استطلاع:طـلال سفيان / لا ميديا -
خلال الأعوام الأخيرة انتشرت ظاهرة الأكاديميات الرياضية، أو بالأحرى أكاديميات خاصة بكرة القدم في العاصمة صنعاء والعديد من محافظات الجمهورية.
الكثير منها عبارة عن فكرة يقدم عليها لاعب سابق أو مدرب، باستئجار ملعب في مدرسة أو في نادٍ خاص مغطى بالعشب الصناعي الرديء، ويكون تحت اسم أكاديمية، والقليل منها يتبع نادياً رسمياً أو جهة رسمية حكومية.
في هذه الحلقة تتطرق صحيفة "لا" لموضوع  الأكاديميات.
مثلت تجربة أكاديمية مواهب نادي أهلي تعز النموذج الأنجح لمدارس كرة القدم للمواهب الناشئة. ومؤخرا أحرزت إحدى فئات هذه الأكاديمية كأس الملتقى الدولي لأكاديميات كرة القدم في العاصمة المصرية القاهرة خلال الفترة 4 - 10 من شباط/ فبراير الماضي. وعن هذه التجربة الناجحة كان المنطلق.
البداية مع الكابتن عادل الزبير، رئيس مجلس إدارة الأهلي في المهجر والمشرف العام لأكاديميته الكروية، الذي علق على مشاركة الشياطين الحمر في الملتقى الدولي الأول لأكاديميات كرة القدم وإحرازهم لقبه، قائلا: "أعتبر المشاركة في حدث من هذا المستوى يمثل نقلة لها ثقلها بالنسبة لنادٍ يخوض تحدياً جديداً يعطيه الأولوية على الجميع، كونه ينفرد بامتلاك أكاديمية هي الأولى على مستوى الوطن، وتسير بثقة نحو الاستقرار في الفئات السنية، وباعثة للأمل ومبشرة بمستقبل كروي جميل في ظل تخمة النجوم الصغار الذين رفعوا راية الأهلي خارج اليمن وعبروا عن تاريخه وأصالته وأكاديميته".
الزبير أشاد بالمجموعة الحالية لأكاديمية أهلي تعز قائلاً: "كان لديهم قدرة عالية على تقديم عروض متميزة، والتتويج في حدث كروي ضم أندية عريقة ومدارس لأندية كبيرة من مختلف القارات، وهذا ما يؤكد ألا فوارق بين اللاعب اليمني وغيره، فكلاهما يمتلك الرغبة على إثبات الجدارة في المستطيل الأخضر، خاصة في الفئات التي يمتلك فيها اللاعبون طموحات تمنحهم أحقية الظهور بشكل مثير، وهو ما عكسه تميز منتخبات ناشئي وشباب الوطن في مسابقات خارجية عدة".
ويختم الزبير حديثه: "أثبتت أكاديمية الأهلي نجاحاً منقطع النظير في عملها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأحب هنا أن أهنئهم على إحراز لقب بطولة الأكاديميات التي أقيمت بجمهورية مصر. والشكر للاعبين، وكذا قيادتهم التدريبية على حسن تعاملها وتقديمها نماذج ينتظرها الكثير، لتحمل همَّ الأهلي وأحلام الجماهير في المستقبل".
بدوره الكابتن محمد محسن، المدرب في أكاديمية أهلي تعز ومساعد مدرب أكاديمية أهلي تعز، تحدث عن تجربة شياطين الحالمة الصغار في هذه البطولة الخارجية قائلاً: "والله التجربة كانت بمثابة حلم لأكاديمية أهلي تعز. وتحقق الحلم وأصبح حقيقة، وذهبنا عازمين على تحقيق البطولة في قلب مصر القاهرة".
ويؤكد محمد محسن: "كانت تجربة رائعة جدا، وكان الأجمل منها روح التحدي التي أظهرها لاعبونا في كل مبارياتهم حتى وصولهم إلى منصة التتويج. أيضا المشاركة والاحتكاك والتعرف على الأكاديمية العربية بجمهورية مصر، التي نظمت الملتقى".
ويختتم الكابتن محمد محسن: "كان لدينا مجموعة من اللاعبين الذين تم احتواؤهم في العام 2019. هذه المجموعة تم اكتشافها واستقطابها من جميع مناطق تعز، وهذا ما حصدناه وجنيناه أولا في بطولة ذكرى 30 نوفمبر بعدن قبل السفر إلي أم الدنيا مصر".

تهافت للسياحة قبل الصقل
في مطلع حديثه عن الأكاديميات وانتشارها الكبير، يؤكد الكابتن عبدالوهاب الحواني، عضو الفريق الفني لمدرسة الموهوبين، أن أكاديمية أهلي تعز للمواهب هي أكاديمية رسمية تتبع نادياً وطنياً كبيراً وعريقاً، على عكس الأكاديميات الخاصة أو الأهلية.
ويضيف: "في الآونة الأخيرة لاحظنا تهافت العديد من الأكاديميات على المشاركة في بطولات خارجية، وبالذات البطولة التي ستنظمها إحدى الأكاديميات في المملكة الأردنية. طبعا هذه الفعالية هي سياحية قبل أن تكون ذات فائدة للمواهب".
ويستطرد: "ما أريد توصيله هو أن الأكاديميات الخاصة، وما أكثرها، هي في الأساس تجارية، وتهدف للربح، في ظل افتقارها للكادر والمقومات المطلوبة".
الإعلامي الرياضي نبيل الترابي يقول: "ظهر في الآونة الأخيرة العديد من الأكاديميات الرياضية على الساحة الرياضية. وما لفت انتباهي أكثر هو التسابق الزمني والدعوات المنهالة صوب الأردن. وأكاديميات الدولة المستضيفة لديها تاريخ عريق يفوق أكاديميات اليمن؛ ولكن الواقع يؤكد لنا أن البلد المستضيف همه الكم والمال. المضحك المحزن أنه إحدى الفعاليات تحولت من الاهتمام بالمواهب وغيرها من التسميات لتنتهي بانتهاء البطولات السندوتشية ويقولون: نعد مواهب!".
ويتابع الترابي: "لديّ سؤال بسيط: مدربو الأكاديميات هل يمتلكون خبرات كافية في هذا المجال؟! أم هي ملاعب عشبية وعلى البركة؟! حسب المعلومات الدقيقة فإن مدارس المواهب سنوات وتكاليفها باهظة وأمور أخرى لا نريد التحدث فيها. صحيح أن هناك مدربين نكن لهم من قلوبنا الاحترام ولديهم رؤية واضحة في المجال التدريبي في الأكاديميات؛ ولكن بهذا الكم الهائل يبقى الأمر مبهماً".
الكابتن عبدالجليل منصور السعداني، مدرب أكاديمية المجد بالعاصمة صنعاء: "نحن ندرب لاعبينا منذ خمس سنوات وبدون توقف. نقيم أنشطة بشكل متواصل، كما لعبنا عددا من البطولات في العاصمة، وأقمنا رحلات، وأجرينا مباريات في عدد من المحافظات، منها عمران والمحويت والحديدة".
ووصف مشاركة أهلي تعز في ملتقى الأكاديميات الدولي في القاهرة بأنها ناجحة وتوفر لها الإعداد الجيد والإمكانيات المادية.
ويتابع عبدالجليل: "نحاول في أكاديمية المجد المشاركة في بطولة أكاديميات مواهب كرة القدم المزمع تنظيمها في الأردن خلال آذار/ مارس الجاري؛ لكن تنقصنا الأموال اللازمة للمشاركة. والإخوة منظمو بطولة الأردن كانوا طلبوا منا المشاركة في فئتين. لو توفرت الأموال سنشارك بفئتين، وإذا نقصت سنشارك بفئة واحدة، وإذا لم نقدر على تجميع المبالغ سنعتذر".

ضوابط ومعالم لمدارس المواهب
يقول الكابتن حميد حنيش، مدرب أكاديمية ملعب الظرافي والمشرف في مدرسة الموهوبين لكرة القدم: "حاولنا في مدرسة الموهوبين أن نشارك في بطولة الأكاديميات التي ستقام في العاصمة الأردنية عمان؛ لكن تراجعنا بعد أن عرفنا من اللجنة المنظمة للبطولة أن فعالياتها ستكون على مدى يومين إلى ثلاثة أيام. تخيل أن التكلفة المادية لـ10 أو 15 فردا ما بين 10 و15 مليون ريال يمني، موزعة ما بين تذاكر الطيران ودفع رسوم الفعالية. هذا الأمر دعانا -ونحن جهة رسمية تتبع وزارة الشباب والرياضة- أن تنظم الوزارة بطولة للأكاديميات في الوطن، بدلا من الخسائر التي ستستنفد جيوب أصحاب الأكاديميات في أي مشاركات خارجية".
وأضاف حنيش: "أيضا أدعو الوزارة أن تحقق وتحاسب كل من استغل المواهب بحجة أنهم سيشاركون في بطولة خارجية. كما سمعنا وعرفنا أن هناك بعض الأشخاص طلبوا من رجال المال أن يدعموهم في مشاركات خارجية لأكاديميتهم دون اتجاههم بالحقيقة للمشاركة، إضافة لاستلامهم مبالغ كبيرة من كل موهبة. الأمر لا بد أن ينظم ولا يترك الباب مفتوحا لمن تسول له نفسه الحصول فقط على الأموال".
وفي هذا الشأن أخذنا رأي الكابتن سامي جعيم، مدير إدارة النشاط الرياضي بمكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة، والذي قال: "لا بد من ضوابط للأكاديميات المعنية بمواهب كرة القدم. نحن كمكتب تنفيذي في شباب ورياضة أمانة العاصمة سنتعاون قريبا مع وزارة الشباب والرياضة لوضع لوائح متعلقة بإنشاء وأعمال الأكاديميات من جوانب تنظيمية وفنية عن الأهداف والفائدة المرجوة منها، وأيضا للمدربين الذين يمارسون التدريب في الأكاديميات. هذا دور وزارة الشباب بالتعاون مع أمانة العاصمة صنعاء ومكاتب الأشغال في الجوانب المادية: رسوم التسجيل الخاصة بلاعبي الأكاديميات والمباني، داخل العاصمة، والعمل ينطبق على تطبيق اللوائح في بقية المحافظات مع فروع مكاتب الشباب والرياضة في عملية تنظيم الأكاديميات".
ويختتم النجم السابق لمنتخب الأمل والمنتخبات الوطنية وأهلي صنعاء: "لا بد أن تكون الأكاديميات ذات مخرجات مرجوة منها في صناعة النجوم وصقلهم، وألا ينحصر عملها على الاستثمار والكسب المادي فقط. وسنعمل على اللوائح بحيث نستفيد من لوائح أكاديميات خارجية عالمية ونطبقها بقدر الإمكان المطلوب الإيجابي، وبالذات تجربة الأكاديمية الملكية المغربية، التي وصل نجومها إلى منتخب أسود الأطلس الذي حقق المركز الرابع في مونديال قطر 2022".