحني أمام هذا التقدير. وتم تكريمي من خيران الذي التقيته أول مرة أثناء تكريمه لي في افتتاح ملتقى الوحدة الشتوي وسط حضور الكثير من اللاعبين. ومن هنا أقدم الشكر للأخ خيران الجندبي، أمين عام نادي أرحب، على هذا التكريم الذي لن أنساه، وأشكر كل من هنأني. هذا التكريم حملني الثقيل، وهو بداية معنوية للانطلاقة، والقادم إن شاء الله أجمل.

 ما هي الإشكالية مع منتخب الحديدة، التي ذكرتها؟
- لا أعرف ماذا جرى؟!
في البداية تم تكليفي من قبل مدير مكتب الشباب والرياضة في محافظة الحديدة، الأستاذ عماد البرعي، لحضور مراسم سحب قرعة بطولة منتخبات المحافظة كمندوب، وتم الاتفاق أن أكون ضمن طاقم منتخب المحافظة، واتفقنا على النزول للحديدة، لأنها كان مقررا أن تستضيف البطولة. وبعد أن تم نقل البطولة إلى صنعاء وصعود منتخب الحديدة للمشاركة، ذهبت إليهم في مقر إقامتهم، وهناك فوجئت بأن اسمي غير موجود في القائمة مع منتخب الحديدة. كانت صدمة لي، وتأثرت، لأني كنت أطمح أن أكون معهم، وقد اعتذرت عن قيادة أحد المنتخبات المشاركة في البطولة. اتصلت بالبرعي كثيرا؛ لكنه لم يرد، وعندما ذهبت إلى منزلي جلست أقلبها في راسي، وقلت لنفسي: لن أكون أنانيا، وجل ما يحزنني ليس المنصب مع منتخبي، بل الأمر خدمة، وليست كل الأرض مفروشة بالورود...
تحركت صباحا وبدأت بمرافقتهم، وبعد أول مباراة للحديدة سافر الكابتن محمد قاسم، مساعد المدرب، للحديدة، نتيجة ظروف، وتوليت مساعدا للمدرب سالم سعيد بشكل رسمي، ولم أتقاضَ أي حقوق خلال فترة عملي مع منتخب الحديدة.

  بماذا تختتم حوارك كابتن علي؟
- أتمنى أن يعود النشاط الكروي في الوطن، وأن تصلح شؤون بيتنا الكبير: اليمن. وأشكرك وأشكر صحيفة "لا" على هذه المقابلة، وتحياتي للجميع.