حاوره:طــلال سفيـان / لا ميديا -
كانت رحلتهما من صنعاء على الدراجات الهوائية إلى الدوحة لحضور نهائيات كأس العالم لكرة القدم (مونديال قطر 2022) ذات الألفي كيلومتر، تحدياً ومغامرة جريئة سلطت عليها الأضواء.
عمار، نجم تايكواندو أهلي صنعاء والمنتخب الوطني، كان أولا في حوار صحيفة "لا"، متحدثا عن جزئيات وتفاصيل رحلة "مغامرون لكن مشجعون". 
 في البداية نود أن تطلعنا على رحلتكم بالدراجات الهوائية إلى مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022 بقطر!
- هي كانت بمبادرة شخصية مني ومن شقيقي الصغير "عمرو" للمشاركة في كأس العالم ودعم المنتخبات العربية، قطر والسعودية وتونس والمغرب. ولقد رأينا كيف أن المنتخب المغربي شرفنا خير تشريف، وإبداع قطر في استضافة النهائيات بشكل جميل وانفتاحها العالمي لأفضل نسخة في بطولات كأس العالم. بالتأكيد لن تشاهد فعالية كأس العالم ولن تتحمس من خلف الشاشات مثلما لو كنت في أرض الواقع. وهذا الذي أوجد لدينا الإرادة لدخول أحداث المونديال والمشاركة باسم اليمن. ولأن بلادنا لا تتواجد في محفل النهائيات أحببنا أن نكون أول يمنيين يطرحون بصمة داخل كأس العالم، وقررنا أن نمشي بالدراجات الهوائية صوب الدوحة.
 انطلقتم من صنعاء وواجهتم مشاكل في منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية...؟
- المشاكل دائما في هذه الرحلات ما تكون متواصلة، سواء في طريقنا أو طريق السعودية وفي أي مكان؛ لكن هذه المشاكل نتيجة المسائل القانونية، ليس بالضرورة أن يكونوا هم معرقلين لنا. بالحقيقة كان الخطأ منا، نتيجة عدم معرفة القوانين والإجراءات. ولأن رحلتنا كانت مبادرة شخصية لم نأخذ استعانة من أصحاب الخبرات في هذه الأشياء. عرقلتنا في منفذ الوديعة كانت بسبب دخول السعودية في وقت محدد بالتاريخ؛ لكننا كنا نريد أن ندخل الأراضي السعودية مبكرا، فاضطررنا لقطع تأشيرة أخرى غير بطاقة "هيا". حاولنا مع السفير في الرياض؛ لكن لم يتم التفاعل مع طلبنا، فقطعنا بعد توقف استمر 8 أيام في المنفذ تأشيرة عمرة وتحركنا.
 كان معكم حتى منفذ الوديعة مشارك ثالث. أين غاب بعد تحرككم من منفذ الوديعة؟
- كان معنا لاعب اليرموك محمد مقبول. طبعا هو زميلي في منتخب التايكواندو، ووالده هو الكابتن خالد مقبول، أمين عام اتحاد التايكواندو. طبعا محمد كان معنا ومتحمسا منذ البداية، وغادرنا معا في الرحلة من صنعاء ومارب ووصولا إلى منفذ الوديعة؛ لكن بسبب عراقيل مادية صعبة، كان محمد قد اقترض مبلغ الرحلة بنسبة 80%، بينما أنا وشقيقي عمرو اقترضنا 50%. وهناك أخبرناه أننا إذا وصلت تأشيرات العمرة سننطلق فورا لأننا تأخرنا في المسير. وبسبب عدم قدرته على دفع رسوم تأشيرة العمرة عاد أدراجه إلى صنعاء توفيرا لبقية المال الي كان بحوزته.
 كم كلفتكم الرحلة؟
- ما بين 700 إلى 800 ألف ريال يمني تقريبا، ما بين تجهيزات وغيرها من رسوم التأشيرات، غير تكاليف الرحلة على الطريق ما بين توقفات، ومنها توقفنا لمدة 8 أيام في منفذ الوديعة التي أخذت منا مالا كثيرا للسكن والأكل والشرب.
 كم بلغت مسافة رحلتكم من صنعاء حتى الدوحة؟ وهل قطعتموها كاملة بالدراجات الهوائية؟
- المسافة 2200 كيلومتر، وقطعناها كاملة بالدراجات، ما عدا بين صحراء الجوف ومارب تنقلنا فيها بسيارة هايلوكس، ثم واصلنا الرحلة بالدراجات من العبر بعد ذلك.
 كيف كان استقبالكم في قطر؟
- كان هائلا جدا ولم نتوقعه. والفضل بذلك يعود للأخوين محمد الجابري ورزق الحيدري، اللذين نسقا لنا، وأعدا لنا أشياء كثيرة، وأوصلانا إلى الأخ مبخوت المري، الذي يعد أشهر ناشط "سناب" في قطر والمشهور بصديق ميسي، وهو الذي أعد لنا استقبالا كبيرا. كما أنه استضاف الكثير من المشاهير والمشجعين، ومنهم عبدالله الغافري ومحمد عدنان، اليوتوبران الشهيران، ورحالة من الأرجنتين والسعودية والمغرب. كنا من ضيوفه وكان لنا معاملة خاصة كوننا يمنيين.
 هل واجهتم مخاطر أثناء رحلتكم؟
- كانت أخطار ضربات الشمس والطرق غير المستوية، التي كانت تتسبب لنا بعرقلة وكانت لنا بالمرصاد، وأعطال الدراجات وأخذها وقتا في التغيير والتزييت... وهذه أشياء لا بد منها في أي رحلة.
 حملتم شعار "مشجعون لكن مغامرون"، ما هي المباريات التي حضرتموها في المونديال؟
- دخلنا فقط مباريات الدور الأول (دور المجموعات)، ومنها كافة مباريات المنتخبات العربية الأربع في هذا الدور، وحصلنا على تذاكرها كانت بمساعدة رابطة المشجعين، وكان يخرجها لنا ولملاطف الحميدي وكمال طماح وغيرهم أحد الإخوة اليمنيين عضو في الرابطة. وحفل الافتتاح قدم لنا مبخوت المري تذاكره، وكان من المستحيل أن ندخل الافتتاح لولا مساعدته، نتيجة القيمة الباهظة للتذكرة الواحدة، والتي تصل إلى ثلاثة آلاف ريال قطري. وللعلم  لم نحصل على دعم، سواء من الجالية اليمنية أو السفارة في قطر، فقط ظهر السفير راجح بادي عند استقبالنا في منفذ الحدود القطرية وصرح في اتصال مع كمال طماح وقال: لا اعتماد ولا سكن ولا تذاكر ولا مكافأة ولا شيء. فقلنا له: شكرا، ونحن لم نأت لتصرف علينا السفارة.
 ما الذي قدمتموه للوطن في هذا الحدث؟
- حملنا البصمة اليمنية الأولى في هذه المغامرة، وكان علم الوطن يرافقنا في الرحلة والمباريات واللقاءات، وحافزنا أن نقول: "أنا يمني"، وهذا وحده كفيل بالهيبة الكبيرة داخل المونديال.
 كم استمر تواجدكم في قطر؟
- شهر خلال المونديال وشهر بعده، وعدنا قبل انتهاء بطاقة "هيا" بخمسة عشر يوما. مشينا إلى الأردن عبر منفذ حمد الدولي، ثم وصلنا إلى صنعاء بالطيران.
 طبعا أنت وشقيقك عمرو لاعبا تايكواندو...؟
- لا أخفي عليك أن شقيقي عمرو هو الأول على مستوى العاصمة صنعاء واليمن ككل في التايكواندو، هو بطل وزنه، وصفى في أكثر من محافظة ولعب الكثير من البطولات وأحرز فيها المركز الأول. طبعا يعود الفضل لمدربنا الكابتن فواز النهاري، الذي أعدنا لمدة 7 سنوات، ومع عامنا الثامن في اللعبة نحن اليوم نتدرب مع الكابتن صدام طحانة.
وأنا لاعب منتخب الشباب بقيادة الكابتن خالد مقبول، ألعب وزن 63، حزام 2 دان أسود، حائز على بطولات داخلية، وشاركت خارجيا في بطولة فلسطين.
كذلك شقيقي عمرو هو لاعب جمباز وبطل فيها، وحاليا يستعد للسفر إلى مصر للمشاركة في بطولة العرب للناشئين.
 هل كانت بدايتكم مع التايكواندو أم في لعبة أخرى؟
- بدأنا مع التايكواندو منذ الصغر. في البداية كان الكثير يعترضون ممارستنا للتايكواندو، ويقولون لنا إنها خطرة؛ لكن إصرار الوالد أن نمارس التايكواندو حتى يبعدنا عن الشوارع والقات والأشياء الضارة. وبدأنا ذلك في أهلي صنعاء، الذي يعد من أفضل الأندية على مستوى الوطن. التايكواندو من يومنا الأول معها أصبحت جزءا منا.
 هل ساعدكم النادي الأهلي في هذه المغامرة؟
- ساعدنا الأهلي بتحرير المذكرة التي انطلقنا على ضوئها من صنعاء. من ناحية الدعم المادي حتى الآن لم نحصل على شيء، لكن وعدونا بتكريم يليق بنا حين يعود رئيس النادي من الأردن.
 هل يمكن أن تكرروا مغامرتكم؟
- إذا جاءت فرصة بطولة عالمية مستحيل أن نضيعها من أيدينا. الرحلة لا بد أن يكون لها هدف ومغزى. وإذا أتيحت فرصة قادمة لنا في المغامرة مستقبلا ستكون مشيا على الأقدام.
 هل سبق أن لعبتم ضمن الدراجات الهوائية؟
- ليس لنا علاقة بالدراجات الهوائية، حتى في رحلتنا حصلت لنا إشكالية مع اتحاد الدراجات الهوائية؛ كان البعض منهم يقول: نحن لم نشاهدهم معنا في الدراجات... أنا بداية الرحلة نحو مونديال قطر صرحت أننا لاعبا تايكواندو، الدراجات الهوائية بالنسبة لنا هواية ونمارسها يوميا. كانت الفكرة أن تكون رحلتنا إلى المونديال مشيا؛ ولكن لضيق الوقت اخترنا دراجتينا الهوائيتين بعد دراسة، وكانت الفكرة ناجحة. اخترنا دراجتين حديثتين وبدأنا رحلتنا.
 من هو مثلك الأعلى؟
- في الرياضة: الأردني أحمد أبو الغوش، بطل العرب والعالم في التايكواندو.
وفي الحياة: والدي، الذي يفعل لنا المستحيل، لا نخطو خطوة دون الرجوع إليه، فهو القدوة والعقل المدبر والمعلم الموجه.
 والدك رياضي أم له مجال آخر...؟
- لا، هو تربوي. كان يريد أن يكون رياضيا؛ لكن والده منعه، فأراد أن يحقق هذا الشغف والحلم لديّ ولدى شقيقي عمرو، وإن شاء الله نكون قد حققنا حلمه.
 كلمة أخيرة كابتن عمار...؟
- خالص الشكر لجميع من تعاون معنا من صنعاء، بداية بالتحفيز والدعم والانطلاق، وفي مارب والوديعة وشرورة ونجران والرياض ومنفذ أبو سلوان... ومن داخل قطر أشكر كل شخص بصفته واسمه على الوقوف معنا وعدم تركنا وحيدين في رحلتنا. وشكرا لملحق "لا الرياضي" على المتابعة والحوار.



عمرو.. تايكواندو وجمباز ناشئي العرب

فور الانتهاء من حوار عمار، والذي جرى صباح أمس في مكتبة نادي أهلي صنعاء، حضر شقيقه عمرو، البالغ 12 عاما.
كان عمار منشغلا في صالة الجمباز المجاورة للنادي الأهلي العاصمي، استعدادا للمشاركة في البطولة العربية للناشئين، التي ستقام في مصر.
المفاجئ أن هذا الشبل بطل في لعبتي التايكواندو والجمباز، ويعشق المغامرات. وكانت هذه الأسئلة لعمار.
 كيف كانت الرحلة إلى مونديال 2022؟
- كانت جميلة، واستفدنا منها أشياء لا تعوض، مثل الرياضة والشهرة والمغامرة.
 هل انتابك خلال الرحلة أي خوف؟
- لا، بالعكس، شعرت بالأمان طالما وأنا برفقة أخي الكبير.
 كيف كانت المباريات التي حضرتها في نهائيات كأس العالم 2022؟
- رائعة وحلماً تحقق. بصراحة كان مونديال قطر الأفضل من ناحية الترتيب والمتعة.
 من شجعت؟
- منتخب البرتغال، وحظيت بمشاهدة نجمي المفضل كريستيانو رونالدو.
 إذن أنت مدريدي؛ كيف شعرت بهزيمة الريال الأخيرة أمام برشلونة؟
-حزنت على الملكي. لم تكن خسارة متوقعة.
 ماذا عن مشاركتك المقبلة في مصر؟
- سأشارك مع المنتخب الوطني للجمباز في البطولة العربية للناشئين في القاهرة، وإن شاء الله نحقق فيها إنجازا للوطن.
 كيف هو استعدادك لهذه البطولة؟ وماذا تلعب؟
- حاليا نخوض معسكرا داخليا هنا في صنعاء، وسنستكمله بمعسكر في مصر، ثم المشاركة. وأنا ألعب خمس إجازات في الجمباز، هي: الحصان، والقفز، والمتوازي، وحصان الحلق، والأرضي.
 تجمع بين رياضتين وتحقق فيهما بطولات...؟
- نعم، أنا ألعب تايكواندو وجمباز حتى أستفيد؛ لأنهما رياضتان قريبتان من بعضهما.
 هل تنوي خوض مغامرة جديدة؟
- إذا حدثت بطولة عالمية جديدة إن شاء الله أقوم بها مع أخي عمار. وأتمنى أن تكون مشياً، أفضل من الدراجة الهوائية.
 ما الذي تريد إيصاله عبر صحيفة "لا"؟
- أريد أن أشكر كل من دعم رحلتنا، وكل من استقبلنا هناك في قطر؛ كان استقبالا لم أتوقعه.